(536)
(239)
(576)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 222- باب موقف الإمام والمأموم وإحكام الصفوف - 4 -
صباح الإثنين 2 جمادى الأولى 1446 هـ
"وكان مالك يقول: لا ينبغي لأحد أن يصلي خلف إمام المسجد في دار مغلقة لا يدخل إليها إلا بإذن، وإنما كانت الصحابة يصلون في حجر أزواج النبي ﷺ وإن كانت ليست من المسجد؛ لأن أبواب الحجر كانت شارعة في المسجد لا يمنع منها أحد، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: من كان بينه وبين إمامه نهر أو طريق أو جدار فلا يأتم به.
وكان ﷺ ينهى الرجل عن إيطان المكان الواحد للفرض والنفل لا يصلي إلا فيه ويقول: "لا ينبغي لأحد أن يتحرى موضعًا للصلاة"، وكان ﷺ يقول: "لا يصلي الإمام النافلة بعد الفريضة في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته عبده وصفوته سيدنا مُحمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحابته وأهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين صفوة الرحمن من بين خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،،
يواصل سيدنا الإمام الشعراني ذكر الأحاديث والآثار المتعلقة بالجماعة والصلاة فيها، وحال الإمام والمقتدي، ويقول -عليه رحمة الله-:
تقدم الكلام عن قول سيدنا عمر: "من كان بينه وبين إمامه نهر أو طريق أو جدار فلا يأتم به"، فالمسافة بين الإمام والمأموم لابد أن تكون منضبطة؛ وهذا الضبط:
فإذا كان هناك حائل مثل هذا في طرف النهر هذا والمأموم في الطرف النهر الثاني؟
ويشترط المالكية: فقط إن كان معرفة انتقالات الإمام ولا يبالوا في طريق أو ما في طريق يجوز صلاة الجماعة ما دام يعرفون يعرفون انتقالات الإمام.
كما يشترط الشافعية: أن لا يكون حائل يمنع الرؤية أو يمنع المرور، إذا كان بين الإمام والمأموم مثلًا جدار كبير أو باب مغلق يمنع المقتدي من الوصول للإمام لا يصح الاقتداء.
وهو كذلك عند الحنفية، وكذلك رواية عند الحنابلة، فلابد من رؤية المأموم الإمام أو من يرى الإمام من المأمومين الآخرين وجاء عن النبي ﷺ "كان يصلي في حجرة عائشة والناس في المسجد يصلون بصلاته".
فإن حال حائل بين الإمام والمأموم يمنع المرور؛ وإن لم يمنع الرؤية مثل شباك أو زجاج؟
فكان أوسع المذاهب في هذا مذهب الإمام مالك إذا علم المأموم انتقالات الإمام في أركان الصلاة صحة الصلاة.
يقول: "وكان ﷺ ينهى الرجل عن إيطان المكان الواحد للفرض والنفل لا يصلي إلا فيه، ويقول: "لا ينبغي لأحد أن يتحرى موضعًا للصلاة" بمعنى: أنه لا يحصر صلاة في مكان واحد في المسجد لا يصلي إلا فيه، فإن كل موضع يسجد فيه يشهد له يوم القيامة، ويأنس به، ويحزن عليه إذا مات، فليعدد الأماكن إذا صلى الفريضة في مكان فيصلي النافلة متأخرًا عنها ومتقدمًا عن المكان الذي كان فيها أو عن اليمين أو عن اليسار ولا يبقى في نفس المكان الموطن، والإيطان: أن يستمر دائمًا على ملازمة محل واحد ويصلي فيه فرضه ونفله، "وكان ﷺ ينهى الرجل عن إيطان المكان الواحد للفرض والنفل لا يصلي إلا فيه".
وكان كثير من أخيار الأمة ومن يحبون توزيع الصلاة على سوارِي المسجد وأماكن المسجد من أجل أن يشهد له هذا الموضع وهذا الموضع وهذا الموضع يوم القيامة، يشهد له بالسجود ويألفه المكان الذي يسجد فيه.
وكذلك يقول: "لا يصلي الإمام النافلة بعد الفريضة في مَقامه -أو مُقامه- الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله". كما جاء في رواية أبي داود وابن ماجة وغيرهم، فالسنة للإمام إذا صلى فأراد النافلة أن يتنحى لصلاة النافلة يمينًا أو شمالًا أو أمامًا أو خلفًا ولا يبقى في نفس المكان.
ثم يذكر لنا أنه ﷺ قال: "يصلي المريض قائمًا وقاعدًا"، ويذكر لنا بعد ذلك صلاة المعذور.
رزقنا الله إقامة الصلاة على الوجه الأحب إليه، والأرضى عنده وحققنا بحقائق سجودها وركوعها وخشوعها وخضوعها، وجعلنا عنده من خواص أهلها اجعل سرها مسلسل في أولادنا وذرياتنا ما تناسلوا.
بسر الفاتحة إلى
حضرة النبي محمد اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.
04 جمادى الأول 1446