(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:كتاب الصلاة (12) مشروعية الأذان وبيان ألفاظه
صباح الإثنين 26 جمادى الآخرة 1445هـ
"وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك فقال بعضهم: نتخذ ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل قرناً مثل قرن اليهود فقال عمر -رضي الله عنه-: أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة، فقال رسول الله ﷺ: "قم يا بلال فناد بالصلاة، فكان بلال وغيره يسعون في الطرقات ينادون الصلاة الصلاة".
وكان إبراهيم النخعي -رضي الله عنه- يقول: كانوا يكرهون أن يقال حانت الصلاة. وكان عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- يقول: سبب الأذان يعني على هذه الهيئة المشروعة "أن رسول الله ﷺ لما أجمع أن يضرب بالناقوس وهو كاره له لموافقته النصارى طاف بي طائف من الليل وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله قال: فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال : ثم استأخر غير بعيد قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال عبدالله بن زيد: فلما أصبحت أتيت رسول الله ﷺ فأخبرته بما رأيت، فقال رسول الله ﷺ: إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك، قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، فسمع بذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق نبياً لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال رسول الله ﷺ: فلله الحمد، فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله ﷺ إلى الصلاة، فجاءه يوماً فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له : إن رسول الله ﷺ نائم فصرخ بأعلى صوته الصلاة خير من النوم فأدخلت هذه الكلمة في التأذين في صلاة الفجر دون غيرها".
وفي رواية فقال رسول الله ﷺ: "ما أحسن هذا يا بلال اجعله في أذانك"، وفي رواية إن بلالاً كان ينادي بالصبح حي على خير العمل فأمره رسول الله ﷺ أن يقول مكانها الصلاة خير من النوم، وترك حي على خير العمل. وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول في أذانه: حي على خير العمل، وربما قال مكانها الصلاة خير من النوم".
قال بلال : "ونهاني رسول الله ﷺ أن أثوب في العشاء حين أردت أن أثوب فيها لما رأيت بعض الناس ينام قبل أن يصلي"".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَِلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بشريعته الغراء وبيانها على لسان خير الورى سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وأصحابه ومن ساروا في منهاجه موالين له سرًا وجهرا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين من رفع الله لهم قدرا، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويذكرالشيخ -عليه رحمة الله- في هذا أخبار الأذان وابتدائه بعد هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة وحرص الصحابة أن يصلُّوا مع رسول الله ﷺ، ثم طلبهم علامة على الوقت ليحضروا الصلاة معه.
"يقول: وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة.." يطلبون وقتها "وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك.." أي: لماذا لا نجعل لنا علامة على الوقت حتى يحضر الجميع؟ "فقال بعضهم: نتخذ ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل قرناً مثل قرن اليهود، فقال عمر -رضي الله عنه-: أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة، فقال رسول الله ﷺ: قم يا بلال فناد بالصلاة، فكان بلال وغيره يسعون في الطرقات ينادون الصلاة الصلاة"
وجاء عقب ذلك ما يذكر في الحديث الثاني من رؤية عبد الله بن زيد،
ويذكر الحنفية: أن ملكًا نزل بهذا الأذان وعلى كل فقد وافقت الرؤيا الوحي وأقرها ﷺ بقوله: "إنها لرؤية حق".
وكان عدد من الصحابة الذين رأوا مثل ما رأى عبد الله بن زيد؛ لكن كان سيدنا عبد الله بن زيد أسبقهم إلى رسول ﷺ وقص عليه فلما أمر بلال أن ينادي بها خرج سيدنا عمر يجر إزاره يقول رأيت مثل هذا والثاني والثالث ورابع وعدد من الصحابة رأوا مثل ذلك.
"وكان إبراهيم النخعي -رضي الله عنه- يقول: كانوا يكرهون أن يقال: حانت الصلاة.." وإنما يقولون حضرت الصلاة.
"وكان عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- يقول: سبب الأذان يعني هذه الهيئة المشروعة أن رسول الله لما أجمع أن يضرب بالناقوس وهو كاره له لموافقته النصارى" وجاء في بعض الروايات أنه لما ذكر الناقوس قيل أنه من فِعْلِ النصارى؛ ولما ذكر هذا البوق قيل أنه فِعْلُ اليهود؛ ولما ذكر رفع النار قيل أنه فِعْلُ المجوس فتركوا كل ذلك… يقول سيدنا عبد الله بن زيد: "طاف بي طائف من الليل وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله قال: فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله"، هذه رواية عبدالله بن زيد ومثلها رواية أبي محذورة، وفي رواية أبي محذورة زيادة الترجيع وهو أن يقول الشهادتين سراً أولاً مرتين ثم يجهر بهما "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله" بقية الألفاظ هي هي:
وكذلك علمه الإقامة "ثم استأخر غير بعيد قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال عبدالله بن زيد : فلما أصبحت أتيت رسول الله ﷺ فأخبرته بما رأيت، فقال رسول الله ﷺ : إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله تعالى فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك" وأخذوا أن الأندى صوتًا أحق بالأذان "قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، فسمع بذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول : والذي بعثك بالحق نبياً لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال رسول الله ﷺ: فلله الحمد، فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله ﷺ إلى الصلاة.." يعني: إذا جاء وقت الإقامة يذهب يستأذنه من أجل يقيم الصلاة "فجاءه يوماً فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له: إن رسول الله ﷺ نائم فصرخ بأعلى صوته الصلاة خير من النوم"، فأدخلت هذه الكلمة في التأذين في صلاة الفجر دون غيرها "وفي رواية فقال رسول الله ﷺ: ما أحسن هذا يا بلال اجعله في أذانك" يعني: أذان الفجر، "وفي رواية إن بلالاً كان ينادي بالصبح حي على خير العمل فأمره رسول الله ﷺ أن يقول مكانها الصلاة خير من النوم، وترك حي على خير العمل" قال أخرجه الطبراني والبيهقي بالسنن. "وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول في أذانه: حي على خير العمل، وربما قال مكانها: الصلاة خير من النوم" .
يقول: "قال بلال: ونهاني رسول الله ﷺ أن أثوب في العشاء.." يعني أقول: الصلاة خير من النوم "حين أردت أن أثوب فيها لما رأيت بعض الناس ينام قبل أن يصلي"، فكانت مخصوصة بالصبح لا تقال في غيره؛ لا في عشاء ولا في غيره من الأذان للصلوات الخمس وإنما في صلاة الصبح "الصلاة خير من النوم".
ألفاظ الإقامة نفس ألفاظ الأذان في الجملة بزيادة قد قامت الصلاة بعد حي على الصلاة؛ إلا أن التكبير مرتين باتفاقهم وكذلك في أول الإقامة، والترتيب نفسه الذي بين ألفاظ الأذان هو بين ألفاظ الإقامة.
فهذه ألفاظ الإقامة.
وجاء عن أنس قال: أُمِرَ بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، وجاء عن ابن عمر: إنما كان الأذان على عهد رسول الله ﷺ مرتين مرتين والإقامة مرة مرة، ولكن عرفنا أن المشهورعند المالكية في قد قامت الصلاة أنها تقال مرة واحدة، والبقية كما قررنا.
وهكذا جاءت هذه الألفاظ المعظمة، وصارت شعارًا من شعائر الإسلام، وليس فيها ذكر أسماء إلا اسمين: اسم الله واسم مُحمَّد ﷺ.
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه *** إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا مُحمَّد
فكان من معاني رفع ذكره ﷺ أنه يذكر مع اسم الله ولا يذكر الله إلا وذكر النبي مُحمَّد معه؛ فهو مرفوع الذكر (وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ) [الشرح:4] إلى غير ذلك من المعاني الواسعة في رفع الرحمن ذكر عبده سيد الأكوان ﷺ، فهو مرفوع الذكر رفيع القدر عظيم المنزلة لدى عالم سر والجهر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ورزقنا حسن متابعته وحشرنا في زمرته وملأ قلوبنا بمحبته ودفع عنا الآفات وبلغنا الأمنيات، وثبتنا أكمل الثبات. وغفر للمنتقل إلى رحمة الله بالحديدة عبد السلام بن محمد قاسم، ووالدينا وموتانا وموتى المسلمين، وأعلى الله درجات السيد العيدروس بن سالم بن عبدالقادر بن صالح بن الشيخ ابوبكر بن سالم وجمعنا به في أعلى الجنة وهو راضٍ عنا من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب وغفر لموتانا وموتى المسلمين بالمغفرة الواسعة ورفعنا مراتب قربه الرافعة من المعرفة به والمحبة منه والمحبة له، والرضا منه والرضا عنه في خير ولطف وعافية ويقين وتمكين مكين مع كل نية صالحة.
بسرّ الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه
الفاتحة
28 جمادى الآخر 1445