شرح الموطأ -96- كتاب العيدين: باب الأمر بالصَّلاة قبل الخطبة في العيدين، و باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد

شرح الموطأ -96- كتاب العيدين، باب الأمرُ بالصَّلاةِ قَبل الخُطبة في العيدين، من حديث ابن شهاب
للاستماع إلى الدرس

شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب العيدين، باب الأمرُ بالصَّلاةِ قَبل الخُطبة في العيدين، و باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد.

فجر الأربعاء 3 ربيع الثاني 1442هـ.

باب الأَمْرِ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ

491 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى قَبْلَ الْخُطْبَةِ.

492 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلاَنِ ذَلِكَ.

493 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، أنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب، فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ صِيَامِهِمَا، يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ وَقَالَ: إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ.

 باب الأَمْرِ بِالأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ فِي الْعِيدِ

494 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ.

495 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُؤْمَرُونَ بِالأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ أَرَى ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فِي الأَضْحَى.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرمنا بشريعته الغرّاء، وبيان أحكامها على يد عبده المصطفى سيّد أهل الدنيا والأُخْرَى، اللهم أدِم صلواتك على المبعوث بالرحمة سيدنا محمد وعلى آله وأهل بيته من منحتهم به عزًا وطُهرًا، وعلى صحابته الأكرمين من رفعت لهم به قدرًا، وعلى من تبعهم بإحسان واقتدى بهم على مدى الأزمان سرًّا وجهرًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سَادَةِ المُقَدَمِين الكُبَرَاء، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وجودك يا أجود الأجودين.

يواصل الإمام مالك عليه رحمة الله تعالى ذِكْر الأحاديث المتعلقة بالعيدين، وقال: "باب الأَمْرِ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ"؛ وهي مسألةٌ مما اجتمع عليها الأئمة الأربعة أن السُّنة أن تُقدّم الصلاة، ثم يخطب الإمام بعد الخروج من الصلاة خُطبتين، فَيُقَدَمُ فيها صلاة العيد على الخُطبة، كما هو الحال أيضًا في الكسوف والخسوف وفي الاستسقاء؛ فتقدم الصلاة ثم تكون الخُطبتان. واختُلف في أول من قدّم خُطبة العيد على الصلاة؟ ويروى ذلك من جهاتٍ عن سيدنا عثمان -رضي الله تعالى عنه- ثم إنه اشتهر بعد ذلك عن معاوية وعن الخلفاء من بني أمية، وذلك أن الناس كانوا ينصرفون فلا يستمعون إلى خطبهم؛ فصاروا يقدّمون الخُطبة قبل الصلاة. أما سيدنا عثمان فلم يزل يصلي قبل الخُطبة في سنوات خلافته الأولى، ثم لما كثر الناس ورآهم يتأخرون ويأتون بعد الصلاة، فأراد جمعهم على الصلاة فأخّر الصلاة وقدّم الخطبة؛ حتى يجتمع الناس ثم صلى بهم في أواخر أيام خلافته رضي الله تعالى عنه. ولكن لم يأخذ الأئمة بفعله ذلك، بل بما ثبت عن رسول الله ثم عن الخلفاء الراشدين كلهم وهو الفعل الأول من عثمان، وهو الفعل من سيدنا علي بن أبي طالب، أنهم صلوا صلاة العيد قبل أن يخطبوا.

 وبذلك:

  •   قال الأئمة: أن من قَدَمَ الخطبة على صلاة يوم العيد فقد أساء وعَمِلَ مكروهًا بالاتفاق.
  •  وقال الحنفية والمالكية: أجزأه ذلك مع الكراهة.
  •  وقال الشافعية وكذلك الحنابلة: لا يُعتدّ بهذه الخطبة أصلًا فلا اعتبار لها، فيُسنّ أن يخطب بعد أن يصلي وإلا كان ترك السنة.

يقول: "الأَمْرِ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ" فَأجمع الفقهاء على أن الخطبة بعد الصلاة ولا يجزئ التقدم، وأما الصلاة صحيحة أيضًا باتفاق، فالصلاة تصح إذا خطب قبل، ولكن هل تجزيء تلك الخطبة أم لا؟ فهو على ما ذكرنا.

 فَيُسَنُ بعد الصلاة خُطبتان، لو قُدّمتا على الصلاة. 

  • قال الشافعية كما سمعت: لا يعتد بهما.
  •  وهكذا يقول الباجي: من بدأ بالخطبة قبل الصلاة أعادها بعد الصلاة، فإن لم يفعل فَذلك مُجزئ عنه. 
  • وهو كذلك عند المالكية كما سمعت.
  •  وكذلك جاء في (الدُّر المختار): فلو خاطب قبلها صحّ، وأساء لترك السنة.
  •  قال ابن عابدين: كان كذا لو لم يخطب أصلًا؛ وهذا مذهب الحنفية، كما أشرنا إليه.
  • وقلنا أن الشافعية كالحَنابلة؛ لا يُعتدّ بتلك الخطبتين والصلاة صحيحة باتفاق.

 قال: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الأَضْحَى قَبْلَ الْخُطْبَةِ"؛ أول ما يصل إلى المكان الذي في الصحراء يأمر بالصلاة فيصلّي ثم يخطب، و"عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلاَنِ ذَلِكَ"، وهو كذلك ثابتٌ عن سيدنا عثمان بن عفان في سنوات خلافته الأولى، وهو ثابت عن سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي عنه وعنهم أجمعين. 

يقول: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، أنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب" رضي الله تعالى عنه، "فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ" يعني: من الصلاة "فَخَطَبَ النَّاسَ"، جاء في رواية عبد الرزاق والبخاري فقال: "يا أيها الناس إن ﷺ نهى أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث فلا تأكلوا بعده" قال أبو عمر: أظن مالكًا إنما حذف ذلك؛ لأنه منسوخ. النهي عن الأكل من الأضحية بعد ثلاث أيام، نُسِخَ ذلك وأبيح لهم أن يدّخروا منها ما شاءوا.

 قال: "فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ هَذَيْنِ"؛ يعني: في أثناء خطبته؛ "إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ"، للتَغليب؛ هذا حاضر، ويوم العيد الثاني غير حاضر، فيه تَغليب الحاضر مع الغائب، "إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ" يعني: عيد الفطر وعيد الأضحى، فقال: "إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ صِيَامِهِمَا"؛ نهي تحريم؛ يحرم صوم يومي العيد للإجماع. إنما اختلفوا فيمن نذر في صوم يوم عيد، أو في يوم قدوم زيد، فقَدِمَ يوم العيد هل ينعقد النذر أم لا؟ "يَوْمُ فِطْرِكُمْ"؛ هو يوم الأول من شوال، "مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ"؛ يعني: الأضحية، فالضحايا يُقال لها: نُسُك، ويستحبّ الأكل منها، قال تعالى: (..فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ )[الحج:28]،(..وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ.. )[الحج:36].

"قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّان" في زمن خلافته عليه رضوان الله "فَجَاءَ" المصلى "فَصَلَّى" ركعتي العيد، "ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ" بعدها، وهذا ثابتٌ عنه وصحيح في سنوات خلافته؛ صلى الست السنوات الأولى من خلافته قبل الخطبة، صلّى قبل أن يخطب بالناس سيدنا عثمان عليه رضوان الله تبارك وتعالى. قال: "فَجَاءَ" المصلى، "فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ وَقَالَ": في خطبته وقد صادف يوم جمعة، "إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ"؛ يعني: الجمعة والعيد، "فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ" القرى المجتمعة حوالي المدينة، "أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا" يجلس مكانه حتى يقضي؛ لأنه ليس في قراهم جمع، الجمعة في المدينة المنورة، "وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ" وذلك أيضًا رُوي عنه ﷺ وعن غيره من الخلفاء الراشدين:

  •  إذا اجتمع يوم العيد بيوم الجمعة؛ فإن أهل القرى الذين يفِدون إلى وسط المدينة ممّن لاجُمَع في قراهم، يجوز لهم أن ينتظروا إلى أن يصلوا الجمعة وذلك أفضل ثم ينصرفوا.
  •  ويجوز لهم أن ينصرفوا إلى قراهم، ويشتغلون بأعمال العيد ولا يرجعون إلى صلاة الجمعة في المدينة؛ لأنه لا يلزمهم ذلك.
  •  إنما قال الشافعية: إن كانوا في موضع يسمعون النداء من البلد الذي تُقام فيها الجمعة فيلزمهم أن يأتوا ويحضروا الجمعة.

 وعلى كلٍ فَالأحاديث هذه عند الشافعية بالنسبة لأهل القرى التي لا جمعة فيها، ولا يلزمهم السعي إلى الجمعة لبُعدهم عن مكان إقامة الجمعة، بحيث لا يسمعون نداء الجمعة من ذلك المكان الذي هم فيه، فحينئذ يتخيرون:

  • بين أن ينتظروا فيصلون الجمعة ثم ينصرفون.
  •  أو أن يرجعوا إلى قراهم، وخصوصًا إذا كان يوم أضْحَى ليضحّوا ويعملوا ضحاياهم ويتركون صلاة الجمعة فذلك جائز لهم. 

إذًا، هذا معلومٌ فيما يتعلق بوجوب الجُمعة، وأما إنه يكتفى في المِصْرِ بصلاة العيد عن الجمعة.. فلا، ولم يرِد ذلك ولم يصحّ بل قال ﷺ: "وإنَّا مجمِّعونَ": أي مُصَلُون الجمعة في وقتها كما هو المعتاد.

وهكذا نقل عن الأُمِ للإِمام الشافعي: إذا كان يوم الفطر ويوم الجمعة، صلى الإمام العيد، ثم أذِن لمن حضروا من غير أهل المِصْرَ أن ينصرفوا إن شاءوا لأهليهم، ولا يعودون إلى الجمعة، والاختيار لهم إن يقوموا حتى إلى أن يجمعوا أو يعودوا بعد انصرافهم حتى يجمعوا أن قدروا، ولا حرج إن شاء الله.

  • قال الشافعي: ولا يجوز هذا لأحدٍ من أهل المِصْرِ أن يدعوا أن يجمعوا إلا من عذرٍ يجوز به ترك الجمعة؛ وهو كذلك.
  •  وعليه محمل الروايات أيضًا عند الحنفية كما يقول الطحاوي: أن المرادين في الرخصة في ترك الجمعة هم أهل العوالي، الذين منازلهم خارج عن المدينة ممّن ليست الجمعة عليهم واجبة.
  •  ويقول الباجي من المالكية: اختلف الناس في جواز ذلك؛
    • قال القاسم عن مالك: أن ذلك غير جائز، وأن الجمعة تلزمهم على كل حال، ولم يبلغني أن أحدًا أذِن لأهل العوالي غير عثمان.
    • في الشرح الكبير للمالكية: الأعذار التي لا يجوز لأجلها ترك الجمعة: أو شهود عيدٍ وافقَ الجمعة وإن أذِن له الإمام إذ لا حقّ للإمام في ذلك.

وكأن الحُكم مخصوص لمن لا تجب عليه الجمعة "..فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ". ولقوله: "وإنَّا مجمِّعونَ" أهل البلد يجب عليهم إقامة الجمعة، والحديث قال: "إنَّكم قدْ أصبْتُمْ خيرًا وذِكْرًا، وإنَّا مُجمِّعونَ، فمَن شاء أنْ يُجمِعَ فلْيُجمِعْ، ومَن شاء أنْ يرجِعَ فلْيَرجِعْ"؛ وهذا صريح أن الحكم خاص.

 "قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ" آخر أيامه، عجيبّ.. صلى بهم سيدنا علي صلاة العيد "فَجَاءَ" لسيدنا علي "فَصَلَّى،ثُمَّ انْصَرَفَ": من الصلاة  "فَخَطَبَ" يقول أبو عمر: إذا كان من السُّنة أن تقام صلاة العيد بلا إمام فالجمعة أولى.

  •  وبه قال مالك والشافعي.  
  • وعند الحنفية اشتراط حضور السلطان إلى الجمعة أو نائبه.

 

 باب الأَمْرِ بِالأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ فِي الْعِيدِ

 

وذكر بعد ذلك مسألة:

  •  سنيّة الأكل قبل الخروج في عيد الفطر.
  •  وسُنِيَة الإمساك عن المفطرات بعد الفجر في عيد الأضحى حتى يفطر، والأفضل أن يفطر على كَبِدِ أُضحيته، وإلا فعلى تمرات وذلك في عيد الأضحى.

 أما في عيد الفطر يسن أن يتناول شيئًا قبل أن يخرج إلى الصلاة للإِتباع. وذكر "عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ"؛ اقتداءً بفعل النبي ﷺ لما جاء في البخاري وغيره: "كانَ ﷺ لا يَغدو يومَ الفِطرِ حتَّى يأكلَ تَمراتٍ ، ويأكلُهُنَّ وِترًا" مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى بالفطر.

 وذكر: "عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُؤْمَرُونَ بِالأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ". "قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ أَرَى ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فِي الأَضْحَى". على الاِستحباب تعجيل الأكل يوم الفطر ليس فيه اختلاف. "وَلاَ أَرَى ذَلِكَ" قال مالك: "عَلَى النَّاسِ فِي الأَضْحَى" فمن شاء فليفطر والأفضل أن لا يفطر حتى يصلي.

  • كان مالك يستحبّ للرجل أن يطعم قبل أن يغدوّ يوم الفطر إلى المصلى، قال وليس ذلك في الأضحى. 
  • قال غير الإمام مالك: يستحب أن لا يأكل يوم الأضحى حتى يأكل من أضحيته.

فلمّا كان عليه يوم الفطر إخراج حقٍّ قبل الغدو استحب له أن يأكل عند إخراج ذلك، وأن يوم الأضحى حقًا يخرج بعد الصلاة وهو الأضحية. 

  • ذكر عن الدسوقي من المالكية تعليل التأخير لِيكون أول طعمته من كبد أضحيته، فشاركه في ذلك بقية الأئمة من أنه في الأضحى لا أكل حتى يصلّي اولًا.
  •  وخصّص أحمد بن حنبل استحباب تأخير الأكل في عيد الاضحى بمن له ذبحٌ، ويُندب تأخير أكله عنها -أي عن صلاة الأضحى- وإن لم يضحِّ في الأصح، كما ينقل في الدُّر المختار، ولو أكل لم يُكره تحريمًا، وإلا يستحبّ التأخير في حق من لم يضحِّ.

 إذًا، نعرف أن الأئمة الأربعة اتفقوا على استحباب الأكل بعد صلاة الأضحى. وقد جاء في رواية أنه ﷺ "لا يخرُجُ يومَ الفطرِ حتَّى يطعَمَ، ولا يطعَمُ يومَ الأضحى حتَّى يصلِّيَ"، ورواية الإمام أحمد: "فيَأكُلَ مِن أُضحِيَّتِه" ﷺ. ثم انتقل إلى ذكر التكبير والقراءة في صلاة العيدين، يأتي معنا إن شاء الله. 

رزقنا الله الاستقامة، ورزقنا الاقتداء بحبيبه محمد ﷺ في الظاهر والباطن، وحفظنا به من شرور الأَنْفُس وسيئات الأعمال، وبلغنا به فوق الآمال من خيرات الدنيا والمآل، وأصلح لنا ولكم وللمؤمنين به كل حال، وختم لنا بأكمل الحسنى وهو راضٍ عنا في خير ولطف وعافية، بسِرّ الفاتحة إلى حضرة النبي ﷺ.

تاريخ النشر الهجري

03 ربيع الثاني 1442

تاريخ النشر الميلادي

18 نوفمبر 2020

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام