(575)
(536)
(235)
الدرس الخامس والعشرين من تفسير العلامة عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة محمد، ضمن الدروس الصباحية لشهر رمضان المبارك من عام 1444هـ ، تفسير قوله تعالى:
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}
- حال من أراد التصدي للحقيقة ونتيجة ذلك
- خصوصية الإيمان بالله وبالنبي محمد ﷺ
- ثمرة الإيمان وما يصدر عن أهله
- مصير الفريقين الحتمي
- قتل الملائكة للمشركين في بدر
- نزول عيسى ابن مريم عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج
- علامات الساعة الكبرى
- حال الذين قتلوا في سبيل الله
الحمد لله مُكرمنا بالقرآن والتنزيل، وبِعثة عبدهِ خير معلمٍ وهادٍ ودليل، سيدنا محمد الهادي إلى سواء السبيل، صلّى الله وسلّم وبارك وكرّم عليه وعلى آلهِ وصحبهِ ومن ولاهم ومضى على مِنهاجهم في النية والقصد والفعل والقيل، وعلى آبائه وإخوانهِ من الأنبياء والمُرسلين أهل مراتب التكريم والتشريف والتفضيل، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المُقرَّبين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، عدد خلقك ورضى نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك.
أما بعدُ: فإننا في نعمة تأمُّلنا لكلام ربنا وخطابه وتعليمه، ابتدأنا نتأمل بعض معاني سورة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وقد تُسمّى بِسورة القِتال، وهي مُسمّاةٌ باسم سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ويقول سبحانه وتعالى فيها في بيانِ حقيقةٍ قد تخفى على كثيرٍ من الذين لهم قِصَر النظر في الأمورِ وعدم امتدادِ النظر إلى العواقب: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)}، أربابُ الكفر والصدِّ عن سبيل الله، وقابلَ (صدوا عن سبيل الله) عند المؤمنين بقولهِ: {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ..(2)} فكان الصدُّ عن النبي محمدٍ هو الصدُّ عن سبيل الله جلّ جلاله، ولبعض أهل التفسير في قوله تعالى: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا…} [الأنعام:153] أنه هو صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم {..فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ..} [الأنعام:153]، ثم هو الهادي بل أكرمُ الهُداةِ من الخلقِ إلى الصراط المستقيم، بقول ربهِ العظيم الرحمن الرحيم له: {..وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى:52] صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
يقول: {الَّذِينَ كَفَرُوا..}؛ أرادوا تغطية الحقيقة من معرفة قدر الربوبية والإذعان للإله الحق بالخضوع والتوحيد والإجلال وامتثالِ الأمر، أرادوا كَتْم هذه الحقيقة، وتَنَكَّرُوا للواقع وتَنَكَّرُوا للحقيقة القائمة؛ أنهم مخلوقون، لهم خالق عظيمٌ حكيمٌ يتصرّف في شؤون الوجود والكون، وأمورهم كلها مُقدّرة من قِبلهِ لا من قِبل أنفسهم ولا من قِبل أحدٍ سواه، ولكنهم مع ذلك يكفرون ويريدون تغطية هذه الحقائق، فهم بالنسبة للحقيقة كمن يريد أن يُغطّي نور الشمس وهو على ظهر الأرض بِمنخلةٍ معه يأتي بها ويُقدّمها نحو الشمس، لماذا؟! قال: حتى لا تظهر الشمس؛ الشمس ظاهرة وأنت ومنخلك هذا تؤول إلى جنون وإلى مضحكة وهزو ولعب! وكذلك كل الكفر من إلحادٍ وكل كفر من تكذيبٍ بما بُعث به رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- قائم على مثل هذا. وأعمالهم كما ذكر الحق سبحانه وتعالى في الآية الأخرى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً..} [النور:39]، فما هي إلا تخييلات؛ تصويرات، ولهم دراسات مستفيضة طويلة في النفس الإنسانية، وكيف يُخيّل لها الأمر وكيف يُصوّر لها، وكيف تُستجلب، ويعملون على ذلك وإبليس معهم؛ ليضحكوا على العقول وليُصوّروا الأمر على غير ما هو عليه، {..كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً..} [النور:39] مجرد ظن وحسبان أنه ماء، وفي الواقع ما هناك أي ماء! ولكن يراه ماء، يقول انظر ماء كثير، كثير هيا رُح.. يجيء إلى عنده ما يجد ماء {..يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ…} [النور:39].
{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ..} صدّوا عن سبيل الله في أنفسهم، صدوا أنفسهم، لمَ؟ لأن عندهم فِطَر تدلهم على إلهَهُم وعظمته ولكن هم يغطون هذا، فهم يصدّون أنفسهم عن سبيل الله -جل جلاله- طريقه الذي ارتضاه، وبيّنه على أيدي رسله صلوات الله وسلامه عليهم. يصدّون عن سبيل الله: فيصدّون عن محمدٍ، وعن محبته، وعن التصديق به وعن اتباعه -صلى الله عليه وسلم-. يصدون عن سبيل الله، فيصدّون بذلك عن طاعة الله، وعن الإيمان بالله، وعن توحيد الله، فيصدّون عن سبيل الله، طريقه الذي اختاره لعباده إيمانًا وعملًا صالحًا، يتلخّص الطريق في الإيمان والعمل الصالح. يقول: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ..}، ثم أيضًا منهم من جاوز ذلك بأن حاول صدّ غيره، يصدّ غيره عن سبيل الله -تبارك وتعالى- ويبعدونهم عن النبي محمد وعن الإيمان به، وبما جاء به صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ..}، الخلاصة في نتيجة ما يحصل منكم لهؤلاء؛ {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، والأمر الضال: المفقود المعدوم الضائع، الذي ما له يد تقوم عليه، ولا حافظ يحفظه، ولا راعي يرعاه. {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} ضلال أعمالهم هذه وحبطها، أولًا: كلما كادوا وتحيّلوا به ومكروا ليقتلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو يؤذوه وما إلى ذلك، أين راح؟! {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] وحاولوا أعمالهم في الترتيب، عشرة شبان يضربوا ضربة رجل واحد، وأين راح؟! {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}. بعدين متابعة في الهجرة ما كان في الطريق هذه، وفى الطريق هذه، وفى الطريق هذه، وإعلان للقبائل، ولما وصلوا فوق الغار وهو وسط الغار، وراحوا وخرج من الغار ووصلوا المدينة، وأين الأعمال حقهم هذه؟! ترتيبات وإعدادات وإعلانات ودعايات وبذل وأموال، ومئة من الإبل لمن دلّ عليهم، لمن أحضرهم، لمن قتلهم مئة من الإبل، وهو وصل إلى المدينة، وقالوا:
طلع البدر علينا ** من ثنيات الوداع ** وجب الشكر علينا
والأعمال هذه أين راحوا؟! {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} لا إله إلا الله! وجاءوا يوم بدر، وقالوا تسمع بنا العرب بكل مكان، ويعلمون أننا أهل قوة، وإذا هرب محمد وأصحابه سننحر ونغني بالقانيات ونشرب الخمر، ويتسامع بنا العرب، والذي قال هذا الكلام بعد قليل هو قُتل، وجماعته وكبار الزعماء، أين العمل هذا كله؟! {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
بعد سنتين جاءوا عشرة ألف مقاتل إلى المدينة المنورة، النبي حفر الخندق من جهة، وجهة فيها اليهود، وبعد ذلك وبدأت الخيانة من اليهود والعشرة آلاف وبيستأصلوا والنبي والصحابة كلهم والمقاتلين، (رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا).. وروّحوا، أين العمل هذا كله والحرب؟ {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}. وهكذا كل الكائدين للإسلام وللدين إلى يومنا هذا أضل الله أعمالهم. دين الله الإسلام على ظهر الأرض يزيد أو ينقص؟ يزيد، الله أكبر! يظهر أو يستتر؟ يظهر، عجيب! والكيد الكثير الطويل العريض وإبليس وجنده ويهود ونصارى، ومؤتمرات وعقدوا جلسات وأنفاق، وإنفاق أموال ودراسات طويلة عريضة هنا وهنا، ومخابرات وتتبعات وأجهزة.. أين تروح؟ {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.. {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
المنطقة هنا عندنا جاءت الشيوعية وقفّلوا أماكن العلم، ومنعوا التدريس حتى (أ، ب، ت، ث…) إلا في مدارسهم وما عملوه، ويقول قائل: خلاص ما عاد تقوم قائمة للدين، والآن صار أيضًا محل لأن يوفد منه أقطار العالم، وأن يُتلقى فيه العلم، وينتشر العلم منه إلى هناك، وين العمل هذا كله؟ {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}. ثم ضلال آخر، يعملون لا لله، فمن الذي سيحفظ لهم أعمالهم؟ الضال ضال، ضروري يكون ضال ضائع، لأنه ما أحد غير الله الذي يمكن يحفظ العمل للعامل! هو ولا حزبه ولا جماعته؟! من بيحفظون العمل هذا له؟ ويراعون وصول ثمرته ونتيجته والمكافأة عليه من أين بتجي؟ لا يعملون لوجه الله ولا يؤمنون بالله ولا يريدون وجه الله وبعدين يريدون…!
والأغرب والأعجب أن بعض أهل الغفلة وأهل قِصر الوعي والعقل يقولون المفروض كل واحد يحصّل له نصيبه، حتى يريدون يقسموا الجنة على من يشاؤوا ولا يخصّوها بالمؤمنين، قل: الله تعالى هو الذي يُثيب، ويثيب بفضله، لا بإيجاب أحد عليه، وشَرَطَ لإثابته: الإيمان، وقال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ" فهذه جنة الله وهذا حكمه فيها، أنت صلّح لك جنة ورُح ادخل أنت وإياهم فيها! تعرف جنة؟ رُح أنت وإياهم وادخل فيها!، إن كان أنت تحبهم وهم يحبونك ويعملون لك ولا تعمل لهم صلّحوا لكم جنة! أما هذه حق ربّي الذي خلقها وحَكَم أن لا يدخلها إلا مؤمن، ايش معكم بتعملون إيش؟ بتتحكمون على من أصلًا؟ والذي نفسي بيده يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ"، "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُوا". قالوا: لا، إلا ضروري كلهم يدخلون! صلح لك جنة وأدخل نفسك فيها ومن شئت! أمّا جنة ربي ما يدخلها إلا من أذِن له الله -جلّ جلاله- ولا يدخلها إلا المؤمنين، اللهم اجعلنا منهم، وزِدنا إيمانا.
{..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}، إذًا كيف يكون لهم ثواب حَسَن في الآخرة على شيء من الأعمال الصالحة؟ وما عملوها للّذي يُثيب، والذي يتفضل بالثواب في الآخرة أصلًا! لو كان حتى صورة أعمال صالحة من الدين والإسلام وقُصِد بها غير وجهه يُحبطها وما تنفع أصحابها، فكيف هذه الأعمال؟! من أين تنفع؟ {..أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} ما لهم حسنة أصلًا! وكُفرهم غطّى جميع حسناتهم، كُفر وسيئات فوق الكفر، ما عاد يبقى للحسنة ذكر {..فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف:105]. {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)}
{وَالَّذِينَ آمَنُوا} اللهم اجعلنا منهم وزِدنا إيمانًا بكل آية نقرأها، وبكل مجلس نجلسه، وبكل صلاة نصليها وبكل عملٍ صالحٍ نعمله، زِدنا إيمانًا. وسيأتينا في السورة نفسها قول ربنا: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)}.
يقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..}، إيمان صادق يؤثر على صاحبه في اتخاذ القرار في الاختيار، يضبط نفسه، يضبط قلبه وجوارحه بسبب هذا الإيمان؛ هذا الإيمان الذي يتبعه العمل الصالح هو النافع المفيد، {..آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ} الذي نُزّل على محمد يشمل التصديق بجميع الأنبياء والمرسلين، وجميع كتب الله، وجميع ملائكة الله، ولكن نصّ عليه، كان يكفي الذين آمنوا وعملوا الصالحات كما جاء في آيات كثيرة {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وبس! قال: {..وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ..} واعتناء بشأن الحبيب وتعظيم له، ولمعرفة أنه الجامع لمعاني الإيمان واليقين كلها -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، وأن الإيمان به خلاصة عن كمال الإيمان، وأجمع أهل الملّة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن من ادّعى شهادة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه ولم يؤمن أن مُحَمَّدًا رَسُولُ الله فهو كافر مخلّد في النار، لأنه ما تصح حقيقة شهادة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه إلا بالشهادة لمحمّد أنه رسول الله. كما أنه ما يُمكن أصلًا واحد يقول أنا أصدّق أن محمد رسول الله لكن ما أصدق أن لا إله إلا الله! ما صدّقت بمحمد هذا لا يمكن، وهذا لا يمكن تمامًا! لا هذا يمكن من دون هذا ولا هذا يمكن من دون هذا، لا إله إلا الله محمد رسول الله مترابطتان.
{وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} الله أكبر! حق ومصدره الحق، مصدره الحق الأعلى هو والقرآن الذي نزل عليه؛ مصدرهم الرحمن -جل جلاله-، فهو المصطفى المجتبى المختار المنتقى من قِبل الله، المفضّل المقدّم على كل من سواه من قِبل الله، ما قدّم نفسه بنفسه، ولا قدّمه ملائكة، ولا قدّمه أنبياء، فضلًا عن يقدموا غيرهم من الإنس والجن والبشر؛ الله قدّمه، الله فضّله، الله اصطفاه، الله اختاره، الله عظّمه، الله جعله إمام الكل -صلى الله عليه وسلم- الله أكبر! {..وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ..} الله أكبر حق جاء من الحق جلّ جلاله وتعالى في علاه.
هؤلاء {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ..} بأنواع التكفيرات التي أشرنا إلى بعضها {..وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)} موضع تفكيرهم الذي يفكرون، عبارة عن العقل والقلب إذا صلح؛ كل شيء صالح في الإنسان، "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجَسدِ كله"، {..وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} فكرهم صافي نظيف، وبواطنهم نقية زاهية بالسرور والأنس والحبور والطمأنينة {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} فحينئذٍ ما يصدر عنهم إلا العمل الصالح والقول الصالح والنظر الصالح والسماع الصالح..ا لله أكبر.
يقول الله هذا المصير الكبير لهذا الفريق ولهذا الفريق، لماذا يا رب ما الحكمة والسبب؟ قال: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ..} الكفر، المعاندة لأمر الله ورسوله، إبليس العدو وما يلقِيه من وساوس هذا الباطل؛ والباطل أمر لا وجود له في الواقع والحقيقة، الباطل في الحقيقة ما له وجود ويُدّعى، هذا هو الباطل، بخلاف الحق؛ الحق أمر لازم ثابت واقع في الحقيقة. فإبليس وما يدعو إليه باطل {ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ..} وإلى أين مرجع تشريعاتهم وقراراتهم؟! إلى أين مرجعها؟! أهواء ونفوس وشياطين، {..اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ..} وهو الحق من ربهم، اتبعوا محمد اتبعوا القرآن الذي أنزل عليه من قِبل الله تعالى.
{..كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3)} ومن أعلم بالناس من رب الناس وخالقهم؟! وهو يضرب المثل لهؤلاء هذا باطل وهذا حق، ولا يمكن أن يستوي الحق والباطل أصلًا، {..وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ..}، يقول: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ..} اللهم اجعلنا منهم، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:257] فالحمد لله على نعمة الإسلام، اللهم زِدنا إسلاما، وقوِّنا في الإسلام وثبّت أقدامنا عليه حتى تتوفّانا مسلمين.
يقول: {..كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} ويضرب مثل فريقين لجميع الناس، ويضرب لكلٍّ من الناس مَثَله، فيقول الله تبارك وتعالى ما دام الأمر هكذا فلِحكمتي التي خلقتكم وخلقت هذا الوجود لها، أختبركم وأبتليكم، ولابد يكون لكم يا أهل الحق من مُناوئ، ومن معاند، ومن صاد، ومن مضاد، {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا..} أي: الصنف المقاتل منهم لكم في صدّهم عن سبيل الله وعنادهم لأمر الله يقاتلونكم، فإذا كان ذلك متى ما لقيتموهم فقوموا بأمر الله تبارك وتعالى فإنهم باطل قائم على باطل أعمالهم ضالّة، فأنتم أقيموا أمر الله الحق فيهم بدعوتهم إلى الحق، فإن أبَوا إلا القتال فقاتلوهم {..فَضَرْبَ الرِّقَابِ..}، {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ..} أي: اعملوا على إزاحة ذلك الباطل {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} [التوبة:12]، خلاف لو واحد صال عليك من دون قتال في الدين؛ ولكن اعتدى عليك وصَال، تبدأ بالأخف فالأخف، أول أخف بعدين بعدين..، فإذًا ما تبدأه، لكن هؤلاء مباشرة الرقبة، عليك بالرقبة، {..فَضَرْبَ الرِّقَابِ..} لأن قمة الكفر وإمامته هو المضادة والمصادّة، وهنا الأمر ما يحتاج إلى هوادة ولا إلى تراخي ولا إلى تكاسل؛ يحتاج إلى حزم وإلى إبادة للباطل والضلال الصادّ عن سبيل الله تعالى.
{..فَضَرْبَ الرِّقَابِ..}. ولهذا قال للملائكة وأذِن لهم في بدر أن يقتلوا بعض المشركين، يقولوا كيف نقتلهم؟ بالطريقة التي يقتلوا بها يعني {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْب…} [الأنفال:12]، قالوا: كيف تقتلهم؟! قال {..فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:12]، وقالوا: كنا نفرّق بين قتلانا وقتلى الملائكة بسوادٍ في رقابهم وعلى مفاصلهم؛ فنعرف أن هذا من حق الملائكة، وإن كان الرجل من سادتنا الصحابة يهوي بسيفه على الكافر فتنقطع رقبته ويقع قبل ما يصل سيفه إليه، ويصير قتيل أمامه، لا إله إلا الله. قال: {..فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:12-13].
قال: {..فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ..} أثخنتموهم: استَحرَّ فيهم القتل فذلّوا وخضعوا، يقول الحق تبارك وتعالى: {..فَشُدُّوا الْوَثَاقَ..}، إذن وقت الأسر الآن، أي: لا تستفحلوا في القتل؛ القتل من أجل إبطال سَورَة الكفر والباطل، فإذا أبطلتم هذه السَورة بكثرة القتل فيهم فخضعوا وذلّوا ارجعوا إلى الأسر، ثم قال: {ما كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ..} [الأنفال:67] يعني حتى يذلّ أئمة الكفر والدعاة للضلال المعارضين المضادّين، إذا قُمعت رؤوسهم، فالآن الأسر. {..حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ..} ما يوثقون به، يُقيَّدون به، يعني: صلّحوا قيد مُحكَم حتى لا يتفلّتون ولا يروحون؛ لأن الله يحب الإتقان في الأمور، {..فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً..}، بعد أن تثخُنوهم وتأسروا من تأسروا منهم، فالأسرى أمرهم إلى إمام المسلمين، إمّا يمنّ عليهم أي: يُطلقهم بلا مقابل، كما فعل صلى الله عليه وسلم في كثيرٍ من الأسرى، وإما يُطلقهم بفداء بمقابل يسلمونه له؛ إما مال وإمّا أسرى آخرين عند الكفار يأتون بهم مقابل هذا، وهذا أيضًا فعله صلى الله عليه وسلم، وإمّا أن يقتلهم إذا أراد، وإمّا إذا رأى مصلحة الدين وضرورة الحفاظ على الدين وكفّ الشر أن يُقتلوا، فيُقتلوا وإلا يضرب الرق عليهم ويجعلهم أرقّاء مملوكين، {..منّا بعدُ..} إمّا بفداء أو بغير فداء.
{..حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا..} أثقالها وأحمالها، يعني: يستمر بكم ذلك الجهاد إلى أن تضع الحرب أوزارها، ففي كل بقعة ومكان دَانَ أهله بالإسلام أو سَالَموا وسلّموا الجزية، أو كفّوا عن أذى المسلمين وفَسحوا المجال للدعوة إلى الله تعالى، هنا لا قتل ولا أسر، ولكن هذا ما يكون على العموم؛ لكن في الأماكن التي تم فيها الاستسلام، ولا يكون على العموم إلا بعد نزول سيدنا عيسى بن مريم، {..تضع الحرب أوزارها..} كيف؟! يسلِم أهل الشرق وأهل الغرب ولا يبقى أحد غير مسلم يُضاد ولا يُعاند ولا يصدّ ولا يؤذي ولا يُمنع أبدًا، هذه أيام عيسى بن مريم -عليه السلام- خلاص {..تضع الحرب أوزارها..}.
وعليه يُحمل ما جاء في الروايات من أنه: الجهاد فريضة ماضية، حتى يُقَاتِلَ آخر أمّتي الدجّال، هذا قبل نزول سيدنا عيسى، وعند نزول سيدنا عيسى ويكمّل الجهاد، خلاص تبقى الأرض كلها محكومة بشريعة الله -تبارك وتعالى- سواءً قارة آسيا التي نحن فيها أو قارة أفريقيا أو قارة أمريكا أو قارة أستراليا، أو قارة الشرق أو الغرب، كله العالم لا يبقى فيه من يرفع رأسه ضد الإسلام أصلًا، ويُحكم بحكم الإسلام، ويتحقّق ما قال صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى بيتَ مدرٍ ولا حجرٍ ولا وبرٍ إلا ودخله دين أبيك" -يقول لفاطمة- "إلا ودخله دين أبيك بذلِّ ذليلٍ أو بعزِّ عزيزٍ"، فيدخل دين الله في كل بقاع الأرض، هناك {..تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا..}.
يعيش الناس في أيام سيدنا عيسى ابن مريم، والإسلام يحكم الشرق والغرب، تُخرج الأرض بركاتها، ولكن لمّا كانت الدنيا محل التكدير والتغيير وعدم استقرار، أيضًا
الحمد لله عاد الشمس ما طلعت من مغربها، والتوبة مقبولة والرحمة نازلة، الله يكرمنا بالإقبال الكلي عليه والقبول لديه.
{..فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا..}، قال الله: هذه حكمة منّي، وأنا لو شئت ما أحتاج أحد يُقاتل ولا يُجاهد، ولكن يقول الله سبحانه وتعالى: {..ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ} ما قال ولو شاء، {وَلَوْ يَشَاءُ} يعني حكمة مستمرة دائمة {..وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ..} يُهلكهم، يُوقفهم، يزلزل بهم، يخسف بهم، ينزل عليهم صاعقة، بأي شيء وينتهون؛ {..وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم..} يختبركم -سبحانه وتعالى- حتى الأنبياء، قال: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:146-148]، {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..} [النساء:134]، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمِرِنَا وَثَبِّتَ أَقدَأَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرين} [آل عمران:147].
يا ربنا ندعوك في خواتيم رمضان ربّنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
ربّنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
ربّنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
في كل لحظةٍ أبدا عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك.
{..وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}، قال: سأحفظها لهم أنمّيها، أعطيهم أجورها، أثيبهم عليها إلى الأبد، الله أكبر! {..فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} صاحب الملك قال سأحفظ هؤلاء، وسأحفظ أعمال هؤلاء، وسأجزيهم على كل حسنة وعلى كل طاعة وعلى كل خير جزاءً أبدي؛ بما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، هو الذي يحفظ الأعمال -جلّ جلاله- {..فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} كما سيأتي الكلام عنهم فيما أعدّ الله لهم.
اللهمّ اربطنا بسيدنا محمّد، ثبّتنا على قدم سيدنا محمّد، واحشُرنا في زمرة سيدنا محمّد، وارزقنا في أنفسنا وأهلينا وأولادنا وأهل ديارنا ومن حوالينا وأهل زمننا نصرة سُنّة النبي محمّد، وإحياء سُنّة نبيك محمّد، والعمل على مسلك نبيك محمّد، والسير في دربه حتى تسقينا جميعًا يا ربّنا من شُربه برحمتك يا أرحم الراحمين. وفرّج كروب أمّته، واجعلنا في أنفعهم وأبركهم عليهم، وانفعنا بهم عامّة وبخاصّتهم خاصة، وادفع الفتن والمحن والبلايا والأذايا والحروب والشدائد عنّا وعن أهل السودان وعن المسلمين، واحفظ على المسلمين في السودان أموالهم وأعراضهم ودمائهم، وادفع الشرور والآفات والفِتن عنّا وعنهم وعن المسلمين في المشارق والمغارب.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
آخر إثنين لكم في رمضان وعرض العمل على الرحمن جلّ جلاله وتعالى في علاه. بارك لنا في خواتيم شهرنا وأصلح جميع أمرنا، وبدِّل عسرنا بيُسرنا، وتولّنا في كل ما نأتي ونَدَع، وارفعنا فيمن ترفع برحمتك يا أرحم الراحمين، كُن لنا في كل حركة وسكون، واجعلنا مِمّن يهدون بالحق وبه يعدِلون، والحمدلله رب العالمين.
26 رَمضان 1444