(228)
(536)
(574)
(311)
جعل الله تبارك وتعالى للوسائل حكم المقاصد، وحرم علينا في الشريعة أن نبيع سيفاً من قاطع طريق، كما حرم أن نبيع مصحفاً من كافر، فعُلم بذلك أننا إذا أردنا أن نؤجر بيتاً أو محلات تجارية أو غير ذلك من الأدوات والآلات والأراضي لمن غلب على ظننا أنه يستعمله فيما حرم الله تبارك تعالى أن حرام، فلا تغرينا المادة التي سنتحصل عليها للتساهل في إعطائه ذلك، فإننا نكون بذلك معينين له وشريكين له مهما قد علمنا ذلك، وظهر لنا بأي علامة من العلامات.
أما ما لا يظهر فلا يؤاخِذ الله الناسَ بما لا يعلمون، ولكن من علم منه أنه لا يستأجر المكان إلا لبيع محرمات أو فعل حرام في ذلك المكان فيحرم تأجيره له، وإن ظن ذلك المؤجر أنه بعيد من الحرام، وقال إن الذنب يتحمله المستأجر فقط، وهو ذنبه على جنبه كما يقول بعض العوام!! فنقول ولكن ذنب التأجير على جنبك أنت ليس على جنبه هو فهذا ذنبك أنت أيضاً فلا يغرنك أنه يعطيك مادة كبيرة.
وهذا يذكرنا أيضاً بمسألة يجب أن ترسخ في أذهاننا وعقولنا معشر المسلمين أننا كثيراً ما نُستَجلب إلى أنواع من الشرور بواسطة الإغراءات، وكثير من أصحاب الإفساد في الأرض يغرون المسلمين بمبالغ كبيرة سواء لشراء أمر أو لاستئجاره، فتجد إذا أرادوا نشر أنواع من الفساد كدعارة أو خمور أو غيرها مما يجعلونه مقراً لفعل الشرور يعرضون في ذلك مبالغ كبيرة مما يأخذ بنفس الإنسان الذي لم يتمكن فيه الإيمان ليفرح بهذا العرض، ويظن أنه لا إثم عليه، ولا يعلم أنه بذلك هيأ لهم المكان وهيأ لهم السبيل، كيف وقد جاءنا في الخبر ( لا يأكل طعامك إلا تقي ولا تأكل إلا طعام تقي ) .
فإن أجرناه دون أن نعلم ثم علمنا أنه يستعمله في ما حرم الله فينبغي أن نسعى في أقرب وقت إلى نهيِه عن ذلك أو إبطال الإجارة وإنهاء العقد، فواجب على المؤمن أن يجعل دينه بين عينيه وأن يجعله مقدماً على مصالح دنياه كلها فبذلك يتعامل مع ملك الملوك ملك الدنيا والآخرة جبار السموات والأرض وإن الذي لا يبالي من أي باب دخل عليه الرزق لا يبالي الله به في أي وادٍ من أودية جنهم أهلكه، كما جاء في الحديث فوجب أن نحتاط لديننا أعظم وأعظم وأن لا تغرنا الحياة الدنيا ولا يغرنا بالله الغرور.
15 ربيع الثاني 1427