(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (27) شروط صحة الصلاة - ستر العورة (3 )
صباح السبت 22 رجب 1445هـ
"وكان ﷺ ينهى عن تجريد المنكبين في الصلاة ويقول: "لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، "وكان ﷺ يقول: "من صلى في ثوب واحد فليخالف بطرفيه"، وكان كثيرًا ما يقول ﷺ: "إذا صليت في ثوب واحد فإن كان واسعًا فالتحف به وإن كان ضيقًا فاتزر به".
وكثيرًا ما يقول ﷺ: "إذا ما اتسع الثوب فتعاطف به على منكبيك ثم صَلْ، وإذا ضاق وقصر عن ذلك فشد به حِقْوَيْكَ ثم صل من غير رداء"، وقد صلى بهذه الحالة مرة رسول الله ﷺ ورداؤه موضوع عنده، وكان ﷺ يأمر صاحب الثوب الواحد أن يزرره في الصلاة، ويقول: "زرره ولو بشوكة ومن لم يزرره فليحتزم"، وكان معاوية بن قرّة -رضي الله عنه- لا يزرره في شتاء ولا حر ويقول: رأيت رسول الله ﷺ يصلي محلول الأزرار وكذلك كان غيره من الصحابة يفعل.
وكان ﷺ يحث صاحب الثوبين على الصلاة فيهما جميعًا ويرخص لصاحب القميص الواحد في الصلاة فيه ويقول: "أو لكلكم ثوبان" وفي رواية: "إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق من تزين له"
قال أنس -رضي الله عنه- وكان آخر صلاة صلاها رسول الله ﷺ في ثوب واحد خلف أبي بكر -رضي الله عنه-، وكان ﷺ إذا صلى في الثوب الواحد توشح به وألقى طرفيه على عاتقيه، وكان ﷺ ينهى عن الصلاة في السراويل من غير رداء.
وسئل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرة عن ذلك فقال: إذا وسع الله فأوسعوا، جمعَ رجل عليه أثوابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في تَبَّانٍ ورداء، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "من لم يجد ثوبًا فليستتر بالورق وغيره كما فعل آدم -عليه السلام- حين أكل من الشجرة وكانت شجرة التين"".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان حبيبه وصفوته خير بريته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحابته وأهل محبته ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرّحمن من خليقته وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرحمين.
ويواصل الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة باللباس في الصلاة، وقال: "وكان ﷺ ينهى عن تجريد المنكبين في الصلاة" أي: لمن وجد شيئًا يستر به المنكبين وهما: الكتفان قال: "لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء"، وهذا الحديث جاء في مسند الإمام أحمد وفي الصحيحين وفي غيرهما أن "لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء"
"وكان ﷺ يقول: "من صلى في ثوب واحد فليخالف بطرفيه"... فليخالف بطرفيه أي: يجعلهما على الكتفين، "وكان كثيرًا ما يقول ﷺ: "إذا صليت في ثوب واحد فإن كان واسعًا فالتحف به… ": واجعله ملحفة لك وضعه على عاتقيك "وإن كان ضيقًا فاتزر به" أي: اجعل له إزارًا لك تشده على وسطك.
كلام الفقهاء في صلاة الرجل مكشوف العاتقين:
هذا كلام الفقهاء فيما يتعلق بالمنكبين؛ بالكتفين؛ بالعاتقين للمصلي، فالنهي عند الجمهور نهي تنزيه -كراهة تنزيه- مكروه، فيكره والصلاة صحيحة؛ لأنه ليس بعورة. وقال الحنابلة: يجب عليه أن يضع على عاتقه شيئا من اللباس إن كان قادرًا على ذلك، حتى جاء عن أبي جعفر أن الصلاة لا تجزئ من لم يخمِّر منكبيه، لكن علمت عامة الفقهاء قالوا: أن الصلاة تجزئ وإنما هذا للاستحباب؛ فيكره أن يصلي من دون أن يكون على عاتقيه منه شيء ومن لباسه شيء، وعند الشافعية ومن وافقهم ولو مقدار خيط، وقال جماعة من الحنابلة ليس هذا بلباس ولكن لا بد أن يكون عليه ثوب على عاتقيه؛ واستدلوا بقول: "لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء"، وكذلك بقول بريدة فيما رواه أبو داوود: "نهى رسول الله أن يصلي في لحاف لا يتوشح به وأن يصلي في سراويل ليس عليه رداء" فهذا النهي لكراهة التنزيه عند الجمهور، ولكراهة التحريم عند الحنابلة لمن قدر على ذلك.
أما من لم يقدر فقد جاء في الحديث "أو لكلكم ثوبان"؟! يعني: حالة الصحابة أن الكثير منهم ما يجد ثوبين يجد ثوب واحد فما يستطيع أن يستر به بدنه كله فيكتفي بالاتزار به، إذا كان واسعًا التحف به، ما في عنده لا دولاب ولا شنطة ولا شي فيها ثياب ما في عنده هو ثوب واحد يجلس عليه الشهر والشهرين والثلاثة ويقعد عليه؛ على ثوبٍ واحد -عليهم رضوان الله-؛ ولكنهم لبسوا ثوب التقوى فما أغلى ثيابهم، وما أعلى مراتبهم عند ربهم -عليهم رضوان الله-
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ***فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
إذا ما في عليه عيب ولا مثالب ولا ذنوب كل لباس يلبسه ما أحسنه؛ وقد أُلْبِس لباس التقوى.
لهم من التقوى اجل زينة***عند لقاهم تنزل السكينة
وتحصل الجمعية المبينة***فتجذب الألباب بانفعال
قلنا وقال غيرهم: لو وضع على كتفه حبلًا أوخيطًا ونحوه أجزأه وانتفت الكراهة، والصحيح عند الحنابلة أن هذا ليس بثوب فلا يجزؤه؛ لابد يكون لباس، وعلمنا أن الأمر في الفرض وأن النفل كما قال الإمام أحمد: يُتسامح فيه ما لا يُتسامح في الفرض.
وكثيرًا ما يقول ﷺ: "إذا ما اتسع الثوب فتعاطف به على منكبيك ثم صَلْ، وإذا ضاق وقصر عن ذلك فشد به حِقْوَيْكَ.." يعني: اجعله إزار وشده في وسطك "ثم صل من غير رداء" ؛ لأنه ما يجدُ الرداء، فكان بذلك الحكم بصحة الصلاة مع انكشاف المنكبين وبالاقتصار على الإزار، ولكن من وسّع الله عليه كحال عامة الناس في زماننا فينبغي أن يتزين للصلاة امتثالًا لقول الحق ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف:31]، وكانت الزينة التي يتخذها ﷺ للصلاة الإزار والقميص والجبة والرداء والعمامة، فهذا أكثر ما كان يتزين به ﷺ للصلاة، وقد يترك بعض ذلك لبيان الجواز- صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله- ويقول: "وقد صلى بهذه الحالة مرة رسول الله ﷺ ورداؤه موضوع عنده" لبيان الجواز، يعني: تعاطف بالثوب الواحد على منكبيه وصلى وترك الرداء على الأرض، ولذا جاءنا أيضًا في البخاري أن من سادتنا الصحابة لما صلى والرداء مطروح بين يديه، فسأله بعض التابعين يقول له: لماذا وضعت الرداء ولم تستعمله وأنت تصلي؟ قال: "حتى يراني أحمق مثلك فيعلم أن ذلك ليس بواجب" قال: "وإني قد رأيت الرسول ﷺ يضع الرداء ويصلي" -صلوات ربي وسلامه عليه-، فالأمر فيه واسع مع قول ابن حجر: أنه ينبغي أن يضع الرداء على عاتقه في الصلاة، حتى إذا خرج عليه وهو يصلي بحث أن يعيده، ومع قول الإمام الغزالي أيضًا: ولا يعيد شيء سقط عليه في أثناء الصلاة، شُغلًا بالصلاة ولا يتابع شيء من مثل هذا -لا إله إلا الله- ففي الأمر سعة.
يقول: "وكان ﷺ يأمر صاحب الثوب الواحد أن يزرره" يعني يجمع بين طرفيه بأزرار ليكون ذلك أستر، "ويقول: "زرره ولو بشوكة ومن لم يزرره فليحتزم" يجعله حزامة له يجمع أطرافه على نصفه حتى لا يبدو من عورته شيء، "وكان معاوية بن قرّة -رضي الله عنه- لا يزرره في شتاء ولا حر ويقول: رأيت رسول الله ﷺ يصلي محلول الأزرار وكذلك كان غيره من الصحابة يفعل". وذلك في قميصه ﷺ، وذلك أنه له من وراء القميص إزار، ويروى استعماله أيضًا للسراويل تحت الإزار فكان القميص أزراره مفتوحة، فصادف في بعض المرات أن بعض الوفد وَفَدَ عليه وأزرار قميصه مفتوحة فرأوه كذلك، فصار أحدهم يترك أزرار قميصه ولا يزرُّه بعد ذلك بعد أن شاهدوا منه هذا المنظر، ولكن الذين جالسوه رأوه قد يشدُّ الأزرار وقد يتركه أحيانا، شغلًا بالجوهر عن المظهر وبما هو أكبر وأخطر، وكلما ضعفت مدارك الإنسان وعقله واهتماماته، يُستَغل بالصور والمظاهر وترك الجواهر والمهام الكبيرة، وما عاد عرف إلا مجرد الهندام والشكل والصورة ولاعاد يعرف وراها شيء لقصر عقله، ومن اتسع عقله وضع كل شيء في موضعه، ورأى الأهم أهم والمهم مهم وغير المهم غير مهم ووضع كل شيء في موضعه، وكان سيد من يعرف مقادير الأمور ومقايسها في الخلق محمد ﷺ، فهو أعلم الخلق بما هو أولى وأفضل وأتم وأكمل ويختار الله له الكمال في شؤونه كلها -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
"وكان ﷺ يحث صاحب الثوبين على الصلاة فيهما جميعًا ويرخص لصاحب القميص الواحد في الصلاة فيه ويقول: "أو لكلكم ثوبان" فالكثير من الصحابة ليس عندهم إلا ثوب واحد، إذن يُستحب التزين لأجل الصلاة تعظيمًا لشعيرة الله تعالى ولحضرة الرحمن، يتزين للصلاة خشوعًا واستحضارًا للعظمة لا تكبرًا ولا خيلاء لأنه حرام، فيصلي في ثوبين أوأكثر، فإن لم يجد إلا ثوب واحد يتوشح به جاز، لهذا قال: "إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق من تزين له" أحق من تتزين له ربك، ولهذا كان يحرص الصالحون وخيار الأمة على الزينة في جوف الليل وآخر الليل، ويستعملون الطيب في ذلك الوقت، ويستعملون أحسن الثياب، لأنه وقت المناجاة وقت مناجاة الرب -تبارك وتعالى- والتزين فيه لله -تبارك وتعالى- فيتزينون في هذا الوقت، بينما يحرص الغافلون أن يتزين عندما يظهر للناس وعندما يراه الناس، وإذا هو وحده في البيت ما يحتفل بالزينة لأنه يتزين للخلق، وهؤلاء يتزينون للخالق فليطلب هذا أجرهم من الخلق إن كان عندهم أجر، وذاك أجره على الخالق الذي تزين له -جل جلاله-، وفي الحديث "من تطيَّب للهِ تعالَى جاء يومَ القيامةِ وريحُه أطيَبُ من المِسكِ ومن تطيَّب لغيرِ اللهِ جاء يومَ القيامةِ وريحه أنتنَ من الجِيفةِ " فينبغي أن يتزين المؤمن لربه "فإن الله أحق من تزين له" هكذا جاء في رواية البيهقي موقوف على ابن عمر بسند صحيح، فهذا من جملة ما جاء من الزينة للصلاة، فمُندَرِج في قوله تعالى: (يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ ) [سورة الأعراف: 31] أي: عند كل صلاة إذا أردتم السجود للرحمن -جل جلاله وتعالى في علاه- فالثوب الواحد يجزي والثوبان أحسن والأربع أكمل، قميص سراويل عمامة وإزار.
وقد علمنا تأليف الشيخ ابن حجر الهيتمي -عليه رحمة الله تعالى- كتابه "در الغمامة في در الطيلسان والعذبة والعمامة" أي: في لبس القميص والإزار والسروايل والرداء والعذبة والعمامة، وقال في أوله أنه لما مرَّ في شرحه لمنهاج الإمام النووي فيه في كتاب "اللباس" وجد أحاديث كثيرة وردت ما يسعها الشرح، فأفردها برسالة سمَّاها "درّ الغمامة" يروي فيها الأحاديث الواردة في مضاعفة ثواب الصلاة بالرداء؛ بالعمامة؛ بالسواك؛ بالعطر؛ يتضاعف ثواب الصلاة، يتعطر للصلاة يتضاعف ثوابه فالمتطيب في الصلاة ثواب صلاته أكثر من ثواب غير المتطيب، وكذلك في لبس الخاتم وكذلك السواك فكله يتضاعف به أجر الصلاة، حتى يُروى أن: "صلاةٌ بعمامةٍ تعدلُ خمسًا وعشرينَ صلاةً" كما جاء في صلاة الجماعة وكذلك الصلاة في الرداء، فأورد جملة من الأحاديث المتعلقة بذلك، رأى ابن عمر -عبدالله بن عمر- رأى نافع مولاه يصلي في ثوب واحد، قال: ألم تكتسي ثوبين؟ قلت: بلى، قال: فلو أرسلتَ في الدار أكنتَ تذهب في ثوب واحد؟ قلت: لا، قال: فالله أحق أن يُزَّيَّن له أو الناس؟ قلت: بل الله، وهكذا يعني فاستعمِل الزينة من اجل الصلاة.
"قال أنس -رضي الله عنه- وكان آخر صلاة صلاها رسول الله ﷺ في ثوب واحد خلف أبي بكر -رضي الله عنه" في أيام مرضه -عليه الصلاة والسلام- واكتفى لشغله بالمرض وحال البلاغ بعض أيامه عن أن يستعمل الثوب الثاني والثالث، واكتفى بذلك -صلى الله عليه وصحبه وسلم- "وكان ﷺ إذا صلى في الثوب الواحد توشح به وألقى طرفيه على عاتقيه" على هذا الجانب وعلى هذا الجانب، "وكان ﷺ ينهى عن الصلاة في السراويل من غير رداء." يقول: فإذا صلى في السراويل فالصلاة صحيحة ولكن ينبغي أن يكون فوقها رداء، فإذا كانت السراويل تحت الإزار تضاعف الثواب لذلك، أن يكون فوق السراويل إزار أو قميص.
" وسئل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرة عن ذلك فقال: إذا وسع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه أثوابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في تبّان ورداء، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "من لم يجد ثوبًا فليستتر بالورق -يجب ستر العورة- وغيره كما فعل آدم -عليه السلام-.." (وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ) [سورة طه: 121] "..حين أكل من الشجرة وكانت شجرة التين" إذن فيجب ستر العورة ولو بالطين فيه مقال لأهل الفقه إذا كان ما وجد إلا طين وإلا ماء كدر يجب أن يسترها أولى.
يقول الحنفية: ستر العورة ولو بماء كدر أو ورق شجر أو طين.
ويقول الشافعية: إذا لم يجد ما يستر به العورة ووجد طينًا ففيه وجهان، يقول الإمام النووي ففيه وجهان:
قال النووي: هذان الوجهان مشهوران بدليليهما، أصحهما عند الأصحاب وجوب الستر بالتراب، وجوب الستر بالطين، يستتر بالطين، وقال: ممن صححه أبو حامد والبندنيجي والمحاملي وأصحاب عدة وآخرون، قال: وإذا قلنا لا يجب قال النووي: فهم مستحب بالاتفاق.
الجمهور: أطلقوا الوجهين في وجوب التطين، ولكن قال صاحب الحاوي: إن كان الطين ثخينًا يستر العورة ويغطي البشرة وجب، وإن كان رقيقًا لا يستر العورة لكن يغطي البشرة استُحِب.
فإذا وجد ورق الشجر ونحوه وأمكنه خصفه؟ فهذا يجب بلا خلاف في المذهب.
ويقول المالكية: منهم الطرطوشي يقول: الطين إذا لم يجد غيره وجب الاستتار به بأن به بأن يتَمَعَّك به، قال غيره من المالكية: لا يجب الاستتار به لأنه مظنّة السقوط يكبر الجُرُم هذا مثل العدم، هذا أظهر القولين عند المالكية، حتى قال الصاوي من المالكية: ولا يجب عليه سترها بالطين على الظاهر من قولين، أي: عندهما في مذهب مالك فالظاهر عندهم أنه ما يجب الستر بالطين؛ لأنه مظنة التساقط ويكبر الجرم، فما في فائدة منه مثل العدم يقول.
ومن هنا تعلم أيضًا كراهة الصلاة في الثوب الضيق الذي يحجم البدن، ويشبه العري بعد ذلك إذا ضاق فكأنه عاري، وإنما قصد الثوب الستر.
ما جاء كذلك من لبس الشميز أو غيره من من الأمور المباحة والواسعة وهي تحتوي على معنى الرداء إذا قد ستر بها الكتفين، يقول الحنابلة: يكفي في ستره ورق شجر؛ ولا يلزمه ستر عورته بحُفَيْرَة وطين وماء كدر عند الحنابلة، كما ذكرنا عن الأصح عند المالكية، فهو أوجب عند الحنفية والشافعية: أن يستتر بالطين إذا لم يجد إلا الطين على أصح الوجهين عند الشافعية وهو قول الحنفية، والله أعلم.
"وكان ﷺ ينهى عن الصلاة في السراويل من غير رداء، وسئل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرة عن ذلك فقال: إذا وسع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه أثوابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في تبّان ورداء، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "من لم يجد ثوبًا فليستتر بالورق وغيره كما فعل آدم -عليه السلام- حين أكل من الشجرة وكانت شجرة التين، وكان ﷺ ينهى عن اشتمال الصماء".
جعلنا الله من أهل الاتباع والاقتداء والاهتداء، وحمانا من الزيغ والضلال، وتولانا بما تولى به الصالحين من عباده وأهل ودادة، ووقانا الأسواء، وخلع علينا خِلَع التقوى ولا نزعها عنا، وجعلنا من أهل تقواه سرًّا وعلنا، ونظمنا في سلك حبيبه وأهل تقريبه في عوافي كوامل، وأصلح شوؤن الأمة وفرج كروبهم، وعجل باللطف والفرج والغياث لأهل غزة ولأهل الضفة الغربية ولأهل أكناف بيت المقدس، والمسلمين في المشارق والمغارب، ودفع جميع المصائب والنوايب، وجمع. قلوب المسلمين وشملهم على تقواه وطاعته، وعلى إدراك الحقيقة والاستمساك بالعروة الوثيقة، وكفانا شرور جميع الخليقة، وثبتنا على ما يحب، وجعلنا في من يحب.
بسرّ الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
26 رَجب 1445