(228)
(536)
(574)
(311)
الدرس السابع من تفسير العلامة عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الجاثية، ضمن الدروس الصباحية لشهر رمضان المبارك من عام 1445هـ ، تفسير قوله تعالى:
{ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37) }
الأحد 21 رمضان 1445هـ
الحمد لله مكرمنا بتنزيل الآيات على قلب خير البريات، وبيانها على لسانه الأعذب خير الألسن المعربات، اللهم صلِّ وسلم وبارك وكرّم على خاتم الإنباء والرسالات، عبدك المصطفى سيدنا محمّد، وعلى آله وصحبه القادات، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الميقات، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الذين رفعت لهم الدرجات، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وبعد،،
فإننا في نعمة تأمّلنا لكلام ربّنا، وتدبّرنا لتنزيله ولإخباره ولإرشاده ولتعليمه -جل جلاله-، مررنا على أكثر آيات سورة الجاثية، حتى مررنا على قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..(30)) ونسأله بأن يجعلنا وإياكم منهم، (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ ..(30)) الَّذِي رَبَّاهُمْ وَتَوَلَّاهُمْ وَخَلَقُهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَوَفَّقَهُمْ رَبُّهُمْ، (فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ..(30)) رحمته الواسعة.
ودخول الرحمة من عند الغرغرة إلى ما في القبر إلى وقت تلك القيامة، في ذاك اليوم الذي ينطق فيه الكتاب بالحق على الجميع لهم من رحمته:
(فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ..(30))؛ قال: (...ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30))، الحال في ذاك اليوم واضح في غاية الوضوح، بيِّن جليّ الفوز كله مع هؤلاء، ولا يبقى ريب ولا شك ولا وسوسة ولا تلبيس؛ ولا شيء من ما داخل أذهان الناس أيام كانوا في الدنيا، تغرّهم الحياة الدنيا، ويغرّهم بالله الغرور، ويغرّهم التلبيسات والوسوسات والأكاذيب، لكن عند كشف الستارة هذه خلاص الفوز بيقين واضح بيِّن لا ريب فيه، لهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات. زدنا إيمان ووفقنا لعمل الصالحات، يا واهب العطيّات الجزيلات يا رفيع الدرجات.
قال: (...ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ..(31)) فكذّبوا الرسل؛ وكذّبوا من بلغهم عن الله تعالى من الرسل أو من أتباع الرسل؛ إذًا مُقابل فيدخلهم في رحمته، فأين يذهبون؟! هؤلاء يذهبون في اللعنة -والعياذ بالله تعالى- في الطرد في الحرمان -أعوذ بالله من غضب الله-؛ ولهم التبكيت والعتاب؛ معناه: الأولين هؤلاء لهم التبشير؛ لهم التبشير ولهم الإكرام، هؤلاء التبكيت (...أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ..(31)) أفلم تكن آياتي العظيمة المنسوبة إليّ -في جلالي وكبريائي وعظمتي- تتلى عليكم على ألسن الرسل، وأتباعهم!!
(...أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ..(31))، ومقتضى هذه الآيات إذا تُليت أن تخضعوا وأن تخشعوا وأن تتواضعوا، فاستقبلتموها بالعكس، تكبّرتم (فَاسْتَكْبَرْتُمْ..)، بدل ما تخضعون وتخشعون تتواضعون، لأن هذا مقتضى الآيات؛ لكنكم فتنتم أنفسكم، وذهبتم وراء العناد، وتكبّرتم (..فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (31)) عالقين في ردّ الحق، وما ينبغي أن لا يُردّ، (مُّجْرِمِينَ) أجرمتم؛ بكفركم وتكذيبكم للصّادقين؛ وإنكاركم الآيات الواضحات البينات، فجنيتم على أنفسكم جناية الإجرام، أجرمتم:
(..وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ..(32)) جرى القول سواء من المرسلين، أو من أتباع المرسلين.. (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ..(32)) وعد الله الذي وعده من ارجاع العباد إليه، كما خلقهم أول مرة، ومن حكمه فيهم بما فيه يختلفون، ومن إنزالهم إما في الجنة، وإما في النار.
(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ ..(32)) التي وعد أن يجمع العباد فيها، (..لَا رَيْبَ فِيهَا ..(32)) أي: يقينٌ لا شك فيه ولا مرية، (...وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا ..(32)) تسمعون هذا الكلام كنتم في الدنيا، فتجاوبون وتقولون: (قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ)؟ الساعة نفسها هذه، ما دارينا ما عرفنا بعد إلا ما تقولون فيها وما تذكرون من أحوالها، يقول لها: الساعة، ما ندري ما هي؟
(قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا ..(32))؛ لأن أمر الرجعة والبعث مفطور عليه أيضًا الإنسان، داخل في الفطرة، فمجرد ما يُذكّروا به يحسّ من داخله أن هذا حق؛ ولكنهم يكابرون، ويقولون: (إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا)، ظن يعني ما نعلم شيء من هذه الساعة، وما نحن طالبين للعلم.
(وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32))؛ لا عندنا يقين بوقوعها، ولا نطلب اليقين، (وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)) بطالبين للعلم، ما نطلب؛ يعني: إعراض متعمد، إعراض متعمد، عناد؛ هذا حالهم في الدنيا كحال بعض الغافلين من المسلمين، يقولون: لا تذكر لنا الموت! لماذا ما نذكر الموت؟! أليس بحق وقادم عليك! كيف ما تريد ذكره؟! "من أكثر ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة؛ ومن نسيَ ذكر الموت وجد قبره حفرة من حفر النار"؛ ذكر الموت أقوى سلاح لتهذيب النفس، وردّ طغيانها، وهذا نفسه ضحكت عليه وقالت له: لا تذكره، كيف لا تذكره؟! لو كان شيء غير واقع ممكن، لو كان شيء ممكن نهرب منه تمام، إن ذكرناه وإن ما ذكرناه وراءنا وراءنا؛ ولكن إن ذكرناه استعددنا له فنفعنا ذلك.
فمثل الذي يريد يتخلص من الواقع، ويصيرُ في أقوالهم وتفكيرهم مثل تفكير النعامة، إذا فزعت من أحد يطاردها ويمسكها تنظر أي مكان تخبيء رأسها فيه، ما عاد ترى شيء، فتظنّ أن الناس ما يروْنَ شيء، تظنهم كماها-مثلها- ومن ثم يأتون ويمسكوها، هذه عرضت نفسها للأخذ، وهذا كماها-مثلها- يقول: لا تذكر لي الموت، يعني ستدوم حياً أنت! ستستقرّ في الدنيا! أكبر منك مات، وفي سنّك مات، وأصغر منك مات، وإنت بأي شيء تفعل؟! واجب تذكر مستقبلك وتنتبه منه.
قال: يقولون هؤلاء (إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)) ويأتي عتابهم لما نَسوا يوم الحساب، ونَسوا يوم القيامة، فنُسُوا من الرحمة -والعياذ بالله- ونُسُوا من النعيم يوم القيامة؛ لأنهم نَسوا؛ النسيان مقابل النسيان هذا.
قالوا: (إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)) طيب؛ أنصفوا وأحسنوا النّظر في الدلالات والآيات وسيأتيكم اليقين، ما نريد ما نريد، (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت:26]، يعني: ما يريد أن يعرف الحقيقة؛ إذًا فالأمر واقعٌ لا محالة، ولا يُفيدهم أن كذّبوا، ولا أن أنكروا، ولا أن جحدوا، ولا أن نَفوْا، ولا أن نسوْا لا يفيدهم شيء، الأمر مقبل عليهم بالحقيقة في ذاك اليوم، (وَبَدَا ..(33)) وظهر ظهور بيّن (.. لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا ..(33))، هذا شربكم للخمر وتناولكم المسكرات، هذا اعتداؤكم على أعراض الناس، هذا خداعكم، هذا كذبكم، هذا افتراؤكم، هذه سرقاتكم، هذه فواحشكم، هذه مغالطاتكم، هذه انتهاكاتكم للحرمات والحدود، انظر إليها أمامك، بدت بقبحها؛ بنِتنها؛ بفظاعتها؛ بشناعتها؛ بخِزيها؛ انظر أمامك، انتهى وقعت فيها!.
(وَبَدَا ..(33)) اتضح؛ وبان بياناً جلياً (..لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا ..(33)) سوء الأعمال، وأن هذه الأعمال خبيثة وقبيحة، منتنة الرائحة، فظيعة المنظر، قبيحة المرأى، يصحب أصحابها الخزي والمهانة.
(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ ..(33)) نزل وحلّ، (حاق بهم) حقّ ونزل وحلّ، (..وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ(33)) من العذاب والهوان، والخزي والذلة اللي كانوا يستهزئون؛ بل لما يذكر الآن نزل بهم، واقع فيهم (..وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33)) لا إله إلا الله.
(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ..(34))، انظر نسيان لقاء الحق والدار الأخرة خطير، يقول الحقّ لسيدنا داود: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [ص:26]. (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ..(34))، (كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) [طه:126]؛ فهم مع الآيات تعاملوا تعامل الناس لها، بإعراضهم عنها ومخالفتهم لها، فتعاملوا تعامل الناسي، وهم مع اللقاء يوم القيامة يتعاملوا تَعامُل مَن نَسِيَهُ؛ بتكذيبهم واستهزائهم، وتركهم الاستعداد له.
يقول: (.. الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ ..(34))؛ كما تركتم الاستعداد لهذا اليوم، وتعاملتم معه تعامل الناسي، نحن نتعامل معكم بترككم في النار؛ نتركُكم في النار كما تركتم الاستعداد لهذا اللقاء، مثل الذي نَسِي صاحبه، يعني نترككم فيها ولا نخرجكم منها.
وأمّا النسيان هذا الطارئ على الخلائق فهذا من المعايب المُنَزَّه الحق تعالى عنها؛ (فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى) [طه:52]؛ ولكن النسيان بهذا المعنى: نعم، يقول الواحد لصاحبه الذي يتعمَّد البُعد عنه، يقول: أنا قد نسيتك، نسيتك، أنا نسيتك، ليس المعنى ذهبت من بالي؛ يعني: أعرضت عنك، لا أريدك، وكذلك يقول الآن: أنتم تعاملتم مع الآيات تعامل من نسيها، تعاملتم مع لقاء القيامة تعامل من نسِيها، فنحن اليوم ننساكم؛ أي: لا نرحمكم، ولا ننقذكم، ولا نغيثكم، ولا نقبل عذركم، ولا نغفر لكم، ولا نخرجكم من النار. نسيان مقابل نسيان، لكن النسيان بمعنى: تركهم وعدم رحمتهم.
(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ ..(34))؛ مستقبلكم، الغاية التي كانت نتيجة أعمالكم ومشاريعكم كلها التي في الدنيا نارٌ موقدة تطَّلع على الأفئدة، تحرق الجلود واللحوم والعظام وتصدع الفؤاد، (.. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ..) [النساء:56]؛ -لا إله إلا الله- هذا هو الحق، وهذه نهاية كل مُتكبِّر جبَّار مُرتاب، غَرَّتهُ هذه الحياة الدنيا وذهب وراءها ونسي يوم الحساب، وتكبّر عن آيات الله، وتكبّر عن بلاغ النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
(..وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ (34))؛ انقطع النصير عنكم فليس لكم من ينصركم، لماذا؟ لأنّ حالكم مع الله قطيعة فهو لن ينصركم، ولا ناصر غيره، فلن ينفعكم أصدقائكم ولا أصحابكم ولا أحزابكم، ولا دولكم ولا وزاراتكم ولا مؤسساتكم، ولا هيئاتكم ولا خططكم، ولا ما عملتم في الدنيا، ما عاد أحد ينفع أحد.
وخُتِمَت الرسالة بسيدنا محمد، فاليوم لا يمكن لمُفكِّر ولا لعبقري ولا لمُثقّف أن ينجو من سخط الجبّار، ومن عذاب النار والمصير الفطيع السيء؛ إلا باتباع محمد، مهما بلغته دعوة النبي محمد ﷺ، لا يمكن قطعًا لفرد ولا لجماعة، ولا لشعوب ولا لدول أن يدركوا الفوز الأكبر والنجاة من سقر وحرَّها وسعيرها إلا باتباع محمد، إلا بالانقياد له، إلا بتحكيمه (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65]؛ لِتَخضَع أنظمتهم، لِتَخضَع شركاتهم، لِتَخضَع مؤسساتهم، لِتَخضَع وزاراتهم، لِتَخضَع أحزابهم لحكم الله ورسوله، وإنْ لم يكن ذلك فلا إيمان ولا أمان، "أَلا لَا يَدخُلُ الجنَّةَ إلَّا مُؤمِنٌ"، "أَلا لن تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتَّى تحابُّوا".
فالحمدُ لله الذي أكرمنا بخاتم الرسالة ورزقنا الإيمان به، اللهم زدنا إيمانًا بك وبه وبما جاء به عنك، آمنّا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنّا بسيدنا محمد رسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله، اللهم زدنا إيمانًا.
ومثلُ أيام العشر الأخير من رمضان؛ موسم وهب زيادة الإيمان، عطاء من الله يزيد بإيمان من شاء من عباده، زيادة الإيمان لن تجد كسبًا أشرف منه ولا أربح على الإطلاق؛ على الإطلاق؛ لن تقدر على كسب أشرف ولا أربح من زيادة الإيمان. الله يزيدنا إيمانًا في الموسم الكريم المبارك، الذي فيه عطايا رِِزَان واسِعات حِسان من حضرة المنان من غير حسبان. أشرقت الشمس، لا تعرف كم رقاب أُعتِقَت، لا تعرف كم بعيد قُرِّب، لا تعرف كم مُظلِم تَنوَّر، وهكذا يفعل الرحمن بعباده؛ فيا فوز المقبلين عليه، يا فَوز المقبلين عليه. وباقي الأيام من المعدودات قليلات، باقي قليل من المعدودات. الله يبارك لنا فيها، الله يسعدنا بها وفيها وبما فيها، ويجعلنا عنده من خواص أهليها، اللهم آمين.
قال: (.. ذَٰلِكُم ..(35))؛ كل الذي حصل لكم هذا من الويل والخسران المبين:
وهكذا النهايات؛ الذي يُفتح من العتاب على الأرواح في البرزخ ثم في القيامة؛ شديد ألمه، ألمه شديد، ما يُعاتب الإنسان إلا لأنه كل الحس والإدراك يكون قوي فيه ظاهر، ما له شائبة تغطي شيء فيه حِس، فلمّا يُعاتب تتألم الروح ألم شديد، الله يجيرنا من العتاب، حتى قال ﷺ: "مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبْ"؛ لأن المناقشة هي نفسها عذاب -هذا من نوقِش-، فقيل له: "أليسَ يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا) [الإنشقاق:8]، قالَ: إنما ذلكَ العَرْضُ"؛ الحساب يسير مجرد العرض ما من مناقشة، المناقشة مشكلة، المناقشة عذاب بعدها، نسأل الله يدخلنا جنته بغير حساب ولا يعذبنا ولا يعاتبنا يا رب العالمين.
قال: (ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ..(35))؛ ما أنزله على أنبيائه وبلَّغوكم استهزأتم به، استخففتم به، بأي داعي؟! من غير حق! مجرد أهواء وشهوات ورغبة في المتاع الفاني فقط، استهزأتم بآيات الله.
(اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ..(35))؛ رونقها وزُخرُفها ومالها، وظننتم أنَّها الغاية وأنَّها المطلب الأكبر، ضحكت عليكم، وكم غرتهم الحياة الدنيا من أُناس؟ وحذَّرنا الحق: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [فاطر:5].
وهكذا؛ كرر الحق علينا التحذير، غرورها انتبه! يقول سيدنا الشافعي لمّا نجّاه الله من الغرور بالدنيا، قال:
ومن يذق الدنيا فإني طَعمْتُها ***
من يجهل الدنيا؟ هل تجهل حقيقة الدنيا؟ فإني طعمتها،
*** وسيق إلينا عَذْبُها وعَذَابُها
أي: تأملت في ملحها ولذيذها؛ وطيّبها:عَذْبُها، وعَذَابُها: شدائدها ودواهيها ومصائبها وآفاتها.
*** وسيق إلينا عَذْبُها وعَذَابُها
فلم أرها إلا غُروراً وباطلاً *** كما لاح في ظهر الفلاة سَرابُها
السراب: يلوح في ظهر الفلاة تراه مع أشعة الشمس أو ضوء النجوم والقمر، وتراه ماء، ولا في ماء ولا شيء.
*** كما لاح في ظهر الفلاة سرابها
(كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا) [النور:39].
*** كما لاح في ظهر الفلاة سرابها
وما هي إلا جِيفةٌ مستحيلةٌ ***
هذا خلاص؛ انتهيت إلى المعرفة حقيقة الدنيا؛ الجيفة وقد أنتنت منتنة جدًا.
وما هي إلا جِيفةٌ مستحيلةٌ ***
منتنة مُغيرة.
*** عليها كلابٌ هَمُّهن اجتِذابها
فوق الجيفة هذه، يريدون الجيفة، عليها كلاب؛ كثير كلاب في الدنيا موجودين بل أكثر الناس يرجعون كلاب للدنيا،.
*** عليها كلابٌ هَمُّهن اجتِذابها
فإن تجتنبها عِشتَ سِلمًا لأهلها *** وإن تجتذبها جاذبتك كلابها
الذي يخرشك والذي يبخشك والذي يقدر يصلح فيك أي شيء لأنك تنازعه على هذه الجيفة -لا إله إلا الله-.
إِذا امتَحَنَ الدُنيا لَبيبٌ تَكَشَّفَت *** لَهُ عَن عَدوٍّ في ثِيابِ صَديقِ
وما الناسُ إلا هالِكٌ وَابنَ هالِكٍ *** وَذو نَسَبٍ في الهالِكينَ عَريقِ
هل أنت عندك نسب عريق في الموت؟ يحسب أبوك لا يزال موجود يمكن، وجدك مات، أبو جدك مات، أبو أبو جدك!، جد جد جدك!، أبو جد جدك!، جد جد جدك! أبو جد جد جدك أين هم؟ خمسة، عشرة، مئة، مائتين، ثلاثمئة، أربعمائة أموات، موت، ميت، ميت، ميت، وأنت عريق في الموت، عندك نسب عريق بالموت، موت، موت، موت إلى عند آدم كم من؟ ألوف؟ موت، موت، ووصل عندك وأنت موت كذلك، لأن نسبنا في الموت عريق، من أيام آدم إلى اليوم.
صَاحِ هَذِهْ قُبُورُنَا تَمْلَأُ الرُّحْــبَ *** فَأَيْنَ الْقُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ؟
*** فَأَيْنَ الْقُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ؟
من أيام قوم هود إلى الآن أين هم؟
خَفِّفِ الْوَطْءَ… ***
أمش بتواضع وأدب،
خَفِّفِ الْوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْـ *** أَرْضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْسَادِ
من كثرت ما قبر من الأجساد في الأرض، قال التراب هذا مخلوط بالأجساد حق بني آدم، أمش شوي شوي، شوف مثلك قد استحل إلى تراب.
خَفِّفِ الْوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْـ *** أَرْضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْسَادِ
خَفِّفِ الْوَطْءَ، دع الكبر والغطرسة -لا إله إلا الله-.
(ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا ..(35)) من النار التي أدخلهم الله إيّاها..
(لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا ..(35)) لا أحد يقدر يخرجهم، أحد له رئاسة، وِلّا له أمر وِلّا له سلطة،
(لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35))، لا يطلب الاعتذار منهم ولا يُقبَل منهم الاعتذار، ما يُعْتَبُون ولا يُستعْتَبون، لا يُقبَل منهم اعتذار ولا يطلب منهم أن يعتذروا انتهى..
يقول: (فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35))، وبعد هذه التوضيحات والبيانات للحقائق؛ الذي يستحق الشكر والحمد والثناء هذا الخالق، الذي أكرمنا بالإيجاد وأرسل إلينا الأجواد وأمدنا بأوسع الإمداد؛ فله الحمد:
(وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..(36))؛ لا يحق لأحد من أهل السموات والأرض أن يتكبر، ولذا لما استكبر إبليس طرده الله: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) [الأعراف:13]؛ ولهذا لا يدخل الجنة متكبر، "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كِبر"؛ لأنه ينازع الجبّار العلي، الكبرياء لله. -جلَّ جلاله-.
أنت أوّلك نطفة وآخرك جيفة وبينهما تحمل الأوساخ في بطنك؛ يحق لك التكبر؟ بأي وجه؟ يحق لك تخضع وتتواضع، قال سيد الخلق وأشرفهم وأكرمهم منزل لدى الخلّاق: "إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وآكل كما ياكل العبد"، وأنعم به من عبد لم يخلق الرحمن عبدًا مثله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
قال: (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)):
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37))؛ وهنا منتهى العظمة لهذا الإله العظيم:
فالله يرزقنا حمده وشكره وحسن عبادته وذكره آناء الليل وأطراف النهار، اللهم اجعلنا ممن يذكرك كثيرا ويسبّحُك بكرة وأصيلاً؛ حتى ننال الشرف والكرامة.
في رواية ابن عساكر يقول: "انه لا يقعد قوم يذكرون الله إلا جلس معهم عدد من الملائكة، قال: إذا سبّحوا الله سبّحوا معهم، وإذا حمدوا الله حمدوا معهم، وإذا كبّروا كبّروا معهم، وإذا سألوا أمَّنُوا، قال: ثم يصعدون الى السماء، فيقول الله: من أين جئتم؟ فيقولون: من عند عباد لك يذكرونك في الأرض. قال: ما يقولون؟ قالوا: يقولون الحمد لله. قال: لا يبلغ ثنائي إلا أنا يبلغ ثنائي، لي الحمد في السماوات والأرض. يقولون له: ويكبّرونك، قال: لي الكبرياء في السماوات والأرض، يقولوا: ويسبحونك، يقول سبحانه وتعالى: أنه لا يبلغ تنزيهي إلا أنا، يقولون: ويستغفرونك، يقول: أشهدكم أني غفرت لهم".
وهكذا والروايات الاخرى في الصحيحين مشهورة: "لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".
وفي الصحيحين أنه ﷺ قال: "إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ يلتمسون حِلق الذكر، فإذا وجدوا قوم يذكرون الله تنادوا هلمّوا إلى غايتكم؛ فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، -إذا انفض الجمع- يقول الله: من أين جئتم؟ يقولوا: من عند عباد لك. يسبحونك ويحمدونك ويكبّرونك. يقول: هل رأوني؟ يقول: لا، سبحانك ما رأوك. يقول: كيف لو رأوني؟ يقولون: يا ربنا لو رأوك لكانوا أكثر لك ذكرا وأكثر تسبيحًا وتحميدًا. يقول: فماذا يسألونني؟ يقولوا:يسألونك الجنة، يقول: هل رأوا جنّتي؟ يقولوا: سبحانك ما رأوا جنتك، يقول: كيف لو رأوها؟ يقولون: لو رأوها لكانوا أشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة. قال: و مما يستعيذون بي؟ يقولون: من نارك. يقول: وهل رأوا ناري؟ يقولون: يا ربنا ما رأوها. يقول: كيف لو رأوها؟ يقولون: يا ربنا لو رأوها لكانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة -ويفزعون أكثر-. يقول: فَأُشْهِدُكُمْ يَا مَلَائِكَتي أَنِّي قد غَفَرْتُ لَهُمْ". -زَادَ مُسْلِمٌ- "وَأَعْطِيْتُهُمْ مَّا سَأَلُوا وَأَعَذتُهُمْ مِمَا اسْتَعَاذوا".
جاء في كمال الرواية، في الصحيحين قال: "فيقول واحد من الملائكة: يا رب إلا فلان عبد خطّاء ما جاء للذكر إنما جاء لحاجة وجلس معهم، قال: فيقول الله: وله قد غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
فلله الحمد؛ انظر معاملته لخلقه كيف هي؟ ما أحد أحسن معاملة من الله، فالله يرزقنا الإقبال عليه لا يهلك على الله إلا هالك -والعياذ بالله تعالى-.
نظر الله إلينا، أصلح الله شأننا، ربطنا بهذا القرآن ربطًا، ومزجه بلحومنا ودمائنا وأجزائنا وكلياتنا، وجعلنا عنده من أهل القرآن وشفّعه فينا، وجعله أمامنا يقودنا إلى جنّاته، ومن أنعم عليهم بالقرآن وذوقه وفهم معناه والاتصال به وغير ذلك من أنواع النعيم؛ نسأله أن ينعم علينا كما أنعم عليهم، يا أرحم الراحمين، بكتابك ومن أنزلته عليه وفّر حظّنا من القرآن واجعلنا من خواص أهله عندك يا كريم يا منان برحمتك يا أرحم الراحمين.
ربما لم يخرج رمضان إلا وأعداد من أمة النبي محمد ﷺ ما كانوا معدودين في أهل القرآن فلا يخرج رمضان إلا وقد كتبوا في الصحف عند الله من أهل القرآن، ثم يثبُت ذلك إلى أن يلقوه فيحشرون مع أهل القرآن.
ويا أسفا على أعداد من المسلمين مرت عليهم الليالي في رمضان والأيام ما قرؤا القرآن ولا عظّموا القرآن، ويا أسفاه أكثر على من قرأ وقلبه متكبر ولم يخضع ولم يخشع، وهو مسيء الظن بخلق الله -تبارك وتعالى- أو جاثم على المعاصي، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
يا رب بالقرآن ارحمنا، وبالقرآن ارفعنا، "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" -لا إله إلا الله-، ومن رفعه بالقرآن رفعه أعظم الرفعة إلى الأبد، ويظهر الرفعة والانخفاض هذا للناس كلهم في القيامة: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ) [الواقعة:1-3]؛ تُظِهر من المخفوض! من المرفوع!
اللهم أكرمنا بسر الإقبال وأقبل بوجهك علينا في كل حال، وبارك لنا في هذه الأيام والليال، وابسط لنا بساط الإفضال وجزيل النوال بوجاهة الذي أكرمته بختم الإرسال عبدك المصطفى محمد وآله وصحبه خير صحب وآله وآبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك وملائكتك المقربين وعبادك الصالحين.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي الأمين
اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه
الفاتحة
21 رَمضان 1445