(228)
(574)
(536)
(311)
تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الحِجْر من قوله تعالى:
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ (9) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي شِيَعِ ٱلۡأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ (11) كَذَٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ (12) لَا يُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَقَدۡ خَلَتۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ (13) وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ (14) لَقَالُوٓاْ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمٞ مَّسۡحُورُونَ (15) }
ضمن جلسات الإثنين الأسبوعية بدار المصطفى بتريم
الحمدُ لله، مُنزِل القرآن، خَير البيان، على لِسان عَبده المُصطفى مِن عَدنان، سَيد الأكوان، صلى الله وسلم وباركَ وكَرم َعَليه وعلى آله المُطَهرين عن الأدران، وصَحبه الغُر الأعيان، وعلى من والاهم في الله وتابعيهم بإحسان، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل العِرفان، وعلى آلهم وصَحبهم وتابعيهم، وعلى المَلائكة المُقَربين وجَميع عِباد الله الصالحين وعَلينا مَعهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .
أما بعدُ،،
فإننا في نِعمة تأمُّلنا لكلام ربنا وخطابه وآياته ومَعانيها وتَعليمه وإرشاده وتَوجيهه جَل وعَلا، ابتدأنا في سورة الحِجر ومَرَرنا على قَوله -جَل جَلاله- (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9))؛ فَعَجباً لِهؤلاء المُستَهزئين القائلين لَك (يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)) يَجرُؤون على هذا القَول والواقع! والحَق أن هذا الكتابَ نَحن أنزلناه، إنّا نَحن بِعَظمَتنا وأُلوهِيتنا ورُبوبيتنا وجَلالنا وكِبريائنا وقُدرَتِنا على كُل شيء وإحاطة علمنا بِكُل شَيء، نَحن نَزلنا عَليك الذِكرى، فَماذا يُغنيهم هذا الإستِهزاء أو الإستِخفاف أو العِناد أو التَكذيب أو الكُفر (إنّا نَحْنُ نَزَّلنا عَلَيكَ الذكرَ) فأين يَصِلون بِعِنادهم وبِكِبريائهم وبِغَطرَسَتِهم؟!! أما عَلِموا أننا اخترناك واصطفيناك وتَولينا إنزال الذِكر عَليك (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [النمل:6].
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ (9)) وقد سماه الله تعالى بالذِّكر لأنه أعظمُ ما يَجمع على المَذكورِ الحق -سبحانه وتعالى- وتِلاوته من أعلى مَعاني الذِكر ومَراتب الذِكر وأنواع الذِكر، وهو يَحملنا التَذكرة بالحَقيقة وبما جَرى لنا في عالم الأرواح وبما نَئول إليه بعد ذلك وفي المآل والرُجعى سُمي الذِّكرَ. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ)؛ أي القرٱن الكريم، (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9))؛ نَتولى حِفظُه بِعِنايَتِنا ورِعايَتِنا، أي قَد أَنزَّلنا كُتبًا على الرُسُلِ مِن قَبلك، واستُحفِظ َعَليها الأحبارُ والرُهبانُ بأن يَحموها وأن يُحافظوا عَليها وأن لا يُبَدِلوها ولا يُغَيروها، فَحَرفوا وبَدلوا وغَيَّروا فيما كان من الكُتب ِالسابقة، قال الله: فَهذا الكِتاب وهو المَنهج الكَريم جَعلتُه مُعجزة لَك أتولى حِفظَه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) فلا يَستطيع ُإبليسُ ولا غيره من جنده وأتباعه أن يبدلوا فيه كلمة واحدة ولا حرفاً واحداً ولا أن يزيدوا ولا أن يَنقصوا؛ فضلاً من الله تبارك وتعالى لهذه الأمة، فلو أن قارئاً قرأ فَزادَ كلمة ًأو نَقص لَردَّ عَليه الصِبيان من الأمة لِما جَعَل الله من حِفظ هذا الكِتاب المُتَلَقى بالتواترِ عَمن أُنزل عليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وسَخَّر الله العِناية بِه من القُلوب المُستَودَعة لأسراره من الصحابة والتابعين، ولما رأوا القَتل اسّتَحَرَّ بالقُراء، اجتمع سَيدنا أبوبكر وسَيدنا عمر وكَلفوا سَيدنا زَيد ابن ثابت، أن يَجمعَ القُرآن مَكتوباً في صَحائف وقد كان مُفرقاً فَجَمَعه سَيدنا زيد بن ثابت -عليه رضوان الله- وقد جاءنا في الصَحيح أنه قال لَهُما: كَيف تَفعلانِ أمراً لَم يَفعلهُ رَسول الله؟ أي تَركه مُتَلقًا عَنه بِذلك التَواتر في الصُدور مَحفوظاً ولَم يَتولى جَمعَه في صَحيفةٍ واحدة أو كِتاب واحد، قال: ولكنه خَير ولكنه خَير وشَرح الله صَدره، ولكن قال: لو أنه كَلَفني بِجَبلٍ أنقله من مَكانه لما كان أشدَ علي من تَكليفه لي بهذا الأمر، لِعَظمة القرآن.
فكان يُقابل كُل ما كُتِب في جُلودٍ أو عظامٍ وغيرها بِحُفَّاظ ٍ يَحفظونه مِن فَم رَسول الله ﷺ، من عدد التَواتر فَيُثبِتهُ حتى مَر على الكِتاب العَزيزِ من أوله إلى آخره فَوَجد الآيتين قد تُلُقيت عن رسول الله ﷺ والذين سَمِعوها من فَمِه الشَريف قد ماتوا من الصَحابة وبَقي الذين سَمِعوها مِن الصَحابة فأراد أن يُثْبِتها ممن سَمعها من فم رسول الله ﷺ آخر سورة التوبة (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة : 128-129]، هي مُتواتِرة عِندهم لكن عِندَ الكِتابة أراد أن يَسمَعها مِن أفواه الذين سَمِعوها مِن فَم رَسول الله ﷺ. فما وَجَد من سَمِعها مِن الفَمِ وتَلقاها من الفَمِ الشَريف إلا سَيدنا خُزيمة بن ثابت -عليه رضوان الله- فأثْبَتها وقال: أنت يا خزيمة قد قال عنك رسول الله: "من شَهدَ له خُزَيمةُ فَحَسْبهُ"، وجعل شَهادتك كَافية عن شَهادة الجَمع والكَثير وكَتَبها في مَكانها عَليهم رِضوان الله، ثم بَقيت تلك الصُحف في يد سيدنا أبي بكر ثم في يد سيدنا عُمر ثم كانت عند حَفصة بنت عمر أم المؤمنين.
ثم أن بَعض الصَحابة جاء من الشَام وقال لِسَيدنا عُثمان: أدرك أُمة مُحمد، فقد رَأيتُ بَعضهم بَدأوا يَختَلِفونَ في نُطقِهم بالقُرآن فاحفظ عليهم هذا المُتَلَقى عن رَسول الله ﷺ، فأمر وأرسلَ إلى حَفصة أن ارسلي إلينا المَصحف لنَنْقله من عِندنا ثم نَرُده إليكِ فأرسلت إليه المُصحف، ونَسخَ مِنه سِتة َمَصاحف ووجَهها إلى الأقطار، ومن كَتَبَتِها سَيدنا علي بن أبي طالب وجَماعة من الصحابة، ووجه كُل مُصحفٍ إلى قُطرٍ من أقطار المُسلمين وأمرهم اعتمادَ ما فيه فلم يزل متواتراً إلى أيامنا هذه، اللهم لك الحمد.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) وقامت المُحاولات لتَغيير شَيءٍ فما استطاعوا، اسم سورة ما استطاعوا، إدخالِ كَلمة واحدة تُغَيّر مَعناه وانكَشَفوا وما استطاعوا، حتى كان -في وقتٍ ايضاً سابقٍا- أرادوا أن يَسرقوا عَواطف المُسلمين فَطبعَ بَعضُهم (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) [الفتح:29]، فقالوا: ما هذا ؟! (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ). قالوا: أنتم تُحِبون الصلاة على النبي. قالوا: نُحب الصلاة على النبي، لكن ما نحب أحد أن يُدخِل وَسط القرآن شيء لَيس منه، ولا يلعب بآيات الله. فما استطاعوا بأي وَسيلة ولا بأي حٌيلة أن يبدلوا ولا يَزيدوا ولا يَنقصوا في كَلام الله؛ فَنقرأه كما تَلاه لِسانُ رَسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم. لك الحمد شُكرا، ولك المَن فَضلا.
هذه مَظاهرُ الحِفظ، وهَل هذا كافٍ في تَحقيق الحِفظ؛ الحِفظ ُلهذه الألفاظ وكَيفية النُطق بها لم يَزل القُرآن مَحفوظاً أيضاً؛ مَحفوظاً في معانيه وكيفية الاستنباط منه والفهم فيه على الأسسِ التي بلَّغها سيدنا المصطفى وتلقّاها عنه الصحابة والتابعون. ولم يزل في الأمة قلوب تتصل بِنور القرآن وسر القرآن ويُحفظ فيها العمل بالقرآن وتطبيقُ القرآن والتخلقُ بأخلاق القرآن، هذا كله من حفظ القرآن وبيان القرآن بسنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم بشاهد قول: (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ .. (44)). فَحُفظَ البَيان وخُدِمَت السُنة وبَقيت معنا الأحاديث المُتواترة والأحاديث الصَحيحة بإسانيدها الكافية؛ لتَبيين ما نُزِّل لنا من كِتاب الله سبحانه وتعالى؛ فكان حِفظُ السُنة من حِفظ القُرآن الكَريم. وكَان إيجادُ القُلوب المُتَلَقية عن القُلوب لأسرار القُرآن من حِفظ القرآن الكَريم، وإيجادُ العاملين بالقُرآن المُتخلقينَ بأخلاقه على مدى الأزمان من حفظ القرآن الكريم.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَوَإِنَّا لَـهُ) بِكُل مَقاصده ومَعانيه حافظون، وأَكَد ذلك سبحانه وتعالى (وَإِنَّا لَـهُ) بِعَظَمَتِنا وقُدرَتِنا لَحافظون؛ أتمَّ الحِفظ، فَلله الحمدُ على كُل هذه الخَيرات، وبذا قال من قال من أولياء الأمة ما دام القرآن موجودًا بين الناس فَجميع مَراتب الولاية والإرثِ عن رسول الله مَوجودة فيهم ومحفوظة فيهم، لا تَنقطع ما دام القرآن مُوجودا؛ لأن حَقيقة حِفظه إنما تَكمُل بِوجودِ حَمَلة مَعانيه والعاملين بما فيه والغائِصينَ على أسراره ولم يَنقَطعوا في الأُمة بِفَضل الله تبارك وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فَلَك الحَمدُ يا ربي لك الحمد شُكرا ولك المَنُ فضلا.
وأخبرنا الذي أُنزل عليه هذا الذكرَ أنه يَبقى تَحتَ سُرادِقات هذا الحِفظِ والعِناية الربانية إلى أن يَقِل الحامِلون له المُعَظمون لأمره الواعون له العاملون به؛ فَيَغارُ الله على كتابه. وفي لَيلة ٍمن الليالي يَرفعهُ من السُطورِ ومن الصُدور وهي من أكبر علامات قُرب الساعة؛ وهذا بعد ظُهور عَلامات كُبرى من مِثل: بِعثة الإمام المَهدي، وخُروج الدجال الأعور الخَبيث، ونُزول عيسى ابن مَريم عليه السلام، وظُهور ياجوج وماجوج. بعد ظهور هذه العلامات كُلها يأتي رفع القرآن الكريم حين لا يبقى على ظهر الأرض القائمونَ بحقه والعاملونَ به والواعونَ لِمعانيه؛ فَيرفعهُ الله فيصبحون يريدون آية واحدة فلا يستطيعونها، لا من حفظ ولا من كتاب، ويجدونها قد مُحيت ورُفِعَت من جميع الأوراق التي سُطِرَتْ فيها آيات الكِتاب العَزيز. الله أكبر ولا إله إلا الله، اجعلنا عندك من أصحاب القرآن واجعلنا من أهل القرآن يا رحمن.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)) لقد أرسلنا رُسلًا من قَبلِك في شِيَع؛ في فِرَق، فِرَق الأولين، جَمعُ شيعَ، وجَمعُ شِيَع؛ كُل فِرقة وطائفة يَنتَمون إلى مَذهبٍ أو إمامٍ، يقال لهم شيعَ وشيعَ وشيعَ وهكذا. (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)) فَمن اجتمعوا منهم على حقٍ، من اجتمع منهم على هدىً كانوا مِمن يُثنى عَليهم ،كَمثل سيدنا الخليل إبراهيم إنه من شيعة سيدنا نوحٍ على نبينا وعليه السلام أي من أتباعه وأهل الاقتداء به والسيرِ في سَبيله، قال تعالى (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) [الصافات:75]، ثم قال (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) [الصافات:83]. وتَتَفَرق الأُمة فِرَق يَحكُمها أهواءُها ومُراداتُها الساقِطة وغَلبت الشَهوات عليها فتتوزع لذلك فِرَقاً؛ وقال عنهم سبحانه وتعالى هذه الفِرق الضالة والمَذمومة، قال سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [الأنعام:159].
يَقُول (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)) في الفِرَقِ والأُمَم والطَوائف التي مَضت قَبلك، أرسلنا مُرسَلين من عِندنا لَهُم (مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [يس: 30]، وكُلُهم لَهُم مَهام عَظيمة على ظَهرِ الأرض اختَرناهم وبَعثناهم بِها، وقاموا بِمُهماتِهم فَعانوا استهزاءً من أقوامهم، وأنت خاتم النَبين وسَيدُهم، على أن يَكون لك من الصَبر، ما كان لهم ويُستَهزأُ بِكَ كما استُهزِئ بِمَن قَبلكَ، فلا تَقلق من ذلك ولا تَهتمَ بِهِ وقال (مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [يس: 30]. يَقول سبحانه وتعالى (كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) [الذاريات:52-53]، يقول جلَّ جلاله: هكذا مضى الشِيَع مِن قَبلك والفِرق والطَوائف والأمم وقابلوا رُسـلَهُم بالإستِهزاء وكَذَبوهم.
(كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ)، (كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ)، يقول الله تعالى: أهل الإجرام من الذين غَلَّبوا شَهواتِهم وأهوائِهُم يُصَدون عن سبيل الله بِكِبرهم وبِغَطرَسَتِهم وبِعبوديتهم للهوى، ولِغَلبة الشهواتِ عليهم، يُسلك في قُلوبهم تَكذيب المُرسَلين وتَكذيب ما أُنزل عليهم والاستهزاء بهم؛ فهذا شغل المجرمين في كل أمة وفي كل زمن هذا شغلهم، وهذا مسلكهم (كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ)؛ نُدخِله في قُلوبِ المُجرمينَ استهزاءً وتكذيبًا وعِنادًا ورَدًا للحقِ الواضح.
(لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)) مَضت سُنة الأولين أي سُنَتنا في عِبادنا في الأوائل الذين مَضوا قَبلكم (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ*وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ) [القمر:51-53]. يقول جلَّ جلاله: (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)) في أنهم يُكذبون، فيهم من يُكَذب أنبياءه ُوفيهم من يستهزئ بهم ثم تكون الغلبة والنصرة للأنبياء ويخسر المبطلون والمجرمونَ والكافرون؛ (كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) [المرسلات:18]، (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) [المرسلات:16-18]، كما قال الله سبحانه وتعالى.
ولِهذا مِن ضَعفِ العَقل ومن ضَعف الإيمان ومن ضَعف الإدراك للحقيقة؛ أن يَهتَزَ شُعور وإحساس المؤمن إذا وجد انبساطًا لفاجر أو كافر أو سلطات آذت وظَلمت واعتدت وتَجبرت وتَكبرت وتَظاهرت بالشر أو انتهكت الحرمات. يقول: اهتزازك هذا وإكبارك لهم وهيبتك منهم؛ ضَعف إيمان وضَعف عقل وضعف عِلم وإدراك، أمثال هؤلاء من عَهدِ الأول من أولاد آدم إلى اليوم، أُهلكوا واحدا بعد الثاني؛ (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) [المرسلات: 16-18]، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) [غافر:82]، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۖ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ) [محمد:10]، ويقول سبحانه وتعالى:(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ) [يونس: 13]، (أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) [يونس:13]، وهكذا فِعلُه جلَّ جلاله وتعالى في علاه، كما بيّن لنا ذلك في كثيرٍ من الآيات ولا يزالُ فِعلهُ كذلك وحال هؤلاء المعاندين والمجرمين (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة:64]، وهكذا (وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ ) [ٱل عمران:176].
(وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)). يقول -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- بعد ذِكر هَلاك الذين كَفروا من قَوم سَيدنا نوح والذين كَفروا من قوم سيدنا هود والذين كَفروا من قوم سيدنا صالح والذين كَذبوا وكَفروا من قوم سيدنا لوط والذين كَفروا وكَذبوا من قوم سيدنا موسى عليه السلام. ثم قال سبحانه وتعالى: (كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ * أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ) [القمر:42-43]، (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ)؟ (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ) [القمر:43]؛ الكُفار الذين في وَقتكم، ماهم خير من أولئك ولا أعجز عَلينا ولا أصعب علينا ولا أبعد أن نُصيبُهم بما أصاب من قبلهم، كذلك سنة الله -تبارك وتعالى- في هذا الوجود وفي هذا العالم .
يقول سبحانه (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)) يقول جلَ جلالهُ (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) [فاطر:43]، (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) [فاطر:43]، يَقول جل جلاله وتعالى في علاه. يَقول سبحانه (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) [فاطر: 42-44]؛ فأخرج هَيبة َغَير الله مِن قَلبك، أخرج خَوف غَير الجَبار الأعلى من قَلبك؛ المُلك مُلكه والسَماء سَماءُه والأرضُ أرضهُ، (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [ٱل عمران: 196-197] كما قال جَلَّ جلاله وتكررت الآيات في ذلك؛ فَخذْها وصَفِّ بها قَلبك وضَميرك، ولا تَعِش على مَرض وعِلّه فيك؛ تَهابُ غَير الله، تَخاف غير الله، تستكبر غير الله سُبحانه وتعالى؛ فهو الكبيرُ وهو العليُ وهو القديرُ جَلَّ جَلاله وتعالى في علاه.
(إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ (9)) ومن أهلِ التفسيرِ، مَن جَعل الضَمير في (لَهُ) للنبي ﷺ، وهذا قد بُيين في آية أخرى ومساق الآية أن المُراد بهِ القُرآن وفي الآية الأخرى يقول الله لِحَبيبه (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة :67]، ولما نَزلت الآية جاء للحرس الذين حواليه قال انصرفوا عني فقد حرسني الله، عَصمني الله جلَّ جلاله وتعالى في علاه وهكذا، وانصرف الحرس ولاحظ ﷺ في الليالي بَعد ذلك من يقوم عند بابه، فناداه قال: "ألم أقل لكم انصرفوا"، قال: يا رسول الله ما جلستُ بنية الحراسة ولكني خادمك هنا وقلت إن نابك شيءٌ في الليل أكون أقرب أُمَتك إليك. وجاء في صحيح مسلم أنه ﷺ قال له: "فسَلْ ما تشاء"، قال: يا رسول الله كُنا في جاهلية وشر، فآتانا الله هذا الإيمان وأرسلك إلينا، فماذا أطلب بعد ذلك؟ ماذا أطلب؟ أنا في أكبر نِعمة، قال: "فسَلْ شيء"، قال : إن كان لابد أن أسأل، أسألك مُرافَقَتَك في الجَنة إني أسألك مرافقتك في الجنة. قال: "أو غيرها؟ "، قال :هو ذاك، قال: "أو غيرها؟ "، قال: لايوجد غير هذا، مرافقتك في الجنة. قال: "فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ"، الله أكبر- "فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ"، صلى الله عليه وعلى ٱله وصحبه وسلم.
قال تعالى: (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)) أما من سَبقت عليهم الشَقاوة فلن يهتدوا (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) [النور:35] وعلى كل مؤمن بالله أن يعمل الأسباب في هداية الناس ويتمنى لهم الهداية، وإلا هو وهم تحت أمر قاهر قادر جبار، لا نستطيع نهدي أنفسنا ولا غيرنا؛ ولكن نتسبب في الهداية وحسن البيان والدعوة إلى الله تبارك وتعالى بكل ما أُوتينا من قوة والأمر له، ومن سبقت عليه الشقاوة فلا يَتأتى أن يُؤمِنوا ولو جَاءتهم كل آية (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) [القمر:2] كما قال الله.
قال الله: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ) من أبواب السماء، (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14))، قيل المراد به الملائكة أمام عُيونهم يُشاهدونهم يَصعدون ويَنزلون من السماء ويَصعدون على تِلك السلالم والباب. (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)) وقيل: لو أصعدناهم هم نحو السماء ليروا آياتنا؛ (لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا .. (15)). وبعدين ما يُؤمِنون حتى (فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14))، قالوا: ما ندري ماذا حصل لنا ؟ (إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) بِمعنى: أنهم أُغشيت وأُريت شيء غير واقع وغير حقيقة؛ وسُدت عن الحقيقة وظهرلها خيال.
(سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15))؛ هذا إلا سحر، وقد كان في الواقع الذي حَصل أن طَلبوا من نبينا انشِقاق القَمر فانشق القَمر بقدرة الله لنبيه ﷺ، قال تعالى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ*وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) [القمر:1-2] ما نفعهم ذلك؛ إذًا فنحن على يقين بالحق الذي بُعث به محمد، ونحمد الله على هذه المِنّة، ونسأل الله أن يُثبتنا ويتوفانا مؤمنين، وعلى يقينٍ أن علينا تكليفاً وواجبًا في الحياة أن نستقيم على منهج الله وندعو الخلائقَ إليه ونلقى الله على ذلك. وأنه سَيهدي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاء؛ ويُسبب هداية من يشاء، وأن على ظهر الأرض من الفُجار والكُفار من لا تنفعهم الآيات ولا العلامات ولا البيانات ولا النصائح ولا التذكير ولا كل شيء والعياذ بالله تبارك وتعالى.
(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15)) والعياذُ بالله جَلَّ جلاله، فما يفيدهم شيء ولا ينفعهم شيء، فلا نَهتز لِوجود أحد منهم، عِندنا خَبر من قِبَل القادر الحكيم عن كُل هذه الحوادث وعن كُل هؤلاء المُحَدثين، وعندنا خبر عن الغاية وعن النهاية، وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولقد سبقت كلمته لعباده المُرسلين (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ) [الصافات:172]، قال ربي: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) [الصافات:173]، (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص:83]، أمرٌ لا شك فيه ولا ريب ولا وجل ولا ارتياب قط قط قط، فلنثبت على يقيننا وعلى إيماننا "والله لَيَتِمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، والذيب على غنمه، حتى لا يَبقى بَيتُ حَجِرٍ ولا وبرٍ ولا مدرٍ إلا ودخله دين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم".
(فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ) [ابراهيم:47]، هكذا يبين لنا ربُنا الحق جل جلاله وتعالى في علاه، رزقنا كمال الإيمان واليقين، وألحقنا بعباده الصالحين، وجعلنا من المتأملين لآيات القرآن والمُدركين لمعانيها والعاملين بما فيها، وثبتنا على الاستقامة، واتحفنا بالكرامة، وفرَّج كروب أمة النبي محمد، ورَزقنا كمال اليقين. اللهم رقنا على مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين برحمتك يا أرحم الراحمين، وانشر بنا هَدي نبيكَ في جميع الأقطار وادفع عنا شر الكُفار والفُجار والأشرار واكفنا شر ما يأتِ به الليل والنهار واغمرنا بفائضات الجود وأسعدنا بأعلى السُعود يا بر يا ودود واختم لنا بأكمل الحسنى وأنت راضٍ عنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم صلِّ وبارك عليه وعلى آله
22 ذو القِعدة 1443