كشف الغمة 343- كتاب الصيام (20) فرع في صوم يوم عاشوراء

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 343- كتاب الصيام (20) فرع في صوم يوم عاشوراء

صباح الإثنين 3 صفر الخير 1447هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  •  إطلاق يوم عاشوراء
  •  صوم عاشوراء وتاسوعاء
  •  حكم إفراد عاشوراء بالصيام 
  •  يوم رسوء سفينة نوح
  •  التوسعة على العيال
  •  أمر النبي بصوم عاشوراء ومخالفة اليهود
  •  الحث على الصيام في محرم
  •  يوم الزينة
  •  ما يستحب في عاشوراء

نص الدرس المكتوب:

 

فرع: في صوم يوم عاشوراء

كان رسول الله ﷺ يقول: "صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية"، وفي رواية: "يكفر السنة التي بعده"، وكان ﷺ يصومه ويأمر بصيامه، وكان ﷺ لا يتوخى فضل يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء، وكان قتادة -رضي الله عنه- يقول: هبط نوح عليه السلام من السفينة يوم العاشر من المحرم فقال لمن كان معه: من كان منكم صائماً فليتم صومه ومن كان منكم مفطراً فليصم، وكان ﷺ يقول: "من أوسع على عياله وأهله يوم عاشوراء وسع الله تعالى عليه سائر سنته"، وكان ﷺ يصوم عاشوراء في الجاهلية مع قريش فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، وكان يأمر منادياً ينادي للناس: ألا من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء، فلما فرض رمضان قال ﷺ: "من شاء صامه ومن شاء تركه"، فكان بعض الصحابة يصومه وبعضهم يأكل فيه، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: ما رأيت رسول الله ﷺ صام المحرم كله قط، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يصوم يوم عاشوراء إلا أن يوافق صيامه، وكان ﷺ يقول: "أنتم أحق بتعظيمه من اليهود فصوموه ولئن سلمت إلى قابل لأصومنَّ التاسع"، وفي رواية: كان ﷺ يقول: "خالفوا اليهود وصوموا قبله يوماً وبعده يوماً"، وفي رواية: "صوموا التاسع والعاشر"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ويوم عاشوراء تاسع المحرم لا عاشر فقيل له هكذا كان يصومه رسول الله ﷺ قال: نعم، وفي رواية عنه: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً فكان يتأول قوله ﷺ: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع"، يعني عاشوراء والله أعلم بحقيقة الحال، وكان ﷺ يحث على صوم شهر الله المحرم ويقول: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، فيه تاب الله على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين"، وكان ﷺ يقول: "من صام يوماً من المحرم فله بكل يومٍ ثلاثون يوماً" ، وفي رواية:" ثلاثون حسنة"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إن الله تعالى لا يسألكم يوم القيامة إلا عن صيام رمضان وصيام يوم الزينة، يعني يوم عاشوراء".

 

اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

 

الحمد لله مكرمِنا بشريعته وبيانها على لسان عبده وحبيبه وصفوته سيدنا مُحمَّد صلى الله وسلم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وصحابته، وعلى أهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، خيرة الرحمن في خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين.

 

ويذكر الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله-: في هذا الفرع صوم يوم عاشوراء.

وعاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر محرم، يُطلق عليه وحده بحكم التعارف والاصطلاح، ولا يُطلق على يوم آخر عاشوراء في شهر قبله ولا في شهر بعده؛ كتاسوعاء كذلك، إنما يقال تاسوعاء لليوم التاسع من شهر الله المحرم. 

وصيامهما سُنَّة باتفاق أهل الفقه في الشريعة الغراء -سُنيَّة يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء- التاسع والعاشر من شهر المحرم، قال: كان رسول الله ﷺ يقول: "صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية"، وفي رواية: "يكفر السنة التي بعده".

فجاءت الأخبار بأن يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين كما سيأتي، وأن صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة. 

وقال مما جاء أيضًا في صحيح البخاري: "هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر". 

 

وقال ﷺ: "ولئن سلمت -بقيت- إلى قابل -يعني العام المقبل- لأصومن التاسع"، فيصوم يوم التاسع ويوم العاشر.

  • وصرح الحنفية عندهم: بأنه يُكره صوم يوم عاشوراء منفرداً عن التاسع، فليصم التاسع والعاشر. 
  • وقال الحنابلة كغيرهم: لا يُكره إفراد عاشوراء بالصيام.
  • والمندوب -كما يقول أيضاً المالكية وغيرهم- : صوم يوم عاشوراء وتاسوعاء، بل والاحتياط بالثامن قبله لمن أراد أن يحتاط.
  • وكذلك قالوا: إضافة يوم تاسوعاء إلى يوم عاشوراء لأجل مخالفة اليهود، كما يقول ابن عباس: "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يومًا أو بعده يومًا". 

وكذلك يجعل يوم عاشوراء كمثل يوم الجمعة ينبغي أن يصله بصوم يوم قبله أو بعده، ولا يُفرِدَه بالصيام، وكذلك من أجل الاحتياط فقد لا يُرى الشهر وهو ثابت، فلذلك جاء الاحتياط؛ بل قال الحنفية والشافعية: أنه يصوم الحادي عشر أيضًا، خصوصًا إن لم يصم التاسع، بل نص الشافعي في الأم والإملاء على استحباب صوم الأيام الثلاثة: التاسع والعاشر والحادي عشر للاحتياط.

 

وجمهور العلماء أنه لم يكن فُرض قبل رمضان صيام شيء، لا عاشوراء ولا غيره.

وفي قول أنه فُرض يوم عاشوراء ثم نُسخ بفرض رمضان، وعلى هذا القول ما يكون إلا سنة واحدة، لأنه  قَدِمَ في ربيع الأول إلى المدينة، ثم صام عاشوراء في السنة الثانية، وفي نفس السنة الثانية في شعبان فُرض رمضان فانتهى.

ويقول بعض أهل العلم كما هو في قول عند الإمام أحمد وكذلك عند أبي حنيفة: أنه كان واجبًا ثم نُسخ بفرض رمضان.

قال الشافعي وغيرهم: بل كان مُتَأكَّد الاستحباب، ثم جاء رمضان بالفرض والوجوب.

 

وهذا اليوم يختص بسنن وآداب، "وكان ﷺ يصومه ويأمر بصيامه، وكان ﷺ لا يتوخى فضل يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء"، وكما جاء أيضًا عندنا في الباب تفضيل صيام عموم شهر المحرم من بين الأشهر بعد رمضان، ويقول: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم".  

 

"وكان قتادة -رضي الله عنه- يقول: هبط نوح عليه السلام من السفينة يوم العاشر من المحرم -ورست بهم السفينة على الجودي- فقال لمن كان معه: من كان منكم صائماً فليتم صومه ومن كان منكم مفطراً فليصم"، ستة أشهر كانوا في السفينة على الماء بين الأرض والسماء من شهر رجب،  فركبوا السفينة في شهر رجب، فلم تزل تجري بهم بين أمواج كالجبال إلى شهر المحرم، فقال الله (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود:44]

فكان يوم هبوط السفينة ورُسُيِّها على جبل الجودي يوم عاشوراء.

 

ويُسَنُّ فيه التوسعة على العيال في يوم عاشوراء، وهم من يعولهم الإنسان من والد ووالدة وزوجة وولد من ابن وبنت وهكذا، "وكان ﷺ يقول: "من أوسع على عياله وأهله يوم عاشوراء وسع الله تعالى عليه سائر سنته" 

 

"وكان ﷺ يصوم عاشوراء في الجاهلية مع قريش"، في مكة في أيام الجاهلية من قبل ظهور الإسلام، بمعنى أنه انتشر تمجيد هذا اليوم عبر بني إسرائيل، وأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى فكان الناس يحترمونه فلما هاجر ﷺ وسأل اليهود عن صومهم في هذا اليوم، قالوا: هذا اليوم الذي نجّى الله فيه موسى وأغرق فرعون. قال: "نحن أحق بموسى منكم"، "فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه".

 

"وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: ما رأيت رسول الله ﷺ صام المحرم كله قط، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يصوم يوم عاشوراء إلا أن يوافق صيامه، وكان ﷺ يقول: "أنتم أحق بتعظيمه من اليهود فصوموه ولئن سلمت إلى قابل لأصومنَّ التاسع"، وفي رواية: كان ﷺ يقول: "خالفوا اليهود وصوموا قبله يوماً وبعده يوماً"، وفي رواية: "صوموا التاسع والعاشر"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ويوم عاشوراء تاسع المحرم لا عاشر فقيل له هكذا كان يصومه رسول الله ﷺ قال: نعم، وفي رواية عنه: إذا رأيت هلال المحرم فاعدُد، وأصبِحْ يومَ التاسع صائماً، فكان يتأول قوله ﷺ: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع"، يعني عاشوراء والله أعلم بحقيقة الحال".

هذا على القول بأنه أراد أن ينقل الصيام من اليوم العاشر إلى التاسع، ولكن القول الراجح أنه أراد أن يجمع بينهما كما صرح به في الرواية: "لأصومن التاسع والعاشر"، يعني يجمع بين اليومين، وكما جاء في الرواية الأخرى: "وكان ﷺ يحث على صوم شهر الله المحرم ويقول: "أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، فيه تاب الله على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين"

يعني أنه من الأيام التي يتجلى الله فيها على عباده بالتوبة، وقد حقق قبول التوبة لأقوام قبلكم، ففيكم معشر الأمة من يحقق الله توبته في هذا اليوم ويتوب عليه. 

وكان ﷺ يقول: "من صام يوماً من المحرم فله بكل يومٍ ثلاثون يوماً" ، وفي رواية:" ثلاثون حسنة"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إن الله تعالى لا يسألكم يوم القيامة إلا عن صيام رمضان وصيام يوم الزينة، يعني يوم عاشوراء"، (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ).

وكان يوم الزينة يوم عاشوراء، فكأنه اتخذه سيدنا موسى عليه السلام عيداً بعد أن نجاه الله، وكان مشهورًا عندهم بيوم الزينة من قبل هلاك فرعون، (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى )[طه:59].

 

فالمستحب:

  • صومه والتوسعة على العيال فيه.
  • وأن يشحن ذلك اليوم بما تيسر له من الأعمال الصالحة.

وعلمنا مذهب الجمهور أن عاشوراء يوم العاشر وأن تاسوعاء يوم التاسع، وأنه ما أراد أن ينقل الصوم من العاشر إلى التاسع، ولكن أراد أن يجمع بين صوم التاسع والعاشر. 

 

بارك الله لنا في أشهرنا وأيامنا وليالينا وأعمالنا بركة تامة، وربطنا بحبيبه المصطفى محمد ربطاً لا ينحل، ورزقنا مرافقته في البرزخ ويوم القيامة ودار المقامة، وكشف عنا الشدائد وعن أمته أجمعين، وجعلنا في خواص الهداة المهتدين، وختم لنا بأكمل الحسنى وهو راض عنا.

 

بسر الفاتحة

 إلى حضرة النبي محمد 

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الفاتحة.

تاريخ النشر الهجري

04 صفَر 1447

تاريخ النشر الميلادي

29 يوليو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام