(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (41) باب آداب الصلاة وما يُنهى عنه فيها وما يُباح (5 )
صباح الأحد 22 شعبان 1445هـ
"فرعٌ: وكان ﷺ ينهى عن صلاة المستوفز ويقول: "عمدة صلاتكم الخشوع"، وكان ﷺ ينهى عن التمطي في الصلاة ويقول: "لا يتمط أحدكم في الصلاة ولا عند النساء إلا عند امرأته وجواريه"، وكان ﷺ ينهى عن تغميض العينين في الصلاة ويقول ﷺ: "إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه"، وكان ﷺ ينهى عن صلاة الحاقن والحاقب والحازق والمسبل والمختصر والمتصلب والصافن والصافد والكافث والعابث والمسدل ومن يمرُّ بين يديه الناس .
وكان ﷺ يقول : "إذا صلى أحدكم مسبلاً إزاره فليرفعه فإن كل شيء أصاب الأرض منه فهو في النار"، وكان ﷺ يقول: "إذا قام أحدكم في صلاته فليسكن أطرافه ولا يتمايل كما تتمايل اليهود، فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة"، وكان ﷺ ينهى عن الالتفات في الصلاة لغير حاجة ويقول: "الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان ولابد ففي التطوع لا في الفريضة"، وفي رواية : "الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، وإن الله لا يزال مقبلاً على العبد في الصلاة ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه".
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: وأرسل رسول الله ﷺ مرة فارساً إلى الشعب من الليل يحرس فجعل رسول الله ﷺ يصلي الصبح وهو ينظر إلى الشعب يميناً وشمالاً من غير أن يلوي عنقه خلف ظهره، وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تقول: كان الناس في عهد رسول الله ﷺ إذا قام أحدهم يصلي فلا يعدو بصر أحدهم موضع قدميه فلما توفي رسول الله ﷺ كان المصلي لا يجاوز بصره موضع جبينه، فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه كان المصلي لا يجاوز بصره موضع القبلة مدة خلافة عمر -رضي الله عنه-، فلما توفي عمر رضي الله عنه وكانت الفتنة أيام عثمان -رضي الله عنه- التفت الناس يميناً وشمالاً".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمدلله مكرمنا بشريعته على لسان خير بريته عبده وصفوته، سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحابته، وعلى أهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرحمن تبارك وتعالى من خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويذكر المؤلف -عليه رحمة الله تعالى- في هذا الفرع ما تعلّق بآداب الصلاة وكيفية الدخول فيها وأدائها. وقال: "كان ﷺ ينهى عن صلاة المستوفز.." المستعجل الذي لا يطمئن ولا يُحسن أداء الأركان والسنن، ينهى عن صلاة المستوفز، ويقول: "عمدة صلاتكم الخشوع"، وحسبنا في القرآن قول الرحمن (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [سورة المؤمنون:1-2]، وهذا الخشوع الذي أثنى الله -سبحانه وتعالى- على أهله وربطه بالصلاة؛ وهو دائم وحاضر عند أهل الصدق مع الله تعالى في الصلاة وخارج الصلاة.
هو الذي قال عنه سيدنا أبو الدرداء وغيره من الصحابة أنه: "أول علم يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا تكاد تجد خاشعًا"، وقد حصل -والعياذ بالله- هذا في كثير من الأوقات ومن الأماكن؛ فلا تكاد تجد خاشع -والعياذ بالله تعالى-؛ مع أن الخشوع كان شعار المؤمنين والمسلمين حتى في أسواقهم؛ فضلاً عن مساجدهم وعباداتهم. فالله يتدارك الأمّة ويردّ علينا ما فات، ويحيي فينا ما مات من هذا العلم النافع الموصل إلى الحق -جلّ جلاله- علم الخشوع، وأساسه: استحضار القلب اطلاع الحق -تبارك وتعالى- عليك، فإن الخشوع: حضور القلب وسكون الأعضاء.
قال الإمام الغزالي أن تضم من ستة معاني:
فإذا انتظمت هذه الستة المعاني فقد تمّ الخشوع، حضور القلب وتفهّم المعنى، والتعظيم والإجلال، والخوف والرجاء والحياء.
قال: وهذه المعاني ملازمة لقلوب الصالحين والعارفين في كل وقت؛ في الصلاة وخارج الصلاة، فهم على حضورٍ مع الله وعلى تدبّر للمعاني في الكائنات، والموجودات والمسموعات والمنظورات، وجميع الأشياء، ويعدّونها خطابات من الحق وتعليمات؛ ثم هم بعد ذلك معظّمين موقّرين؛ ثم هم خائفين وجلين؛ ثم هم راجين وطامعين؛ ثم هم ذوي انكسار وحياء وذلك أمر مستمر معهم، وقد يقوى في بعض الحالات.
وقال الإمام الشعراني: إنني آتي أهلي على الحالة التي أدخل بها الصلاة، نفس قلبي على الحالة التي أدخل بها الصلاة، وهكذا يأكلون ويشربون ويمشون وقلوبهم حاضرة مع الله -جلّ جلاله وتعالى في علاه-.
يا أهل القلوب الحاضرة مع الله
في جنة العرفان والمصافاة
مستغرقة به ذاكرة لآلاه
يقول: وهذا هو الخشوع الذي قال جماهير العلماء بتأكده في الصلاة وسنيته، وقال بعضهم: بوجوبه، واختلفوا في وجوبه ولو في جزء من أجزاء الصلاة، قالوا: ويتعلق بالخشوع الخضوع وهو: التواضع، والإخبات: هو الخشوع مع التواضع، (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) [سورة الحج:34]، ذكر الله علاماتهم (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [سورة الحج:35]، هذه مظاهر المخبتين لا إله إلا الله، فالإخبات ملازمة الطاعة مع الخضوع والخشوع والسكون.
إذًا قال جماهير العلماء بأنه: من أعظم سنن الصلاة الخشوع، وكونه يعمّها كلها نعم هذا عند القائلين بسنيته، ولكن ولو في بعض أجزاء الصلاة اُختلف في وجوب ذلك.
وقال سيدنا علي في تفسير معاني الخشوع: أنه لين القلب وكفّ الجوارح، وقال ﷺ في من أن يصلي ركعتين: "ما من مسلم يتوضأ ويصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة". ولما رأى من يعبث بلحيته وهو يصلي قال: "لو خشع قلبه هذا لخشعت جوارحه".
وبعد ذلك بعض الفقهاء ذهبوا إلى أن الخشوع لازم من لوازم الصلاة، أو أنه فرض من الفرائض إلا أنه لا تبطل الصلاة بتركه، لكونه معفو عنه، وقال آخرون: هو فرض تبطل الصلاة بتركه؛ ولكن قالوا: هو شرط لصحة الصلاة في جزء منها.
وبعد ذلك يقول: "كان ﷺ ينهى عن التمطّي في الصلاة"، وهو علامة الكسل والتخاذل ولا يليق بالصلاة. وقال: "لا يتمط أحدكم في الصلاة ولا عند النساء إلا عند امرأته وجواريه"،، وكذلك لا ينبغي أن يكون أمام شيوخه، أو أمام من يُحترم من والدين ونحوهم.
قال: وكان ﷺ ينهى عن تغميض العينين في الصلاة ويقول ﷺ: "إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه"، والحديث في سنده ضعف؛ وإلا لأجمعوا على كراهة تغميض العينين؛ ولكن قال بكراهته جمهور الفقهاء، أنه يُكره تغميض العينين في الصلاة عند الحنفية والمالكية والحنابلة وبعض الشافعية، والذي اعتمده الإمام النووي من الشافعية أنه ما يُكره؛ ولكن الأَولى لا يُغمّض عينيه، وهذا الحديث: "إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه"، في رواية الطبراني في المعجم الكبير، وفي ليث ابن أبي سليم مدلس عنعن الحديث، ولذا قال النووي: لم يصح فيه نهي؛ ولكن أيضا هذه الكراهة التنزيهية التي ذكروها استثنوا منها التغميض لكمال الخشوع، بعضهم يجلب الخشوع، أنه يخاف فوات الخشوع بسبب رؤية ما يفرّق خاطره فلا يُكره له حينئذ، كما يقول ابن عابدين من الحنفية وغيره، وكذلك يقول المالكية: محل كراهة التغميض ما لم يخف النّظر إلا محرم؛ أو يكون إذا فتح بصره يشوّشه؛ وإلا فلا يكره التغميض حينئذ. الإمام النووي قال: لا يُكره إن لم يخف منه ضررًا على نفسه أو غيره، فإن خاف منه ضرر كُره.
وبهذا قالوا: عن الأعمى أن صلاته أقرب للخشوع؛ ولكن ينبغي للبصير أن يُقصِر نظره في الصلاة على موضع السجود في جميع صلاته، وقيل ذلك في القيام، وفي الركوع ينظر إلى إبهامه، وفي الجلوس بين السجدتين كذلك ينظر إلى ركبتيه، وعند التّشهد ينظر إلى سبابته عند قوله: (إلا الله)، والقصد: أن لا يلتفت ولا يتابع النّظر في الصلاة، فإنه اختلاس يختلسه الشيطان وسرقة؛ يختلسها الشيطان من صلاة ابن آدم.
ويقول: "وكان ﷺ ينهى عن صلاة الحاقن والحاقب والحازق والمسبل والمختصر والمتصلب والصافن والصافد والكافث والعابث والمسدل ومن يمرُّ بين يديه الناس".
فهذه من المواطن أو الأحوال التي تُكره الصلاة فيها:
فكلّهم تكره صلاتهم كراهة تنزيه.
وبعد ذلك ذكر أيضًا صلاة المسبل: الذي يسبل ثيابه وإزاره، فإسدال الثوب في الصلاة بمعنى: إرساله من غير لبس مكروه، بأن يجعل ثوبه على رأسه أو كتفه، ويرسل أطرافه من جانبيه دون أن يرفع أحدهما، وتحتهما يستر عورته فيه أيضًا تشبّه باليهود. أما إرسال الإزار ونحوه خيلاء فهو حرام، "من جرّ ثوبه من خيلاء لم ينظر الله إليه" كما رواه الإمام مسلم، "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله جلّ ذكره في حل ولا حرام"، "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جرّ إزاره بطرا" كما رواه البخاري.
كذلك المختصِر: وهو الذي يجعل يده على خصره، فنهى أن يصليَ الرجل مختصِرًا؛ وهو أيضًا المتصلّب يقال له متصلب ومختصِر، فذلك كله من المكروه في الصلاة، يجعل يده على خاصرته ويقال له أيضًا مصلب ومتصلب.
والصافن: يعطف قدمه إلى ورائه، كما يفعل الفرس إلى ثنّى طرف حافره، هذا الصافن.
والصافد: يُقرن بين قدميه معًا كأنهما قيد، مأخوذ من الصفد وهو القيد.
والكافت: الذي يكفت شعره ويجمعه، "والعابث والمسدل ومن يمرّ بين يديه الناس"، فليصلي إلى سارية؛ أو إلى جدار؛ أو إلى شاخص يمنع مرور الناس في قبلته وأمامه.
إذًا فليحذر المسلم من العبث في أثناء الصلاة، ومن الخروج عن هيئة الخاضع الخاشع المعظّم لمن يقف بين يديه، وقد كان يحمرّ ويصفرّ وجه سيدنا علي زين العابدين إذا أراد القيام إلى الصلاة، فلمّا سُئل؟ قال: أتدرون بين يدي من أقوم؟! ومن أناجي؟! -جلّ جلاله وتعالى في علاه-.
"وكان ﷺ يقول : "إذا صلى أحدكم مسبلاً إزاره فليرفعه فإن كل شيء أصاب الأرض منه فهو في النار"، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.
وكان ﷺ يقول: "إذا قام أحدكم في صلاته فليسكن أطرافه ولا يتمايل كما تتمايل اليهود، فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة"، وكان ﷺ ينهى عن الالتفات في الصلاة .."
قالوا:
فليتكلّف المؤمن أن يصرف فكره وخاطره إلى معاني ما يقول وما يفعل؛ حتى يستحكم ذلك فيه.
ويقول: "وكان ﷺ ينهى عن الالتفات في الصلاة لغير حاجة.."، ويقول: "الالتفات في الصلاة هلكة إن كان ولا بد ففي التطوع لا في الفريضة"، وفي رواية : "الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، وإن الله لا يزال مقبلاً على العبد في الصلاة ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه". وفي الحديث أنه إذا التفت المصلّي في صلاته "إذا قام المصلّي بين يدي الله أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت أولًا، قال الله: ابن آدم التفت إلى غيري! يرى غيري خيرٌ له مني. فإذا التفت الثانية، قال الله: التفت ابن آدم إلى غيري! يرى غيري خيرٌ له مني. فإذا التفت الثالثة، أعرض عنه"، ما تُقبل صلاته -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.
قال: "وأرسل رسول الله ﷺ مرة فارساً إلى الشعب من الليل يحرس فجعل رسول الله ﷺ يصلي الصبح وهو ينظر إلى الشعب يميناً وشمالاً من غير أن يلوي عنقه خلف ظهره، وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تقول: كان الناس في عهد رسول الله ﷺ إذا قام أحدهم يصلي فلا يعدو بصر أحدهم موضع قدميه فلما توفي رسول الله ﷺ كان المصلي لا يجاوز بصره موضع جبينه، فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه كان المصلي لا يجاوز بصره موضع القبلة مدة خلافة عمر -رضي الله عنه-، فلما توفي عمر -رضي الله عنه- وكانت الفتنة أيام عثمان -رضي الله عنه- التفت الناس يميناً وشمالاً"، تغيرت حالتهم في الصلاة وأدبهم مع الله -تبارك وتعالى- وإنا لله وإنا وإليه راجعون، فالله يحفظ علينا صدق الإقبال عليه مع كمال القبول لديه.
قالوا: الكراهة مقيدة بعدم الحاجة أو العذر، وهو الذي يُحمل عليه ما كان ينظر إلى موضع الحرس ﷺ، ثم إنه ﷺ في قوة باطنه وحاله وشأنه يكون على درجة عظيمة من الحضور والخشوع، وإن كان يلتفت وينظر لا يصل إلى طرف منها من اجتمع بجمعيته ولم يلتفت يمين وشمال من غيره ﷺ.
يقول الحنفية:
الالتفات بالبصر من غير إدارة الوجه مكروه كراهة تنزيه، وبالوجه عندهم مكروه كراهة تحريم، أي: يأثم صاحبه.
والمتولي من الشافعية يقول: بحرمة الالتفات بالوجه، لحديث "لا يزال الله مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه".
وأما تحويل الصدر عن القبلة فهو كما سمعنا يبطل الصلاة.
يقول الشافعية والحنابلة: أنه يسنّ للمصلّي أن ينظر ببصره لموضع سجوده في جميع صلاته، وقالوا الشافعية: عند التشهد في قوله (إلا الله)، يرفع إصبعه السبابة اليمنى وينظر إليها، ويكون نظره إليها إلى أن يقوم من التشهد الأول، أو يسلم من التشهد الثاني.
وكذلك قالوا في المعتمد عندهم: ولو كان يصلي عند الكعبة فإنه إنما ينظر إلى موضع سجوده.
وقال بعضهم: ينظر إلى الكعبة؛ وفرّق بعضهم بين المقيم بمكة والآفاقي، قالوا: الآفاقي ينظر إلى الكعبة، والمقيم ينظر إلى موضع السجود؛ لأنه يُحصّل نصيبه من النظر إلى الكعبة في أوقات كثيرة.
ويقول بعض المالكية: إذا كان نظره إلى موضع السجود يؤدي إلى انحنائه برأسه فيكره، وقالوا: يمكنه يجعل بصره أمامه،
قال ابن العربي من المالكية: ينظر أمامه فإذا أحنى رأسه ذهب بعض القيام المفروض عليه في الرأس، والرأس أشرف الأعضاء؛ فينبغي أن يتوسط الإنسان في مثل ذلك، لكن بعض فقهاء المالكية يعدون أن نظر المصلّي إلى موضع السجود من المستحبات في الصلاة؛ ولكن يعمله العبد من دون ما يحني رأسه.
وقال الآخرون: ينظر إلى أمامه، والقصد أن لا يشتغل بشيء غير ما هو فيه.
فالله يحققنا بحقائق الصلاة، ويهيئنا للقيام في رمضان ويجعل أداءنا للفرائض والنوافل والقيام في رمضان على الوجه الأجمل الأكمل، الأفضل المحبوب له -سبحانه وتعالى-؛ حتى نذوق في الدنيا قبل خروجنا منها لذة المناجاة، وحقيقة السجود والركوع للمولى تعالى في علاه والقيام بين يديه، ويجعلنا في كل ذلك مغمورين بسراية خشوعه ﷺ، وحضوره ﷺ، وأدبه ﷺ، مقتدين مهتدين به، وعاملين بما دعانا إليه في قوله "صلّوا كما رأيتموني أصلي".
اللهم أكرمنا بذلك وارزقنا سر المسالك، واجعلنا مهيئين لرمضان واستقباله، وللنظرة منك في أول ليلة من ليالي رمضان، ندرك سرّها وبركتها، وتشمل ظواهرنا وبواطننا وحسّنا ومعنانا، وأهلينا وأولادنا وطلابنا وأحبابنا وأصحابنا، بجودٍ من عندك يا رحمن؛ ندرك به أسرار رمضان كلها، وخيرات رمضان كلها، ونفحات رمضان كلها، وعطايا رمضان كلها، ومنحك في رمضان كلها، وتفضلاتك في رمضان كلها، وجودك وإحسانك كله في رمضان كما أنت أهله بما أنت أهله، في لطف وعافية.
بسرّ الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه
الفاتحة
24 شَعبان 1445