(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (72) باب صفة الصلاة -24- راتبة الجمعة والعصر
صباح الأحد 1 محرم 1446 هـ
"وكان ﷺ إذا فاتته سنة الظهر قضاها بعده، وصلى مرة بعد العصر ركعتين فقالت له جارية لأم سلمة: يا رسول الله سمعناك تنهى عن الصلاة بعد العصر؟ فقال: "إنه أتاني ناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين قبل الظهر فهما هاتان"، والله أعلم.
وأما الجمعة: فكان رسول الله ﷺ يصلي قبلها أربع ركعات وأما بعدها فكان ﷺ يقول: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعًا فإن عجل أحدكم شيء فليصلِّ ركعتين في المسجد وركعتين في البيت"، وكان ﷺ أكثر فعله لهما في البيت والله أعلم.
وأما العصر: فكان رسول الله ﷺ يصلي قبلها أربعًا ولم يكن يصل بعدها شيئًا وكان يفصل بين كل ركعتين بالتسليم ويقول: "من صلى أربع رکعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار"، وكان ﷺ يقول كثيرًا: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعًا"، وفاته ﷺ ركعتان قبل العصر فقضاهما بعده وقال: "إن وفد عبد القيس شغلوني عنهما"، وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: "كان رسول الله ﷺ يصلي بعد العصر ركعتين في البيت مخافة أن يشق على أمته"، "وكان إذا صلى صلاة داوم عليها"، وسيأتي في الباب الآتي أن النهي عن الصلاة بعد العصر خاص بالغروب وما قبله حريم له، والله أعلم".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددَ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مُكرمنا بالشريعة الغراء وبيانها عَلى لسان خير الورى، سَيّدنا مُحمَّد بن عبد الله صلَّى الله وسلَّم وبارك وكَرَّمَ عليه وعلى آله وصحبه طُرّا، وعلى من سار في سبيلهم وبمجراهم جَرَى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الرّاقين أعلى الذُّرَى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقرّبين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
تقدّم الكلام على سنّة الظهر قبلها وبعدها، فيما أوردَ من أحاديث، وفيما استحبّ أهل العلم من صلاة أربعٍ قبلها، وأربعٍ بعدها.
كذلك الجمعة، الجمعة أيضًا، قال: " فكان رسول الله ﷺ يصلي قبلها أربع ركعات -أي: في بيته وأما بعدها فكان ﷺ يقول: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعًا".
إذًا فسنّة الجمعة:
ويتعلّق أيضًا بالجمعة سنن مُتعلّقة بالأذكار عند الخروج من صلاة الجمعة:
ثُمَّ ذَكَرَ سُنَّةَ الْعَصْرِ، قالَ: "وأما العصر: فكان رسول الله ﷺ يصلي قبلها أربعًا ولم يكن يصل بعدها شيئًا".
فَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْر.
قَالَ: "وكان يفصل بين كل ركعتين بالتسليم"، رَكْعَتَيْنِ فَيُسَلِّمُ، فَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرسلينَ وَعِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ مَا بَيْنَ الركعتين والركعتين، إذا سلّم من الركعتين الأوليين يقول: "السلام على الأنبياء والمرسلين، السلام على الملائكة والمقربين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، ثم يصلّي الركعتين الأخريين فهذا من السنّة.
ثمّ قال: كان أيضًا "يقول: "من صلى أربع رکعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار" قال: أخرجه الطبراني وذكره الهيثمي في المجمع.
وجاء أيضًا في الحديث: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعًا"، قال الإمام الغزالي لما أورد هذا الحديث: فاجتهد أن ينالك دعاؤه ﷺ، فاجتهد أن ينالك أي: واظب على هذا حتى تكون ممن دعا لهم رسول الله ﷺ فينالك دعاؤه ﷺ في صلاة أربع قبل العصر.
قال: "وكان ﷺ يقول كثيرًا: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعًا"، قال: أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد في المسند، وحسّنه الترمذي -عليه رحمة الله تبارك وتعالى-.
وهكذا قال: "وفاته ﷺ ركعتان قبل العصر فقضاهما بعده وقال: "إن وفد عبد القيس شغلوني عنهما". والأصح أن الشغل كان عن بَعْدِيَّة الظهر، فلهذا قضاها بعد العصر، شغلوه عن بعدية الظهر حتى دخل وقت العصر، فصلّى سنّة العصر ثم صلّى بالناس العصر، وعاد إلى البيت فقضى، قضى سنة الظهر وقال: شغلني عنها عبد القيس -كما تقدم معنا-،
له جارية لأم سلمة: يا رسول الله سمعناك تنهى عن الصلاة بعد العصر؟ فقال: "إنه أتاني ناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين قبل الظهر فهما هاتان"، ومن هنا أخذ الشافعية أيضًا تخصيص النهي عن الصلاة بعد العصر؛ بأنه ما لم يكن لا ذا وقت، ولا ذا سبب من النّفل المطلق، أو كان له سبب متأخر عنه، فرّقوا بين السبب المتقدم قبل الصلاة، والسبب المتأخر، قالوا:
قال: "وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقول: "كان رسول الله ﷺ يصلي بعد العصر ركعتين في البيت مخافة أن يشق على أمته"، والذي يقول أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب ما يصلي بعد العصر من الفوائت.
إنما هو كما ترجم البخاري من الفوائت؛ لم يكن للعصر بعديّة، وإنما لمّا فاتته الركعتان بعديّة الظهر قضاهما بعد العصر، ثم كان من خصوصيته، كما يقول الشافعية: من خصوصيته أنه يدوم على العمل، فمنه لما قضى سنة الظهر بعد العصر صار يصلي كل يوم بعد العصر ركعتين، فإن عمله ديمة.قال: "وكان إذا صلى صلاة داوم عليها".
قال: "وسيأتي في الباب الآتي أن النهي عن الصلاة بعد العصر خاص بالغروب وما قبله حريم له" عند الإصفرار هذا وقت متعلق بالزمن.
ومن هنا لاحظ بعض أهل العلم على الصلاة قبل الجمعة، فخشوا أن يصليها وقت الاستواء، عند وقت الاستواء، وإن كان وقت الاستواء لحظات إنما تَسعُ التكبيرة؛ النية والتكبيرة فقط:
ثم يأتي وقت الإصفرار:
وإن لم يُصلِّ فقُرب المغرب، وإن لم يُصلِّ العصر فلا يتنفل بأي نافلة مُطلقة في هذا الوقت وإن عادك ما صليت، وإن عادك ما صليت العصر، والتأخير إلى هذا الوقت مكروه، وقيل: يَحرم، وحملوا عليه حديث: "من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله"، "من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله"،
فصارت الأوقات الثلاثة خمسة باعتبار أن وقتين متعلقة بالفعل، وهي فعل هذه الثلاثة، صارت خمسة، وهي فعل صلاة الصبح، إذا فعل صلاة الصبح ولو قبل الطلوع بمدة فتحرم بعد الصلاة
.
كذلك مُتعلق بالزمان بداية طلوع الشمس إلى أن ترتفع قدر رمح، هذا ما يتعلق بفعل الفريضة؛ ولكن يتعلق بالزمن، وهو عند الحنفية حتى من فاتته صلاة الصبح لا يقضيها في هذا الوقت حتى ترتفع الشمس، فعمّموا النهي.
واستثنى الشافعية أيضاً من النهي حرم مكة، واستدلوا بقوله ﷺ: "يَا بَنِي عَبْدِ مُنَافِ لا تمنعوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ" ، وقال غيرهم: إن حرم مكة مثل غيره في حرمة الصلاة في هذه الأوقات، وكراهتها في هذه الأوقات المنصوص عليها.
رزقنا الله إقام الصلاة، وأدائها على الوجه الأمثل، ورزقنا الحظ الوافر من النوافل، حتى ندرك مرتبة المحبة منه، وصدق المحبة له، ونزداد من ذلك في كل لمحة ونفس، اللهم آمين، والله أعلم.
يقول الشيخ عبد الحميد بن محمد بن قدس الشافعي-رحمه الله تعالى-: اعلم أن المحرم شهر عظيم، وفضله كثير عميم، وهو للصوم أفضل الشهور بعد رمضان لما جاء في الحديث: "ثم رجب، ثم الحجة، ثم القعدة، ثم شعبان" قال: فهو شهر الله المحرم أفضل الأشهر الحرم، المُقدَّم، ثالث الثلاثة الحرم السَّرَد: ربيعها رجب.
يقول: عن ابن حجر عن حفصة -رضي الله عنها- ترفعه: قالت: "مَن صام آخر يوم من ذي الحجة، وأول يوم من المُحَرَّم، جعل الله تعالى له كفارة خمسين سنة"، "وصوم يوم من المُحَرَّم بصوم ثلاثين يوماً".وصح في الحديث: "أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المُحَرَّم".
أيضاً يُروى ما أورده الإمام الغزالي في الإحياء يقول: "من صام ثلاثة أيام من شهر حَرَامٍ - أي شهر من ذي القعدة، أو ذي الحجة، أو مُحَرَّم، أو رجب، صام ثلاثة أيام من شهر حَرَامٍ، الخميس، والجمعة، والسبت- كتب الله له عبادة سبعمائة عام".
وسمعنا ما استحب بعض أهل العلم من قراءة سورة {آية الكرسي} في أول يوم من المُحَرَّم ثلاثمائة وستين مرة مع البسملة في كل مرة.
ونسأل الحق - سبحانه وتعالى - أن يجعل هذا العام من أبرك الأعوام علينا، وعلى أمة نبيّه مُحَمَّدٍ ﷺ ظاهراً وباطناً.
وعلى المؤمنٍ يُجدّد هِمَّته، ونِيَّته، وأن يكون في هذا العام خيرٌ منه من العام الذي مضى، ينوي أن لا يفوته في هذا العام بقدرة الله وتوفيقه راتبة ولا ضحى ولا وتر طول السنة إذا بلّغه الله إيّاها.
اللهم أَهِلَّه علينا باليُمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والرِّضوان والإحسان، وأصلح لنا كل شأن ولأهل الإسلام والإيمان يا حي يا قيوم.
اللهم إنك قديم، وهذا عام جديد قد أقبل، وسنة جديدة قد أقبلت، نسألك من خيرها، ونعوذ بك من شرّها، ونستكفيك فواتها، وشغلها، فارزقنا العصمة من الشيطان الرجيم.
اللهم إنك سلطت علينا عدوًّا، بصيرًا بعيوبنا، مطلعًا على عوراتنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم، اللهم آيسه منّا كما آيّستَه من رحمتك، وقنّطه منّا كما قنّطّته من عافيتك، وباعد بيننا وبينه كما حُلتَ بينه وبين مغفرتك، إنك قادر على ذلك، وأنت الفعّال لما تريد، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله
الفاتحة
03 مُحرَّم 1446