تفسير سورة الملك من قوله تعالى:  {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }، الآية: 25
للاستماع إلى الدرس

تفسير الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة، من سورة الملك من قوله تعالى:  (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)، الآية: 25 إلى نهاية السورة.

نص الدرس مكتوب:

(وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ (30))

الحمد لله مولانا الكريم الرحمن، مُكرمنا بإنزال القرآن، وإرسال عبده المجتبى المصطفى سيد الأكوان، الذي ختم به النبيين والمرسلين، وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس في العالمين، اللهم أدم صلواتك على أسعد مخلوقاتك خير برياتك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه مَن استمعوا النبأ عنك على لسانه، واستبانوا حقيقة ما أرسلته به إليهم ببيانه، فشربوا من حالي حانه، وطرِبوا بطيّب ألحانه؛ فكانوا في الأمة صفوة، وللأمة قدوة، وصلِّ معهم على مَن تبعهم بصدقٍ وإخلاصٍ وفتوّة، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الذين رفعتَ لهم القدر على السّوى في كل مظهر وخلوة، وعلى آلهم وصحبهم والملائكة المقربين وعبادك الصالحين من كل ذي مرآة قلب مجلوّة، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، يا واهب المواهب، ومعطي العطايا الجزيلات الكبيرات، لأهل صدق الوجهات، واجعلنا منهم يا مجيب الدعوات.

وبعدُ،،،

فإننا في نعمة تفضّل الله علينا بعمارة بُكرات وغدوات خواتيم رمضان، بهِ تأمُّل القرآن، انتهينا إلى أواخر آيات سورة الملك: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2))، وانتهينا إلى قوله: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (25)) وقلنا: 

  • إنَّ هذا متكرر في الأزمنة والأمكنة المختلفة، يُقَابَل به النبيون والدعاة إلى الحق. ويُقال: متى يكون هذا الوعد؟ ومتى يأتي هذا الوقت؟ 
  • وبيّن الحقُّ أنَّ الحكمة التي أرسل من أجلها النبين والمرسلين؛ لا تتعلق بتعيين الوقت وتحديده، ولكن بتبين حقيقة الواقع والأمر المقبل؛ ليستعد كلٌّ بما ينبغي له. 

وهكذا وذكروا عن -الشيخ البوطي عليه رحمة الله- أنه كان يضرب المثل فيقول: لو فرضنا أنَّ إنساناً كان في بيته مستقرًّا، نام في الفراش، فما استيقظ إلا هو في قطار يمشي وفيه ناس، يتأمل: ما هذا؟! فإذا جاء وسط القطار ورأى الناس يشتغلون ويلتهون، اشتغل معهم، فهل هذا الإنسان مجنون أو عاقل؟! 

كان عليه أولًا أن يفكّر الآن؛ ما هذا؟ إلى أين يمشي؟ وأين سيصل بنا؟ وفي أي طريق هذه؟ ومَن هؤلاء القوم؟ وما المراد منهم؟ مهما كان عنده عقل، لا يمكن أن يشتغل بما يشتغلون به أهل القطار ويمشي، دون أن يفكِّر؛ ما الذي أوصلنا إلى هنا أولًا؟ من أين جئتُ؟ وإلى أين سيذهب هذا القطار؟ إلى أي بلاد؟ إلى أي مكان؟ إلى أي بقعة؟ إلى أي حال؟ فلابد أن يكون منشغلا ومنزعجا، حتى يعرف ما الذي أوصله إلى هنا؟ وإلى أين يراد به؟! وإلى أين سيصل؟ وما نتيجة الركوب في هذا القطار؟! 

فلو كل أحد من هؤلاء البشر وجد نفسه في قطار الحياة الدنيا، ووصل! فكِّر؛ من أين جئت؟ ولماذا؟ وإلى أين تمشي؟ ليس فقط أن تشتغل بما يشتغلون به الناس  وتمشي؛ (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ) [الانبياء:1]. 

قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ) -في الحقيقة- (نَذِيرٌ مُّبِينٌ (26))، وضرب الحبيب ﷺ المثل بمُخْبرٍ أخبر قوماً وقد جلسوا في مكانٍ في سفرهم، يقول لهم: وراءكم هنا جيش مقبل، إن بقيتم هنا يجتاحونكم ويأخذون ما عندكم، فامضوا من هذا المحل إلى محل أمان -ابعدوا من هنا-، قال: فمن صدقه منهم مضى ومشى وسلِم ونجا، ومن جلس ولم يمضِ، أقبل عليهم الحيش واجتاحهم وقتَّلوهم، وهكذا إنذاره عليه الصلاة والسلام؛ (وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا) [آل عمران:103].

(قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً) -معاينةً قريبة ومقابلهم- (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27))؛ وهكذا ندامات كل مَن ركب الغيّ والطغيان، إذا رأى النتائج يسوء وجهه، ماذا ينفع؟ وهكذا كل من ارتكب الذي عاقبته الندم بِغيِّهِ ولَجَاجِهِ وشهواته فإنه يصير هكذا، وهذا هو القول الصحيح الحق، فقد يختل تفكير الإنسان وعقل الإنسان ويمشي في غير النمط الصحيح الفطري العقلي؛ كيف يقول؟ يقول: أشتهي هذا الأمر، ولو كان يكون بعده ما يكون، هذا ليس منطق عاقل، ليس منطق عاقل، بل العاقل يقول؛ قبل أن تقْدم على الأمر، أدِر الفكر في عواقبه، أدِر الفكر في نهاياته، إلى أين تصير؟! ولكن هذا كما قالوا مرة من المرّات لبعض الناس وقد كان يحاول أن يصل للرئاسة في منطقته، قالوا: انظر الى الرئيس الذي قبلك قُتل، والرئيس الذي قبله قُتل، قال: أشتهي الرئاسة حتى يوم واحد ، انظر هذه الرغبة الجامحة، يوم واحد، وبعد ذلك ما النتيجة؟! وأنت في اليوم الواحد هذا تبقى مسؤول على كذا كذا من الناس، والله سؤالك عن أهل بيتك وأولادك يكفيك، زيادة على ذلك تسأل عن هؤلاء كلهم!.

 سيدنا عمر بن عبد العزيز ينتفض على فراشه تقول زوجته: ما لك؟، يقول: تذكّرت جوع الجائع وضمأ الظامئ، وتذكّرت أن تعثر الدواب أو تَظِل وأنا مسؤول عنها، أتأذنين لي أن أقوم و أدعو ربّيِ؟ تقول له: قم، يقوم ليلهُ ويبكي طول الليل -رضي الله تعالى عنه- وهكذا.

ومنه كذلك ما يبثونه بين بعض العامة والبادية من الكلام الفارغ ويقول لهم: اعمل ما شئت، وإذا صِرت بعد ذلك في الحفرة، يفعل بك ما شاء، كيف هذا؟! استهانة؟! عدم خوف من الله؟! استخفاف بالمرجع إليه! هذا طريقة باطلة في التفكير، وفي النظر ولكن (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (27))، هذا الذي كنتم لا تُبالون به، هذا الذي كنتم تُنكرونه، هذا الذي كنتم تدّعون على أنفسكم به، هذا الذي كنتم تتطلّبونه بأعمالكم (هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ).

ويتابع الحق، يقول: إنّ من طريقة الفكر الغريب المنحرف الذي يطرأ على كثير من الناس؛ أنه فقط يتمنى هذا يموت، وهذا يُبعَد، وبعد ذلك؟! يُكلّمك عن مهمة في الحياة خُلقتَ من أجلها، وعن مصير تصير إليه، ما الذي يفيدك أمام إضاعة الأمر الذي خُلقت من أجله؟ وعدم الاستعداد للمصير؟ ما يفيدك أن هذا مات، أو هذا  ذهب، أو هذا جاء، أو هذا طلع، أو هذا نزل!  

فصار كثير من الكفار يتمنى موت النبي والصحابة الذين معه، يقول الله: فكّروا تفكيرً صحيحًا، فكروا صح، ماذا يفيدكم إذا مات رسولنا ومن معه من المؤمنين؟ ما الذي يخلصكم من عذابنا؟ أرسلته لكم لتتخلصوا من العذاب، لتنقذوا أنفسكم، فماذا يفيدكم؟ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ) -يعني أماتني- (وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا) فأخّر آجالنا إلى أجل، سواء هذا أو هذا.

  • (فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) ما الذي سيخلصكم مما حدثتكم عنه؟ -وهو حق وصدق- أما أن أذهب أو أصحابي يذهبون، ما الذي سيخلّصكم أنتم؟ خلّصوا أنفسكم! ليس في هذا حل، هذه أمنية باطل من النفس  الأمّارة لن تفيد صاحبها بشيء
  • (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)) فمن الذي يقيكم هذا الوعيد؟ من الذي يُسلّمكم من الويل؟ من الذي يُسلّمكم من الآفات المقبلة عليكم؟ 
  • (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ) -يحمي ويحفظ- (الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) أعدّه الله لهم؟

 أنقذوا أنفسكم، اخرجوا من الكفر، آمنوا بالله -الذي خلقكم- وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى، هذه أسس الإيمان، وأصل الإيمان، ولا يفيدكم هلاك هذا، أو هذا (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) -سيموت كما غيره من الشعَّار- (قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) [الطور:30]، الله، وهكذا يقول: إذا وُضِعت قضية عظمى بين يديك أحسِن النظر فيها ولا يُلهيك عنها أمنيات، ويا ليت فلان ما جاء، ويا ليت فلان ذهب، ويا ليت ما حصل كذا، ماذا يفيدك؟ انظر في جوهر القضية، انظر في جوهر المهمة التي حُدّثتَ عنها. 

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا) ويُعبَّر عن الموت بالهلاك، كما أنه أيضاً؛ كل المؤمنين يخافون عذاب الله -وهم مؤمنون- فكيف حال الكافر إذاً؟ وهذا المؤمن يقول: (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ) -فعذّبنا على شيء مما عمِلنا- (أَوْ رَحِمَنَا) أو غفر لنا، لكن أنتم عندكم كفر كامل وشرك به، كيف تنجون منه؟ قال: (فَمَن يُجِيرُ) -من يمنع الكافرين- (مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28))، مؤلم شديد، الألم عذاب.. عذاب من ربِّ الأرباب -جلَّ جلاله- (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) [الفجر:25-26]، يقْدرون النّاس أن يعذبوا بعضهم بعضًا، ويتحاسبون على ذلك، لكن إذا المالك لهم -الخالق- أراد يعذبهم فعذابه شديد؛

  • (وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102].
  • (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) [البروج:13]، (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج:12]، لأن وصفه عظيم أصلاً: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) [البروج:13-16]، ومَن كان وصفه هكذا، كيف يكون بطشه؟ لا يطاق -اللهم أجرنا من عذابك في الدنيا- ولكن (يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ) [العنكبوت:21].

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)) وهكذا نجد بعض الذين يتضايقون من أهل الدين أو من أهل مسلك صحيح من مسالك الهدى، ماذا يقولون؟ يقولون أن في المنطقة هذه مازال فلان وفلان ولكنهم سيموتون قريبًا، قل: أحسنوا التفكير، انظروا في الأمور، إن مات هؤلاء أو بقوا، في أي مسار أنتم تسيرون؟ وبعد ذلك يموت فلان ويموت فلان؛ والأمر يتجدد، وأمر الهدى يتأكد؛ لأنَّ الله يحمي دينه ويحمي أهل الحق من عبادهِ في الأمم كلها وخصوصاً في أمة النبي محمد سيدنا ﷺ؛ 

  • (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات:171-173]. 
  • (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر:51] -الله أكبر-.

وهكذا يقول تعالى: قل لهم، ارجعوا إلى أصل القضية، نحن نعبد إله حق؛ 

  • (قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا (29)) لا تخوِّفوننا بشيء مما عندكم، ولا تظنون أننا نضعف ونقصر أمام مادياتكم أو أعدادكم أو استعداداتكم أو إعداداتكم أو أسلحتكم؛ القضية أكبر من كذا، آمنّا بالرحمن -حي قيوم- خلقنا وخلق كل الشيء، (قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا)، فلا تُخوّفونا بشيء مما عندكم -الله أكبر-. 
  • كما سمعنا قول النبي هود لقومه لما قالوا: (اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ۗ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ) -ماذا معكم من قوة؟- (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا) [هود:54-56]. 
  • سيدنا موسى قال له جماعته لما أقبل فرعون بجيشه الكبير (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا) -ما هذه (كَلَّا)؟! هذا البحر وهذا الجيش- (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الشعراء:61-63]، -لا إله إلا هو، جلَّ جلاله وتعالى في علاه- هكذا يفعل بأوليائهِ ورسله.

يقول الحق لحبيبه محمد: (قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ)، قل لهؤلاء: (ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ) [الاعراف:195]، كل الذين تشركون بهم وتدعونهم آلهة، وتقولون أنه أنا الذي عاديتهم وسببْتهم وسببْتكم، ادعوهم كلهم واجمعوهم (ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ)، ولا تؤخروني لحظة، ماذا معك أنت؟  قال: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى) [الاعراف:196] أي إن الأولياء الذين يأتون من بعدي من أمتي صالحين كذلك -هذا وليهم-؛ ما تخوّفوهم بشيء مما عندكم،  اجمعوا شركاءكم، و أنا ومَن بعدي من الصالحين في الأمة، يتولّانا رب العالمين، أقدر القادرين؛ "لا تزالُ طائفةٌ مِنْ أُمِّتي ظاهرينَ على الحقِّ، لا يضرُّهُمْ مَنْ خذلَهُمْ وفارقَهمْ وناوأهم"، (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ * وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا ۖ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) [الاعراف:196-198]، لا يعلمون حقيقتك، ينظرون بعيون شحمية؛ لا يبصرون أنوارك وهداك وصدقك، لا يبصرون! نظر أجوف، لا يهتدون به إلى الحقيقة؛ وإلا من نظر وجهه عَلِم أنه ليس بوجه كذاب ﷺ؛ 

(قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ ..(29))، إيمان صدق وحق، كما يروى عن البدري -سيدنا حارثة- الذي استشهد في بدر، حارثة بن نعمان -عليه رضوان ولله تعالى-: "أنَّ النبي ﷺ لقيه يوما، قال: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا بالله حقاً، قال: انظر ما تقول، إنّ لكل قول حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال: يا رسول الله عزفتْ نفسي عن الدنيا فاستوى عندي ذهبها ومدرها، وأصبحتُ وكأني أرى عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر أهل الجنة يتنعمون فيها، وأسمع أهل النار يتعاوَون فيها -يصيحون، قال: كأني أسمعهم-، قال: عبدٌ نور الله قلبه؛ عرفتَ فالزم، قال: يا رسول الله، ادعُ الله أن يرزقني الشهادة في سبيله، -ما اكتفى بهذه الشهادة من نبيه، وهذا المقام- قال: ادعُ الله أن يرزقني الشهادة، قال: اللهم ارزق حارثة الشهادة في سبيلك" 

ثم خرج معه في غزوة بدر، وعمرهُ عندما خرج في غزوة بدر، كان عمره ثمانية عشر سنة، وهذه المعرفة والإيمان من قبل، فأكثر الحاضرين معنا والسامعين تجاوزوا الثمانية عشر سنة، هذا في ثمانية عشر سنة قد عرف وذاق وأدرك، ولمَّا استُشهَد، روى البخاري في الصحيح: "أنَّ النبي لما رجع إلى المدينة استقبلته أم حارثة قالت: رسول الله أين ابني، قال: احتسبيه عند الله، قالت: أخبرني أين ابني، إنك تعلم منزلة حارثة مني، وإنه ليس بي من الولد غيره -ما عندي ذكر ولا أنثى إلا هو، ولد وحيد-، فإن كان في الجنة صبرت، و إن كان غير ذلك فلَترينَّ ما أصنع! قال: يا أم حارثة إنها ليست جنة واحدة؟! إنها جنان كثيرة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" -ولدك طلع إلى فوق-، -الله أكبر-، وإن ابنك أصاب الفردوس، فرحت أمُ حارثة بحارثة، الذي قدّمته أمامها -رضي الله تعالى عنهم-.

فهكذا آمنا به، قال: (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا (29)) اعتمادنا عليه، استنادنا إليه؛ 

ربي عليك اعتمادي *** كما إليك استنادي  

صدقًا وأقصى مرادي *** رضاءك الدائم الحال

ولا أحلى من رضا ربك، اللهم ارضى عنّا رضاً لا سخط بعده أبدا، ربي كلاً منّا، من الحاضرين والسامعين وأهاليهم، كل مَن رضيت عنه فازدد عنه رضا، وكل فرد منّا لم ترضَ عنه، فيا ربنا قبل انقضاء رمضان ارضَ عنّا، ارضى عنّا قبل أن يرحل الشهر من بيننا، ارضى عنّا أجمعين وازدد عنّا رضاً في كل حين يا أكرم الأكرمين، ويا سعادة من مات ورب العرش عنه راضٍ -الله أكبر-.

ولما قبر النبي ﷺ سيدنا ذا البَجادين -عليه رحمة الله تعالى- و حفروا القبر، وكانت من جملة مَن باشر عنده في تجهيزه سيدنا ابوبكر وسيدنا عمر -كبار الصحابة-، فلما صلى عليه النبي نزل إلى القبر بنفسه وقال: "ناولني إياه" وناولوه إياه، فوسَّدهُ وألْحدهُ بيده الشريفة، ثم قال: "اللهم ارض عنه فإني أمسيت عنه راض"، النبي يقول: "اللهم ارض عنه فإني أمسيت عنه راض" -الله أكبر- وفاز ذو البجادين -عليه رحمة الله تبارك وتعالى-. 

بَجَادين: ثوبين خلقين، هي التي جاء بها من بلاده، فقبيلته لازالت كافرة، وما تركوه يخرج حتى وجد فرصة للخروج، فتلقاه بعض قومه وأرادوا أن يردُّوه وقال: ما تستفيدون منّي؟! دعوني أذهب إلى عند رسول الله، وخذوا كل مالي، قالوا: حتى الذي معك هنا -أموالك التي عندنا وإن كنت تملك أرض- حتى الذي بيدك، قال: حتى الذي بيدي! اتركوا لي ثيابي، تركوا له ثوبين -خلقين- واحد إزار وواحد رداء وأخذوا الذي معه، وقالوا؛ اذهب ما لنا حاجة بك، وطاب له هذا أن يخرج من أجل أن يلقى النبي -يرتاح-، فكان أكثر وقته في مسجد الحبيب ﷺ، النبي يمشي ذات يوم تحت المسجد وصوته يستمع منه في الذكر وهو في المسجد، وبعد ذلك واحد من الصحابة قال: أخاف أن يكون هذا مرآءٍ يا رسول الله، قال: "لا ولكنه أوّاه"، أوّاه يعني: رجّاع إلى الله تعالى، فلما خرج النبي في خيبر، خرج معه في الغزوة، ومع رجوعهم في الطريق توفي ذو البجادين، فحفر له القبر، وقال له هذا الدعاء: "اللهم ارض عنه فإني أمسيت عنه راض" -رضي الله عنه-. 

(آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (29)) أيُّنا ضل عن سواء السبيل؟ أيّنا خرج عن مسلك الحق والهدى؟ أيّنا انحرف عن الرشد؟ وحسُن استعمال ما أوتي من سمع وبصر وفؤاد وعقل، من الذي استعمله صحيح؟ ومن الذي انحرف في استعماله؟ (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) -واضح بيّن- (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) فيظهر الحق للجميع:

  • يقول سبحانه وتعالى في ذكر هذه الحقيقة التي تتبين للإنسان من حين موته ثم تزداد بيانا إلى يوم الحشر والميقات، قال: (لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) [ق:22]. 
  • وهكذا، يقول -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-: (قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَٰنُ مَدًّا ۚ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) [مريم:75]. 
  • (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء:227]، -الله أكبر-. 

يقولون على نبيهم سيدنا صالح -العُتاة هؤلاء من قومه- يقولون: (كَذَّابٌ أَشِرٌ)؛ قال: (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) [القمر:25-26]، ومع ذلك أعطاهم فرصة لأن يرجعوا وأرسل إليهم الآيات والناقة: (إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) [القمر:27-28] يوم تشرب الناقة ويوم تشرب مواشيهم، ناقة كبيرة من صخرة خرجت! ناقة من صخرة! ما هذه الآيات؟! آيات واضحة؛ هي في قدرة الله يسيرة، لكن في معتاد الناس أمر بعيد جداً لا يعتادونه الناس، وأخرج الله لهم هذه الناقة من الصخرة وكانت تملأ لهم أوانيهم لبن وتشرب الماء كله عليهم في يوم واحد، يوم لهم ويوم لها، شُرب يومٍ، -ولبقية مواشيهم- (لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ) [الشعراء:155]، (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) …. (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ) [القمر:28-29]، قتلوا الناقة، (فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) [هود:65] أصبحوا في اليوم الثاني صارت وجوههم تتغير وصارت ألوانهم تصفرّ وتسودّ، ونزلت الصيحة؛ فهلكوا -لا إله إلا الله- (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) [القمر:32-33] انتهوا قوم كاملين -أمة انتهت-، بقي النبي صالح ومَن معه فقط -الله أكبر- قال: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) …. (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ) [هود:66-68]. 

وكم وكم طوائف، وهكذا،، وإذا حضر عقلك وقلبك وتأملت واقع ما يعيشه الناس اليوم في الحياة، فإن كل: 

  • طاغ وباغ ومخالف لأمر الله. 
  • ومخادع ومجمّع للأموال من حرام. 
  • ومتطاول على السلطة بسفك دماء الناس إلى غير ذلك. 

لن يطول الزمن حتى ترى العِبر فيهم، ولو على مستوى أصحاب مؤسسة..أو شركة..أو أسرة..أو جماعة، المخالف الباغي -يصبر قليل- "إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"؛ ولا تكون العاقبة إلا للمتقين وحدهم. 

فاتّق الله .. اتّق الله. كنا نجد العوام يكررون بينهم كلمة، إذا أراد أحد أن يفكر أي تفكير يضر الغير أو يؤذي أو يستعمل حيلة، يقول: التُّقَى فيه البقاء:

  •  إن أردت شيء يبقى ويدوم لك؛ اتّق الله، التُّقَى فيه البقاء؛ هذا الذي يستمر.
  • أما من غير التقوى، مهما أعجبك اليوم سيقع لك شيء ثاني، وسيأتي لك مصير سيء -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، وهذه سُنّة الله في هذه الحياة. 

يقول تعالى: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (29)) واصِلوا تفكيركم الصحيح، كيف تعيشون أنتم؟ 

من أهم معاشكم في الحياة الدنيا؛ الماء الذي تشربون:

  • (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا) غائر لا تصلْه، دِلاءكم لا تصله، أيديكم لا تصله، غار الماء.
  • (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا) غائراً لا تصلون إليه. 

 (فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ (30))؛ قال بعض الجهلة -لما سمع الآية من الفساق العتاة الأقرب إلى الإلحاد- قال: تجيء بالفؤوس؛ فَعُمي في نفس الليلة، أصبح أعمى -أعمى بصر وأعمى بصيرة-. 

يقول الله: إذا غوّرت المياه عليكم في الأرض، مَن يأتي لكم بها؟ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا)،  (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) [الواقعة:68-70] كله مثل ماء البحر، تشرب، تزيد عطش، فلا يفيدك، أفلا تشكرون؟ (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)، اللهم لك الحمد شكرا ولك المنُّ فضلاً. 

يقول تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ (30)) معين؛ الله رب العالمين، معين:  

  • (مَّعِينٍ) يأتي بمعنى عذب، طيب.
  • (مَّعِينٍ) أيضا يأتي بمعنى مُعاين، قريب، تنظره العين.
  • (مَّعِينٍ) يأتي بمعنى تمُدّه العيون. 
  • (مَّعِينٍ) يأتي بمعنى كثير. 

من يأتيكم بماء طيب عذب تراه أعينكم، تمدّه العيون، يستمر كثير، من يجئ به لكم؟ أي مصنع هذا سيجيء بها لكم؟ من أين؟ (فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ (30))؛ الله رب العالمين وحده -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-.

وهكذا ختم الله السورة العظيمة التي مَن قرأها في كل يوم فقد أكثر وأطاب، وهي المانعة من عذابه، ووردت فيها عدد من الأحاديث الصحيحة، وبقي لنا ما بين ثلاثة أيام ويومين للشهر ونودّعه ويرحل عنَّا، فنبدأ في سورة التحريم -إن شاء الله تعالى- ونتأمل المعاني العظيمة التي أنزلها الله على خاتم النبوة والرسالة -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وجمعنا الله بنبيه في الفردوس الأعلى وعلى حوضه المورود وتحت لواء الحمد، اللهم آمين، ادخلنا معه الجنة فإنه أول مَن يدخلها، وانزلنا معه في قصورها فإنه أول مَن ينزلها واختم لنا رمضان بخير، ياأرحم الراحمين.

 ما أقل الساعات الباقية من هذا الشهر؛ 

  • اغنموها، اغنموا صفوها، والأعمال بخواتيمها. وكم من نظرة باقية؟ ساعات معدودة، كم من نظرة باقية فيها؟! 
  • لا تضيعوها فيما يسبب إعراض الربّ عنكم، فإن رب العرش، إذا أعرض، لا يُغنيك أحد .. لا يُغنيك أحد من أهل الأرض ولا من أهل السماء إذا أعرض عنك الله -جلَّ جلاله-.
  •  فأحسن الإقبال عليه واستمطر عظيم رحمته في باقي ساعات الشهر الكريم المصون. 

الله يغنِّمنا فيه الرضوان والإحسان ويختم لنا بخير ما يختم رمضانات الموفقين المحسنين الهُدات المهتدين إنه أكرم الأكرمين. 

وأعلى الله درجات المنتقل محمد بن محمد بن أحمد القاضي، اجمعنا به في الدار الكرامة ومستقر الرحمة، واجعل قبره روضاً من رياض جناته، واجعل له من عذابه وقاية وجنة، وارحم موتانا وموتاكم الرحمة الواسعة، وارفعهم في الدرجات الرفيعة واخلفه الله واخلفهم في أهلهم وأولادهم بخلف صالح، وأصلح لكم الأمة جميع الشؤون في الظهور والبطون.  

 بسرِ الفاتحة 

وإلى حضرةِ النَّبي محمد 

اللَّهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

28 رَمضان 1440

تاريخ النشر الميلادي

01 يونيو 2019

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام