كشف الغمة 222- كتاب الصلاة (112) باب موقف الإمام والمأموم وإحكام الصفوف - 4 -

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 222- باب موقف الإمام والمأموم وإحكام الصفوف - 4 -

صباح الإثنين 2 جمادى الأولى 1446 هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  حكم ملازمة مكان واحد للصلاة في المسجد
  •  صلاة النافلة في موضع مختلف عن الفرض
  •  مسافة الانقطاع بين الإمام والمأموم لصحة الجماعة
  •  هل وجود نهر أو طريق بين الإمام والمأموم يمنع الجماعة؟
  •  حكم إذا كان جدار مغلق يمنع المرور

نص الدرس مكتوب:

"وكان مالك يقول: لا ينبغي لأحد أن يصلي خلف إمام المسجد في دار مغلقة لا يدخل إليها إلا بإذن، وإنما كانت الصحابة يصلون في حجر أزواج النبي ﷺ وإن كانت ليست من المسجد؛ لأن أبواب الحجر كانت شارعة في المسجد لا يمنع منها أحد، وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: من كان بينه وبين إمامه نهر أو طريق أو جدار فلا يأتم به.

وكان ﷺ ينهى الرجل عن إيطان المكان الواحد للفرض والنفل لا يصلي إلا فيه ويقول: "لا ينبغي لأحد أن يتحرى موضعًا للصلاة"، وكان ﷺ يقول: "لا يصلي الإمام النافلة بعد الفريضة في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته عبده وصفوته سيدنا مُحمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحابته وأهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين صفوة الرحمن من بين خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وبعد،،

يواصل سيدنا الإمام الشعراني ذكر الأحاديث والآثار المتعلقة بالجماعة والصلاة فيها، وحال الإمام والمقتدي، ويقول -عليه رحمة الله-: 

تقدم الكلام عن قول سيدنا عمر: "من كان بينه وبين إمامه نهر أو طريق أو جدار فلا يأتم به"، فالمسافة بين الإمام والمأموم لابد أن تكون منضبطة؛ وهذا الضبط: 

  • إما أن يجمعهم مسجد: 
    • فإذا جمعهم مسجد واحد متصل فيكفي من حيث ضبط المسافة، قلّت المسافة أو كثرت هكذا يقول الحنفية والشافعية والحنابلة.  وزاد المالكية مسجد أو غير مسجد لا يضر بُعد المسافة إذا علم انتقالات الإمام. 
    • فيقولون: إذا كان المأموم يرى الإمام، أو يرى من المأمومين من يرى الإمام، ويسمع التكبير وهما في مسجدٍ واحدٍ صح الأقتداء وإن بعدت المسافة.
  • فإذا كانوا خارج المسجد:
    • يقول الحنفية: إذا كانت المسافة التي ينقطع فيها عن الإمام ما يسع صفين فأكثر فإنها تمنع صحة الاقتداء، إلا في صلاة العيدين فاغتفروا في صلاة العيدين أن يكون هناك فواصل بين المأمومين والإمام، وفي غير صلاة العيدين قالوا: لا تصح الصلاة جماعة إذا كان الانقطاع يسع صفين فأكثر، وهكذا وعندهم أيضًا خلاف في صلاة الجنازة إذا كان هناك انقطاع فهذا قول الحنفية.
    • ويقول الشافعية: إذا كان خارج المسجد فلابد أن تكون المسافة التي فيها انقطاع لا تزيد على ثلاثمائة ذراع، فإن زادت على ثلاثمائة ذراع فليست هذه بجماعة ولا تصح القدوة، فاشترط في المسافة في خارج المسجد أن لا تزيد عن ثلاثمائة ذراع.
    • والحنابلة: يشترطون لصحة الجماعة خارج المسجد رؤية الإمام؛ أن يرى المأموم هذا الإمام، أو بعض من وراء الإمام ممن يرى الإمام، فإن كان لا يرى الإمام ولا يرى أحد يرى الإمام، فلا تصح الصلاة جماعة عند الحنابلة؛ وإن قصرت المسافة وإن علم الانتقالات فلابد عندهم من أن المأموم يرى الإمام أو يرى من يرى الإمام، يرى المأمومين الذين يرون الإمام.
    • المالكية: لم يفرقوا بين المسجد وغيره ولا بين قرب المسافة ولا بُعدها، وقالوا: إذا أمكن رؤية الإمام أو المأموم أوسماع الإمام ولو بمسمِّع يسمعه إياه فعرف انتقالات الإمام صحت القدوة. 

 

فإذا كان هناك حائل مثل هذا في طرف النهر هذا والمأموم في الطرف النهر الثاني؟ 

  • إذا كان بين المقتدي والإمام نهر:
    • يقول الحنفية والحنابلة: إذا كان النهر كبير ما تصح القدوة، وإن كان صغير تصح، ما هو النهر الكبير؟ وما هو النهر الصغير؟ يقول الحنفية والحنابلة: النهر الصغير ما لا تجري فيه السفن، وأما المالكية يقولون: ما لا يمنع من سماع الإمام أو بعض المأمومين أو رؤية فعل أحدهم بحيث يعلم انتقالات الإمام، فالأمر يرتكز عند المالكية على علم المأموم بانتقالات الإمام من ركوع واعتدال وسجود وجلوس وهكذا، 
    • فيقول الأئمة الثلاثة: إن كان النهر صغيرًا جاز أن يصل المأموم خلف الإمام والإمام من طرف النهر الثاني وإن كان كبيرًا فلا.

 

  • ما هو النهر الكبير والصغير؟ 
    • قال الحنفية والحنابلة: الكبير الذي تجري فيه السفن ولو زورق، والصغير الذي ما يمكن تجري السفن فيه. 
    • قال المالكية: الذي لا يرى منه الإمام والمأموم ولا يسمع أحد يبلغ عن انتقالات الإمام في الصلاة، فهذا يقطع الصلاة عندهم.
    • يقول الشافعية: النهر إذا كان يمكن المشي فيه أو عليه جسر يمكن الوصول إليه فلا يضر وجود هذا النهر، أو كان مِحوِج إلى السباحة كذلك على الصحيح، فلا يعد ذلك قاطعًا بين الإمام والمأموم إنما اشترطوا أن لا تزيد المسافة على ثلاث مئة ذراع لا تزيد المسافة على ثلاث مئات ذراع. فأما النهر الذي يمكن العبور من أحد طرفيه إلى الآخر، إما بوثوب -قفز-؛ أو مشي وسطه ما هو عميق؛ أو عليه جسر ممدود فهذا الصلاة صحيحة ولا يضر وجود هذا النهر. أما إن كان يحوج إلى سباحة فكذلك تصح الصلاة على المعتمد عند الشافعية. أما إذا كان ما يمكن مروره بالسباحة، أو كان بعيد أكثر من ثلاثمئة ذراع بين الإمام والمأموم، فلا تصح الجماعة عند الشافعية.
    • كذلك يقول الحنفية والحنابلة: لو كان بين الإمام والمأموم طريق نافذ يمكن أن تجري فيه عجلة وليس فيه صفوف متصلة فيمنع صحة الصلاة.

 

ويشترط المالكية: فقط إن كان معرفة انتقالات الإمام ولا يبالوا في طريق أو ما في طريق يجوز صلاة الجماعة ما دام يعرفون يعرفون انتقالات الإمام. 

 

كما يشترط الشافعية: أن لا يكون حائل يمنع الرؤية أو يمنع المرور، إذا كان بين الإمام والمأموم مثلًا جدار كبير أو باب مغلق يمنع المقتدي من الوصول للإمام لا يصح الاقتداء.

وهو كذلك عند الحنفية، وكذلك رواية عند الحنابلة، فلابد من رؤية المأموم الإمام أو من يرى الإمام من المأمومين الآخرين وجاء عن النبي  "كان يصلي في حجرة عائشة والناس في المسجد يصلون بصلاته".

فإن حال حائل بين الإمام والمأموم يمنع المرور؛ وإن لم يمنع الرؤية مثل شباك أو زجاج؟ 

  • فالمعتمد عند الشافعية: ما يصح الجماعة والقدوة. وكذلك إن كان يمنع الرؤية وإن لم يمنع المرور، بأن كان باب مردود ويستطيع أن يدفعه ويدخل فلا يمنع المرور ولكن يمنع الرؤية فلا يصح القدوة حتى يتمكن أن لا يكون حائل يمنع الرؤية ولا المرور إلى الإمام. 
  • والمالكية كما هو الرواية عند الحنابلة: لا يفرقون بين إذا الجدار كبير أو صغير، قال ما دام يعرف انتقالات الإمام فتصح الصلاة.

فكان أوسع المذاهب في هذا مذهب الإمام مالك إذا علم المأموم انتقالات الإمام في أركان الصلاة صحة الصلاة.

 

يقول: "وكان ﷺ ينهى الرجل عن إيطان المكان الواحد للفرض والنفل لا يصلي إلا فيه، ويقول: "لا ينبغي لأحد أن يتحرى موضعًا للصلاة" بمعنى: أنه لا يحصر صلاة في مكان واحد في المسجد لا يصلي إلا فيه، فإن كل موضع يسجد فيه يشهد له يوم القيامة، ويأنس به، ويحزن عليه إذا مات، فليعدد الأماكن إذا صلى الفريضة في مكان فيصلي النافلة متأخرًا عنها ومتقدمًا عن المكان الذي كان فيها أو عن اليمين أو عن اليسار ولا يبقى في نفس المكان الموطن، والإيطان: أن يستمر دائمًا على ملازمة محل واحد ويصلي فيه فرضه ونفله، "وكان ﷺ ينهى الرجل عن إيطان المكان الواحد للفرض والنفل لا يصلي إلا فيه".

وكان كثير من أخيار الأمة ومن يحبون توزيع الصلاة على سوارِي المسجد وأماكن المسجد من أجل أن يشهد له هذا الموضع وهذا الموضع وهذا الموضع يوم القيامة، يشهد له بالسجود ويألفه المكان الذي يسجد فيه.

 

وكذلك يقول: "لا يصلي الإمام النافلة بعد الفريضة في مَقامه -أو مُقامه- الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله". كما جاء في رواية أبي داود وابن ماجة وغيرهم، فالسنة للإمام إذا صلى فأراد النافلة أن يتنحى لصلاة النافلة يمينًا أو شمالًا أو أمامًا أو خلفًا ولا يبقى في نفس المكان.

 

ثم يذكر لنا أنه  قال: "يصلي المريض قائمًا وقاعدًا"، ويذكر لنا بعد ذلك صلاة المعذور.

 

رزقنا الله إقامة الصلاة على الوجه الأحب إليه، والأرضى عنده وحققنا بحقائق سجودها وركوعها وخشوعها وخضوعها، وجعلنا عنده من خواص أهلها اجعل سرها مسلسل في أولادنا وذرياتنا ما تناسلوا.

 

بسر الفاتحة إلى 

حضرة النبي محمد اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه. 

تاريخ النشر الهجري

04 جمادى الأول 1446

تاريخ النشر الميلادي

05 نوفمبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام