(228)
(536)
(574)
(311)
من غير شك أن فريضة الصلاة في شريعة الله هي أعظم الفرائض، فما بعد الشهادتين في العِظم في جميع الفرائض إلا الصلاة، التي فرضها الله تبارك وتعالى علينا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة إسرائه ومعراجه، ولم يزل رسول الله يذكرنا بها إلى ساعة وفاته ولحوقه بالرفيق الأعلى، فهي عماد الدين وهي من الإسلام كالرأس من الجسد.
وإن من أعظم البلايا التي بُلي بها المسلمون، وهي من أسباب تسلُّط أعداء الله على المسلمين تهاونُهم بفريضة الصلاة، التي هي صلة بين العبد وبين ربه، وإذا حصل التجاهر بذلك وقلَّ التناهي عن ذلك كانت أقوى في تسلُّط أعداء الله على المؤمنين، وهي التي شرع الحق تبارك وتعالى لنا فيها الجماعة حتى في حالة قتال أعدائه والصادِّين عن سبيله والمضادين لشريعته إذا قاتلناهم فحضر وقت الصلاة قال الله لنبيه { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً }النساء102.
فوجب أن نعتني بشأن هذه الصلاة وإن من أعظم ما دُهيت به الأمة تهاون من وجبت عليه الصلاة بالصلاة من رجال أو نساء وقد دعانا صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لنأمر أبناءنا بها وهم في سبع، ونضربهم على تركها إذا بلغو العشر.
ومع ذلك كله فتارك الصلاة إن لم يكن منكراً لوجوبها ولا مكذِّباً بها فهو عند جماهير علماء المسلمين مسلم عاصٍ فاسق، ولكن إذا جحد وجوبَها وأنكر وكذَّب فوقع باتفاقهم فحينئذ نعلم أن هذا المتكاسل المتهاون متعرض لسخط الله تبارك وتعالى وأن تُردَّ عليه جميع أعماله، ومتعرِّضٌ لسوء الخاتمة والموت على غير الملة أعاذنا الله من ذلك.
وعلى هذه الزوجة التي شهدت من زوجها التقصير في الصلاة أن تغضب لله تبارك وتعالى، وعليها أن تنصحه، وعليها أن تردِّد عليه النصيحة، وعليها أن تفكِّر في نفسيته، وهل من طريقةٍ لنقله من التهاون بالصلاة إلى إقامتها فتستعمل ما يهديها الحق تبارك وتعالى له من الوسائل والأساليب.
فإذا أدت واجبها وغضبت لربها تبارك وتعالى فمسألة الهجر له إن كانت تتوقع في ذلك إفادة فيجوز أن تهجره، ولكن بمقدار.. بحيث تحصل الفائدة ولا ينفتح باب شر، وانفتاح باب الشر إما بثوران الغضب ووقوع الطلاق أو بتفكيره في الحرام والنظر إلى غيرها.. فهذه أبواب الشرور لا يجوز أن تفتحها لأجل نهيٍ عن شرٍّ آخر، ولكن مهما توقعت أنها بهجره يتضرر ويتأثر فيكون ذلك سبباً لهدايته من دون وقوعه في المحذور فيمكن استخدام ذلك، وإلا فإذا أدت الحق الواجب من النصيحة والإرشاد وإغلاظ القول له بعد الملاطفة فيه إن لم ينزجر، وغضبت لله فلا تمتنع عنه بعد ذلك حتى لا ينفتح عليه باب شر آخر والعياذ بالله تبارك وتعالى، وينفتح باب فساد في المجتمع وفي الأمة، فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح.
ولا تزال مواظبة على تكرار النصيحة له والاستعانة بالقريب منه وبمن يهابه.. عسى الله أن يقذف في قلبه هيبة فريضته وعظمة هذه الصلاة التي من تركها بل من أخرها عن وقتها فضلاً عمن تركها مهدد من الله الجبار العظيم بالويل { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}الماعون4،5. أي الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها فكيف بمن يتركها من أصلها .. أيقظ الله قلوب المسلمين ووفقهم لإقامة فرائضه.
15 صفَر 1428