شرح الموطأ - 220 - كتاب الحج: باب صلاة الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّب، ,وباب البيتوتة بمكة ليالي مِنى

شرح الموطأ - 220 - كتاب الحج: باب صَلاَةِ الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّبِ، من حديث: (أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ..)
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الحج، باب صَلاَةِ الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّبِ، وباب البيتوتة بمكة ليالي مِنى.

فجر الثلاثاء 3 ذي الحجة 1442هـ.

باب صَلاَةِ الْمُعَرَّسِ وَالْمُحَصَّبِ

1206- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى بِهَا.

قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

1207- قَالَ مَالِكٌ: لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ، حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ، وَإِنْ مَرَّ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةٍ فَلْيُقِمْ حَتَّى تَحِلَّ الصَّلاَةُ، ثُمَّ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ، لأَنَّهُ بَلَغَنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَرَّسَ بِهِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَاخَ بِهِ.

1208- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ.

باب الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى

1209- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَبْعَثُ رِجَالاً يُدْخِلُونَ النَّاسَ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ.

1210- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لاَ يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ.

1211- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى: لاَ يَبِيتَنَّ أَحَدٌ إِلاَّ بِمِنًى.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكْرِمِنا بشرائع الإسلام وبيانها على لسان خير الأنام، سيِّدنا مُحمَّد صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصَّلاة والسَّلام، وعلى مَن والاهم في الله وتابعهم إلى يوم القيام، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين أهل المراتب الرفيعة والمنازل العِظام، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المُقرّبين وجميع عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الرَّاحمين يا ذا الجلال والإكرام. 

وبعدُ،

فيذكر الإمام مالك -عليه رحمة الله تعالى- الأحاديث المُتعلّقة بالْمُحَصَّب وبالْمُعَرَّس والمبيت بمنى وما تعلَّق بذلك.

فأما الْمُعَرَّس؛ فهو المكان بذي الحُلَيفة قريبًا من المدينة إذا رجع الحاج مرّ عليه اتباعًا للنبي ﷺ، وهو في وادي العقيق. وقال: إنه وادٌ مبارك، وآتاه آت من عند ربه وقال له: صلّ هنا ركعتين بالوادي العقيق فإنه وادٍ مبارك. وهذا للراجع من الحج أو العُمرة إذا أراد دخول المدينة، فكما أنه عند خروجه يمر على ذي الحُلَيفة ويُحرِم من هناك، فكذلك عند رجوعه ينزل بالْمُعَرَّس تهيئًا لدخول المدينة المُنوَّرة. فالْمُعَرَّس المكان الذي تم فيه النُّزول؛ التَّعريس هو النزول ليلًا، ولكون النَّبي ﷺ نزل فيه سمّي مُعَرَّسًا، البطحاء بذي الحُلَيفة في وداي العقيق. 

وَالْمُحَصَّب؛ الإطلاق على موضعين: 

○ يطلق على ما كان عند جمرة العقبة ومدخل منى قريب من الخيف، وهو المراد. 

○ الثاني المراد وهو عند مدخل مكَّة المُكرَّمة قبل مقبرة الحُجون التي فيها السيِّدة خديجة عليها رضوان الله تبارك وتعالى.

فبين الجبلين عند مدخل مكَّة للراجع من مِنى، فهناك الوادي الذي يقال له الْمُحَصَّب، وذلك أنه تجتمع فيه الحصاة بحمل السّيول لها وهو محل منخفض، فتجتمع فيه الحصاة فقيل مُحصَّب. 

  • ويقال له أيضًا: زرود. 

  • ويقال له: البطحاء، فهو بطحاء مكَّة. 

وهو وادي زرود، وهو الْمُحَصَّب، وهو الذي نصب ﷺ فيه خيامه، فيقال له الأبطح. ويقال له: زرود، ويقال له: الْمُحَصَّب. وإلى الْمُحَصَّب الأول الذي هو عند منى أشار الشَّافعي بأبياته المشهورة: 

يا راكبًا قف بالمحصَّب من مِنى *** واهتف بقاعد خيفها والناهضِ

سَحَرًا إذا فاض الحجيج إلى مُنى *** فيضًا كملتطَم الفرات الفائضِ

إن كان رفضًا حبُّ آل محمد *** فليشهد الثَّقلان أني رافضي

إن كان رفض حب آل البيت، قال: فأنا أول واحد. فليس الرّفض إلا سبُّ الصَّحابة -عليهم الرضوان-، والتجرّؤ على من شرَّفهم الحق بصحبة سيِّد الأكوان وبوصيته بهم صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم.

وهكذا جاء مسلك أهل السُّنَّة وسطًا؛ يعظِّمون فيه الصَّحابة وآل البيت تعظيمًا واحدًا، لا يفرِّقون بين هذا وهذا، ولا يدَّعون محبة واحد وبغض الآخر؛ فذلك شأن أهل الزيغ والبدع والضَّلال. 

  • ولا يكون من أهل السُّنَّة مَن لم يصدُق في محبة آل بيت النَّبي ﷺ. 

  • وكما لا يكون من أهل السُّنَّة مَن لم يصدُق في محبة أصحاب النَّبي مُحمَّد ﷺ ومعرفة قدرهم وشأنهم وما أكرمهم الله به.

 والكل جاء الثّناء عليهم في القُرآن وعلى لسان سيّد الأكوان. فمَن ضيّع واحدًا، فقد ضيّع القُرآن وضيّع سُنَّة المُصطفى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، رزقنا الله محبتهم، وهكذا يقول الإمام الشَّافعي -عليه رضوان الله تبارك وتعالى-. 

ويقول في أبياته الأُخرى: إذا ذكرنا أبا بكر، قالوا لنا: أنت ناصبي، إذا ذكرنا علي، قالوا لنا: أنت رافضي…

إذا نحن فضّلنا عليًّا فإنّنا *** روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل 

وفضلُ أبي بكر إذا ما ذكرتُه *** رُميتُ بنَصْبٍ عند ذكريَ للفضلِ 

فما زلتُ ذا نصبٍ ورفضٍ كلاهما *** بحبّيهما حتى أوسّد في الرَّمل

 أنا أحبهم كلهم إلى أن أُقبر، وإن كان هذا هو النَّصب وإن كان هذا هو الرَّفض، ثم إن كان معناها الثاني المبغوض فأنا بعيد منه، ولا أبغض آل البيت ولا أبغض الصَّحابة الكرام، فلا ناصبي ولا رافضي.. أما إن كان إذا ذكرنا شيء فضائل سادتنا الصَّحابة قلتوا لنا أننا نواصب.. عجيب!! فمحبتهم من سُنَّة المُصطفى وسُنَّة آل بيته الأطهار. وإذا ذكرنا آل البيت، قلتوا لنا إننا روافض!! فمحبة آل البيت من سُنَّة المُصطفى وسُنَّة صحابته الأخيار -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-. فجاء مسلك السُّنَّة لبنًا خالصًا من بين فرثٍ ودم، (مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ) [النحل:66]، فيا ربِّ ثبّتنا على الحق والهدى. 

قال: "حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى بِهَا"؛ يعني: عند رجوعه من حجّة الوداع ﷺ. "فَصَلَّى بِهَا"، فهناك ينبغي كما أشرنا أنه أتاني آتٍ من عند ربي، وأمرني أن أُصلي باطن الوادي أو ببطحائها أو قال بالعقيق، وقال: والعقيق وادٍ مبارك. وقيل له: إنك ببطحاء مباركة صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم. وهكذا كان سالم بن عبد الله بن عُمَر يأتي كما كان يأتي أبوه يتحرّى المناخ الذي كان يُنيخ به رسول الله ﷺ، فيُنيخ به وينزل هناك، فعَرَّس رسول الله ﷺ أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي بينه وبين الطَّريق. وهكذا جاء في رواية الإمام مُسلم يقول: كان ابن عُمَر -رضي الله عنه- يُنيخ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ والتي كان ﷺ يُنيخ بها ويصلي بها. وجاء في الرواية، أنه ﷺ أتي في مُعَرَّسه بذي الحُلَيْفة، فقيل له: إنك ببطحاء مباركة. 

"قَالَ مَالِكٌ: لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسَ إِذَا قَفَلَ"؛ يعني: رجع من الحج أو العُمرة "حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ"، تأسّيًا بالنبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم. ولمَّا صلَّى فيه النَّبي استُحبت الصَّلاة فيه تبرّكًا بموضع صلاته ﷺ. قال: "وَإِنْ مَرَّ بِهِ"؛ أي: في رجوعه من حج أو عُمرة، "فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةٍ" وكأن يكون بعد صلاة الصُّبح قبل الطلوع أو بعد العصر قبل الغروب "فَلْيُقِمْ حَتَّى تَحِلَّ الصَّلاَةُ"؛ يزول وقت الكراهة، "ثُمَّ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ" ما تيسّر من ركعتين فزيادة، "لأَنَّهُ بَلَغَنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَرَّسَ بِهِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَاخَ بِهِ".

وهكذا يقول القاضي: والنُّزول بالبطحاء بذي الحُلَيفة في رجوع الحاج ليس من مناسك الحج، وإنما فِعْلُهُ من فِعْلِهْ ﷺ فعَلَهُ من فَعَلهُ من أهل المدينة تبرّكًا بآثار النَّبي ﷺ، ولذا استحبّ مالك النُّزول به والصَّلاة فيه وأن لا يُجاوز ذلك. 

  • ولكن إذا كان رجع مباشرة. 

  • أما إذا ذهب إلى شيء من البلدان الأُخرى وأقام ثم دخل المدينة فلا نزول في المُعَرَّس هذا ولا في وادي العقيق. 

أمَا هذا العقيق بدا وهذه *** قباب الحيّ لاحت والمضارب 

وقال: "عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُحَصَّبِ"؛ أي: اتباعًا للنبي ﷺ وهذا للذي نفر النَّفر الثاني من مِنى. فإذا نفر في النَّفر الثاني من منى، فينزل بالمُحصَّب. 

  • وقالت السيِّدة عائشة: إنه منزل نزله ﷺ ليكون أسهل له وأقرب إلى سفره؛ وليس بسُنَّة.

  • لذا استحبّه أهل العلم وقال مَن قال: باستحبابه لأجل المتابعة للنبي ﷺ. 

  • وجعله الحنفية من السُّنَّة وأكّدوا فيه، وجعلوه من السُّنَّة لمَن نفر من مِنى أن يمر بهذا الأبطح الذي بمكَّة المُكرَّمة.

المُحصَّب؛ عند مدخل مكَّة المُكرَّمة، ما قبل مقبرة الحَجون بين الجبلين يقال له المُحصَّب، ووادي زرود. ويقال له: البطحاء. وهكذا جاء عن ابن عُمَر أنه كان يرى التَّحصيب سُنَّة، وكان يصلي الظُّهر يوم النَّفر بالحصبة. وقال نافع: حصَّب الرَّسول ﷺ والخُلفاء بعده.

"ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ"؛ يعني: طواف الوداع، اتباعًا لفعله ﷺ. يعني صلَّى "الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ"، ورقد رقدة بالمُحصَّب ثم ركب إلى البيت فطاف به، وهذا طواف الوداع. وجاء أيضًا في الحديث الشَّريف أن أُسامة قال: قلت يا رسول الله أين تنزل غدًا؟ في حجّته، قال: هل ترك لنا عقيلًا منزلًا! نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكُفر؛ يعني المُحصَّب. وجاء في رواية البُخاري ومُسلم عن أبي هريرة قال: "قال لنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى، نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة"؛ يعني: المُحصَّب هذا. 

وجاء عن ابن عباس: نزول الأبطح ليس من النُّسك إنما هو منزلٌ ينزل به ﷺ، فهو إذًا: 

  • مُستحب للاقتداء بالنبي والخُلفاء الرَّاشدين -رضي الله تعالى عنهم-. 

  • وبالإجماع مَن تركه؛ ليس عليه شيء بالاتفاق. 

  • وأما المُتعجّل في ثاني يوم من أيام التَّشريق قبل اليوم الثالث؛ فلا يُسن له نزول المُحصَّب؛ لأنه قد ترك المبيت في ثالث ليلة، فأولى أن يترك المُحصَّب.

 

باب الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى

 

وقال: "باب الْبَيْتُوتَةِ"؛ أي: المبيت "بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى" لمَن كان معذورًا. فليالي مِنى يجب المبيت فيها وسط مِنى، وليس وادي مُحسّر ولا العقبة التي عندها الجمرة من مِنى، وهكذا قال الأئمة الثلاثة. 

  • قال الإمام مالك: أن الجمرة من مِنى، وما ورائها من العقبة ليس من مِنى. 

  • وفي رواية عنه: أن العقبة كلها مِن منى. 

والعقبة قد هُدِّمَت الآن وباقي الجمرة جمرة العقبة. 

  • ومذهب الأئمة الثلاثة: أن الجمرة خارجًا من حدود مِنى، ليست في مِنى. 

فمَن أراد أن يبيت، فلا بُد يكون من جهة العقبة إلى جهة الخيف؛ إلى جهة داخل المنى لا إلى جهة مكَّة. فأما من عند العقبة إلى جهة مكَّة؛ فهو خارج منى، وليس من مِنى. والمبيت بمنى أحد واجبات الحج: 

○ فمن ترك المبيت الثلاث الليالي.. فعليه دم. 

○ وإن ترك ليلة، وبات ليلتين.. فعليه مُدّ. 

○ أو بات ليلة وترك ليلتين .. فعليه مُدّان. 

ومَن ترك الثلاث؛ وجب عليه دم. وقيل: أنه سُنَّة؛ أي المبيت بمِنى. ولكن جاءت الرُّخصة منه ﷺ لأهل السّقاية، فأهل الأعمال المُتعلّقة بسقاية الحاج ينزحون بمكَّة فيصعب عليهم الرُّجوع إلى مِنى والمبيت فيها، فرَّخص للعباس أن يبيت بمكَّة من أجل سقايته. فقيس عليه القائمين بالخدمة للحج وغيره ممَن يصعُب عليهم وقد حجّوا، أن يبيتوا بمِنى؛ فيُرّخص لهم أن يكونوا بمكَّة. 

وذكر عن سيِّدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أنه "كَانَ يَبْعَثُ رِجَالاً يُدْخِلُونَ النَّاسَ مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ"؛ لأن العقبة ليست من مِنى، فهي حدّ مِنى؛ فلهذا يأمرهم ألا يبيتوا خارج مِنى، فيُدخلونهم من العقبة إلى داخل مِنى حتى يصح لهم المبيت بمنى. وهكذا يقول الإمام النَّووي: حدّ مِنى ما بين وادي مُحْسِّر وجمرة العقبة، فهو شِعب طويل نحو ميلين، وأما عرضه فيسير. والجبال المحيطة به: 

○ما أقبل منها فمن مِنى.

○ وما أدبر منها خارج مِنى.

وذكر أيضًا عن سيِّدنا "عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لاَ يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ"؛ أي: فهو خارج مُنى.

قال في  البيتوتة بمكة ليالي منى "لاَ يَبِيتَنَّ أَحَدٌ إِلاَّ بِمِنًى"، فهو كما ذكرنا عند الجمهور واجبٌ من واجبات الحاج، 

  • فإذا قد حج فأحرم ووقف بعرفة؛ وَجَبَ عليه أن يبيت ليالي التَّشريق بمِنى. 

  • وعَلِمنا أن الأئمة الثلاثة يقولون: وادي مُحَسَّر وجمرة العقبة ليست من مِنى؛ ليسا من مِنى. 

  • وأن المالكية يقولون: إن جمرة العقبة من مِنى، وباقي العقبة ليس من مِنى. 

  • في قول عندهم أن العقبة كلها من مِنى. 

ولكن ذوي الأعذار مثل: أهل السّقاية، والذين يرعون للناس الإبل، ومثلهم المرضى ومن في حكمهم؛ فإنهم يُعذرون عن المبيت بمِنى، ويبيتون بمكَّة. 

ثم يتكلم على رمي الجِّمار، "باب رمي الجِّمار"

رزقنا الله تعظيم الشَّعائر والمشاعر، ورزقنا صلاح الباطن والظاهر، وجعلنا من المُمتثلين للأوامر والمُجتنبين للزواجر، ورزقنا مُتابعة نبيّه الطَّاهر، وتولّانا به في الدُّنيا والبرزخ واليوم الآخر، وأصلح شؤونا بما أصلح به شؤون الصَّالحين بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

04 ذو الحِجّة 1442

تاريخ النشر الميلادي

14 يوليو 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام