كشف الغمة- 310- كتاب الزكاة (18) باب : بيان الأصناف الثمانية -1-

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  كشف الغمة 310- كتاب الزكاة (18) باب : بيان الأصناف الثمانية

صباح الثلاثاء 22 ذو القعدة 1446هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  •  التوسع عن الأصناف الثمانية لآخرين
  •  حكم إعطاء من كان قادر على الكسب وإذا كان طالب علم
  •  الزكاة على صاحب الدية
  •  الزكاة على من يُرجى إسلامه والصدقة لغير المسلمين
  •  من أشد حاجة الفقير أو المسكين؟
  •  ما يشترط في إعطاء الغارمين (من لديه دَين)
  •  المقصود في إعطاء: من في سبيل الله
  •  خطر السؤال لمن عنده قوت يوم وليلة
  •  البحث عن أهل العفاف من المساكين
  •  ما أتاك من غير مسألة ولا إشراف نفس فخذه
  •  قصة تورع ساعي للزكاة
  •  مواقف عن تورع قضاة السلف

يواصل في الدرس شرح أحكام الزكاة، ويوضح الفئات الثمانية المستحقة لها.

فيما يلي بعض النقاط الرئيسية:

  • *   أهلية الزكاة: لا تجوز الزكاة للغني ولا لمن كان ذا قوة وقادر على الكسب، إنما تحل المسألة لثلاثة أصناف: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع. الفقر المدقع هو الفقر الشديد، والغرم هو ما يلزم أداؤه تكليفاً لا في مقابلة عوض، والدم الموجع هو من يتحمل دية عن قريبه أو نسيبه القاتل ويدفعها لأولياء المقتول.
  • *   مستحقو الزكاة: حدد القرآن الكريم ثماني فئات لتوزيع الزكاة: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل.
  • * لا يجوز صرف أموال الزكاة في أي شيء خارج هذه الفئات الثماني.
  • *   تعريف الفقير والمسكين: هناك اختلاف بين العلماء في تحديد أيهما أشد حاجة، الفقير أم المسكين:
  • * يرى الشافعية والحنابلة أن الفقير أشد حاجة، بينما يرى الحنفية والمالكية أن المسكين أشد حاجة. بشكل عام، يشير كلا المصطلحين إلى الذين لا يمتلكون ما يكفيهم لتلبية احتياجاتهم.
  • *   العاملون على الزكاة: يستحق الأفراد الذين يعينهم الحاكم أو السلطة لجمع الزكاة أجراً مقابل عملهم.
  • *   المؤلفة قلوبهم: تشمل هذه الفئة المسلمين الجدد أو من يُرجى إسلامهم.
  • *   في الرقاب: العبيد المكاتبين الذين يعطون من الزكاة ليساعدهم على دفع ما كاتبوا عليه ساداتهم ليعتقوا أنفسهم.
  • *   الغارمون (أهل الدين): هذه الفئة تشمل المدينين المستحقين للزكاة.
  • * اشترط الجمهور أن يكونوا مسلمين ومن غير بني هاشم وبني المطلب، بينما يجيز الحنابلة إعطاء المدين ولو كان من بني هاشم أو المطلب إذا كان عليه دين. يشترط في الدين ألا يكون في معصية.
  • * من استدان لمصلحة عامة (كإصلاح طريق أو بناء مسجد أو إصلاح ذات البين) يعطى من الزكاة ولو كان غنياً.
  • *   في سبيل الله: يشير بشكل أساسي إلى المقاتلين في الجهاد ضد أعداء الإسلام الذين ليس لديهم ما يكفيهم أو لا ينفق عليهم من بيت المال.
  • *   ابن السبيل: تشمل هذه الفئة المسافرين الذين هم في حاجة ولا يملكون ما يوصلهم إلى مقصدهم، بشرط أن يكون سفرهم مباحا.
  • *   إعطاء الزكاة لغير المسلمين: الزكاة بشكل عام للمسلمين. أما الصدقة التطوعية فهي عامة لأي محتاج ولو كان كافراً.
  • *   أخذ الأجر على عمل الزكاة: يحق لمن يعين على جمع الزكاة وتوزيعها أخذ الأجر على عمله. ما زاد على ذلك فهو غلول (مال حرام).
  • *   فضل إعطاء المتعففين: يؤكد أن أحق الناس بالزكاة هم المتعففون الذين لا يسألون الناس ولا ينتبه إليهم أحد؛ إعطاء هؤلاء أعظم أجراً.
  • *   سؤال الزكاة مع وجود ما يكفي: يناقش خطورة سؤال الزكاة مع وجود ما يكفي ليوم وليلة.

يؤكد على أهمية الالتزام بالفئات التي حددها الله لتوزيع الزكاة والبحث عن المحتاجين الحقيقيين، خاصة المتعففين.

 

نص الدرس مكتوب:

بيان الأصناف الثمانية 

 

"كان رسول الله ﷺ يقول: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي مكتسب"، وفي رواية: "إن المسألة لا تحل إلا لثلاث لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع"، والمدقع هو الشديد، والغرم ما يلزم أداؤه تكليفاً لا في مقابلة عوض، والمفظع الشنيع، وذو الدم الموجع هو الذي يتحمل دية عن قريبه أو حميمه أو نسيبه القاتل ويدفعها إلى أولياء المقتول ولو لم يفعل قتل قريبه أو حميمه الذي يتوجع لقتله"، وكان ﷺ يقول كثيراً: "لا تصدقوا إلا على أهل دينكم"، فلما أنزل الله عز وجل: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ) [البقرة: 272]، الآية. صار يقول ﷺ: " تصدقوا على أهل الأديان"، وقال ابن عباس: "سأل رجل من المشركين رسول الله ﷺ فهم أن يعطيه ثم قال: ليس على ديني فمنعه فنزلت: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ) [البقرة: 272] الآية".

 

وكان ﷺ يقول: "للسائل حق وإن جاء على فرس"، وكان ﷺ يقول: "من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف"، وفي رواية: "من سأل وعنده ما يغنيه فإنه يستكثر من جمر جهنم"، قالوا: وما يغنيه يا رسول الله؟ قال: "يغديه أو يعشيه"، وفي رواية: "يغديه ويغشيه"، وفي رواية: "قالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: خمسون درهماً أو حسابها من الذهب"، وكان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يقول بتحريم ادخار ما زاد على قوت يوم.

 

وكان ﷺ يقول: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان إنما المسكين الذي يتعفف"، وفي رواية: "إنما المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس"، وكان ﷺ يعطي العامل عمالته فإن أبى عزم عليه. 

 

وقال عمر -رضي الله عنه-: "عملت على عهد رسول الله ﷺ في الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت: يا رسول الله إنما عملت لله، فقال: خذ ما أُعطيت من غير مسألة فكل وتصدق"، وكان ﷺ يقول: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذَ بعد ذلك فهو غلول"، وبعث رسول الله ﷺ مرة ساعياً فغلَّ كساء من صوف مخطط فلما جاء قال له رسول الله ﷺ: "أف لك ثم قال للحاضرين إنه قد دُرِّعَ على مثلها في النار"، وكان ﷺ يقول لمن شكا إليه ما يلقى من شدة العمل والحرفة: "لعلك ترزق بمن تسعى عليه"". 

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذَّاكِرون وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

 

الحمد لله مُكرِمنا بالشريعة الغرّاء وبيانها على لسان عبْده وحبيبه خير الورى سيدنا مُحمّد صلَّى الله وسلّم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وأصحابه وأهل بيته الذين حازوا به طُهرًا، وعلى أصحابه الذين رفع الله لهم به قدرًا، وعلى من والاهم بإحسان واتبعهم سراً وجهرًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، الرّاقيين في الفضل والشرف أعلى الذرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المُقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنّه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وبعدُ،،

ويذكُرُ الشيخ -عليه رحمة الله- ما وردَ في ذِكر الأصناف الثمانية الذين أمر الله بصرف الزكاة إليهم بقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:60].

فلا يجوز صرف أي زكاة وجبت؛ سواء كانت زكاة فطرة أو زكاة مال أو زكاة زروع وثمار أو زكاة تجارة أو زكاة ركاز أو زكاة معدن؛ كلها لا يجوز صرفها إلا لهذه الأصناف. 

فإذا قسَّم الحاكم والإمام وجمع الزكوات، وجب عليه أن يستوعب جميع الأصناف الموجودين، فإن قسّم المالك بنفسه فينظر للأصناف الموجودين فيعطي من كل صنف منهم ثلاثة أو نحو ذلك، حتى يأتي على الأصناف الذين وُجدوا في بلده ووقته.

هؤلاء الأصناف الذين بيّنهم الحق -تبارك وتعالى- في كتابه العزيز، يأتي تعريفهم معنا؛ ولا يجوز إخراج الزكاة لغيرهم، ولا أن تُصرف في شيء من أوجه القُربات الأخرى من المشاريع ومن غيرها من الأعمال التي يقومون بها.

 

وما توسع فيه بعض المتأخرين من إرادتهم أن يفسروا (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ)؛ أنها لكل شيء في الطاعة، فذلك بعيد؛ لأنه لو كان كذلك لكان الصنف واحدًا من أوله إلى آخره كله في سبيل الله. هو اللي يعطي الفقير ما هو في سبيل لله؟ ولا في سبيل من!! لكان صنفا واحدا؛ ولكن هؤلاء مخصوصون من المجاهدون الذين يقاتلون الكفار المحاربين أعداء الله؛ فهؤلاء الذين يُعطَوْن من هذه الزكاة، فهم هذا الصنف الذي أراده الله -تبارك وتعالى- في كتابه.

 

فلا يُعطى من الزكاة من عنده قدرة على الكسب، ويستطيع أن يوفر لنفسه ما يحتاج إليه؛ إلا:

  • إن كان مشغولاً بمصلحة عامة. 
  • أو كان طالب علم تُرجى نجابته ونفعه للناس، فلا يُشغل بالكسب ويمكن أن يُعطى من الزكاة.. وهكذا.

ومن كان أيضاً من الفقراء أو المساكين قادراً على الكسب كفايته وكفايةَ من يمونه لم يحل له الأخذ من الزكاة، ولا يحل للمزكي أن يعطيه وهو قادر على الكسب؛ كما قرأنا في الحديث: "كان رسول الله ﷺ يقول: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرَّةٍ سَوِيٍّ"؛ أي: قادرٍ على الكسب، ويقول: "لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب" في الرواية الأخرى.

فهذا لا يجوز أن يُعطى من الزكاة؛ إلا من كان مشتغلاً منهم بشيء من المصالح العامة، ولا يتفرغ للكسب، بحيث لو تفرغ للكسب لقصُر قيامه بالمهام العامة، ومنه ما أشرنا إليه من طالب العلم إن كانت تُرجى نجابته لينفع المسلمين.

 

  • ويقول الحنفية: إنه يجوز دفع الزكاة لمن لا يملك النصاب؛ أي: من لا يكون عنده مقدار مائتي درهم لا يملكها-، فيجوز إعطاؤه من الزكاة، فعندهم ما يخرج عن الفقر والمسكنة إلا من ملك مقدار النِصاب. 
  • ويقول المالكية: من وجد مقدار الكفاية ومَلك الكفاية، فلا يُعطى من الزكاة، وليس من الفقراء وليس من المساكين.

 

قال: "وفي رواية: "إن المسألة لا تحلُّ إلا لثلاث لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع"، والمدقع هو الشديد -فقر شديد- والغرم ما يلزم أداؤه تكليفاً لا في مقابلة عوض -لذي غُرم؛ يعني: دَيْن-  والمفظع الشنيع، وذو الدم الموجع هو الذي يتحمل دية عن قريبه أو حميمه أو نسيبه القاتل -الخطأ أو العمد الذي سمح فيه أولياء الدم إلى الدية- يدفعها إلى أولياء المقتول ولو لم يفعل -فإذا لم تُدفع تعرَّض ذلك للقتل- قتل قريبه أو حميمه الذي يتوجع لقتله".

 

"وكان ﷺ يقول كثيرا: "لا تصدقوا إلا على أهل دينكم". 

  • فلا يصح صرف الزكاة إلا للمسلمين.
  • وفي قولٍ أن المؤلفة قلوبهم: من يُرجى إسلامه إذا أُعطيَ. 
  • وقال بعض أهل المذاهب كالشافعية: أن المؤلفة قلوبهم من قد أسلم فعلاً؛ ولكن نيته ضعيفة في الإسلام، فيُعطى ليتقوى رابطته بالإسلام والدِّين.
  • وأما بعد ذلك، فالصدقة العامة المتطوع بها فهي عامة لأي أحد ولو كان كافراً. 

وفيه قال: "فلما أنزل الله عز وجل: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ) [البقرة:272] صار يقول ﷺ: "تصدقوا على أهل الأديان"، يعني: على كل ذي حاجة من المسلمين وغيرهم، فإن ذلك أيضاً لغير المحاربين المقاتلين فيه قربة إلى الله تبارك وتعالى.

 

وكذلك ما يُروى "عن ابن عباس سأل رجل من المشركين رسول الله  ﷺ فهمّ أن يعطيه ثم قال: ليس على ديني فمنعه، فنزلت الآية: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ )[البقرة:272] ".

 إذًا الصدقة المُتطوَع بها:

  • عامة للمسلمين.
  • ولغيرهم. 
  • وللحيوانات ونحوها من ذوي الحاجة، سواء.

 

وإذا علمنا ذلك، فإن:

الصنف الأول: الفقراء.

والثاني: المساكين.

والكل منهم لا يجد مقدار الكفاية، وإن اختلف الأئمة بعد ذلك مَن أشدُّ منهم حالاً الفقير أو المسكين؟ 

  • فقال الشافعية والحنابلة: أن الفقير هو أشدُّ حاجة؛ وأن الله ابتدأ به وقدمه في الآية، ولكون الفقير أيضا مأخوذ من: فعيل بمعنى: مفعول٠ أي: مفقور؛ وهو الذي ذهب بعض عظام فَقْره فلا يستطيع الحركة، فسُمِّيَ فقيراً أي: مفقوراً، ذهب بعض عظام فَقَرَتِهِ، فهو أشدُّ حاجة.
  • وقال الحنفية والمالكية: المسكين أشدُّ حاجة، وقالوا إن الله يقول في المسكين: (أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) [البلد:16]، وأن المسكين أيضاً: مأخوذة من السكون، فهو ساكن لا يستطيع الحركة. 

وعلى كل حال، فالفقير والمسكين إذا أُطلق واحد منهما دخل الثاني معه، وإذا جُمعا صارا صنفين، والصنفان: 

  • الفقير: من لا يجد من الدّخل ما يقع موقعاً من كفايته؛ لا يجد شيئاً يقع موقعاً من كفايته؛ بأن يجد النصف أو دون النصف من حاجته. 
  • فإن كان يجد من حاجته النصف فما فوق دون كمال الحاجة، فهو: المسكين
    • يقول الشافعية والحنابلة: من لا مال له ولا كسب له يقع موقعاً من كفايته؛ فهو الفقير؛ فإن كان يجد النصف وأكثر ولكن دون الحاجة، فهو المسكين. 
    • ويقول الحنفية والمالكية: المسكين من لا يجد شيئاً أصلاً فيحتاج المسألة وتحل له.
    • ويقول في الفقير الحنفية: من له أدنى شيء ولكنه دون النصاب، وإذا ملَك نصاباً من أي مال زكوي فهو غني.
    • وقال المالكية: الفقير من يملك شيئاً لا يكفيه لقوت عامه.

فهؤلاء الصنف الأول والثاني: الفقراء والمساكين، قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة:60]؛ "لا حظَّ فيها لغني".

وجاء أنه جاءه رجل فقال: أعطني من الصدقة، قال: إن الله -تعالى- لم يترك القسمة لنبي ولا لغيره وقسمها بنفسه، فإن كنت من أحد هؤلاء الأصناف أعطيتك حقك، ولا تحل إلا لأحد هذه الأصناف الذين ذكرهم الله -تبارك وتعالى-، "فأتاهُ رجلٌ فقال أعطني من الصَّدقةِ فقال إنَّ اللهَ لم يرضَ بحكمِ نبيٍّ ولا غيرِه في الصَّدقاتِ حتَّى حكم فيها هو فجزَّأها ثمانيةَ أجزاءٍ فإن كنت من تلك الأجزاءِ أعطيتُكَ حقَّكَ"

أولهم الفقراء والمساكين: فيكون ثُمن هذا الموجود من الزكاة يُصرف إليهم؛ ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة:60]

والعاملين عليها: الذين يبعثهم الإمام لجمع الصدقات؛ فلهم أُجرة مثلهم على حسب تعبهم. 

والمُؤَلَّفة قلوبهم: وهم الذين أسلموا قريبًا ولم تزل نيَّتهم في الإسلام ضعيفة، من قَرُب عهده بالإسلام. 

وفي الرقاب: المُكَاتَبون الذين كاتبهم أسيادهم على مال يؤدونه فيُعتَقون، فيُعطَون ما يستعينون به على تسديد نجوم الكتابة ليتخلصوا من الرِّق. 

والغارمون أي: أهل الدَّيْن المستحقين من المدينين، الذين عليهم دَين يستحقون الزكاة. 

  • فاشترط الجمهور أن يكونوا من المسلمين، وأن يكونوا من غير بني هاشم وبني المطلب. 
  • قال الحنابلة: الدائن الذي عليه دَين ولو من بني هاشم والمطلب يُعطى، إنما لا يُعطون باسم الفقراء والمساكين، ويُعطون إذا كان عليهم الدَّين فهم داخلون في قوله: (وَالْغَارِمِينَ). 
  • يقول المالكية: 
    • يُشترط ألا يكون استدان ليأخذ من الزكاة، كأن يكون عنده ما يكفيه فيقوم يتوسع في الإنفاق؛ ثم قال سيجلبون لنا من الزكاة بعد ذلك دَين، مثل هذا لا يُعطى من الزكاة عند المالكية. 
    • ويُشترط أن يكون الدَين مما يُحبس فيه، بخلاف دَين الكفارات والزكاة فإنه لا يُحبس فيها. 
    • ومن الشروط كذلك ألا يكون دَينه في معصية، وهكذا يقول الأئمة الثلاثة المالكية والشافعية والحنابلة: الشرط ألا يكون استدان ليتحاربَ هو وأحد أو يتضارب هو وأحدْ أو ليصلح مشكلة من المشاكل وعليه دَين من هذا، ما يُعطى، لأنه فيه عون على المعصية، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-. 
    • ويكون الدَّين حالًّا، فإذا باقي أجل من الدَّين فلا يأخذ من الزكاة في الحال حتى يأتي موعد الدَّين ويحلُّ الأجل وهو غير قادر على السداد. 
    • وشرط ألَّا يكون قادرًا على السداد من أي مال عنده. 

هذا كله من غَرِمَ لأجل شيء من حاجات نفسه.

 

أمَّا الغارم في إصلاح ذات البَين وفي مصلحة عامة للمسلمين فهذا:

  • يقول الشافعية والحنابلة: يُعطى من الزكاة سواءً كان غنيًّا أو فقيرًا؛ ولو كان غنيًّا يُعطى مقدار الدَّين؛ إذا كان لم يستدن لحاجته ولا لمصلحته ولا لمنفعة نفسه ولا أولاده؛ ولكن استدان من أجل إصلاح طريق، استدان من أجل إصلاح بين متخاصمين، أو استدان من أجل إقامة مسجد يحتاج أهل المنطقة إلى إقامته، ومثل ذلك، فهو غارم في مصلحة عامة لا لنفسه، فهذا يُعطى -ولو كان غنيًّا- مقدار الدَّين الذي عليه.
  • وهكذا يُقيّد الحنفية: شرط أن يكون لا يملك نصابًا فاضلًا عن دَينه كغيره من المدينين، وقال تعالى: (وَالْغَارِمِينَ) [التوبة:60]، أي: المدينون. 
  • وبهذا يقول الشافعية: من استدان لدفع فتنة بين متنازعين فيُعطى ما استدانه؛ إذا حلَّ الأجل ولم يوفِّه من ماله ولو كان غنيًّا. 
  • ومن استدان لقِرَى ضيف، و بناء مسجد أو قنطرة أو فكِّ أسير ونحوه من المصالح العامة، فيُعطى كذلك من الزكاة كما أسلفنا، وعند الشافعية والحنابلة ولو كان غنيًّا.
  • ومن استدان لنفسه وصرفه في غير معصية، أو كان استدان لمعصية ثم تاب وندم وأقبل، والآن رجع إلى ربه -سبحانه وتعالى- وما قدر أن يوفي الدَين الذي عليه، فيُعطى كذلك من الزكاة مساعدةً له على التوبة.
  •  وكذلك من كان ضامنًا على أحد وحلَّ وقت الضمان وما عنده شيء، فهو داخل في الغارمين.

 

فإذا كان عليه دَين فمات ولا وفاء في تركته للدَّين، فهل يُعطى؟ -يعني: المدينين لهذا الميت- يُؤدَّى عنه بعد وفاته؟ هو الآن بموته خرج من الأصناف، لم يعد موجوداً، ولكن باقٍ في ذمته لهؤلاء:

  • المالكية قالوا: نعم يُوَفَّى دَينه منها ولو مات، لأنه أحق بالقضاء لليأس من إمكان القضاء، وهو في قول عند الشافعية. 
  • والمعتمد عند الشافعية كما هو عند الحنفية والحنابلة: لا، إذا مات لم يعد على ورثته أن يقضوا دينه، فإن عجزوا فعلى بيت المال، فإن لم يكن فعلى مياسير المسلمين، وليس من الزكاة ما دام قد مات ما دخل في الأصناف الذين يُعطون من الزكاة. 
  • وقال المالكية: لأنه يئس من أن يتمكن من الوفاء، وما دام ليس في تركته وفاء، فيُعطى غرماؤه من الزكاة.

 

وفي سبيل اللَّه: المقاتلون الذين يتبرعون ليس لهم ما يكفيهم؛ وليسوا مكتوبين في ديوان الحاكم يعطيهم أجورهم ونفقتهم، فهؤلاء يُعطَون في سبيل الله سبحانه وتعالى ليتقووا على الجهاد وردِّ كيد المحاربين من أعداء الله. 

وابن السّبيل: وهم المسافرون أيضًا في طاعة أو في خير أو في غير معصية، وليس عندهم ما يوصلهم، فيجوز أن يأخذوا من الزكاة ما يوصلهم إلى مواطنهم وحيث أرادوا.

 

وقال ﷺ في الزكاة: "افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهم تُؤخذُ من أغنيائِهم وتُرَدُّ على فقرائِهم".

  • وفي قول عند الحنابلة يقول: إن عمل أحد من الكفار في الزكاة يُعطى من الزكاة لأنه دخل في العاملين عليها. 
  • قال الجمهور: لا يجوز استعمالهم في الزكاة إلا أن يكونوا مسلمين. 
  • وكذلك عند الجمهور أن المؤلفة قلوبهم: هم الذين أسلموا ونيتهم ضعيفة في الإسلام. 
  • وفي بعض الأقوال: أنهم الذين يُرجى إسلامهم، قريبون من الإسلام ولا يزالون كفاراً، فالعطاء يقربهم إلى أن يدخلوا في دين الله -سبحانه وتعالى-.

 

يقول: "وكان ﷺ يقول: "للسائل حق وإن جاء على فرس"، وبذلك إذا ادَّعى الفقر ولم يعرف المزكي أنه صحيح قوله أو باطل، يجوز أن يعطيه وهو يتحمل المسؤولية، لكن من عُرِفَ كذبه لا يُعطى. 

"يقول: "من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف -في المسألة- "، وفي رواية: "من سأل وعنده ما يغنيه فإنه يستكثر من جمر جهنم -يسأل باسم الفقر وعنده ما يغنيه- : قالوا وما يغنيه يا رسول الله؟ قال: يغديه أو يعشيه"، عنده الغداء والعشاء حق اليوم ويسأل؟ من أجل ماذا؟! بكرة! خلّ بكرة يجيء! تغدى وتعشى ونم وقم وصل لربك، بكرة لمَّا يجيء بكرة تسأل بكرة؛ فلا يجوز له باسم الفقر أن يسأل وهو عنده قوت اليوم والليلة.

"وفي رواية: "قالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: خمسون درهماً أو حسابها من الذهب"، وهذا الذي مالَ إليه الحنفية وجعلوا وجود النصاب من أيُّ مال عنده يبلغ النصاب فهو الغني.

 

"وكان ﷺ يقول: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان إنما المسكين الذي يتعفف -يعني: هذا أحق بأن يُتَفَقَّد ويُعطى-"، وفي رواية: "إنما المسكين الذي لا يجد غني يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس".

عفيف متعفف أي: ينبغي أن يبحث المتصدقون سواءً كان في الزكاة الواجبة أو في زكاة التطوع أن يبحثوا عن هذا الصنف فقد يكون في مجتمعاتكم قوم أهل العفاف لا يسألون الناس ولا يفطن الناس لهم، ( يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) [البقرة: 273]، قال: هؤلاء يعني الأجر كبير في إعطاء هؤلاء، وما هو في الذي في كل ساعة يسأل، وكلما حصَّل أحدا يسأل، ويروح في المواطن ويسأل، هذا الذي لا يسأل الناس ولا يُفطن له فيُتصدق عليه، هذا إعطاؤه أعظم أجر وأعظم ثواب عند الله -تبارك وتعالى-، "لا يجد غنىً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس".

 

"وكان ﷺ يعطي العامل عمالته فإن أبى عزم عليه. وقال عمر -رضي الله عنه-: "عملت على عهد رسول الله ﷺ في الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة -أُجرة- فقلت: يا رسول الله إنما عملت لله، فقال: خذ ما أُعطيت من غير مسألة فكل وتصدق".

وفي بعض الوقائع قال له: "ما أتاك من غير مسألة ولا إشراف نفسٍ فخذه، فإن كنتَ محتاجًا إليه فتموّله، وإلا فتصدق به، وما لا، فلا تُتْبِعْهُ نفسك"، لا تُعلِّق نفسك ولا تسأل، فإنه لا يبارك لك فيما جاء عن مسألة، ولا ما جاء مع إشراف نفس وتَشَوُّفها.

 

"وكان ﷺ يقول: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول -ما زاد على هذا-"، وبعث رسول الله ﷺ مرة ساعياً فغلَّ كساء من صوف مخطط فلما جاء قال له رسول الله ﷺ: "أف لك ثم قال للحاضرين إنه قد دُرِّعَ على مثلها في النار -والعياذ بالله تعالى-".

"وكان ﷺ يقول لمن شكا إليه ما يلقى من شدة العمل والحرفة: لعلك ترزق بمن تسعى عليه". يعني: يُيسر الله لك رزقك ويسوق لك الخير بهذا الذي تنفق عليه، أي: لا تَمُنَّ عليه لعله أنت بسببه تُرزق، كما كان أخوان، أحدهما محترف والآخر مشغول بالعبادة، فشكى المحترف أخاه إلى رسول الله ﷺ، فقال له: "لعلك به تُرزق"، قال التيسير الذي يحصل لك والخير ببركة أخوك هذاك، فلا تَمُن عليه، "لعلك به تُرزق".

وبَعَثَ مرة بعض السعاة، فجاء يقول: هذا حق الزكاة وهذا أُهديَ لي؛ فغضب ﷺ وقال حُطَّه في الزكاة ثم خطب وقال: "إنا نبعث أحدكم يعمل فيقول: هذا لكم وهذا أُهديَ لي! أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر ماذا يُهدى له؟!" -اقعد وانظر هل أحد أهدى لك وجاب لك شيء لبيت أبوك تأخذه، أمَّا تخرج في عمل تبعه وأنت على أجره وبعدين تقول هذا لي؟! فكان أمره أن يضعه في الصدقة أو ما مكَّنه منه؛ قال اقعد في بيت أبيك وأمك وانظر أحد يهديك شيء أو لمَّا خرجت باسم السعي لنا والتبعية، وتقول هذا أعطوني إياه هدية! ما يعرفونك ولا بينك وبينهم رَحِم، ليش يعطونك هدية؟!

فلا يجوز للعمال والسعاة ومثل الموظفين عند الحاكم أن يأخذوا شيء غير مرتباتهم وأجورهم بمقابل ما هم فيه، ويُقال هدية؛ قُل له اقعد في دارك، اخرج من الوظيفة، هل سيأتي لك أحد ويعطيك هدية؟ فاقبل هدية من أصدقائك وأصحابك الذين يعطونك سواء كنت موظف أو غير موظف في أي محل كنت هؤلاء تعطيهم.

ولهذا يحرم على القاضي إذا جاء له واحد بهدية ما كان يهدي له من قبل القضاء ولا كان يعرفه، فجاء له بعدما تولى القضاء، يحرم عليه قبول هديته يقول: خذها لك! الآن يوم توليتُ القضاء تجيب لي من أجل ماذا؟ بعد بُكْرَةٍ تجيء قضية عندي، تريد أن أقوم معك!.

وكان بعض القضاة في سيئون وواحد مغترب في إندونيسيا أرسل له هدية، فلمّا وصل قال: من أين هذا يعرفنا؟! ما هي القرابة التي بيني وبينه؟! سمع أني توليتُ القضاء! فأقفل الهدية وخبأها، وبعد مدة جاء من السفر، وبعد مدة دخل في قضية هو وواحد؛ فلما وصل عنده قال: آه اصبر؛ في الأول اصبر؛ الحاجة التي أرسلتها لي شوفها موجودة؛ قال: لا لا لا، ليس قصدي! قال: كيف ليس قصدي، منذ متى تعرفني وتهدي لي؟! قال: خذ أولاً حاجتك، وبعدها تعال أنت وإياه سنقضي بينكم سواء.

وهكذا كان تولى القضاء بعض المشايخ عندنا في البلد، وكان أحيانًا يحصِّل عشاء وأحيانًا ما في عشاء هو وأهله، فليلة من الليالي جاء من المسجد، فوجد ما شاء الله يطبخون ومعهم لحم، قال: عجيب الليلة! من أين جاء هذا العشاء؟ قالوا: فلان جاب لنا خصار؛ قال: فلان! أيش دخل فلان فينا هذا؟ إلا يوم أنا في القضاء! هاتوا هاتوا بنرجعه له! وهم فرحانين والعيال جائعون. قال: لا لا لا! أخذ القدر واللحم الذي طبخوه فيه، وجاء يدق عليه؛ قال: خذ حقك هذا الذي جئت به. قال: لماذا..؟ قال: خذه، لماذا تحضره لي وأنا مسامح في الماء والملح، الملح من عندنا والطبخ من عندنا، وردوا لي القدر، هذا حقك لك؛ ورجع بلا عشاء؛ بيَّت هو وأهله بلا عشاء ولا رضي يوخذ منه شيء قال: يوم أنا الآن في القضاء جئت لي بهذا!.

وعندنا في المتأخرين الحبيب عبدالقادر بن سالم الروش -عليه رحمة الله تعالى-، تولى مدة القضاء في سيئون، وكان عنده بعض المال والثروة، وكان يصلح بين الذين يأتون، ويعطي ذا ويعطي ذا، دَخَل للقضاء وهو غني، وبعد كم سنوات خرج من القضاء فقير، خرج من القضاء وهو فقير ما عنده شيء. 

فهكذا يكون أهل القضاء والذين يعرفون حق الله تعالى ويفصحون للحق ولخلقه.

 

الله يصلح أحوال المسلمين، ويدفع البلاء عن المؤمنين، ويحوِّل حالهم إلى أحسن حال، ويرزقنا الإنابة والخشية والاستقامة، ويُتحفنا بأنواع الكرامة، ويقينا الأسواء، ويعجّل بالفرج للمسلمين والغياث العاجل لأهل الإسلام والإيمان في الشام وفي اليمن وفي الشرق وفي الغرب، ويكشف كل كرب عنا وعن أهل لا إله إلا الله، ويحوِّل الأحوال إلى أحسنها، ويختم لنا بأكمل حسنى وهو راضٍ عنا.

 

 

بِسِرِّ الْفَاتِحَةِ

إِلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ 

الْفَاتِحَة

 

 

تاريخ النشر الهجري

22 ذو القِعدة 1446

تاريخ النشر الميلادي

20 مايو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام