كشف الغمة 347- كتاب الصيام (24) صوم أيام الأسبوع
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 347- كتاب الصيام (24) فرع في صوم يوم الإثنين والخميس - صوم الأربعاء والخميس من النار - صوم يوم الجمعة - صوم يوم السبت والأحد
صباح الأحد 9 صفر الخير 1447هـ
يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:
- أحوال للنبي في يوم الإثنين والخميس
- حرمان المتشاحنين من المغفرة في كل إثنين وخميس
- عرض الأعمال يوم الإثنين والخميس
- فضل صوم الأربعاء والخميس
- فضائل أيام الأسبوع
- حكم إفراد صوم يوم الجمعة
- أمر النبي بالإفطار لمن صام الجمعة مفردا
- معنى حديث: لا تصوموا يوم السبت
- كراهة صوم السبت أو الأحد وحده ومخالفة اليهود والنصارى
- تسمية النبي لليهود والنصارى بالمشركين
- مقاصد النهي عن إفراد الجمعة والسبت والأحد بالصوم
نص الدرس المكتوب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني -رضي الله تعالى عنه وعنكم- ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال:
فرع: في صوم يوم الإثنين والخميس
"كان رسول الله ﷺ يقول: "تعرض الأعمال يوم الإثنين ويوم الخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"، وكان ﷺ يتحرى صومهما ويقول: "يوم الاثنين يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه"، وكان ﷺ يقول: "يغفر الله عز وجل في كل اثنين وخميس لكل مسلم إلا مهتجرين يقول: دعهما حتى يصطلحا"، وفي رواية: "تفتح أبواب الجنة وتنسخ دواوين أهل الأرض في دواوين أهل السماء في كل اثنين وخميس وينادي هل من مستغفر فيغفر له وهل من تائب فيتاب عليه وترد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا".
فرع: في صوم الأربعاء والخميس من النار
كان رسول الله ﷺ يقول: "من صام يوم الأربعاء والخميس كتب له براءة الله له بيتاً في الجنة"، وفي رواية: "من صام الأربعاء والخميس والجمعة ثم تصدق يوم الجمعة بما قل أو كثر غفر له كل ذنب عمله حتى يصير كيوم ولدته أمه من الخطايا".
فرع: في صوم يوم الجمعة
كان رسول الله ﷺ يقول: "لا تخصوا ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"، وفي رواية: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم، وفي رواية: يوم الجمعة: يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم"، وكان ﷺ إذا رأى أحداً صائماً الجمعة يقول له: "أصمت أمس فإن قال لا قال: أفتصوم غدا فإن قال: لا أمره بالإفطار وأكل معه، وربما تناول الإناء فشرب بحضرته ليريه أنه لا يصوم يوم الجمعة". وكان عبد الله مسعود -رضي الله عنه- يقول: قلما كان رسول الله ﷺ يفطر يوم الجمعة.
فرع: في صوم يوم السبت والأحد
كان رسول الله ﷺ يقول: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه"، واللحاء هو القشر.
قال العلماء: "النهي خاص بما إذا لم يصم قبله بقرينة حديث لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده"، وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تقول: أكثر ما رأيت رسول الله يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد"، فكان ﷺ يصومهما ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم"، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول لرجل صام يوم السبت: "لا لك ولا عليك".
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمدلله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان عبده وحبيبه وصفوته سيّدنا محمّد خير بريته، صلّى الله وسلّم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحابته، وعلى أهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرحمن من خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،
يذكر الشيخ -عليه رحمة الله- في هذه الفروع ما يتعلق بصيام أيام الأسبوع، فذكر يوم الإثنين والخميس، وهما ممّا اتفق على استحباب صومه الفقهاء يومي الإثنين والخميس؛ لما جاء فيه من الأحاديث، ومنها: ما ذكره أنه "كان رسول الله ﷺ يقول: "تعرض الأعمال يوم الإثنين ويوم الخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"، هكذا جاء عند الترمذي، وجاء أيضاً في رواية النسائي، وفي رواية أبي داود: "إن أعمال العباد تُعرض يوم الإثنين والخميس، وأحبّ أن يُعرض عملي وأنا صائم".
وهكذا جاء في صحيح مسلم أنه سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم وُلدت فيه، ولنعم الصوم فيه"، وكان ﷺ يتحرى صومهما ويقول: "يوم الاثنين يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه". وفي رواية: "وفيه أُسري بي، وفيه هاجرت، وفيه أتيت طيبة".
فذكر بعض الأحوال التي حصلت له في هذا اليوم، مشيراً إلى أن الأيام تَفضُل بما يُحدِثُ الله فيها، وبما يجعل فيها من الخصائص، كما قال ﷺ في ذكره لفضيلة يوم الجمعة: "وفيه خُلق آدم"، فذكر حيثية لتفضيله ذلك اليوم من حيث خلق آدم فيه على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. والعجيب أن السائل سأله عن صوم الاثنين فربطه ﷺ بذكرى ولادته.
يقول: وكان يقول ﷺ: "يغفر الله -عز وجل- في كل اثنين وخميس لكل مسلم إلا مهتجرين" -أو متهاجرَين- وفي رواية "إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظِروا هاذين"، "يقول دعهما -أي: اتركُوهما- حتى يصطلحا".
وفيه أن مصيبة غلِّ القلوب ووقوع داء البغضاء فيها والشحناء من أكبر المصائب، وأنه:
- يحرم الإنسان قبول عمله فلا يُقبل.
- ويحرمه المغفرة في أوقات المغفرة ومواطن المغفرة؛ كالإثنين والخميس وغيرهما.
- بل جاء حرمان المغفرة حتى في رمضان للمتشاحنين، وكذلك في الأيام الفاضلة كمثل: ليلة النصف من شعبان وغيرها من الليالي الفاضلة أن الله يعمم فيها بالمغفرة المؤمنين فيُستثنى ممن يُستثنى المتشاحنين، والذين في قلوبهم بغضاء -والعياذ بالله تبارك وتعالى- على بعضهم البعض.
فهؤلاء يُحرمون المغفرة ويُحرمون قبول الأعمال؛ كقاطع الرحم فلا يقبلُ عمل قاطع رحم، "تُعرض الأعمال على الله يوم الإثنين ويوم الخميس، فلا يقبل عمل قاطع رحم، ويغفر الله فيهما لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظِروا هذين حتى يصطلحا"، أخِّروهم دعوهم؛ ما لهم نصيب من المغفرة إلى أن يصطلحوا، فما أقبح شأن داء القلوب بالبغضاء والشحناء والتباغض بين المسلمين!
وفي رواية: "تفتح أبواب الجنة وتنسخ دواوين أهل الأرض في دواوين أهل السماء في كل اثنين وخميس وينادي هل من مستغفر فيغفر له وهل من تائب فيتاب عليه وترد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا"، فلا نصيب لهم من فضل الليالي والأيام، ولا فضل الأشهر، حتى شهر رمضان المعظم.
إذًا، فللإثنين والخميس خصوصية وهي عرض أسبوعي للأعمال على الله -تبارك وتعالى-، لإظهار ما يُرتَّب لعباده المكلّفين من قبول هذا، وردّ هذا، ورِفعة درجة هذا، وخفض هذا، إلى غير ذلك مما يُطلَع عليه الملائكة، وهو الأعلم بعباده كلّهم وبالملائكة، وبكتابتهم وما كتبوا، وأعلم بهم من قبل خلقهم وبعد خلقهم، وأعلم بما كان وما يكون لهم -جل جلاله وتعالى في علاه-، وكان من حكمته أن رتّب الكتابة ورتّب الإحصاء ورتّب العرض ورتّب المحاسبة، مع أنه المحيط علماً بكل شيء.
ثم ذكر صوم الأربعاء والخميس، وذكر الحديث: "كان رسول الله ﷺ يقول: "من صام يوم الأربعاء والخميس كتب له براءة الله له بيتاً في الجنة"، ذكر أن الإمام الهيثمي ذكره في مجمع الزوائد، وفي رواية: "من صام الأربعاء والخميس والجمعة ثم تصدق يوم الجمعة بما قل أو كثر غفر له كل ذنب عمله حتى يصير كيوم ولدته أمه الخطايا"، أي: مبرَّأً من الخطايا كحِين ولادته لم تكن عليه خطيئة، فكذلك يصير إذا صام الأربعاء والخميس والجمعة، وتصدّق يوم الجمعة بما قل أو كثر، أي: بحسب ما يتيسر له ويقدر عليه، وبحسب حاله.
وهكذا ما تجد يوماً من أيام الأسبوع من الجمعة إلى الجمعة إلا وفيه صوم للنبي ﷺ وإشارة إليه، فبقي أن جميع الأيام للصائم فيها مجال في الاتباع والاقتداء والاهتداء.
ثم ذكر صوم يوم الجمعة، ويوم الجمعة إذا انضاف إليه يوم قبله أو يوم بعده فهو مستحب باتفاق؛ فإن أفرده وحده؟
- فكَره ذلك الشافعية والحنابلة وقالوا: يكره إفراد يوم الجمعة من دون صوم يوم قبله أو يوم بعده؛ إلا أن يوافق يوم عاشوراء، أو يوم عرفة، أو شيء من هذا.
- ولكن قال المالكية والحنفية: ما يُكره صوم يوم الجمعة ولو وحده.
يقول: وكان ﷺ يقول: "لا تخصّوا ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي -أي: في قيام الليل-، ولا تخصّوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"، أي: يعتاده، أخرجه الحاكم في المستدرك.
إذًا فالكلام إذا لم يوافق عادة ولم يصادف يوماً من الأيام الفاضلة، ففي إفراده خلاف، ولم يقل أحد بحرمة ذلك، وإنما هل يكره أو لا يكره صوم يوم الجمعة مفرداً؟
أما إذا ضَم إليه يوم آخر فبالاتفاق أنه مستحب، إما أن يصوم الخميس أو يصوم يوم السبت.
وبذلك أيضًا تعرف أن ما ذُكر عن السبت والأحد في الآتي ليس على إطلاقه، وإنما أيضاً تَقصُّد يوم السبت ويوم الأحد فيه النظر من حيث ما ورد في الرواية مع مقابلها ما ورد أنه كان يصوم السبت والأحد، ويقول: "إن السبت عيد عند اليهود، والأحد عيد عند النصارى" فيخالفهم بذلك.
يقول: وفي رواية: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم". وفي رواية: "يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم". وكان ﷺ إذا رأى أحداً صائماً الجمعة يقول له: "أصمت أمس فإن قال لا قال: أفتصوم غدا فإن قال لا أمره بالإفطار وأكل معه" وجاء هذا عن سيدتنا جويرية بنت الحارث، "دخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على جويريةَ بنتِ الحارثِ يومَ جمعةٍ وهي صائمةٌ فقال: أصُمْتِ أمسِ؟ قالت: لا، قال: أفتُريدينَ أنْ تصومي غدًا؟ قالت: لا قال: فأفطِري"، كما جاء في البخاري ﷺ.
"وربما تناول الإناء فشرب بحضرته ليريه أنه لا يصوم يوم الجمعة" أي: في بعض الجُمَع لا يكون صائماً.
"وكان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: قلما كان رسول الله ﷺ يفطر يوم الجمعة"، أي: يصوم كثيراً من أيام الجمعة، وكثير من الجُمَع لا يكون صائماً فيها.
ثم ذكر صوم السبت والأحد، وذكر الحديث كان رسول الله ﷺ يقول: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه"، الحديث أيضًا عند أبي داود والترمذي وابن ماجه، وفي ظاهره النهي عن صوم يوم السبت والأحد؛ ولكن يرُدُّ هذا النهي ما جاء عنه من صيامه ﷺ كما ذكره عندنا، فأما تَقصُّد يوم السبت وحده لأجل صيامه ففيه الكراهة عند أكثر الفقهاء، وفي هذا الحديث الذي حسّنه الترمذي وقرأناه الآن، وكونه يوم تعظمه اليهود، ففي إفراده بالصوم شيء من التشبه بهم، ولهذا كرهوه.
وكذلك تعمّد صوم يوم الأحد:
- يقول الحنفية والشافعية: إن تعمّد صوم يوم الأحد، بكونه يوم أحد بخصوصه مكروه يقول الحنفية والشافعية.
- وكذلك فيه إشارة كلام الحنابلة: أنه كل يوم يعد عيداً لليهود والنصارى، أو يوم يفردونه بالتعظيم أنه يكره صيامه.
ثم ذكر "اللحاء هو القشر. قال العلماء: "النهي خاص بما إذا لم يصم قبله" -قبل يوم الجمعة، أما إذا صام يوم الجمعة فليصم يومًا بعده- لقوله: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده"، وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- تقول: أكثر ما رأيت رسول الله يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد"، فكلٌّ لاحظ ملاحظةً من فعله، وفعله ﷺ واسع.
قال: "فكان ﷺ يصومهما ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم"، وفيه تسمية اليهود والنصارى بالمشركين، لما قالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقولهم هذا فهم مع كونهم أهل الكتاب أيضاً مشركون، فتميّزوا عن بقية المشركين لكونهم معهم بقايا من الكتاب أو أن أصولهم كانوا أتباعاً للأنبياء.
ولهذا أيضاً جاء في ذكر الجهاد في آخر الزمان، وذكر نهر الأردن، في لفظ قال: "أنتم شرقيُّه والمشركون غربيُّه" وهكذا. وفي لفظ قال: اليهود، وفي لفظ قال: المشركون، وكثير من هؤلاء أيضاً ليسوا على دين اليهودية، وهم للشرك أو العلمانية أقرب. وقد سماهم النبي ﷺ بكل هذه الأسماء التي تنطبق على كل منهم، لا إله إلا الله.
ويقول: "وكان عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول لرجل صام يوم السبت: "لا لك ولا عليك"، يعني: ما أحسنت تخصيص هذا اليوم بالصيام.
إذاً:
يُكره إفراد يوم الجمعة كما ذكرنا عند الشافعية والحنابلة، من أجل النهي عن صومه، إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده. وذُكر في الإمداد، أو في الشرح أنه لو لم يضعف عن وظائف الجمعة بالصوم لم يُكره إفراده، ولكن ردّه ابن حجر في "التحفة" والرملي في "النهاية".
وكما قالوا في يوم عرفة، أن المعتمد أنه يُكره صومه للحاج وإن لم يضعفه، لأن من شأنه أن يضعفه، وكذلك يوم الجمعة يضعفه عن وظائف الجمعة، إذا أُخذ هذا التعليل، فمنهم من قال لو لم يضعف عنها بالصوم لم يُكره، كما قيل في عرفة، والذي اعتمدوه الشافعية و الحنابلة أنه يكره مطلقًا إفراده.
كذلك إفراد السبت والأحد لأن اليهود يعظمون السبت، والنصارى يعظمون الأحد، فقصد بذلك مخالفتهم، ولكن الحديث -الذي تقدّم معنا- فيه مخالفة من وجه آخر، أنه يوم عيد عندهم، ويوم فطر، فهو يصوم فيه مخالفةً أيضاً لهم. فإذا نُظِرَ إلى وجه التعظيم صار موافقاً لهم، وإذا نُظِرَ إلى وجه الانبساط فيه والتوسع بالأكل والشرب صارت مخالفتهم بالصوم؛ وإلا فبالفطر تكون المخالفة، ففيه تعلّق بشأن الشعور والمقصد والنية من ناحية، ومن ناحية أيضًا أن النهي ليس للتحريم، فيكون صومه أيضاً من باب بيان الجواز منه ﷺ.
ويقول: "لا لك ولا عليك" لتخصيصه يوم السبت، يعني: لم تصب السنة والأفضل.
رزقنا الله الإنابة والاستقامة والخشية والتوفيق، والثبات على أقوم طريق، وألحقنا بخير فريق، ورعانا بعنايته حيثما كنا وأينما كنا، ولا وكّلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقه طرفة عين، وأصلح شؤوننا بما أصلح به شؤون الصالحين في خير ولطف وعافية.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد
اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
11 صفَر 1447