(229)
(536)
(574)
(311)
إنما يجوز الدعاء لأهله بالهداية ، والدعاء بأنواع الرحمة والمغفرة لمن مات وهو مُكذّب بمحمد صلى الله عليه وسلم وكافر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم غير جائز، فإن في هذا معاداة لحكم الله الذي قد حكم به ((إن الله لا يغفر أن يشرك به)) فكل من أشرك بالله سواء صنماً معبوداً أو هوىً صده عن الاستجابة لدعوة الله ورسوله وقد بلغته فهذا مُخلَّد في النار قال تعالى ((إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)) فلا يجوز الدعاء له بالرحمة ولا بالمغفرة ، وإنما يجوز الدعاء لأهله وذويه بالهداية إلى الإسلام، بالهداية إلى الحق وأمثال ذلك، ولا يجوز لمن عُرف موته على الكفر أن يوجَّه الدعاء له مباشرة بالمغفرة أو بالرحمة ويجوز أن يقيد بذلك بما "إن علمته مات بك مؤمناً وبرسولك فاغفر له " يجوز أن يكون مقيداً هكذا لأنه قد ينطوي من حال الإنسان في باطنه بينه وبين الله ما لا يعلمه الناس عنه.
وهذا يكون في حق من لم يكن يصرح بالعناد والتجري على الله ورسوله ولم يُعرف ذلك عنه فيمكن أن يعلق "إن علمت أنه مات بك وبرسولك فاغفر له وارحمه ".
وأما كونه اخترع أجهزة وما إلى ذلك فإن الله يسخِّر ما شاء لما شاء وليس ذلك بمغيِّر حكم الله تبارك وتعالى وليس له فيه حق ؛ فإنه إن أجرى على يديه هذا وكان مقطوعاً عن الإيمان بما أنزل الله على رسوله محمد فإنما يعيش مع نفسه، وإما أن يكون طامعاً في المادة أو في السمعة والشهرة أو مرتقياً إلى معنىً من الفطرة يحب فيه نفع الناس ثم بعد ذلك لا يكون طالب مثوبة من الإله الخلاق ولا منزلة عنده جل جلاله وتعالى في علاه.
وإنه سبحانه وتعالى يُسخر ما شاء لمن شاء وما أعظم ما أجرى الله من الخدمة للخلق على أيدي ملائكته المقربين عليهم السلام فذلك من جملة حكمته في الوجود يسخِّر الصالحين والطالحين ومسلمين والكافرين ، فلا يجوز أن يُعد الاختراعات ولا اكتشاف شيء من الأجهزة ينفع ، ومع ذلك كله لو قارنا النفع لما ترتب على كثير من هذه الاكتشافات من مضرة في واقع الأمة لوجدنا كثيراً ما تغلب المضرة على المنفعة ، وعلى كل الأحوال فإن الله تعالى لا يجعل مثوبة في آخرته إلا لمن خضع له وصدق برسالته التي أرسل بها رسوله صلى الله عليه وصحبه وسلم، ومن لم يكن كذلك فلا حظَّ له عند الله تبارك وتعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) ، وأنت تجد في عالم البشر من لو تمرد على إنسان وآذاه في شيء يعز عليه ثم بعد ذلك قال أسديت لك خدمات عظيمة قال ما أريد منك الخدمة ولا تساوي عندي ما فعلت من أمر عنادك هذا ، فكيف بمن عاند الحق الجبار الأعلى جل جلاله وتعالى في علاه في تكذيبه بحبيبه وبرسالته التي أرسلها وتنزيله الذي نزله جل جلاله وتعالى في علاه ، فكل من بلغته الدعوة ثم لم يؤمن وصد عن سبيل الله ومات على ذلك فيما يظهر للناس فلا يجوز الدعاء له بالمغفرة قال تبارك وتعالى (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم * وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم) .
23 ذو القِعدة 1432