(536)
(228)
(574)
(311)
شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب الرخصة في المرور بين يدي المصلي، وباب سُترة المصلي في السفر.
فجر السبت 30 صفر 1442هـ.
باب الرُّخْصَةِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّى
428 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ - وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي لِلنَّاسِ بِمِنًى، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ.
429 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصُّفُوفِ وَالصَّلاَةُ قَائِمَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَاسِعاً، إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، وَبَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ الإِمَامُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَرْءُ مَدْخَلاً إِلَى الْمَسْجِدِ إِلاَّ بَيْنَ الصُّفُوفِ.
430 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ قَالَ: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي.
431 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُول: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي.
باب سُتْرَةِ الْمُصَلِّي فِي السَّفَرِ
432 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْتَتِرُ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا صَلَّى.
433 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ.
الحمد لله مُكرمنا بنور الوحي والتنزيل، وبلاغ السيد الجليل، في خير الفعل وأحسن القيل. اللهم أدِم صلواتك على عبدك الجامع لمحاسن الأوصاف، سيدنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن سار على منهجهم في الظاهر والخاف، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل الهدى الأشراف، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقرّبين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وبعدُ،
فيواصل الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه- في الموطأ ذكر الأحاديث المتعلقة بسُترة المصلي. وتقدّم التشديد في المرور بين يدي المصلي من غير ضرورةٍ ولا حاجة، ولئن يقف أحدنا أربعين، خيرٌ له من أن يمرّ بين يدي المصلي، لو علم ماذا عليه في المرور بين يدي المصلي. وقلنا أن ذلك يتحقق فيمن صلّى إلى سترةٍ تستره بينه وبين القبلة، لا تقل في ارتفاعها عن ثلثي ذراع، فلا يجوز أن يُمَر بينه وبين تلك السترة. ويستحبّ له أن يُرَد من أراد المرور ولو بالمدافعة الشديدة التي عبّر عنها ﷺ بالمقاتلة "فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ"، فعلمنا وجوب الاحتراز عن المرور بين يدي المصلي، ولو لم يصلِّ إلى غير سترة فيما بين موضع قدمه وموضع سجوده، فيبقى حريمًا له، لا ينبغي المرور فيه لأحد.
وعلمنا أنه قد يُصلي في ممر، أو عند بابٍ يدخل منه الناس، أو يكون هناك داعٍ لمرور أحدٍ وحاجة، فبذلك جاء الباب "باب الرُّخْصَةِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّى" يعني: إباحة ذلك والتجاوز فيه في أحوال، منها:
كما يدل عليه الحديث الذي أورده عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه-، وفيه دخوله والنبي ﷺ يصلي بالناس في أيام منى، يقول: "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ" وهي الأنثى من الحمير يقال لها الأَتان، "وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ"؛ أي: قاربت، "قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ"؛ أي: أيام البلوغ فإنه في نحو الثانية عشر -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- فهو الأقرب من قوله ناهزت البلوغ. والمشهور أيضًا من سنِّه عند وفاة النبي ﷺ:
وفيه: حفظ شيءٍ من الصغر، ثم تأديته في الكبر، وقبول الرواية من الأطفال وغيرهم إذا أدّوا في كبرهم ما كانوا عقلوه أيام الصغر، ووَعوه قبل البلوغ.
يقول سيدنا ابن عباس رضي الله تعالى عنه: "فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ" المراد به: الصف المتقدم أو الصف الأول "فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ" وفي رواية البزار: "أن النبي ﷺ يصلي المكتوبة ليس شيئًا يستره". وفي رواية البخاري: "إلى غير جدار" النبي ﷺ يصلي إلى غير جدار. "فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ" دابّته التي كان عليها "وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ". جاء في رواية مسلم: "فسار الحمار بين يديّ بعض الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحد، لا رسول الله ﷺ ولا أحد من الصحابة".
ورسول الله ﷺ كان يرى من ورائه كما يرى من أمامه، فلذلك لا يُقال أنه مرَّ خلفه فيُحتمل أنه لم يعلم به، فإنه صرّح أنه يراهم من ورائه ﷺ وقال: "أترون قبلتي هاهنا فإنه لا يخفى عليّ ركوعكم ولا سجودكم، إني أراكم من ورائي كما أراكم من أمامي" ﷺ. ففي هذا الحديث إشارة إلى مسائل:
والجمهور أن الصلاة لا تنقطع بشيء من ذلك.
وبهذا جاء عند الحنابلة أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، كما نص عليه عندهم الإمام أحمد. وعندهم أيضًا أنه ﷺ صلى إلى سترة، فهي سترة للمأمومين من ورائه. وهو معلوم في أسفاره أنه كان ينصب السترة بين يديه، وقد يحمل العَنَزة فتنصب بين يديه، فيصلي إليها، ولم يأمر أحدًا من المأمومين أن يصنع سترة في وقت صلاته ﷺ. فعندهم سترة الإمام تجزئ عن أصحابه
ثم أنّه ذكر أن الدابة كانت تمشي بين يديّ بعض الصف؛ يعني: أمامهم. "وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ" فلو كان فيه شيء، لأنكر عليه الصحابة، ولأنكر عليه ﷺ. فجاء الحديث أيضًا عند الإمام البخاري كما تقدمت الإشارة.
وقيل:
وتقدّم معنا ما اختار الحنابلة من أن سترة الإمام سترة لمن وراءه، ما دام لم يمر أحد بين الإمام وبين السترة، فكأنه لم يمر بين المأمومين وبين سترة أحد.
إذًا، علمنا سنيّة الدفع:
وفي حديث عن ابن عباس يقول: أن النبي ﷺ كان يصلي، فجاءت شاة تريد المرور بين يديه، فساعاها إلى القبلة، حتى مرت من خلفه، ولم تمر بين يديه.
وأورد لنا حديث: "أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصُّفُوفِ وَالصَّلاَةُ قَائِمَةٌ." وهذا يُحتاجُ إليه عند وجود الزحمة، وكثرة المصلين في الحرمين الشريفين، وفي غير التأثرّات بكورونا ونحوها من البلايا التي تجيء على الناس، فيحتاجون إلى المرور والناس يركعون في أوقات الصلوات، وما قبل الصلاة وبعدها، فيقع في حرجٍ كثيرٍ لأجل المرور بين يديّ الصفوف.
فيرى "أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ" يعني: أمام "بَعْضِ الصُّفُوفِ وَالصَّلاَةُ قَائِمَةٌ." إمّا:
وجاء: وكان سعد بن أبي وقاص يدخل المسجد فيمشي بين الصفوف والناس في الصلاة، حتى يقف في مصلّاه، يمشي عرضًا بين يدي الناس.
وفي ذلك: "قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَاسِعاً، إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، وَبَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ الإِمَامُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَرْءُ مَدْخَلاً إِلَى الْمَسْجِدِ إِلاَّ بَيْنَ الصُّفُوفِ." هذا الذي يقع كثيرًا أيام الجماعات، فيكون الدخول لأجل يجد مكانًا في الصف، أو في مكانٍ فرجة
وقد أوقعهم اجتهادهم عند هذه العلل التي ابتثّت والأمراض، أن يوجدوا الفرجة قصدًا واختيارًا بين المصلين، في مخالفة بيِّنة واضحة للسُنّة، فالأمر بالتراصِّ بالصفوف، وأنَّ الشياطين تدخل بينهم كأنها الحذف الصغار، فقُصِدَ ذلك قصدًا في الوقت الذي لا يُقصد في الأسواق، وفي كثير من الأعمال. حتى أن الماشين لَيمشون في السيارة الواحدة ومتقاربين بينهم، فإذا وصلوا المسجد تباعدوا، وإنا لله وإنا إليه راجعون!! فلا يُعلم ما أصل ذلك، ولا كيفية التعامل مع أمثال هذه الأشياء! ولكن إذا أراد الله أمرًا، سلب أهل العقول عقولَهم، ولا يُقدّم في الصلاة وغيرها على سنن محمدٍ ﷺ كلام شرقي ولا غربي، فإنما يُعبَد الله بما جاء عن رسوله ﷺ، وهو الأعلم سبحانه بمصالح عباده، وحبيبه الأبلغ في نصح الأمة صلوات ربي وسلامه عليه.
ويقول الأئمة: إن الإثم يكون إذا مرّ في حريم المصلي من له سعة المرور بعيدًا عن حريم المصلي، وإلا فلا إثم، كما تشير إليه عبارات الإمام مالك في الموطأ.
وذكر: "عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُول: لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ شَيْءٌ مِمَّا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَي الْمُصَلِّي.". وقال قائلون: يقطع الصلاة الكلب والحمار، وابن عمر يقول: لا يقطع صلاة المسلم شيء وادرءوا ما استطعتم؛ يعني: من باب السنيّة، ولكن ما تبطل الصلاة بمرور شيء. وجاء في حديث: "إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود"، قال عبد الله بن الصامت: يا أبا ذر، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله ﷺ عما سألتني، فقال: "الكلب الأسود شيطان" رواه الإمام مسلم
وجاء أيضًا في رواية مرفوعًا يقول: "تقطع الصلاةَ المرأةُ، والحمارُ، والكلبُ، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل"؛ هذا الذي قدروه بثلثي الذراع. وجاء في رواية عن ابن عباس: قيد المرأة بالحائض؛ إذا كانت المرأة حائضًا.
كما تقدّمت الإشارة معنا في الكلام، قال واختلفوا في تأويل أحاديث قطع الصلاة:
إذً، استدل الأئمة الثلاثة وجمهور أهل الفقه بما جاء عن الفضل بن عباس قال: "أتانا النبي ﷺ ونحن في بادية لنا، ومعه عباس، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا، وكلبة، تعبثان بين يديه، فما بالى بذلك" رواه أبو داوود والنسائي ونحوه بسندٍ صحيح. فهذا من أدلة الجمهور أنه لا تنقطع الصلاة بشيء من ذلك. ومثله ﷺ لا يشغله عن الحق شاغل، ولا يقطع خشوعه شيء، فخشوع رسول الله ﷺ خارج الصلاة أعظم من خشوع المصلين في الصلوات بأضعافٍ مضاعفة، فهو دائم الحضور مع مولاه -صلوات ربي وسلامه عليه- ولقوّته وتمكينه لا يشغله شيء مهما قابله بما شُرع في السُنّة، فيتكلم ويضحك مع ذا وذاك… وإذا كان الواحد من خيار أمّته يقول: لي عشرون سنة يظن الناس أني أتكلم معهم، وأنا لا أتكلم إلا مع الله! من قوة حضور قلبه مع الله، فما بالك بالأنبياء؟ فما بالك بسيّد الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليه؟! إنما الأخذات للقلوب إلى غير الله عند أمثالنا من الغافلين، فهم الذين كل شيء يقطعهم عن الله، وكل شيء يأخذهم عن الله، أبسط الأشياء تقطعهم عن الله. وأحد الخاشعين يصلي، فلا يحسّ بقطع رجله وهو في الصلاة. وبعض المصلين لو مرّت بعوضة بينه وبينها ذراع لشغلته في صلاته. وهكذا تختلف القلوب، ويا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلوبنا على دينك. فعلمنا قول الجمهور أنه لا يقطع الصلاة مرور شيء من هذا.
ثم ذكر "سُتْرَةِ الْمُصَلِّي فِي السَّفَرِ"، قيّده بالسفر لأن الغالب أن الإنسان في الحضر قدّامه السواري، وقدّامه الجدران، وقدّامه إلى غير ذلك، ولكن المسافر ليس أمامه شيء، فيحتاج إلى الاعتناء بالسترة كما اعتنى ﷺ. يقول الإمام مالك:
وأخذوا من باب أن المسافر ليس هناك أناس يمرّون بين يديه، ولا شيء من الحيوانات، بخلاف الذي هو في الحضر.
والذي ينبغي أن لا يكون بين المصلي والسترة أكثر من ثلاثة أذرع، فالسنّة أن يقرب من السترة، في الحديث عند أبي داود: "إذا صلى أحدكم فليصلِّ إلى سترة وليدنُ منها" يعني: يقرب منها؛ فلا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع. وهل يجعل السترة أمامه؟ أو يجعلها عن يمينه، أو عن يساره؟
عن يمينه أو عن يساره هو الأفضل كما جاء في الحديث يقول سيدنا المقداد بن الأسود: "ما رأيت رسول الله ﷺ صلى إلى عودٍ، ولا إلى عمود، ولا إلى شجرة، إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر، ولا يصمد إليه.." مباشرةً "صمدًا"؛ فهذا هو الأفضل، وإن صمد إليه لا يضر كما يصلي أمام الجدار. ولكن أيضًا غير الجدار الأفضل أن يجعله عن يمينه قليلًا أو عن يساره لا أمامه مباشرة.
وذكر: "عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْتَتِرُ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا صَلَّى." يعني: يعرض راحلته فيصلي إليها؛ فالراحلة مثل غيرها إذا وُجد بين يدي المصلي فهو سترة له. ولو كان إنسان أيضًا جالسًا أمامه فصلى إليه، فيصير ذلك الجالس سترة للمصلي، لا يمرّ بينه وبينه أحد. إذًا:
فالخلاصة:
والقصد أن يكون في الصلاة محفوظ القلب في وجهته إلى الرب، وحضوره معه، حتى لا يشتغل بشيءٍ غير ما هو بصدده. رزقنا الله حضور القلوب.
إذًا:
نظر الله إلينا نظرةً يجعلنا بها من مقيمي الصلاة، والحاضرة قلوبهم مع الله في الصلاة، وفي مختلف الأحوال، وأن يقينا الأسواء والبلايا والآفات والأهوال، ويكفينا شرّ ما تأتي به الأيام والليال، ويبارك لنا في خاتمة صفر وفي إقبال شهر ربيع الأول، ويجعله من أبرك الشهور على أمة الحبيب الأكمل ﷺ، ويجعل لهم في ذكرى ميلاده فرجًا من عنده سبحانه وتعالى، يسلك بهم سبيل رشاده، ويُعيذهم من الآفات والعاهات، ويرفع عنهم سلطة الأنفس والأهواء وشياطين الإنس والجن، ويجعل هواهم تبعًا لما جاء به حبيبه المؤتمن في عافية بسِرّ الفاتحة إلى حضرة النبي ﷺ.
05 ربيع الأول 1442