(608)
(379)
(535)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 365- كتاب الحج والعمرة (13) فرع: في استعمال الطيب
صباح السبت 17 جمادى الأولى1447هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني -رضي الله تعالى عنه وعنكم- ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال:
"وكان ﷺ يحتجم وهو محرم ويغسل رأسه بالسدر ويدلكها بيديه يقبل بهما ويدبر، وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: لا يدخل المحرم الحمام، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: لا بأس بأكل الخبيص والخشكنانح للمحرم، وكان ﷺ إذا أراد الإحرام لبد شعره. وكان ﷺ ينهى المحرم عن لبس السلاح ويرخص له في لبسه في الخوف ونحوه، ولبسه ﷺ حين صده قريش عن البيت".
فرع: في استعمال الطيب
"كان رسول الله ﷺ يرخص في استدامة الطيب الذي دخل به في الإحرام وينهى عن استعماله بعد الإحرام، وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله ﷺ حين أحرم، وكان طيباً ليس له بقاء، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكره شم الريحان للمحرم، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ليَشم المحرِم الريحان وينظر في المرآة ويتدَاو بالزيت والسمن ويقول: كان رسول الله ﷺ يدهن وهو محرم بالزيت الغير المطيب، قالت عائشة -رضي الله عنها-: ولما خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى مكة ضمدنا جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام فكانت إحدانا إذا عرقت سال على وجهها فيراه النبيّ ﷺ فلا ينهاها.
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتك، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.
الحمد لله مكرمنا بشريعته الغراء وبيانها على لسان عبده وحبيبه خير الورى سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار في دربه سرًا وجهرًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الراقين في الفضل والشرف والكرامة أعلى الذرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ولا يزال الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله تعالى- يتكلم عما يتعلق بالإحرام بالحج، وتقدم معنا أحاديث في ما يحرُم على المحرِم من محرمات الإحرام، وذكر في هذا استعمال الطيب.
وكان مما تقدم معنا كلامه عن تخمير الوجه والرأس، وكذلك دخول المحرِم الحمام، وكذلك لبس السلاح للمُحرِم، وهذه من المسائل التي ذكرها الفقهاء، منها الحجامة.
ذكر أنه احتجم وهو محرِم ﷺ.
وجاء عن "ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام" كما مر.
"وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: لا يدخل المحرِم الحمام".
قال: تقلد السلاح:
ويتحدث في هذا الفرع عن استعمال الطيب، وتقدم معنا بعض الإشارة إليه، فيقول:
"كان رسول الله ﷺ يرخص في استدامة الطيب الذي دخل به في الإحرام" وما تطيب به قبل أن يحرم يسْتديمه، ولا يجب عليه إخراجه عند الإحرام إذا أحرم ولا نزعه ولا غسله، بل يبقى على ما هو عليه.
ما هو الطيب؟
وأورَدوا الحديث: "خير طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"، فيما رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه.
وبعد ذلك تقدم الكلام معنا في تطييب الثوب:
فالمحرِم ممنوع من استعمال الطيب، والحاجُّ أشعث أغبر كما يقول ﷺ سواء في إزاره أو ردائه، وجميع ثيابه وفراشه ونعله، حتى لو علق بنعله طيب وجب عليه المبادرة لنزعه.
ولا يلبس ثوبًا مسه الورس والزعفران ونحوهما مما صُبِغَ له طيب، وما تفوح رائحته كذلك لا يحمله مثل المسك، أما مثل العود هذا الذي هو عود إنما يُتطيب بوضعه على النار، أما إذا شم العود أو حمله في جيبه فما عليه شيء، لكن إذا وضعه على النار وتعرّض لما يفوح من دخنه يكون قد تطيب ويحرم عليه، كل شيء بحسبه.
وإذا خُلِط الطيب بغيره من طعام أو شراب لم يظهر له ريح ولا طعم؟
فلا حرمة فيه ولا فدية. يضعون في بعض الطبخات زعفران وغيره يأكلونها، ما يقصد به التطيب.
شمُّ الطيب دون أن يمسه:
قال:وكان رسول الله ﷺ يرخص في استدامة الطيب الذي دخل به في الإحرام وينهى عن استعماله بعد الإحرام، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: كأني أنظر إلى وبيص الطيب -أي:بريقه- في مفرق -أي: بيت شعر رأسه- رسول الله ﷺ حين أحرم، وكان طيباً ليس له بقاء، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكره شم الريحان للمحرم، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: ليَشم المحرِم الريحان وينظر في المرآة ويتدَاوى بالزيت والسمن، ويقول: "كان رسول الله ﷺ يدهن وهو محرم بالزيت غير المطيَّب". ومثل هذا الصوابين التي تستعمل بعد الأكل، ما كان فيه طيب يحرم استعماله، وما ليس فيه طيب يجوز، من أنواع مزيلات الدهون من المنظفات.
ولهذا يصنعون بعض الصابون خاص للمحرِم ما فيه طيب، وما تنبعث منه رائحة، فهذا يجوز استعماله، أما إذا فيه رائحة تنبعث منه فهذا طِيب، ما يجوز أن يغتسل بتراب أو يغتسل بشيء لا رائحة فيه ما دام في الإحرام.
فقال: "كان رسول الله ﷺ يدهن وهو محرم بالزيت غير المطيَّب"."قالت عائشة -رضي الله عنها-: ولما خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى مكة ضمدنا جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام -أي: تطيبوا للإحران- فكانت إحدانا إذا عرقت سال -عرقها-على وجهها فيراه النبيّ ﷺ فلا ينهاها"، لأنها ما أحدثت شيئًا بعد الإحرام، هذا لما كان العرق يسيل ومعه المسك الذي على البشرة يسيل مع العرق، فما أمرهن بمسحه ولا بتجفيفه؛ لأن استعمَالهن له كان قبل الإحرام، فهو كالوبيص الذي يُرى على شعره الشريف صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله.
استعمال الدهن في الرأس واللحية ثم عامة البدن:
حتى إذا كان أصلع، هل يجوز دهن رأسه أم لا بخلاف المحلوق؟ المحلوق يحرم عليه دهن الرأس لأنه في صدد إنبات الشعر، لكن إذا كان أصلع من أصله ما عليه شيء.
ولهذا قالوا: إنه قد يأكل شحمًا فإذا سال منه الدهن إلى عنفقته أو إلى لحيته فقد ادّهن، صار متدهنًا. أو أكل زيتًا وقطر من فمه على عنفقته أو على لحيته صار الآن قد ادهن، دهن رأسه ودهن لحيته وهو محرِم، فإذا فعل ذلك متعمدًا فعليه الفدية.
أما ما عدا الرأس واللحية:
الشافعية خصصوا تحريم الدهن على المحرِم بشعر الرأس واللحية وما ألحق بها.
وقال الحنابلة: لا يحرم الدهن على المحرِم، وما رأوا فيه ورود الدليل.
فهذا ما يتعلق باستعمال الدهن والطيب للمحرم.
رزقنا الله الاستقامة، ويسر لنا وللأمةلحج بيته وزيارة نبيه على خير الوجوه وأفضلها وأعلاها وأكملها مع اللطف والعافية. وأحيا فيهم سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام وهديه والاقتداء في جميع شؤونهم وأحوالهم، في ظواهرهم وبطونهم. ودفع عنا وعنهم الأسواء وكل بلوى، وغمرنا بالفُيوضات في الجود والإسعاد وعظيم الإمداد، مع الصلاح الخافي والبادي، وأصلح شؤون الأمة أجمع، وعجل بتفريج كرُوبهم ودفع الشدائد عنهم بخير ولطف وعافية، وعجّل بالفرج الأجمع الأكمل.
بِسِرِّ الْفَاتِحَةِ
إِلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
الْفَاتِحَة
18 جمادى الأول 1447