(536)
(228)
(574)
(311)
يكون التخلُّص من درجات الرياء المختلفة بمعجونِ علمٍ وعمل، فأما العلمُ بأن تستحضرَ دائماً وتتذكر أنك لو أدركتَ ثناء الناس أو المنزلةَ في قلوبِهم، فما هي إلا سنواتٌ ولا أنت ولا هم، فكلكم تفنونَ! ولو علموا أنك تقصدهُم بتلك الطاعاتِ أو العبادات أو تقصد مدحَهم أو تقديمَهم إياك لسقطتَ من أعينِهم في الدنيا قبل الآخرة.. أولاً، وأن تعلمَ أن ذلك يسقِطُ قيمتَك عندَ من بيده الأمر، وأنك تخسرُ بذلك .. هذا العلم يقترنُ بمعجونِ العمل، ومعجونُ العملِ أنك ما استطعتَ أن تخفيهُ من أعمالِك الصالحةَ فاجعلْهُ في الخفاء، وإنما يكونُ الإظهارُ لمن لا يبالي بالناس، أو لمقتدىً يُقتدَى به، يخلِصُ مع ربه، يؤمِّلُ الإقتداءَ ويأمنُ الرياء، فيظهرُ أعمالَهُ ليُقْتَدَى به، وعلامةُ صدقه أنه لو اقتدى الناسُ بغيره وظهرَ من تحبُّهُ قلوبُ الناسِ ويقتدونَ به لاكتفى به ولم يبالِ، وأما الذي يقول: لا، ولا يريد للناس إلا أن يقتدوا به فقط فذلك دليلٌ على أنه غيرُ صادقٍ في مرادِ تقريبِ العبادِ إلى الخالق، بل يريدُ أن يظهرَ هو بنفسه.
وما لا يتأتى إخفاؤه كصلاةِ الجماعةِ مثلاً والجهادِ والحجِ فتظهره ولكن تكرهُ ما يطرأُ على قلبك من خواطر الرياء وتلجأُ إلى الله، وتقولُ من الدعاءِ الذي علمنا إياه رسولُ الله: (اللهم إني أعوذُ بك أن أُشْرِكَ بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم) ثم مهما كرهتَ ذلك فإن اللهَ سيدفعُهُ عنك ولا يضرُّك، إنما يضرُّ رضاك بخاطرِ الرياء ذلك، والتفاتُ قصدِك إليه. اللهم خلِّصنا من الرياءِ بأنواعِهِ كلِّها.
والرياءُ في الأمةِ أخفى من دبيبِ النمل، قالوا: والعجب أخفى منه، والعجب أنواع، والكبرُ أنواع، فالله يخلِّصْنا وإياك من أنواع الرياءِ، ومن أنواعِ الكِبْر، ومن أنواعِ العُجُب، ومن أنواعِ الغرورِ إنه أكرم الأكرمين .
23 ربيع الثاني 1426