(228)
(536)
(574)
(311)
رح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (6) مواقيت الصلاة( 4 )
صباح السبت 17 جمادى الآخرة 1445هـ
"فرع : وكان ﷺ كثيراً ما يؤخر العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ويقول: "لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخَّرت هذه الصلاة إلى هذا الوقت"، وكان النعمان بن بشير -رضي الله عنه- يقول: "أنا أعلم الناس بوقت صلاة رسول الله ﷺ العشاء، كان يصليها بعد سقوط القمر ليلة الثالثة من أول الشهر".
وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "أعتمَ رسول الله ﷺ مرة حتى ذهب عامة الليل ونام من في المسجد، فخرج عمر -رضي الله عنه- فقال: الصلاةُ يا رسولَ الله رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه تقطر وهو يقول: لولا أن أشقَّ على الناس لأخرت هذه الصلاةِ إلى هذا الوقت، وما كان لكم أن تنزعوا رسول الله ﷺ على الصلاة" إشارة لصياح عمر عليه .
وكان عمرُ -رضي الله عنه- أيام خلافته يؤخرها فقيل له: لو عجلتها فشهدها معنا العيال والصبيان ففعل، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يقول: "لم يؤخر النبي ﷺ العشاء إلا تسعَ ليالٍ ثم عجَّلَ بها إلى أن قُبِض"، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: من خَشِيَ أن ينامَ قبلَ صلاة العشاء فلا بأس أن يصليَ قبل أن يغيب الشفق. قال شيخنا -رضي الله عنه-: والظاهر أن غير العشاءِ حكمه كذلك، وإنما سوَّغ أبو هريرة هذا الحكم؛ لأنه مائلٌ إلى الاحتياطِ والأخذِ بالحزم، وإنما ضربَ الشارع صلى الله عليه وسلم المواقيت وسدَّ الباب على التقديم والتأخير في غير السفر ليكون العبد في كل وقت من تلك الأوقات يذكر الله تعالى، فلو فتح باب التقديم والتأخير لربما أدى ذلك إلى فعلِ بعضِ الناسِ جميعَ الفرائضِ جملةً فكان يطول زمن الغفلة، ومن هنا سنَّ رسول الله ﷺ صلاة الضحى عند ربع النهار لهذا المعنى، والله أعلم".
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلماتِك، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن .
الحمدلله مكرمنا بنور لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومبين السبيل على يد عبده الهادي الدليل سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه خير جيل، وعلى من اتبعهم بإحسانٍ في النية والفعل والقيل، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين أهل التكريم والتمجيد والتفضيل والتبجيل وآلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ولا يزال الشيخ الشعراني في هذه الأبواب يذكر ما يتعلق من الأحاديث والآثار بأوقات الصلوات الخمس وأدائها، جعلنا الله ممن يقيمها على وجهها الأرضى له تعالى إنه أكرم الأكرمين.
يقول: "وكان ﷺ كثيرًا ما يؤخرُ العشاء إلى ثلثِ الليل أو نصفه".
فوقت العشاء:
ولكن جاءت أحاديث بتأخير العشاء إلى نصف الليل، فلو كان يخرج الوقت لكان ذلك حراماً والعياذ بالله تبارك وتعالى.
فالمستحبُّ في صلاة العشاء:
وهكذا في بقية الصلوات فتكلم هنا عن العشاء.
يأتي الكلامُ عن وقت الصبح، وقد تقدم معنا أن:
ولكلٍ أخذٌ من الروايات عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فرجَّح هذا هذه الرواية؛ وهذا هذه الرواية فتوزعت سنن الحبيب في أمته ﷺ.
وأخذوا بحديث: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر" وهو عند أبي داود والترمذي وكذلك عند ابن ماجة والنسائي.
وقالوا: في الإسفار تكثير للجماعة، فلهذا استحبوه.
قال الجمهور: التغليس يعني: السير في الظلام أفضل، واستدلوا بحديث قول السيدة عائشة:" كنَّ نساء المؤمنين تشهدنَ مع رسول الله ﷺ صلاة الفجر متلفحاتٍ بمروطهنَّ ثم ينقلبنَ إلى بيوتهنَّ حين يقضينَ الصلاة، ولا يعرفهنَّ أحدٌ من الغَلَس" ما تتبين الوجوه؛ ما تُرى من الغلس، هكذا رواه البخاري وبه أخذ الأئمة الثلاثة.
وقت الظهر:
والإبراد معناه: تأخيره إلى أن تخفَّ حدَّةُ الحرِّ ويتمكنَ الذاهبون إلى المسجد من السير في ظلال الجدران والحيطان، وأخذوا بحديث: "أبردوا بالظهر فإن شدَّةَ الحرِّ من فيحِ جهنم". قالوا: ففي التأخير تكثير الجماعة، أما ظُهر الشتاء فيستحبُّ تعجيله.
وقت صلاة العصر:
وقت المغرب :
هكذا ما وصل اجتهاد الأئمة في أوقات الصلوات، من حيث الأفضل.
ويقول ﷺ : لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم.." أي: مرض المريض "وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة.." يعني: في كل ليلة "إلى هذا الوقت" ثلث الليل أو نصفه .
"وكان النعمان بن بشير -رضي الله عنه- يقول: "أنا أعلم الناس بوقت صلاة رسول الله ﷺ العشاء، كان يصليها بعد سقوط القمر ليلة الثالثة من أول الشهر"، والليلة الثالثة من كل شهر من الأشهر القمرية ما تغرُب فيه القمر إلا بعد العشاء؛ بعد مغيب الشفق الأحمر بمدة تقصر أو تطول؛ ولكن أيضًا دليل على أنه في أول الليل يصليها؛ إذًا فتعددت الروايات.
وكذلك كان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "أعتم رسول الله ﷺ مرة حتى ذهب عامة الليل ونام من في المسجد.." أي: وهم جلوس ينتظرن الصلاة، "فخرج عمر -رضي الله عنه- فقال: الصلاة يا رسول الله رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه تقطر.." أي: من الماء"وهو يقول: لولا أن أشق على الناس لأخرت هذه الصلاة إلى هذا الوقت، وما كان لكم أن تَنْزوا رسول الله ﷺ على الصلاة" إشارة لصياح عمر.
"وكان عمر -رضي الله عنه- أيام خلافته يؤخرها.." -وبعد أن شق على الناس- " فقيل له: لو عجلتها فشهدها معنا العيال والصبيان ففعل"؛ لما علِمَ من سنة النبي ﷺ كان يحب تأخيرها؛ ولكن لا يريد أن يشق على الأمة، وقال: "لولا أن أشق.." فلهذا لاحظ الأمر سيدنا عمر ولما طلبوا منه أن يعجل صلاة العشاء؛ من أجل يشهدها صبيانهم وأطفالهم أجابهم إلى ذلك -رضي الله تعالى عنه-.
وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يقول: "لم يؤخر النبي العشاء إلا تسع ليال ثم عجَّلَ بها إلى أن قبض" وكان قد يلاحظهم إذا اجتمعوا عجّل وإذا تأخروا أخّر، ولكن كلام سيدنا أبا بكر يقتضي: أن التأخير الكثير الملحوظ إنما كان في ليالي معدودة تسع ليالي؛ لأنهم كانوا يجتمعون قبل ذلك فكان يخرج إليهم، ثم استمر على ذلك آخر أيامه -عليه الصلاة والسلام- يخرج إليهم فيصلي بهم قبل ثلث الليل.
"وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: من خشي أن ينام قبل صلاة العشاء فلا بأس أن يصلي قبل أن يغيب الشفق"، إذا أراد الشفق الأصفر والأبيض فصحيح؛ لأنها من العشاء، أما الشفق الأحمر فإن الجمهور يقول: لا يدخل وقت العشاء حتى يغيب الشفق، فإذا أراد الشفق الأحمر فهو مبني على الجمع إنه يجمع صلاة العشاء مع المغرب لعذرٍ وليس من العذر عند جماهير العلماء النوم، ولكن السفر والمرض السفر والمرض هو العذر في أن يقدم وأن يؤخر، وأما انتظار مغيب الشفق الأصفر والأبيض فهذا من الاختيار، من الاختيار في صلاة العشاء وعليه عمل الأكثر؛ لأنه ما يستغرق إلا دقائق.
"قال شيخنا -رضي الله عنه- والظاهر أن غير العشاء حكمه كذلك، وإنما سوّغ أبو هريرة هذا الحكم؛ لأنه مائل إلى الاحتياط والأخذ بالحزم، وإنما ضرب الشارع صلى الله عليه وسلم المواقيت وسدَّ الباب على التقديم والتأخير في غير السفر ليكون العبد في كل وقت من تلك الأوقات يذكر الله تعالى"، متصل بالله تعالى ولا يطول زمن الغفلة ويفتتح يومه بذكر الله وصلاة الصبح، وأطول وقت ما بين الصبح وبين الظهر شرع فيه ﷺ صلاة الضحى؛ حتى لا يطول زمن الغفلة، ثم بعد ذلك ما بين الظهر والعصر الأمر يسير فقبل أن يأتي إلى آخر النهار يصلي العصر، ثم يفتتح الليل كذلك بصلاة المغرب، ثم قبل أن يركن إلى منامه ومحلِّ راحته يصلي العشاء، ثم ما بين العشاء والفجر سنَّ لنا التهجد والقيام فكان في هذا الوقت الطويل بين العشاء والفجر القيام والتهجد، وكان في الوقت الطويل ما بين الفجر والظهر الضحى، ولكن على الأقل أن هذه الأوقات الخمس يكون للمؤمن اتصال بربه فيها؛ لأن حكمة الحق جَعَلَ في تَجَدُد الأعمال وتَجَدُد الأذكار أثر، وإذا طال الوقت وبَعُد ضَعُفَ أثر الذكر، ووجدت الغفلة سبيلها إلى القلب والفكر، ووجد الشياطين سبيلهم إلى القلب، (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف:36] ؛ ولذا جعل لنا أذكار صباح وأذكار مساء فجعل لسرِّ النطق بهذه الأذكار في الصباح أثر وقوة إلى المساء إذا جاء المساء انتهت المسألة؛ يعني يحتاج إلى تجديد هذا الأثر بذكرٍ آخر وجعل مثال ذلك في أجسامنا؛ فإنها تُذهب عنها ألم الجوع وتستعمل دواء لعلاج شيء من عللها مدةً بعد ساعات يحتاج إلى ثاني، وما يقول أنا خلاص قد أكلت هذا لليوم كله ولا اليومين ولا الثلاث أيام ما يتأتى، يحتاج بعد مضي المدة يحتاج إلى تجديد الطعام وكذلك تحتاج الروح إلى تجديد الذكر تحتاج تجديد العبادة كلما مرت بها فترة؛ فلا ينبغي أن تطول الفترة في غفلة ولا في انقطاع.
قال: "وإنما ضرب الشارع صلى الله عليه وسلم المواقيت وسد الباب على التقديم والتأخير في غير السفر ليكون العبد في كل وقت من تلك الأوقات يذكر الله تعالى، فلو فتح باب التقديم والتأخير لربما أدى ذلك إلى فعل بعض الناس جميع الفرائض جملة.." واحدة في يوم وإذا بتشوفه ساعة واحدة يصلي الفرائض فيها الخمس وروح خلاص، يبقى باقي يومه معطل عن الاتصالات بالحق -جلَّ جلاله- قال:لا " فكان يطول زمن الغفلة، ومن هنا سنَّ رسول الله ﷺ صلاة الضحى عند ربع النهار.." حتى لا يطول الزمن ما بين الفجر إلى الظهر؛ فسنّ صلاة الضحى وأفضل وقتها: عند ربع النهار ويدخل وقتها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ويستمر إلى الزوال، وأفضله: عند ربع النهار عندما ترمض الفصال يعني: تحرق الشمس الأرض فتجد الفصال يعني: أولاد النوق الرمضاء فيقومون من حرارة الأرض.
رزقنا الله الذِّكْرَ ولا عرضنا للغفلة وجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا ولا يجعل فينا غافلًا عنه وعن حبيبه قدر سِنَة، اللهم أيقظ قلوبنا من كل نومٍ وغفلةٍ وسِنَة ولا تجعلنا من الغافلين عنك قدر سِنَة، وتولنا ما توليت به الصالحين من عبادك الذاكرين الشاكرين المذكورين لخير ما تذكر به محبوبك في عافية.
بسرّ الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه
الفاتحة
18 جمادى الآخر 1445