(228)
(536)
(574)
(311)
يجب على المؤمن أن يكون متصلاً بوحي الله، وما أنزله الله على نبيه ومصطفاه صلى الله وسلم عليه وعلى آله؛ فيتَّخذ له رابطةً بالكتاب العزيز ليكون من أصحاب القرآن، فإذا قويت هذه الرابطة صار من أهل القرآن. يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه: ( اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ) رواه مسلم. وإنما يكون مصاحباً للقرآن إذا لازمَه، وذلك بأن لا يخلي يوماً وليلةً مِن أخذِ نصيبه من كتاب الله تبارك وتعالى، وإذا ارتقت به الصلة بالكتاب العزيز صار من أهل القرآن، وفيهم يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: ( أهل القرآن هم أهلُ الله وخاصته ) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، اللهم ألحقنا بهم واجعلنا بفضلك منهم.
ويسلَم المؤمن مِن هجرِ القرآن إذا كان لا يخلِّي يومَه وليلتَه عن تدبر نصيبٍ من الكتاب العزيز، وأقل ما ينبغي للمؤمن أن يرتبه على نفسه في اليوم والليلة قراءة جزء من القرآن، فلا يمر عليه الشهر إلا وقد ختم القرآن، فيختم القرآن في الشهر مرة، وأعلى من ذلك أن يقرأ الجزأين، والأكثر والأوسط أن يقرأ القرآن في كل أسبوع . وقد أُثِر ذلك عن الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم.
ثم إن الهجر للقرآن يكون بهَجر التلاوة ويكون بهَجرِ العمل به والعياذ بالله: ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا ) [الفرقان: 30] هذه شكوى سيدنا رسول الله ممن يهجر القرآن. فأما هاجر العمل بالقرآن فهو الذي لا يبالي بمخالفة النصوص، ولا يبالي بالعمل على غير ما جاء به القرآن، وهذا من غير شك واقع في ورطة كبيرة، إليها أشار المصطفى بقوله: ( ومَن جعله خلفَه ساقَه إلى النار ) رواه الطبراني. ثم إذا قام المؤمن بالعمل بما في الكتاب العزيز؛ كان له نصيبٌ من الصلة به، فبقي عليه إحكام التلاوة؛ بأن تكون له رابطة بالتلاوة والتدبر، قال تعالى: ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) [القمر: 17] وقال تبارك وتعالى: ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) [ص: 29] وقال سبحانه وتعالى: ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [محمد: 24] وبحسن التدبر والتأمل مع التلاوة تنفتح أبواب الفهم في الكتاب العزيز، وأبواب المدارك الشريفة الواسعة العظيمة.
وإلى الله نشكوا أحوال قوم ارتضوا بأن يهجروا القرآن، وأن لا يكون لهم نصيب منه، وحولوا عمارة ما بين المغرب والعشاء إلى إضاعة لهذا الوقت الشريف بعيداً عن المساجد ومجالس الذكر، وقد يتناولون من الغيبة والنميمة المحرمة ما يوجب غضب الله تبارك وتعالى، أو قد يستمعون إلى نشرة أو إلى إذاعة أو إلى أغاني أو يتفرجون على شيء من الصور. فنسأل الحق أن يوقظ القلوب لتفقهَ قيمة الوقت وقيمة العمر وتغتنمه، ويكون لنا نصيبٌ من عمارة العمر بالقرآن الكريم، فيتلوه منا الرجال والنساء صغاراً وكبارا، اللهم اعمر بالقرآن قلوبنا وديارنا وقبورنا، واجعلنا من أهل القرآن يا أرحم الراحمين.
02 ذو القِعدة 1426