(209)
(536)
(568)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 200- كتاب الصلاة (91) باب: سجود السهو -1-
صباح الأربعاء 15 ربيع الأول 1446 هـ
باب سجود السهو
"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان رسول الله ﷺ إذا سها في الصلاة سجد للسهو؛ وكان تارة يسجد قبل السلام، وتارة يسجد بعده، وكان لا يمنعه عن العود إلى الصلاة خروجه من المسجد وكلامه واستدباره القبلة، وسلم -عليه الصلاة والسلام- مرة عن ركعتين من الظهر، ومرة عن ثلاث من العصر، فلما أعلموه بذلك قام فصلى ما عليه ثم سجد سجدتین کسجود الصلاة ثم سلم، وكان ﷺ إذا رفع من سجود السهو تارة يتشهد ثم يسلم.
وسلم ابن الزبير -رضي الله عنه- من ركعتين من المغرب ونهض ليستلم الحجر الأسود فسبح القوم فقال: ما شأنكم؟ فأخبروه فصلى ما بقي وسجد سجدتين، فذكروا ذلك لابن عباس -رضي الله عنهما- فقال: ما زال عن سنة محمد ﷺ.
وقال أنس -رضي الله عنه-: قام رسول الله ﷺ مرة من ركعتين من الظهر ودخل الحجرة فقام إليه ذو اليدين فذكر له صنيعه فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: "أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعتين ثم سجد سجدتين ثم سلم"، وكان عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- إذا سئل عن السهو يقول: هو أن تقوم موضع الجلوس أو تقعد موضع القيام أو تسلم من ركعتين، وسيأتي في الباب عقبه أن أبا سعيد وابن الزبير وابن عمر -رضي الله عنهم- كانوا يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة فعليه سجدتا السهو.
وكان ﷺ يقول: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ واحدة صلى أم ثنتين، فليجعلهما واحدة، وإن لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثًا فليجعلهما ثنتين، وإن لم يدر ثلاثًا صلى أم أربعًا فليجعلها ثلاثًا، وليبن على ما استيقن ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين، فإن كان صلى خمسًا شفعتا له صلاته وإن كان صلى تمامًا الأربع كانتا ترغيمًا للشيطان"
وكان ﷺ يقول: من صلى صلاة يشك في النقصان فليصل حتى يشك في الزيادة فإن العبد لا يُحسب له من صلاته إلا ما عقل منها، وكان ﷺ يقول: "إنما أنا بشر مثلكم أُنَسَّى كما تنسون لِيُسْتَنَّ بي، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين بعد سلامه"، وكان ﷺ يقول: "إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه فيقول له اذكر كذا اذكر كذا حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل يسلم".
وكان معاوية -رضي الله عنه- يقول: سلم رسول الله ﷺ وقد بقيت ركعة من الصلاة وخرج فأدركه طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- فقال: "نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالًا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة"،
وكان ﷺ يقول: "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائمًا فليجلس للتشهد، وإذا استتم قائمًا فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو"".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته عبده وحبيبه وصفوته خلقه سيدنا محمد صلى الله وسلم وكرّم عليه وعلى آله وصحابته، وأهل متابعته وآبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرحمن في خليقته، وآلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويذكر الشيخ -عليه رحمة الله تعالى- في هذا الباب ما يتعلق بسجود السهو، والسهو هو: الغفلة عن الشيء ونسيانه، نسيان الشيء والغفلة عنه يقال له: سهو؛ والمراد هنا السجود في آخر الصلاة:
باب سجود السهو
سجود السهو إذا حصل مقتضيه -إذا حصل سبب من أسباب سجود السهو- فسجود السهو:
فوجوب سجود السهو عند الحنابلة:
ويندب سجود السهو عند الحنابلة:
وهذا كله في حق الإمام وحق المنفرد، أما المأموم فمن المعلوم عند الأئمة كلهم يجب على المأموم متابعة إمامه في السجود، ولو كان في الصورة التي قالها الحنابلة أنه مباح فيلزم عندهم أن يتابع المأموم أن يتابع المأموم الإمام، ويسجد معه.
وكذلك القول عند المالكية كالشافعية: أن سجود السهو سُنة؛ ولكن في قول عندهم بوجوب سجود السهو فيما إذا سها بنقص - نقص شيئا- لأنهم:
أما عند الحنفية:
وعلمنا قول الشافعية أن سجود السهو إذا وُجد سبب من أسبابه فهو سُنة من السنن، لا يكون واجبا ولا يكون مباحا.
جاء "إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه فلْيُلْقِ الشكَّ ، ولْيَبنِ على اليقينِ ، فإذا استيقنَ التَّمامَ سجد سجدتَينِ ، فإن كانت صلاتُه تامَّةً كانت الركعةُ نافلةً له والسجدتانِ ، وإن كانت ناقصةً كانت الركعةُ تمامًا لصلاتِه والسجدتانِ تُرغِمانِ أنفَ الشيطانِ"، كما جاء في بعض الروايات وبعضها أوردها عندنا في هذا الباب.
فإذن فلسجود السهو أسباب فلا يصح أن يسجد السهو من دون سبب، على ما عليه الجمهور؛ وإن كان عندنا سينقل عن ابن عباس أنه يستحب لكل مصل أن يختم صلاته بالسجدتين؛ ولكن يقول جمهور أهل العلم: إذا لم يكن سبب مقتضي لسجود السهو فسجد بطلت صلاته، إنما إذا وجد السبب من أسباب السجود فليسجد، على قول من يقول بالوجوب وعلى قول من يقول بالسنية وعلى قول من يقول بالإباحة في بعض الأحوال كما قرأنا في مذهب الحنابلة.
إذن للسجود أسباب كان يقول: "ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان رسول الله ﷺ إذا سها في الصلاة سجد للسهو؛ وكان تارة يسجد قبل السلام، وتارة يسجد بعده، وكان لا يمنعه عن العود إلى الصلاة خروجه من المسجد".
فيقول الشافعية سجود السهو قبل السلام مطلقًا.
ويقول الحنفية سجود السهو بعد السلام مطلقًا.
ويقول المالكية: إن سهى بزيادة فالسجود بعد السلام، وإن سهى بنقص فالسجود قبل السلام،
والحنابلة: عندهم في بعض المواضع يسجد قبل السلام بعضهم بعد السلام، وما ثبت عندهم في شيء من السنة أنه بعد السلام فبعد السلام وما لم يثبت في شيء فهو قبل السلام كالشافعية.
ولكن لا يجوز أن يسجد إلا لسبب؛ فما هي الأسباب؟ هذا أيضا محل اجتهاد لأهل العلم في أسباب سجود السهو:
فيقول الحنفية: يسجد للسهو بترك شيء عمدا، أو سهوا، أو زيادة شيء سهوا، أو تغيير محله سهوا، في هذه الأحوال عندهم:
لا يسجد بتعمد شيء إلا في ثلاث:
إذا ترك الجلوس للتشهد الأول ولو متعمدا فيسجد للسهو.
أو أخر سجدة من الركعة الأولى إلى آخر الصلاة عندهم -عند الحنفية- فإذا تعمد ذلك عندهم أيضًا يسجد للسهو.
أو إذا تفكر عندهم في الصلاة عمدا فشغله عن مقدار ركن هذا التفكر فليسجد للسهو، فهذه أسباب سجود للسهو عند الحنفية.
وكذلك عندهم يسجد للسهو بترك واجب من واجبات الصلاة سهوا إما بتقديم أو تأخير أو زيادة أو نقص:
أما المالكية يقولون: أسباب سجود السهو إما نقص فقط أو زيادة فقط أو نقص وزيادة.
أما الشافعية فيقولوا: إنما أسباب سجود السهو أربعة:
فهذه الأربعة الأسباب عندهم هي سبب سجود السهو .
والحنابلة يقولون: أسباب سجود السهو أيضًا زيادة ونقص وشك في بعض صوره إذا حصل ذلك سهواً، أما إذا حصل عمداً فتبطل به الصلاة:
كذلك مما اتفقوا عليه إنه إذا ترك التشهد الأول يرجع إليه:
استحباباً عند الشافعية.
ووجوباً عند الحنابلة والحنفية.
يرجع إلى التشهد الأول ما لم ينتصب فإذا انتصب قائماً لا يعود إذا انتصب قائماً لا يعود، فإذا لم يستتم قائماً يجلس ويسجد إذن سجدتي السهو إن قارب القيام بأن جاوز حد الركوع.
وكذلك عند الحنابلة يجب التسبيح في الركوع وفي السجود، فإذا ترك التسبيح سجد للسهو، والتسبيحات في الركوع والسجود عند الشافعية سنة وليست من أبعاض الصلاة ،فلا يسجد للسهو لترك شيء منها .
ما عليه ثم سجد سجدتین کسجود الصلاة ثم سلم، وكان ﷺ إذا رفع من سجود السهو تارة يتشهد ثم يسلم.
يقول: "قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كان رسول الله ﷺ إذا سها في الصلاة سجد للسهو؛ وكان تارة يسجد قبل السلام، وتارة يسجد بعده، وكان لا يمنعه عن العود إلى الصلاة خروجه من المسجد وكلامه واستدباره القبلة".
كما وقع في بعض المرات التي أشار إليها بقوله: "سَلَّم -عليه الصلاة والسلام- مرة عن ركعتين من الظهر، ومرة عن ثلاث من العصر، فلما أعلموه بذلك قام فصلى ما عليه -ركعتين أكمل بها الظهر، وصلى ركعة أكمل بها العصر- ثم سجد سجدتین کسجود الصلاة ثم سلم".
يقول: "وكان ﷺ إذا رفع من سجود السهو تارة يتشهد ثم يسلم". وهذا التشهد عند الحنفية بعد سجود السهو، وقال غيرهم: لا؛ إنما لا تشهد بعد سجود السهو .
يقول: "وسلَّمَ بن الزبير رضي الله عنه- من ركعتين من المغرب ونهض ليستلم الحجر الأسود فسبح القوم فقال: ما شأنكم؟ فأخبروه -أنه سلَّمَ من ركعتين- فصلى ما بقي وسجد سجدتين، فذكروا ذلك لابن عباس -رضي الله عنهما- -قالوا: انظر ابن الزبير كيف سلم المغرب من ركعتين؛ وقام يريد يستلم الحجر الأسود ونبهوه أنه صلى ركعتين فقام محله وكمّل السجدة- فقال: ما زال عن سنة محمد ﷺ" هذه هي السنة.
فإنه كما قال: "أنس -رضي الله عنه-: قام رسول الله ﷺ مرة من ركعتين من الظهر -يعني: سلم من ركعتين- ودخل الحجرة فقام إليه ذو اليدين فذكر له صنيعه -فقالَ: أقَصُرتِ الصَّلاةُ أم نَسيتَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: كل ذلك لم يكن لأنه ظن أنه صلى أربعًا قالوا:لا صليت ركعتين- فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: "أصدق هذا؟ -أحقٌّ ما يقول ذو اليدين؟ في رواية- قالوا: نعم، فصلى ركعتين ثم سجد سجدتين ثم سلم"، "وكان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إذا سئل عن السهو يقول: هو أن تقوم موضع الجلوس أو تقعد موضع القيام أو تسلم من ركعتين، وسيأتي في الباب عقبه أن أبا سعيد وابن الزبير وابن عمر -رضي الله عنهم- كانوا يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة فعليه سجدتا السهو".
وكان ﷺ يقول: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ واحدة صلى أم ثنتين، فليجعلهما واحدة، وإن لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثًا فليجعلهما ثنتين، -يعني: يبني على الأقل على اليقين- وإن لم يدر ثلاثًا صلى أم أربعًا فليجعلها ثلاثًا، وليبن على ما استيقن ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين، -وعلى هذا مذهب الشافعية- فإن كان صلى خمسًا شفعتا له صلاته -أي: السجدتين- وإن كان صلى تمامًا الأربع كانتا ترغيمًا للشيطان".
قلنا: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ .." فليبنِ على الأقل ويسجد عليها كمذهب الشافعية كما ذكرنا.
"وكان ﷺ يقول: من صلى صلاة يشك في النقصان فليصل حتى يشك في الزيادة -يجعل الاعتماد على الاقل يبني على اليقين وهو الأقل- فإن العبد لا يُحسب له من صلاته إلا ما عقل منها، وكان ﷺ يقول: "إنما أنا بشر مثلكم أُنَسَّى كما تنسون لِيُسْتَنَّ بي، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين بعد سلامه"، وهذه الرواية التي أخذ بها الحنفية، أن سجود السهو بعد السلام .
وكان ﷺ يقول: "إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه فيقول له اذكر كذا اذكر كذا حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين قبل يسلم".
وكان معاوية -رضي الله عنه- يقول: سلم رسول الله ﷺ وقد بقيت ركعة من الصلاة وخرج فأدركه طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- فقال: "نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالًا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة"، ولم يأخذ بهذا من الأئمة أحد، إنما يقول يرجع إلى الصلاة ويبني عليها من دون أن يقيم الصلاة.
وكان ﷺ يقول: "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائمًا فليجلس للتشهد، وإذا استتم قائمًا فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو" إذا ترك التشهد الأول، كما يأتي معنا إن شاء الله تعالى.
رزقنا الله الاستقامة، واتحفنا بأنواع المنن والمواهب والكرامة ونظر إلينا وقربنا إليه زلفى وجعلنا من أهل الصدق والوفاء بوجاهة المصطفى وأصلح شؤون أمته وفرج كروبهم أجمعين.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله
الفاتحة
15 ربيع الأول 1446