شرح الموطأ -224- كتاب الحج: باب إفاضة الحائض

شرح الموطأ -224- كتاب الحج، باب إفاضة الحائض، من حديث: « أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ »
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الحج، باب إفاضة الحائض.

فجر الأربعاء 18 ذي الحجة 1442هـ.

باب إِفَاضَةِ الْحَائِضِ

1233 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟". فَقِيلَ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ. فَقَالَ: "فَلاَ إِذاً".

1234 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا، أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ بِالْبَيْتِ؟". قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: "فَاخْرُجْنَ".

1235 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ إِذَا حَجَّتْ، وَمَعَهَا نِسَاءٌ تَخَافُ أَنْ يَحِضْنَ، قَدَّمَتْهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَفَضْنَ، فَإِنْ حِضْنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَنْتَظِرْهُنَّ، فَتَنْفِرُ بِهِنَّ وَهُنَّ حُيَّضٌ، إِذَا كُنَّ قَدْ أَفَضْنَ.

1236 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَقِيلَ، لَهُ: إنَّهَا قَدْ حَاضَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا؟". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "فَلاَ إِذاً".

1237 - قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامٌ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ، فَلِمَ يُقَدِّمُ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَنْفَعُهُنَّ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ، لأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ آلاَفِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ، كُلُّهُنَّ قَدْ أَفَاضَتْ.

1238 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وقد حَاضَتْ، أَوْ وَلَدَتْ، بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَخَرَجَتْ.

1239 - قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَرْأَةُ تَحِيضُ بِمِنًى تُقِيمُ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، لاَ بُدَّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ فَحَاضَتْ بَعْدَ الإِفَاضَةِ، فَلْتَنْصَرِفْ إِلَى بَلَدِهَا، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِلْحَائِضِ.

1240 – قَالَ: وَإِنْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ، فَإِنْ كَرَيّها يُحْبَسُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِمَّا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الدَّمُ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرمِنا برسوله وبيانِه، وما جاء به من شرع الله -سبحانه وتعالى- وتبيانِه، صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وأصحابه، وأهلِ حُسنِ متابعتِه واكتفائه فيما جاء به عن الحق -جل جلاله- في سرِّ الأمر وإعلانِه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين محلِّ نظرِ الحقِّ -تبارك وتعالى- من بَريَّتِه وتفضُّلِه وامتنانه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنّه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. 

وبعدُ،

 فيذكر الإمام مالك -عليه رضوان الله تبارك وتعالى-  حُكمَ ما يتعلق بإفاضة الحائض، وهي طوافُها طوافَ الإفاضة إذا طافت قبل أن يأتيَها الحيضُ، ثمّ جاءها الحيضُ بعد ذلك عند خروج النّاس من مِنى وانصرافِهم إلى مواطنهم، فإنّه بذلك يسقط عليها طوافُ الوداع، ما دامت رِفقَتُها تسير من مكةَ وهي حائضٌ وقد طافت طوافَ الإفاضة في أيام النَّحر. 

ويمتدُّ وقتُ طوافِ الإفاضة عند الأئمة الثلاثة، لكن عند الحنفية متى ينتهي طواف الإفاضة؟ إلى اليوم الثالث من أيام التَّشريق، وعلى هذا الحال إذا أخَّرت المرأةُ طوافَ الإفاضة بواسطة الحيض، 

  • فإن كان قد مرَّ عليها وقتٌ من بعدِ يوم النحر ما يكفيها للذَّهاب إلى الطواف فلم تطُف عليها بذلك فديةٌ عند الحنفية.

  • لكن عند الأئمة الثّلاثة لا يختصُّ وقتُ الطواف عندهم بأيام التشريق بل يستمرُّ فيما بعد ذلك، فلهذا لا شيءَ عليها عندهم إذا أخَّرت الطواف عن أيام التشريق.

 ويَلزَمُها فديةٌ عند الحنفية. "باب إِفَاضَةِ الْحَائِضِ"، يقول -عليه رضوانُ الله تبارك وتعالى-: "عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ" قيل: إن أصل اسمها صفية، وقيل: كانت تُسمى زينب فلما اصطفاها ﷺ وآلتْ إلى الصفاء سُميت صفية.

صفيةُ بنتُ حُيَيّ التي أُخذت عندما وقعت في السبيّ عندما كانت غزوة خيبر، وكانت تزوجت بكنانة من أبناء عمها من اليهود، وكان ممن قُتل في غزوة خيبر، وعاشت حتى كانت السنة الخمسين من الهجرة، وقيل الثانية والخمسون فتُوفيت.

 وقد روى عنها عليّ بن الحسين -رضي الله تبارك وتعالى عنه- بعضَ الأحاديث، فتبيَّنَ امتدادُ عمرها إلى أن أدركتْهُ، ولذا خطئوا من قال أنّ وفاتَها كانت سنةَ ستٍّ وثلاثين وذلك قبل أن يولد عليّ بنُ الحسين، وقد جاء في الصحيحين روايتُه عنها.

 إذاً؛ امتد بها العمر إلى أن كانت سنة خمسين أو اثنتين وخمسين من الهجرة، تُوفيت ودُفنت ببقيع الغرقد عند أزواج النبي ﷺ، فإن اثنتَين من زوجاته أمهاتِ المؤمنين -عليهن رضوان الله- تُوُفِّينَ بمكة، سيدتُنا خديجة بنتُ خويلد ثمّ كذلك ميمونةُ بنت الحارث بجانب مكة حيث بَنى عليها، توفيت ودفنت هناك، وبقي تسعٌ هنّ بالمدينة المنورة في الموضع الذي دُفن فيه أمهاتُ المؤمنين، ما بين موضع بنات النبي ﷺ وموضعِ قبر الإمامِ مالك بنِ أنس -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- والشيخِ نافع شيخِ القراء، فهؤلاء تُوفِّين منهن في حياته ﷺ اثنتان، الأولى: سيدتنا خديجة، وسيدتنا زينب بنت خزيمة توفيت في حياته فقبَرها هناك، ثم قُبر في نفس المكان من لحقَها من أمهات المؤمنين من زينبَ بنتِ جحش ومن لحقها من بقية أمهات المؤمنين واحدةً بعد الثانية، فقُبِرْنَ في موضعٍ واحد من بقيع الغرقد، عليهنّ رضوان الله تبارك وتعالى.

تقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: "فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ" ما اعتقدتْ وتخوفتْ أن تكون حيضَتها تمنعها بعضَ أفعال الحج، أرادت أن تعلمَ عِلمَ ذلك، وكما احتمال أن يكون أجرى رسول الله ﷺ ذكر صفية فأخبرتْهُ عائشة أنّها قد حاضت، "فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟" وفيه دليل على أنّه إذا حاضت المرأة قبل أن تطوف طواف الإفاضة فعلى كريّها؛ الذي استأجرته للحج أن ينتظرَها ورِفْقَتَها، إن كان ينقطع حيضها في خلال أيام معدودة ينتظرونها، فتحبسهم إلى أن تطهر فتطوف في البيت، لذلك قال: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟"؛ أي: هل هي مانعتُنا من السفر في الوقت الذي أردنا بأن لم تكن طافت؟ فقلن له: "إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ"؛ أي: قد طافت طواف الإفاضة. 

وهكذا وجاء في رواية عند البخاري: تقول عائشة: حجَجْنا فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية، فأراد ﷺ السفر فأخبرتْهُ أنّها حائض، "فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟"، هذا يكون لمّا أراد ﷺ السفر والخروج بعد أيام التشريق الثلاثة، أراد أن يسافر من مكة إلى المدينة، فطاف طواف الوداع ﷺ، وأمر عبدَ الرحمن بنَ أبي بكر أن يأخذ أُختَه عائشة لتعتمر، فاعتمرت من التنعيم، وأراد الخروجَ وأُخبر بحيض صفية فقال ذلك: أحابستنا هي؟.. وفي رواية: سألهنَّ: "ألم تكنْ طافت معكنَّ"؟ يعني: وقتَ ما طُفتُنَّ طواف الإفاضة قلن: نعم، قال:فلا إذاً فلْتخرجْ معكن. كما في الرواية الآتية.

يقول: عن عائشةَ -رضي الله عنها-: " إِنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ قَدْ حَاضَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَعَلَّهَا تَحْبِسُنَا، أَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ مَعَكُنَّ بِالْبَيْتِ؟" أي: طواف الإفاضة " قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: فَاخْرُجْنَ" فيخرجن حينئذٍ فلا شيءَ عليهن.

 وكذلك جاء: "عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّأَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ إِذَا حَجَّتْ، وَمَعَهَا نِسَاءٌ تَخَافُ أَنْ يَحِضْنَ، قَدَّمَتْهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ" مباشرة "فَأَفَضْنَ"؛ أي: ليَطفْنَ طواف الإفاضة، بحيث لو طرأ على إحداهن حيض بعد ذلك لا تُؤخِر رفقتها، ولا كَرِيَّهَا الذي استأجرتْهُ ليحجَّ بها. "فَإِنْ حِضْنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَنْتَظِرْهُنَّ، فَتَنْفِرُ بِهِنَّ وَهُنَّ حُيَّضٌ"، أخذت ذلك من فعله ﷺ.

جاء: "عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَقِيلَ، لَهُ: إنَّهَا قَدْ حَاضَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ طَافَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَلاَ إِذاً".

وطواف الوداع الذي هو واجب عند أكثر الأئمة، يقول الإمام مالك: إنه سُنّة، ولكن بالاتفاق يسقط عن الحائض إذا كانت قد طافت طواف الإفاضة.

"قَالَ مَالِكٌ: قَالَ هِشَامٌ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ، فَلِمَ يُقَدِّمُ النَّاسُ نِسَاءَهُمْ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَنْفَعُهُنَّ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ"؛ يعني: ما يسقط عنها طواف الوداع، "لأَصْبَحَ بِمِنًى أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ آلاَفِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ، كُلُّهُنَّ قَدْ أَفَاضَتْ"، هذا في ذلك العهد والحُجاج محصورون، وأقل منه حصرًا ما كان في أيام البلاء هذا عندنا، وإلاّ ففي الغالب يحجون فوق المليون إلى المليونين وما إلى ذلك، فسيكون العدد أكثر من هذا الذي ذكرت السيدة عائشة، قالت: "وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَقُولُونَ"؛ أنه ما يسقط عنها الوداع صار عندنا ستّة آلاف امرأة حائض، كلهن قد أفاضت، وبعد ذلك حاضت أيام منى فتحبس رفقتها، فأنكرت عائشة ذلك، وقالت: إذا قد طافت طواف الإفاضة فلا عليها أن تتأخر لأجل طواف الوداع. 

وذكر: "أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ اسْتَفْتَتْ" سألت "رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَقد حَاضَتْ، أَوْ وَلَدَتْ" يعني: نَفُست، رجَّحوا أنها حاضت لم يحصل منها نفاس، لأنها قالت: استفتيْتُ  فيمن حاضت أو ولدت "بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَخَرَجَتْ"؛ لأنّها قد طافت طواف الإفاضة، فلم يأمرها بأن تنتظرَ حتى تطوفَ طواف الوداع.

 وهكذا؛ "قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَرْأَةُ تَحِيضُ بِمِنًى تُقِيمُ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، لاَ بُدَّ لَهَا مِنْ ذَلِكَ"، ما دام لم تطُفْ طواف الإفاضة، "وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ فَحَاضَتْ بَعْدَ الإِفَاضَةِ، فَلْتَنْصَرِفْ إِلَى بَلَدِهَا،"، فهو أمر متفَقٌ عليه، أيّما امرأةٍ حاضت قبل أن تطوف يوم النّحر طواف الزيارة أو وَلدت قبل ذلك فلا تَنْفِرَن حتى تطوف طواف الزيارة؛ أي: طواف الإفاضة، فإن كانت قد طافت طواف الزيارة ثمّ حاضت فلا بأس أن تنفر قبل أن تطوف طواف الصدر، عليه عامَّةُ الفقهاء، "فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ".

 قال الإمام مالك: "وَإِنْ حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ، فَإِنْ كَرَيّها"؛ يعني: الذي استأجرتْهُ واكترته لتحجّ معه، هذا الكريُّ المستأجَر يجب أن ينتظرها، "يُحْبَسُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِمَّا يَحْبِسُ النِّسَاءَ الدَّمُ." وهو نصف شهرٍ في الحيض عند المالكية كما هو عند الشافعية؛ أنّ أكثر الحيض خمسة عشر يومًا، ولكن يُحفظ عن الحنفية أنّه عشر أيام. 

وهكذا؛ استفادوا من حديث: "أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟" دليلاً على أن الكَرِيَّ يُحبس على التي حاضت ولم تطُفْ طواف الإفاضة حتى تطهر، وهذا هو مذهب الإمام مالك -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- وكثير من العلماء. 

ثمّ يتابع الكلام عن الفدية فيما يُصاب من الطير والصيد الوحشي، والله أعلم. 

الله يكرمُنا بالإيمان واليقين والإخلاص والصدق والإنابة والاستقامة، ويُتحفنا بالكرامة، ويدفعُ الآفاتِ عنا والعاهاتِ وعن الأمة، ويعامل بمحض الجود والرحمة، وينظمنا في سلك أهل الرضى والطف بنا وبهم فيما يجري به القضاء، ويختم لنا بأكمل الحسنى وهو راضٍ عنا في خيرٍ ولطف وعافية، بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

22 ذو الحِجّة 1442

تاريخ النشر الميلادي

01 أغسطس 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام