كشف الغمة 256- كتاب الصلاة (146) ما يحل ويحرم من اللباس (5)

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 256- كتاب الصلاة ( 146) ما يحل ويحرم من اللباس (5 )

صباح الثلاثاء 7 رجب 1446هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  إهداء النجاشي للنبي خفين
  •  تفضيل قارئ القرآن للأبيض
  •  الثوب المصبوغ بالزعفران
  •  تغطية الرأس بالتقنع
  •  حكم لبس المزعفر والمعصفر
  •  الابريسم والديباج والسندس والقز
  •  اتخاذ الأمتعة بغير مقدار الحاجة
  •  عمائم صفر للملائكة
  •  نهى النبي رجل تطيّب بالزعفران
  •  حكم المشي على نعل واحدة
  •  سبب النهي عن الانتعال واقفا
  •  حرص المرأة على طول ثيابها
  •  حديث استكثروا من النعل في السفر
  •  وصف نعل النبي ﷺ
  •  حرمة تشبه المرأة بالرجل أو الرجل بالمرأة

نص الدرس مكتوب:

"وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: "أهدى النجاشي -رضي الله عنه- إلى رسول الله ﷺ خفين فلبسهما رسول الله ﷺ حتى تخرقا، وأهدى له دحية الكلبي خفين فلبسهما لا يدري أذَكِيٌّ هما أم لا"، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب، وكان ﷺ يلبس الملاءة والقميص المصبوغة بالزعفران، ولبس ﷺ مرةً ثوبين كانا صُبغا بالزعفران وقد نُقضا، وكان أنس -رضي الله عنه- يلبس البرنس الأصفر، وكان ﷺ يقول: "تغطية الرأس بالنهار فقه وبالليل ريبة"، وكان ﷺ يقول: "رفع عيسى -عليه السلام- وعليه مدرعة وخفا زاع وحذافة يحذف بها الطير"، وكان ﷺ ينهى عن لبس القسي من الثياب وهي ثياب كتان مخططة بإبريسم كانت تجلب من أرض مصر.

وكان ﷺ يقول في الفراش: "فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان"، قال أنس -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يصبغ ثيابه كلها بالزعفران حتى عمامته، ودخل رسول الله ﷺ يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء وقد أرخى طرفها بين كتفيه، وقال عروة: لبس الزبير عمامة صفراء يوم بدر ونزلت الملائكة وعليها عمائم صفر على سيما الزبير، وكانت عمامته ﷺ بطحة يعني لاطية وكذلك أصحابه -رضي الله عنهم-، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصبغ ثيابه كثيرًا بالزعفران ويدهن به فقيل له في ذلك فقال: لأني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله ﷺ. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "رأى رسول الله ﷺ رجلا متخلقًا بزعفران فقال له: اذهب فاغسله ثم اغسله ثم لا تعد فإن الله -تعالى- لا يقبل صلاة رجل في جسده شيء من خلوق"، قال بعض العلماء وهذا في حق من يتطيب به كالطيب لا ما يصبغ به الثوب، وكان ﷺ يكره أن يطلع من نعليه شيء عن قدميه، وكان ﷺ ينهى عن المشي في نعل واحدة ويقول: "إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها"، وفي رواية: "فليخلعهما جميعًا أو ينعلهما جميعًا".

وكان ﷺ ينهى أن ينتعل الرجل قائمًا، وقال القاسم بن محمد -رضي الله عنه-: رأيت عائشة -رضي الله عنها- تمشي بنعل واحدة أو قال في خف واحد وهي تصلح الأخرى، وكان ﷺ يقول: "إذا بدا خف المرأة بدا ساقها"، وكان ﷺ يقول: "استكثروا من النعال في السفر فإن الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل"، وكان ﷺ  لبس النعال السبتية وهي التي ليس عليها شعر ويتوضأ فيها، وكان لنعله ﷺ قبالان، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تنهى النساء عن لبس نعال الرجال وتقول: "لعن رسول الله ﷺ الرَّجُلَة من النساء". 

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله مُكرِمنا بالشريعة الغراء وبيانها على لسان خير الورى، عبده المصطفى سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الكُبَرى، وعلى من والاهم واتبعهم وبمجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الراقين في الفضل والشرف أعلى الذرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وبعد،،

فيواصل الشيخ عليه -رحمة الله تعالى- ذكر الأحاديث المتعلقة باللباس، "وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: "أهدى النجاشي -رضي الله عنه- إلى سيدنا رسول الله ﷺ خفين فلبسهما رسول الله ﷺ حتى تخرقا"؛ أي : واصل اللبس ودام عليه إلى أن تخرق الخفين من كثرة الاستعمال، "وأهدى له دحية الكلبي - رضي الله عنه- خفين فلبسهما لا يدري أذَكِيٌّ هما أم لا"، يعني: من مذبوح أو من ميتة؟؛ فإن كان من مذبوح فهي طاهرة من الأصل، وإن كان من ميتة فقد طهرت بالدباغ.

 

"وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب"، وكان يشير إلى تفضيل الثوب الأبيض، وأنه إذا كان طالب العلم  أو القارئ للقرآن يقرأ وثيابه بيض يكون ذلك أحب، ويروق ذلك بكثير من الأخيار والصالحين؛ "إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب". 

 

"وكان ﷺ يلبس الملاءة والقميص المصبوغة بالزعفران، ولبس ﷺ مرةً ثوبين كانا صُبغا بالزعفران"؛ ويقال للثوب المصبوغ بالزعفران: مُزَعّفر. "قال: وقد نُقضا"

"وكان أنس -رضي الله عنه- يلبس البرنس الأصفر"، يُغَطى به الرأس والرقبة يُقال له: البرنس- وكان ﷺ يقول: "تغطية الرأس بالنهار فقه"؛ لإنها من فعل المقبلين على الله، والذين لا يريدون الالتفات إلى شيء من شؤون الدنيا وما يعرض للفكر فيشغله، لأنه من نتائج الفهم لكلام العلماء والحكماء أن التقنع بالنهار مطلوب محبوب، قال: "وبالليل ريبة"، يعني: تهمة؛ استرابوا منها، لأنه وجد إنسان متقنع بالليل يظنون أنه سارق ولا يصلح شيء ولا ناوي على سوء، قال: لماذا يغطي رأسه؟ فمن وجده كذلك فيرتاب منه، يقول: خليه مغطي رأسه، ليش مغطي رأسه؟؟ هذا إيش بيصلح؟ فإذًا اتقاء مواضع الريبة والتهمة هو الذي جاءت به السُّنة المُشرفة. 

 

وتقدم معنا في لبس المزعفر واختلاف الأئمة فيه؛ وعندنا كذلك الشافعية:

  • ففي التحفة يقول: حكمه حكم الحرير كما تقدم معنا. 

  • وقال في الإمداد: تحريم ما زاد على أربع أصابع.

  • وفي النهاية يقول: إذا أطلق عليهم مُزعفر فهو حرام.

  • ويقول: جرى الخطيب والرملي: على أنهما حلال مطلقان.

 

وكان ﷺ يقول: "رُفِعَ عيسى -عليه السلام- وعليه مدرعة وخفا زاع وحذَّافة يحذف بها الطير"، "وكان ﷺ ينهى عن لبس القسي من الثياب وهي ثياب كتان مخططة بإبريسم"؛ يعني: بحرير "كانت تجلب من أرض مصر"، وفي لفظ: "وقذافة يقذف بها الطير" سيدنا عيسى بدل حذافة يحذف بها الطير. 

  • ويطلق على الحرير أيضًا الإبريسم، يقال له: إبريسم.

  • الاستبرق: غليظ الديباج.

  • الخز: ما ينسج من صوف وإبريسم أو من خالص الإبريسم يقال له: الخز، وقد ينسج من صوف وغيره.

  • وكذلك الديباج: يكون ثوب سُدَّاه ولحمته إبريسم. 

  • وكذلك السندس: نوع من رقيق الديباج يقال له سندس.

  • والقز: نوع من الحرير، بل هو اسمه أيضا للدودة التي تنتج الحرير، دودة القز.

 

قال: "وكان ﷺ يقول في الفراش: "فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف"؛ يعني: الفُرَش التي تُدَّخر في البيت على عدد أهل البيت أفراد الأسرة، وعلى عدد من ينتابهم في الغالب من الضيوف، ما زاد على ذلك قال: "الرابع للشيطان"؛ يشير لأن كل أنواع الأمتعة اتخاذها وتكديسها من غير حاجة مرتع للشيطان، يدخل به على قلب ابن آدم  يشغله به ويقطعه عن مهام كثيرة، ويأخذ به فكره وعمره كذلك؛ بل يأخذ ما يحتاجه ولا يكدس ويدخل ما لا يحتاج اليه من أي نوع  من أنواع الأمتعة، من أي نوع الثياب، يكون بمقدار الحاجة،"وقال: فراش للرجل وفراش للمرأة"، يعني: أفراد الأسرة قلوا أو كثروا، "وفراش للضيف" فحسب من كان يأتيه الضيف إلا واحد ولا اثنين؛ هذا واحد واثنين، من كان يعتاد مجيء الضيوف عشرة عشرين، يجيب عشرة عشرين، فما زاد على هذا حق الشيطان؛ ما زاد فهو للشيطان، "فالرابع للشيطان". 

 

وكذلك في بقية الأمتعة التي يستعملها الناس، مقدار الحاجة عدل أخذه، وما زاد على ذلك فهو من مراتع الشيطان؛ حتى يدعوهم إلى المباهاة والتفاخر والزينة بها وتبديلها في كل وقت من دون حاجة، ليرتكب المشاق في تحصيلها ولو بالشُبهة ولو بالحرام، وماذا الذي يؤديهم إلى هذا؟ لو قنعوا بالحاجة انتهت المسألة كلها، ولا عاد تعبوا فكرهم ولا ضيعوا عمرهم، فهو من مراتع الشيطان لابن آدم.

 

"قال أنس -رضي الله عنه-: كان رسول الله ﷺ يصبغ ثيابه كلها بالزعفران حتى عمامته، ودخل رسول الله ﷺ يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء وقد أرخى طرفها بين كتفيه، وقال عروة: لبس الزبير عمامة صفراء يوم بدر ونزلت الملائكة وعليها عمائم صفر على سيما الزبير، وكانت عمامته ﷺ بطحة يعني لاطية وكذلك أصحابه -رضي الله عنهم-، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصبغ ثيابه كثيرًا بالزعفران ويدهن به فقيل له في ذلك فقال: لأني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله ﷺ. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "رأى رسول الله ﷺ رجلا متخلقًا بزعفران -يعني متطيب- فقال له: اذهب فاغسله ثم اغسله ثم لا تعد فإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل في جسده شيء من خلوق"، قال بعض العلماء: وهذا في حق من يتطيب به كالطيب لا ما يصبغ به الثوب".

والأمر أيضًا عائد إلى المقاصد فيه وإلى النيات وكيفية الاستعمال ، وتقدم معنا في ما يتعلق بالثياب المزعفرة والمعصفرة وكلام الأئمة فيها وقول الحنفية والحنابلة بكراهتها للرجال وإجازة المالكية، وكذلك إجماعهم على أنه بالنسبة للمحرم تحرم لأنه تُعَدُّ من الطيب.

 

"وكان ﷺ يكره أن يطلع من نعليه شيء عن قدميه -إنما ذاك الخُفّ-، وكان ﷺ ينهى عن المشي في نعل واحدة ويقول: "إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها"؛ وفي هذا مصلحة للبدن وعدم إخلال بالتوازن، فإنه إذا يمشي على واحدة دون الثانية يعمل على اختلال التوازن عنده وهو نعمة وعطية أعطاه الله الإنسان في توازن شؤون أعضائه وجسده، لو اختل منها أدنى شيء تغير عليه القيام والقعود والحركة والمشي؛ ولكنه سبحانه وتعالى حكيم ولطيف بعباده.

"وكان ﷺ لبس النعال السبتية".

إذًا المشي في نعل واحدة مكروه؛ كذلك يقول الشافعية والحنابلة: أن المشي في نعل واحدة مكروه من غير عذر، يقول الحنابلة: ولو يسيرًا  لأجل الحديث: "لا يَمْشِي أَحَدُكُمْ في نَعْلٍ واحِدَةٍ"، "إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها" والحديث عند الإمام مسلم -عليه رحمة الله-.

يقول المالكية: لا يمشي أحد في نعل واحدة ولا يقف  فيه إلا أن يكون الشيء خفيف في حال كونه متشاغلا بإصلاح الأخرى، فليلبسهما جميعًا أو ينزعهما جميعًا كما جاء في السنة.

وفي رواية " فليخلعهما جميعًا أو ينعلهما جميعًا"، وكان ﷺ ينهى أن ينتعل الرجل قائمًا"، وهذا إذا كان يخاف السقوط، إذا كان في النعال كلف لإدخالها الرجل، كما يحصل بعض نوع النعال قوية صعبة فما تدخل الرِّجل بسهولة، ينبغي يجلس، يجلس يلبس النعلين وهو جالس، وأما إن كانت خفيفة ويسهل لبسها من دون أن يتعرض لأن يبقى شبه راكع ولا هو راكع ويعالج دخول النعل، فإذا كان ما يحتاج إلى أن ينحني ويلبسها بسهولة فلا شيء في ذلك، فإن كانت من نوع يحتاج إلى أن ينحني لها ويتكلف لبسها، فينبغي يجلس ويلبس النعلين وهو جالس، ويقول قائلهم: ما تَنَعَّلْقَمْتُ قط، يعني: ما لبستُ النعل قائمًا قط، ولا تَسَرْوَلْقَمْتُ قط، يعني: ما لبستُ السراويل قائمًا.

 

يقول: "وكان ﷺ ينهى أن ينتعل الرجل قائمًا، وقال القاسم بن محمد -أي: ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم-: رأيت عائشة -رضي الله عنها- تمشي بنعل واحدة أو قال في خف واحد وهي تصلح الأخرى، وكان ﷺ يقول: "إذا بدا خف المرأة بدا ساقها".

يعني: كأنما بدا ساقها، إذا بدا خُفّ المرأة فقد بدا ساقها، يعني: عليها إثم من ظهرت ساقها للناس، فأمر أن يكون لباس المرأة محتشم يستر الخُف، فظهور خفها له من الإثم كظهور الساق، كأنها أظهرت الساق،"إذا بدا خف المرأة بدا ساقها"، لهذا عليها أن تحرص، حتى قالوا: قال لهم ﷺ: "ذيْلُ المرأةِ شِبرٌ، قلتُ: إذن تخرُجُ قدماها؟ قال: فذراعٌ، لا يزِدْن عليه"، وقيل له: أننا نمشي في الشارع فتعلق النجاسة بثيابنا -النساء المسبلات-، فقالﷺ: "يطهِّرُه ما بعدَه" ما قال ارفعن الثياب، قال:"يطهِّرُه ما بعدَه" ما دام جاف ويابس فما بعده يبعده ويزيل الأثر ولا يضر ولا يتنجس إلا بما كان مبللًا.

 

ويقول: "استكثروا من النعال في السفر فإن الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل" أي: أن وقايته الرجلين بواسطة النعلين يسهل عليه المشي والحركة، فكأنه راكب وهو على رجله يمشي بواسطة النعلين، لكن إذا ما في نعلين يتعب ويصعب عليه مواصلة السير، لذلك قال: أكثروا، وإذا أن واحدة تتخرق واحدة تنقطع، الثانية معك تكون موجودة، حتى لا تحتاج أن تحتفي في السفر، مع ندبه ﷺ للاحتفاء أحيانًا، ما هو في السفر في الحضر والوطن أن نحتفي أحيانًا.

"فإن الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل، وكان ﷺ يلبس النعال السبتية -نوع من النعال- وهي التي ليس عليها شعر -هذا السبتية-، ويتوضأ فيها، وكان لنعله ﷺ قبالان" القُبال: الزمام يوضع بين الأصبع الوسطى والتي تليها يسمى شسع، أو بين الإبهام والتي تليها، وكان له ﷺ  شسعان في نعله، يضعها بين الأصبعين وبين الأصبعين؛ الشِّراك: السير الرقيق الذي يكون في النعل على ظهر القدم.

يقول: "وكان لنعله ﷺ قبالان" اثنين في كل نعل، يضع أحدهما ما بين الخنصر والتي تليها، والثاني ما بين الوسطى والتي تليها.

 

"وكانت عائشة -رضي الله عنها- تنهى النساء عن لبس نعال الرجال" يعني: النعال التي عُرِفَت بلبس رجالها وصارت معلومة لهم وصار بها العرف بأنها لبس للرجال، فقالت: لا تلبسها امرأة، لأنه "لعن رسول الله ﷺ الرَّجُلَة من النساء"؛ الرَّجُلَة من النساء: المترجلة المتشبهة بالرجال في زيهم أو أي شيء يختص بالرجال، تَشَبُّه المرأة بالرجل بالزي والمشي ونحو ذلك حرام، وعُدَّ من الكبائر، كمثل تَشَبُّه الرجل بالمرأة كذلك فيما يختص بالنساء، فلا يجوز لأحد الجنسين أن يتعدى على خصوصية الجنس الآخر، وكل يتشرف بما خصَّه الله به، ويتعفف عن حق الآخر، ولا يزري بنفسه به، ويخالف أمر الله -سبحانه وتعالى-، "لعَن اللهُ المُتشبِّهاتِ من النِّساءِ بالرِّجالِ والمُتشبِّهينَ من الرِّجالِ بالنِّساءِ".

"كانت عائشة -رضي الله عنها- تنهى النساء عن لبس نعال الرجال وتقول: "لعن رسول الله ﷺ الرَّجُلَة من النساء"؛ أي: المتشبهة بالرجال.

وهكذا قال جمهور العلماء بحرمة تَشَبُّه النساء بالرجال والرجال بالنساء، لما جاء في صحيح البخاري ما سمعنا: " لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجالِ بالنِّساءِ، والمُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّساءِ بالرِّجالِ"، وجاء عند بعضهم أن ذلك للكراهة، وذلك قد يختلف في التشبه الشنيع والذي يثير ويلفت النظر هذا محرم بالاتفاق، وما دون ذلك قيل بكراهته، فيكون تشبه في اللباس والحركات والسكنات وتصنع بالأعضاء أو بالأصوات، وتشبه الرجال أيضًا بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء، كل ذلك محرم.

 

رزقنا الله الاستقامة على المنهج الأقوم، واتباع حبيبه الأعظم، في كل شأن مما خصَّ وفيما عم، اللهم ارزقنا حسن الاقتداء بنبي الهدى، وتولنا به فيما خفي وفيما بدا، وكن لنا به حيثما كنا وأينما كنا هاهنا وغدا.

                                  

بسرِّ الفاتحة  

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الفاتحة 

تاريخ النشر الهجري

13 رَجب 1446

تاريخ النشر الميلادي

12 يناير 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام