(229)
(536)
(574)
(311)
إن ما سمته من حاجة ومتطلبات راجع إلى الملابس، ومسلك المؤمن في الملابس مثلاً أو الزينة، وأين يسار بها، وماذا يقصد منها، ونقول: ينبغي بحسب المتيسر أن تُعد عدتها لزينة العيد على الضوابط الشرعية، وبعيدة عن التفاخر بالملابس التي سمعنا الحديث فيها (من لبس ثوب شهرة في الدنيا كأن حقاً على الله أن يذلَّه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة)، ولتعلم أن المتطلبات والحاجات للعيد بحضور القلب في رمضان، وتحقُّق المغفرة من الرحمن، وتنقية القلب عن الأدران، والاستعداد بعد رمضان للاستمرار على طاعة الله تبارك وتعالى والعمل، هو أعظم من جميع ثياب العيد ومن جميع ما تعلق بها.
وفي هذا المضمار نحذر غاية التحذير أن تكون العشر الأواخر موطن خروج لها للأسواق، واحتكاك بالأجانب، وحصول ما تُحرَم به المغفرة، أو تُحرم به ليلة القدر والعياذ بالله تبارك وتعالى، وينبغي أن تحافظ على وقتها في رمضان خصوصاً وفي غير رمضان عموماً، وأن لا يكون لها خروج من البيت إلا لحاجة صحيحة لا يكفيها غيرها من أهلها فيها، ومن رجالها فيها، ثم بعد ذلك ينبغي أن تكون ذات نيَّة صالحة، وأن تُظهر نعمة الله عليها، وتأخذ بالزينة المأمور بها بعيداً عن التبرج، بعيداً عن التفاخر بما لا فخر فيه، ولقد كان خيار الأمة على مدى القرون يقولون: ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن طاعته تزيد، وليس العيد لمن تجمل بالملبوس والمركوب، وإنما العيد لمن غُفرت له الذنوب.
في أي وقت أرادت قضاء شيء من الحاجات فيجب أن تكون على احتشامها، وأن تكون بعيدةً عن إهدار الأوقات الفاضلة المباركة، كأوقات ما بين العشاءين، أو أوقات العشر الأواخر من رمضان، فيجب أن تكون مُصانة ومحفوظة، ويجب عليها أن لا تنساق وراء ذلك التفاخر بما ليس بفخر مما تهواه كثيرٌ من نفوس المسلمين، لضعف تربيتهم، ولعدم قوة يقينهم وإيمانهم، وأن تكون على نظرة صحيحة في معاني هذه المتطلبات سواء كانت مأكولات أو ملبوسات، وأن تنوي بها تقوى الله والمساعدة على تقوى الله تبارك وتعالى، وإدخال السرور على الأقارب خاصة والجيران والمسلمين عامة، كل ذلك يجب أن يكون في غير إهدارٍ للوقت الشريف المبارك، كمثل أيام العشر الأواخر من رمضان، ويكون كذلك في معانٍ من الحشمة والأدب، وما كفاها غيرها من رجالها فينبغي أن تكتفي به في توفير شيء مما تطلبه من كل ما أباح الله سبحانه وتعالى.
29 رَمضان 1432