(535)
(339)
(364)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 354- كتاب الحج والعمرة (01) فرض الحج والعمرة وفضائلهما
صباح الأحد 22 ربيع الأول 1447هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني -رضي الله تعالى عنه وعنكم- ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال:
كتاب الحج والعمرة وأحكامهما
"كان ابن عباس وجابر -رضي الله عنهما- يقولان: لم يحج النبي ﷺ من المدينة غير حجة واحدة هي حجة الوداع، وحج قبل الهجرة حجتين فتلك ثلاث حجج. قال أنس واعتمر ﷺ أربع عمر سوى التي مع حجة الوداع، قال أنس: ولما أنزل الله -عز وجل- فريضة الحج قال النبي ﷺ: "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقام رجل فقال: يا رسول الله أكل عام؟ فسكت النبي ﷺ حتى قالها ثلاثاً فقال النبي ﷺ: لو قلت نعم لوجبت، ولم تستطيعوا أن تعملوا بها الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع. وفي رواية: فقال له رسول الله ﷺ: ويحك ماذا يؤقتك أن أقول: نعم، والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لتركتم ولو تركتم لكفرتم، إلا أنه إنما أهلك الذين من قبلكم أئمة الحرج، والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض من شيء وحرمت عليكم مثل خف بعير لوقعتم فيه".
"وكان ﷺ يرخص في كراء الرجل نفسه في طريق الحج".
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتك، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.
الحمد لله مكرمنا بالشريعة الغراء وبيانها على لسان خير الورى، سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار في سيرهم و بمجراههم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، من رفع الله -تبارك وتعالى- لهم قدراً ورفعهم في الفضل أعلى الذرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين و أرحم الراحمين.
ويذكر الشيخ -عليه رحمة الله- ما ورد في الحج والعمرة وما تعلق بهما. الحَجّ بفتح الحاء، ويجوز فيه الكسر الحِجّ، وكذلك الحَجّة، وهو الذي على القياس. ويُقال فيه الحِجّة.
معنى الحجّ:
الحج كان فرضه في السنة السادسة، وقيل قبل ذلك وقيل بعدها، ولم يحج ﷺ من المدينة إلا حجة الوداع، وهو كما ذكر أنه كان قد حج قبل هجرته عليه الصلاة والسلام، فذكر منها حجتين، وجاء في بعض الروايات أنه أكثر من ذلك، من قبل النبوة وبعد النبوة كان من مكة يحُج، ثم لما هاجر إلى المدينة كانت حجته الوحيدة في العام العاشر من الهجرة، حجة الوداع.
يذكر عن "ابن عباس وجابر -رضي الله عنهما- يقولان: لم يحج النبي ﷺ من المدينة غير حجة واحدة هي حجة الوداع"، والغريب أنه سماها بذلك ونطقوا بها الصحابة "حجة الوداع"، ثم لما توفي علموا معنى الوداع، أنه وداعه لأمته عليه الصلاة والسلام.
قال: "وحج قبل الهجرة حجتين فتلك ثلاث حجج"، وقيل أكثر من ذلك قبل الهجرة، قبل النبوة وبعد النبوة قبل هجرته عليه الصلاة والسلام. ولما أنزل الله فريضة الحج، قال النبي صلى الله عليه وسلم -والحج فرض بالكتاب والسنة والإجماع-.
"قال النبي ﷺ: "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقام رجل فقال: يا رسول الله أكل عام؟ فسكت النبي ﷺ حتى قالها ثلاثاً فقال النبي ﷺ: لو قلت نعم لوجبت، ولم تستطيعوا أن تعملوا بها الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع"، وفي رواية: فقال له رسول الله ﷺ: ويحك ماذا يؤقتك أن أقول: نعم، والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لتركتم ولو تركتم لكفرتم، إلا أنه إنما أهلك الذين من قبلكم أئمة الحرج، -الذين يتصدرون الحرج- والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض من شيء وحرمت عليكم مثل خف بعير لوقعتم فيه"، وفيه:
والحج فرض عين بالإجماع على المكلف المستطيع في العمر مرة واحدة، وهو ركن من أركان الإسلام. وجاءت فيه الآية الكريمة: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران97]. جعل مقابل فرض الحج الكفر، يعني: أن ترك الحج ليس من شأن المسلم وهو مستطيع له. وجاءت فيها أحاديث كثيرة: "بني الإسلام على خمس..." وذكر فيها كما في الصحيحين وغيرهما حج البيت. وفي لفظ "الحج". وكذلك هذا الحديث الذي ذكره جاء في صحيح مسلم يقول سيدنا أبو هريرة: خطبنا رسول الله فقال: "يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجّوا". فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله، فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال: "لو قلتُ نعم لوجبت ولما استطعتم".
إذا: أجمعت الأمة على وجوب الحج في العمر مرة.
فإذا تمت الاستطاعة، فهل وجوب الحج على الفور، في نفس السنة التي استطاع فيها أو على التراخي؟
في فضل الحج:
ومن أسرار الحج:
حكم العمرة:
فهذا حكم الحج، فما حكم العمرة؟
الحج فرض، وكذاك العمرة *** لم يجبا في العمر غير مره
ودليلهم في العمرة:
وجاء في فضل العمرة أحاديث:
قالوا: وعمَرُ النبي ﷺ بعد هجرته أربع:
وهذه العُمَر كلها كانت في شهر ذي القعدة، فعمرة القضاء كانت في ذي القعدة، وقبلها أيضًا رجعوه في شهر ذي القعدة في عمرة الحديبية، وكذلك هذه عمرته من الجعرانة كانت في شهر ذي القعدة، وعمرته مع الحج كانت مع الحج، أحرم في ذي القعدة وأكملها في ذي الحجة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
والقول بالعمرة في حجة الوداع: لأنه قَرَن بين الحج والعمرة؛ وأما أنه أدى عمرة مستقلة فلم يحصل ذلك في حجة الوداع، ولكن على القول بأنه قارن ولهذا اختلفوا هل اعتمر بعد الهجرة ثلاثة أو أربع.
واستقلت بالعمرة السيدة عائشة في حجة الوداع، أمر أخاها عبد الرحمن أن يُعمِرها من التنعيم، فأخذها إلى التنعيم وأحرمت بعد انتهاء الحج.
يقول بعد ذلك: "وكان ﷺ يرخص في كراء الرجل نفسه في طريق الحج"، كما سيأتي الإشارة إلى ذلك والمراد من الأحاديث هو نزول الآية: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ" [البقرة:198]، وذلك للنهي عن أن يتشوف ما في أيدي الناس ويستطيع أن يكتسب شيئًا فينفق على نفسه.
رزقنا الله الاستقامة وحُسن الاتباع لنبيه ﷺ، ووفقنا لحجّات وعمرات مقبولات مبرورات، ووفقنا للطاعات في كل الأوقات والأماكن على خير الوجوه وأرضاها له وأحبها إليه وإلى رسوله، وكتبنا في ديوان أهل الصدق من خيار الخلق في لطف وعافية.
بِسِرِّ الْفَاتِحَةِ
إِلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
الْفَاتِحَة
28 ربيع الأول 1447