شرح كتاب سلم التوفيق - 12- أحكام النفقة - الواجبات القلبية

للاستماع إلى الدرس

الدرس الثاني عشر للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في كتاب: سُلّم التوفيق إلى محبة الله على التحقيق، للإمام الحبيب عبدالله بن حسين بن طاهر. ضمن دروس الدورة الصيفية الأولى بمعهد الرحمة بالأردن. 

(أحكام النفقة - الواجبات القلبية) 

ظهر السبت 20 صفر 1446هـ

 لتحميل كتاب سلم التوفيق

 pdf: https://omr.to/sullam-pdf 

نص الدرس مكتوب:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

فصلٌ [ في النفقات الواجِبَةِ ومايذكرُ معها] 

يجب على الموسر نفقة أصوله المعسرين وإن قدروا على الكسب، ونفقة فروعه؛ أي: أولاده وأحفاده إذا أعسروا وعجزوا عن الكسب لصِغَرِ أو زَمانةٍ، ويجب على الزوج نفقة الزوجة ومهرها، وعليه لها متعة وهي مال يتراضيان عليه أو يقدره القاضي إن تنازعا  إن طلقها بلا سبب منها.

وعلى مالك العبيد والبهائم نفقتهم، وألا يكلفهم من العمل ما لا يطيقون، ولا يضربهم بغير حق.

ويجب على الزوجة طاعة الزوج في نفسها إلا ما لا يحل، وألا تصوم نفلًا  ولا تخرج من بيته إلا بإذنه.

 

يذكر الشَّيْخ -عليه رحمةُ اللهِ تبارك وتعالى- مسائلُ تتعلَّق بالمعيشةِ والحياةِ في هذه الأرضِ من قِبَل الحقوقِ والواجباتِ في الأُسَرِ وفي المجتمع، فيُبَيِّنُ ما يتعلَّقُ بالأسرةِ مما جَعَلَ اللهُ من واجبِ النفقةِ على القادرِ على النفقةِ على أصولِه، ومعنى أصوله: الأب، والأم، وما علا منهم: أبُ الأب، وأمُّ الأم، وأمُّ الأب، وأمُّ الأم، وهكذا من وُجِدَ من أجداده من أبيه وأمه، ومن يُدْنَى إليهم بالنسب، يجب عليه أن يُنْفِقَ عليهم مهما كانوا محتاجين إلى النفقة بالمعروف، فيُنْفَقَ عليهم النفقة اللائقة، ويكتسب من أجل ذلك إذا لم يكن لديه المال، فيجب عليه أن يكتسب لأجل أن يُؤَدِّيَ حقَّ النفقة لهؤلاء الأصول.

قال: "وكذلك على الفروع نفقة إذا أَعْسَرُوا وعجزوا عن الكسب".

فذَكَرَ أنَّ في الأصول شرطًا واحدًا لوجوب النفقة عليهم؛ وهو حاجتهم؛ فإذا كان الأبُ محتاجًا وإن كان قادرًا على الكسب، ولكنه لا يكتسب، جلس عن الكسب وهو قادرٌ عليه، فالفَرْع يجب عليه أن يُنْفِقَ على أبيه، وإن كان أبوه قادرًا على الكسب ولكنه لم يكتسب وهو محتاج، فشرْط الحاجة فقط لإيجاب النفقة على الفرع للأصل. بخلاف نفقة الأصل على الفرع، فلا بُدَّ فيها من شرطين:

• الشرط الأول: الحاجة.

• الشرط الثاني: عدم القدرة على الكسب.

فإذا كان قادرًا على أن يكسب وإن كان محتاجًا، فلا يلزم على والده بل يأمره بالكسب، وهكذا فلا يلزم على الأب ولا على الجد. والفروع: الابن، وابن الابن وإن سَفُل، وبنت الابن، وهكذا، والبنت وبنتها، وابن ابنها، وهكذا الفروع والأصول، هذا بخصوص الذين تُوجَبُ عليهم النفقة عند الشافعية. وقد أوجب بعضهم النفقة على الحواشي مثل: الأخت، والعم، والخال، وما إلى ذلك. والوجوب بالنفقة عند الشافعية مقتصر على الأصول والفروع.

  • فالأصول تلزم النفقة عليهم بشرط واحد وهو الحاجة
  • أما الفروع فتجب النفقة بشرطين، وهما: الحاجة، والعجز عن الكسب.

قال: "ويجب على الزوج نفقة الزوجة ومهرها"، فهذا من حين التمكين؛ من حين أن يعقد عليها، فتمكّنه من نفسها يجب عليه نفقتها، وكذلك يجب عليه المهر الذي عَقدَ عليه.

وهذا سَرى العُرف بين الناس في أكثر الأماكن أنهم يُعْطُونَ أولياءَ الأمور شيئًا من المال، وينفقونه لشؤون الزواج، ويعدّونه المهر. وإنما المهر في الشرع ما تم العقد عليه، "زوُّجتك إياها بكذا"، وهذا المهر ملكٌ للزوجة، لا لأبيها، ولا لغيره، ولا لولي أمرها، هو ملكٌ لها يجب أن يُسْلِمَه إياها، هي تأخذه منه ملكًا لها، إنما إذا استلمه أبوها عنها بالوكالة فأنفقه عليها؛ جائزٌ، ينفق عليها، ولكن بتوكيلها وإذنها له أن يقبض عنها مهرها. المهر يثبت بالعقد والدخول. 

  • فإن طلّقَ قبل الدخول وجب نصف المهر. 
  • فإذا دخل بها وجب المهر كله.

وقالوا: من السُّنة أن يُسْلِمَه إليها قبل الدخول، هذا المهر الذي يكون عليه العقد.

وقال: "وعليه لها متعةٌ إن طَلَّقَ"؛ فإن حصل الطلاق بينهم لأي علَّة وأي سبب، فيجب عليه أيضًا عند الطلاق أن يُمَتِّعَهَا، أي أن يعطيها شيئًا هديةً. قال تعالى: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:236]. فيجب عليه أيضًا المتعة عند الطلاق -وهذا غير المهر- وبعض القبائل يُؤَخِّرُونَ أداء المهر إلا إذا حصل طلاق، أو حصل موت، ثم يأخذون المهر. والأصل أنه ينبغي أن يُسَلَّمَ قبل الدخول بها، فهذا الأفضل فيه، وعلى كلٍّ فهو في ذمته إلا أن تُبْرِّئَهُ منه أو تُسَامِحَه. كما يجوز له إذا أهدى لها أشياءً ونواها من المهر وقعتْ من جملة المهر، فكل ما أعطاها شيئًا -إذا نواه من المهر- يقع من جملة المهر.

"وعلى مالك العبيد والبهائم نفقتهم". قال: "وعلى مالك العبيد" -كذلك المملوكين تُوجَبُ- "نفقتهم" على مالكهم، من غداءٍ وعشاءٍ وكسوةٍ ومسكنٍ.

فالنفقة تشمل: الطعام، والشراب، والملبس، والمسكن، وألَّا يُكَلَّفُوا من العمل ما لا يُطِيقُونَ، سواءً كانوا مملوكين أو بهائم كذلك. والبهيمة: كل من مَلَكَ بهيمةً وجب عليه أن يُنْفِقَ عليها، فإذا قَصَّرَ في علفها وطعامها حُوسِبَ بذلك في الآخرة، وعُوقِبَ على التقصير في حقها؛ لأنها أمانة عنده، فلابد أن يُعْطِيَهَا نفقتها كاملة، ولا يُعَرِّضَهَا للظمأ، ولا يُعَرِّضَهَا للجوع، ويُعْطِيَهَا النفقة بالمعروف، بمقدار ما يحتاج إليه ذلك الحيوان.

وهكذا جاءت شرائع الله -تبارك وتعالى- بالحقوق للإنسان وللحيوان، وتَرَوْنَ أمام أعينكم تشدُّقًا بالكلام الكاذب عن حقوق الإنسان، وجمعيات الرفق بالحيوان، ولا سَلِمَ منهم إنسان، ولا سَلِمَ حيوان، دعاوى باطلة. 

ولكن في شرائع الله؛ الحق للإنسان والحق للحيوان كاملة، حتى إنَّ من ضَرَبَ حيوانًا بغير حق -كما ذُكِرَ عندكم في الضرب- لا يُضْرَبُونَ بغير حق، ولو ضُرِبُوا بغير حق، للتأديب في وقته فقط.

 فلو كان عندَه هِرَّةٌ تسرقُ أرادَ أن يَضْرِبَها إن كانت في حالةِ السرقة، في حالةِ الأخذِ يجوز، وأما إذا قد هَرَبَت وبعدَ هذا جاءت -لأنَّ الحيوان ما يعي هذا بأيِّ سببٍ- إلا أن كان وقتَ المباشرةِ للسبب. والضرب أيضًا نفسُ الشيء.

  • ضَرْبٌ غيرُ مُبَرِّحٍ للحيوانِ، يحْرُم الوجهُ، مَمنوعٌ الضربُ في الوجهِ ولو كان حيوانًا للتأديب
  • ويكون غيرَ مُبَرِّحٍ لا يَكْسِر عظمًا، ولا يُسيل دمًا؛ ما يمكن.
  • وأيضًا العددُ يكون مَحصورًا لا يزيد على العشرينَ عندَ بعضِ المذاهبِ، لأنَّ العشرينَ ما تكون إلا في حدٍّ من الحدودِ، وهو حدُّ شاربِ الخمرِ، إذا كان مملوكًا؛ عشرينَ ضربةً، فلا يَبْلُغُ التأديب إلى هذا المبلغ، هذا حدٌّ فوق التأديب.

وقيل: عشر، لما جاء في بعض الروايات حديث لا يزيد على العشر ضربات. وقيل: "ثلاث" ممنوع يزيد على ثلاث ضربات.

 وكيفية الضرب للتأديب: بعضها بالسواك؛ هذه المسائل إلَّا من أجل التهييب فقط، والتخويف، وليس المقصود الإيلام. وإذا قَلَّ فيه الحياء والمروءة ما يُفيده مهما ضربته ومهما أَدَّبْتَه، ولكن المقصود بعُثُ الضمير والإحساس.

وهكذا فمن ضَرَبَ حيوانًا بغيرِ حقٍ جاء به يوم القيامة، فيوضَع هذا الضاربُ على حجرةٍ من نار، ثم يُؤمر أن يَرْفُسَه الحيوانُ بقدر ما ضَرَبَه في الدنيا، لأنَّ اللهَ عَدْلٌ يُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، حتى ظلمتَ حيوانًا لا تحسبُ أنَّه لا أحد وراءه محامٍ، ولا محاسبٍ ما بيقدِّم عليك عند الحاكم هنا؛ حاكم يوم القيامة فيحكم له، أنَّه ربك وربه لن يتركه هكذا، ولا يظلم ربك (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47].

حتى أنَّه يُقْتَصُّ للحيوانات بعضِها من بعضٍ، وهي غير مكلّفة، ولكنه إذا اعتدت واحدة على الثانية، يُؤمر في القيامةِ ترد العدوان عليها، حتى أنه يُقْتَصُّ للشاةِ الجمَّاء من الشاةِ القَرْنَاء؛ التي لا قرون لها، كانت تعيش مع واحدة تستغل قرونَها عليها، إذا جاء جانبَها نطحتْها بقرنها، ودَفَعَتْها مسكينة، تأخذ عنها الأكل، وتستغل قرونها وتَنطح أختَها، فيؤتى بهم في القيامة، فيُحوَّل قرون هذه إلى هذه، فيُقال: انطحيها بقدر ما نطحتك في الدنيا حتى لا يبقى لأحد على أحد حق، ويُعطى كل واحد حقَّه.

ويقول: يُنادي مناديه -سبحانه وتعالى- في القيامة: أنَّ اللهَ الملكُ العدلُ، الذي لا ينبغي لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أن يدخل الجنةَ وعنده مظلمةٌ لأحد من أهلِ النار، حتى اللَطْمَةً فما فوقَها، حتى يأخذها منه، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النارَ وعنده مظلمةٌ لأحدٍ من أهل الجنة، حتى اللطمة فما فوقَها حتى آخذَها منه، ويُقْتَصُّ بين البهائم، فإذا اقتُصَّ بين البهائم، وابنِ آدم، والجن كذلك، فإذا اقتُصَّ بينهم يقول للبهائم: كُونِي ترابًا، فتأتي البهائمُ كلها ترابًا، ويرى حالَها الكافرُ والفاجرُ فيتمنى أنَّه كان بهيمةً: (يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) [النبأ:40]، تعود هذه كلها ترابًا، فيتمنى أنَّه كان حمارًا، أو بقرةً في الدنيا، ولا كان مسؤول، ولا كان مدير، وودّ لو كان حيوان لأنَّه حصّل العذاب، ترجع ترابًا وهو ما يرجع ترابًا، يروح إلى العذاب، يُخَلَّد في النار، أو يُعَذَّب بها -إن بقي عند موته في قلبه إيمانٌ- ثم ينتقل إلى الجنة، لا إله إلا الله، سبحان الله عزَّ وجلَّ، لا إله إلا هو.

فما يستغل الإنسان قوَّته على حيوان فيغضب ويضرب بغير حقٍ، لا تضْرب إلا بمقدار التأديب في الحاجة، حتى الابن والبنت يكون ضربهم؛

  •  غير مُبَرِّح
  • وفي غير الوجه
  • وبمقدار التأديب في العدد
  • وفي الكيفية كما ذكرنا 

لأن وراءنا الحساب، ووراءنا يُعْطى كل ذي حقٍّ حقَّه، ولهذا حتى في دقائق الأمور، لأن الحقَّ تعالى يُصْلِح بين عباده.

ولما ذَكر الموقفُ ﷺ بكى وقال: إنَّه عندما يُدْخِلُ الجنةَ جماعةً من أهل الجنة، بعد ما يَجُاوزُونَ الصراطَ تبقى مظالمُ بينهم، يقول لهم الحقُّ تعالى: تواهبوها بينكم، ما أحد يدخل الجنة حتى يُعطيَ حقَّ الآخر كاملًا.

قال: فيظهر حقٌّ لواحد، وقال: أنا أُريد حقي من هذا، قال: فيقول الله له: انظر في الجنة، ينظر للجنةَ، وإذا درجةٌ رفيعة، يقول: ويُعْجَب، لما فيها من قصورٍ، وأنهارٍ، وأشجارٍ في درجةٍ عالية، يقول: يا رب لِمَنْ هذا؟ لنبيٍّ أم لملكٍ؟ قال: لا، هذه لمن يملك ثمنَها. يقول: مَنْ يملك ثمنَها؟ يقول: أنت، بعفوك عن أخيكَ هذا، إذا عفوت عنه أُعْطِيكَ هذا. قال: تُعْطيني هذا؟ مسامح، عفوت عنه. فبكى النبيُّ ﷺ وقال: "أَصْلِحوا بين إخوانِكم، فإنَّ الله يُصْلِح بين عباده"، يُصْلِح بين عباده ربُّ العالمين، يصْلح بين العباد، يُعْطِيهم هذا مقابلَ هذا، لكي يَتَسامحون بينهم البين، قال أنتم في الدنيا أصلِحوا بين إخوانكم ﷺ.

قال: "ويجب على الزوجةِ طاعةُ الزوج في نفسها إلَّا ما لا يَحِلُّ". وإذا طلب إتيانِها في دُبُرِها، لا يجوز لها أن تُمَكِّنَهُ من ذلك، أو إتيانِها في أيام الحيض والنفاس، لا يجوز لها أن تُمَكِّنَهُ من ذلك، فيما لا يَحِلُّ وتُطِيعُه في كل ما شَرَعَ اللهُ من مثل: 

  • أن لا تخرج من البيت إلا بإذنه
  • ولا تُدْخِلَ بيته أحدًا إلا بإذنه
  • وتُجِيبَه إذا ناداها 

هذا الواجب عليها.

ولا تزال في رضا الله ما دامت في طاعة الزوج، وكحال الولد مع أبويه في بِرِّهم، ولا يزال في رضا الله ما دام في رضا الوالدين.

"وألَّا تَصُومَ تَطَوُّعًا"، ولا تخرج من البيت إلا بإذنه

  • فأما إن كان صوم واجب مثل رمضان؛ لا يحتاج الى إذن.
  • أو ضاق وقت القضاء؛ لا يحتاج الى إذن.
  • أو نذر معين، لا يحتاج الى إذن.
  • وإذا أَذِنَ لها في الصوم سواءً قضاءً أو تَطَوُّعًا، فلا يجوز له أن يُفْطِرَها من صومها.
  • وإن دخلت في الصوم تَطَوُّعًا من دون إذنه، يجوز له أن يُفْطِرَها.
  • ولا تخرج من بيته إلا بإذنه لتنتظم شؤون الأُسَر.

واختلفوا في مسألة الخدمة في البيت، هل يَلْزَمُها شيء؟ 

  • ومن الأئمة الأربعة من قال: كالعادة، والعُرف عند الناس، تقوم بالخدمة في البيت. 
  • ومنهم مثل الشافعية، قال: ما يَلْزَمُها هو يجب عليه أن يأتي لها بالنفقة، ولا يَلْزَمُها أن تطبخ له؛ هذا من جهة اللزوم، ولكن صلاح البيوت بقيامها على الأعراف الطيبة، وعلى التعاون، والمساعدة، وكان هَدْيُه ﷺ في بيته يكون في خدمة أهله، ويطرح هذا، ويحمل هذا، ويقطع اللحم، ويحلب الشاة، ويَكنُس البيت ﷺ.

 وأمر أن يُعَان الخادم في طَبْخِه وغيره، يقوم معه سيّده يساعده. وإذا طبخ له شيء وقدَّمه إليه، فلا يأكله كله؛ فإنه وليَّ علاجه، وهو يتعب وأنت تأكل، وتعطي له أكل ثاني أقل من هذا، تُقسِّم له مما تأكل منه. 

وهكذا كَمُلَت الإرشادات على يدِ خير البَرِيَّات، بما فيه صلاح في الدنيا والآخرة. وما بَعَثَ اللهُ الرسولَ لعباد الله إلا لتكميلِ معاشهم ومعادهم.

 

[بابُ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ]

فَصْلٌ [في واجباتِ القلبِ]

من الواجبات القلبية

  • الإيمان بالله، 
  • وبما جاء عن الله 
  • والإيمان برسول الله
  • وبما جاء عن رسول الله
  • والتصديق 
  • واليقين
  • والإخلاص وهو العمل لله وحده 
  • والندم على المعاصي 
  • والتوكل على الله
  • والمراقبة لله
  • والرضا عن الله 
  • وحسن الظن بالله
  • وبخلق الله
  • وتعظيم شعائر الله 
  • والشكر على نعم الله
  • والصبر على أداء ما أوجب الله
  • والصبر عما حرم الله 
  • وعلى ما ابتلاك الله
  • والثقة بالرزق
  • واتهام النفس
  • وعدم الرضا عنها
  • وبغض الشيطان
  • وبغض الدنيا
  • وبغض أهل المعاصي
  • ومحبة الله، وكلامه، ورسوله، والصحابة، والآل، والأنصار، والصالحين بعدهم.

فَصْلٌ [في نصيحة نفيسةٍ من عالِمٍ جليلٍ]

وقال سيدنا: عبد الله بن علوي الحداد -رضي الله تعالى عنه، ونفعنا به- في كتابه النصائح الدينية ما معناه: "وهذه أوصاف يجب أن يتحلى بها، ويتصف بها كل مؤمن، وهي قوله قبل هذا بقليل: أن يكون خاشعًا، متواضعًا، خائفًا، وجلًا مشفقًا من خشية الله تعالى، زاهدًا في الدنيا، قانعًا باليسير منها، منفقًا للفاضل عن حاجته مما في يده، ناصحًا لعباد الله تعالى، مشفقًا عليهم، رحيمًا بهم، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، مسارعًا في الخيرات، ملازمًا للعبادات، دالًا على الخيرات، داعيًا إلى الهدى، ذا سمتٍ، وتؤدة، ووقار، وسكينة، حسن الأخلاق، واسع الصدر، لين الجانب، مخفوض الجناح للمؤمنين، لا متكبرًا، ولا متجبرًا، ولا طامعًا في الناس، ولا حريصًا على الدنيا، ولا مؤثرًا لها على الآخرة، ولا جامعًا للمال، ولا مانعًا له عن حقه، ولا سيئ الأخلاق، ولا ضيق الصدر، ولا مداهنًا، ولا جامعًا للمال، ولا مانعًا له عن حقه، ولا فظًّا ولا غليظًا، ولا ممارياً، ولا مجادلًا، ولا مخاصمًا، ولا قاسيًا، ولا سيء الأخلاق، ولا مضيق الصدر، ولا مداهنًا، ولا مخادعًا، ولا غاشًا، ولا مقدمًا للأغنياء على الفقراء، ولا مترددًا إلى السلاطين، ولا ساكتًا على الإنكار عليهم مع القدرة، ولا محبًّا للجاه والمال والولايات، بل يكون كارهًا لذلك كله، لا يدخل في شيء منه، ولا يلابسه إلا من حاجةٍ، أو ضرورة". انتهى كلامه رضي الله عنه، ونفعنا به.

 

يتكلّم عن واجباتٍ قلبيةٍ عليه رحمةُ الله تبارك وتعالى، وأكثر ما يسمع الناس عن الواجبات المتعلقة بالأعضاء، ولكن هذا الحديث متعلق بواجبات القلب ومعاصي القلب كذلك.

قال: "ولا تُقاس طاعةُ الجوارح بطاعة القلب إلا كانت طاعةُ القلب أرجح وأكثر أجرًا، وأعظم منزلةً عند الله، ولا تُقاس معصيةٌ للجوارح بمعصية القلب إلا كانت معصيةُ القلب أقبح، وأثقل في الميزان"، -والعياذ بالله تعالى-، فيجب الاعتناء بطاعة القلوب، وأداء الواجبات، والمندوبات من أحوال وأوصاف القلوب؛ منها فرض، ومنها مسنون، وكذلك يجب اجتناب المكروهات، والمحرمات من صفات القلوب.

والمراد بالقلب: هذا السِّرُّ الموضوع في الإنسان، باللطيفة الربانية التي يُدرك بها، ويَفهم الرمزَ والإشارةَ، إليها يكون الخطاب، وبسببها يكون الثواب والعقاب، هذه اللطيفة الربانية الموهوبة للإنسان؛ قلبه باطنه الذي باطنها الروح، وباطنها السر. يجب عليه أن يُراعي هذا القلب، وعليه واجبات مفروضات على القلب.

أول المفروض هو الإيمان بالله وبما جاء عن الله، والإيمان بسيدنا رسول الله ﷺ وما جاء به عن الله تعالى.

وقال: "التصديق"؛ أي: تقوية التصديق حتى يصل إلى اليقين. علم اليقين أولًا: هذا فرضٌ على المؤمن أن يسعى حتى يحصله، فأول الفرض هو حصول التصديق والجزم بذلك، ثم عليه أن يسعى لتقوية ذلك، ويثبت ويرسخ حتى يصير كالجبل الشامخ، وهذا ما يسمى بعلم اليقين. أما ما وراءه، فهي كمالاتٌ وشرف، يشرِّف الله بها من شاء من عباده، من عين اليقين، ومن حق اليقين، لكن الفرض الأول التصديق الجازم، وقد يُطلق عليه لفظ الإيمان مجردًا. التصديق الجازم هذا فرضٌ على كل مسلم، لا يجوز له أن يقّصر فيه، ولا أن يقصر عنه أبدًا. وبعد هذا الجزم بالاعتقاد، ينبغي أن يُقوّي الإيمان حتى يصير في علم اليقين، وما وراء ذلك فهو سُننٌ وشرف وكرامة، وعزة يعز الله بها من شاء من عباده من مراتب عين اليقين، وحق اليقين.

"واليقين" هو عبارة عن قوة الإيمان وثباته ورسوخه، فأول المراتب علم اليقين التي لا ينبغي أن يُقَصِّر فيه كل مؤمن، وما وراء ذلك فهو في خواص المؤمنين؛ من عين اليقين، وحق اليقين.

والإخلاص لله تعالى بأن لا يُلاحظ الخلق، أن لا يكون له قصدٌ في قراءة، أو في ذكر، أو في عبادة، أو في صدقة، أو في تعليم، أو في تعلُّم، أو في دعوة إلى الله، أو في جهاد في سبيل الله؛ أن لا يكون له في شيء من ذلك قصدٌ غير وجه الله وقُربه وثوابه؛ أن لا يكون له قصدُ ثناء، ولا منزلةٌ في قلوب الخلق، ولا استعطافٌ لأحد منهم، ولا استجداءٌ لشيء من أموالهم. وهكذا يُبتلى بعض ضعيفي الفهم في الواجبات القلبية والمهمات، يظن أنه إذا عَلِمَ أن له حق الإكرام والاحترام، والتعظيم، وأن له حق الأخذ من المال، وما إلى ذلك.

وكان شعار النبيين في تبليغهم، وتعليمهم، وإرشادهم، ودعوتهم لله: (ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ * ٱتَّبِعُواْ مَن لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)، وعلى هذا عهِدنا شيوخنا وصُلحاء الأمة. وفيهم من يواسي المحتاجين من المتعلمين، ومن المدعوين، ويعطونهم من أموالهم، وقد يستقرِضون لهم.

قال: "والإخلاص وهو العمل لله وحده"؛ أن لا يُقرن شيئًا من الصالحات بقصد الخلق؛ لا المنزلة عندهم، ولا النيل من مالهم، ولا ثناءهم، ومدحهم، وهكذا. 

ذكرنا لكم أن أول رجوعنا إلى حضرموت بعد الوحدة كان يقول الحبيب محمد الهدار: ترجعون للقيام بالتعليم والدعوة وما إلى ذلك، وكانوا رجالك يعلمون، ويبذلون جهدهم للناس، ولا ينتظرون من أحدٍ جزاءً، حتى قول: جزاك الله خيرًا، ما يلتفتون إليه من أحد، والذي قال لهم: جزاكم الله خيرًا، والذي يسبهم عندهم سواء؛ لأنهم يؤدون حق الله في التعليم، لا إله إلا الله... 

"والإخلاص وهو العمل لله وحده".

"والندم على المعاصي"، صغيرها وكبيرها، ما علمنا منها وما لم نعلم، نندم بقلوبنا عليها، فيطَّلع الله على الندم فيرحم ويعفو ويسامح -جلَّ جلاله-. "اللهم إنك عفوٌ تحب العفوَ فاعفُ عنّا". الندم على المعاصي وأنواع التقصيرات.

والتوكل على الله؛ بالاعتماد عليه، والاستناد إليه، والثقة به سبحانه وتعالى، وتفويض الأمر إليه: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ * فَوَقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ) ، ومن التفويض فيضان المنى؛ يقول الإمام أبو بكر العدني بن عبد الله العيدروس: "ومن التفويض فيضان المُنى".

يقول الإمام الحداد:

 فوِّض له أمورك *** وأحسن في الظنون

 "والمراقبة لله"؛ أنه مطَّلع علينا، وناظرٌ إلينا، ومحيطٌ بنا، وقادرٌ علينا، ولا يخفى عليه من أمرنا خافية، فهو أعلم بما في قلوبنا وبنياتنا منا، أعلم بها منّا جل جلاله، المراقبة لله.

 "والرضا عن الله تعالى" الرضا بما قدّر الله ودبّر في أقداره وأقضيته وأحكامه وشريعته، فالرضا عن الله من أعظم العبادات، ومن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط -والعياذ بالله تعالى-.

وكن راضٍ بما قدّر المولى ودبّر *** ولا تسخط قضاء الله رب العرش الأكبر

وكن صابر وشاكر

تكن فائز وظافر

ومن أهل السرائر

"حسن الظن بالله تعالى" بأن الله يقبل ويعفو ويرحم ويغفر ويتجاوز ويسامح ويقربك منه ويدنيك من حضرته، وأن يلحقك بالصالحين من عباده وأن يُحسن خاتمتك عند الموت، ويثبّتك على ما يحب منك. 

ومن حُسن الظن بالله تعالى اعتقاد عظمته وجلاله وتنزيهه عن كل ما لا يليق به. وقد قال الله تعالى عن الذين أساءوا ظنهم به: (وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [فصلت:22-23]

حسِّن ظنونك في المولى ترى البشرى *** فالرب عند ظنون العبد فلتدرِ

جاء الحديث بذا فاصغى إلى الذكرى*** والبس من الصبر سربالاً لدى الضجر

واسأل من اللَه كشف البؤس والضرر

 

"حُسن الظن بخلق الله تعالى"، أن لا تجزم بسوء الظن على أحد، بل تتوقَّع الخير في الناس وأنهم قد يتوبون ويرجعون إلى الله، وأن حسن الخاتمة قد تكون نصيبهم. 

حسن الظن لا يمنع من النصيحة أو إنكار المنكر، ولا تسيء الظن به تظن أنه يموت على سوء خاتمة وأنه سيُعذّب، ولكن حسن الظن به أنه سيتوب وأنه سيُقبل عند الله تعالى، وأنه ستبدّل سيئاته حسنات. 

وأما ما ظهر من الخير عليه فلا ينبغي أن تؤوِّله بسوء، فهذا غاية سوء الظن، غاية سوء الظن أن يعمل الخير، وأنت تؤوّله بسوء، وتقول: يمكن قصده كذا، لا يمكن كذا، فلو عمل الشر المحض الذي لا يحتمل الخير، فحسن الظن أن تعتقد أنه يتوب منه، وأن الله يتوب عليه، وأن الله يبدل سيئاته حسنات وهكذا، حسن الظن بالله وبخلق الله، فهي من أعظم القربات عند الله تعالى،

فكم بحسن الظن من إمدادي *** قد ناله من كان ذا اعتقادي 

في خامل إمام حقّ هادي *** يرونه الناس من الجهّالي 

ولذا قالوا: إن صاحب حسن الظن مصيب وإن أخطأ؛ يعني: لو أحسن الظن بفاسق أو بمجرم ما يخسر، بل يهبه الله تعالى مثوبة ويرفع له درجة.

وفي الأثر: أن لله ملائكة يأمرهم بإمداد من استمد مِن مَن ليس أهلاً!.. إذا استمد من واحد ليس أهلًا للإمداد يمده الله بواسطة الملائكة وذلك بسبب حسن ظنه، فصاحب حسن الظن مصيب وإن أخطأ، كما أنّ صاحب سوء الظن مخطئ وإن أصاب، إذا أساء الظن في فاسق ومخطئ، وإن أصاب فاته مدد؛ فاته فضل، فاته إحسان، فاته عطاء من الله تعالى بسبب ذلك.

قال الإمام عبد العزيز الدباغ:  أن أحد الناس سمع بواحدٍ شَهَرَ نفسه بتربية المريدين السالكين فتحرّك باطنه، وقال: أراد الوصول لله تبارك وتعالى، وأراد أن يغنم حياته بنيل القُرب من الرحمن، فجمع جميع ما عنده من المال وخرج يقصد هذا الشيخ، وكان الشيخ مُدَلِّسًا كذّابًا، واسمه عبد العال الذي جاء -مريدٌ صادق- دقّ عليهم الباب، صادف أنه كان مع بعض أصحابه السيّئين يتعاطون شرب المسكرات، وكان أحد أصحابه هؤلاء أهل هذا الوصف اسمه عبد العال. وعندما دقّ الباب، قالوا: من؟ فأجابت الجارية: عبد العال. قال الشيخ: دعه يدخل. ظنّه صاحبه، فدخل ولم يلتفت إلى شيء وأكبَّ على الشيخ، وقال: هذا كلُّ ما أملك جئت به إليكم تضعونه حيث أردتم، وأراكم الله تعالى، وأنا أقصد السير إلى الله، والوصول إلى الله. فلما ولّى انكمش لما رآه دخل ولم يلتفت إلى شيء، ولا لاحظ شيئًا، فقال: الوظائف عندنا موزّعة على المريدين، بقي عمل في المزرعة الفلانية. قال: بسم الله، وخرج من عنده ومع أنه وصل من السفر وهو متعب، لكن بقوة إرادته وصدقه قام يشتغل في المزرعة.

فما إن قضى اليوم الأول حتى اجتمع جماعة من الأولياء، وقد مات بعض الأولياء ويريدون من يخلفه ويحمل حاله بعده. فتشاوروا وقالوا: هذا فلان صادق خرج وقصد واحدًا ليس أهلًا، وليس من المربّيين فيما أطلعهم الله عليه؛ هذا فلان صادق فنازله نور في قلبه وفتوح وشاهد ما شاهد من حقائق الإيمان واليقين وعين اليقين وأمر الغيب، وعرف، فجاء في اليوم الثاني الى عند هذا الشيخ وقال: العفو منك طرأ لي أمر والآن سأرجع، فقال له؛ مع السلامة، فرجع ولم يخيب الله هذا الرجل ما خيّبه لأنه جاء بنية صالحة، وبحسن ظن، فأوصله وقرّبه إليه، وذاك عليه الإثم والعياذ بالله تعالى.

وقال: "وحسن الظن بالله وبخلق الله".

وقد مرّ بعض الذين تداركهم الله بعفوه، وكان عاصيًا معروفًا في البلد بالمعصية والفسق، مرّ تحت بيته رجلٌ من الصالحين، وكان من العارفين ومعه تلامذةٌ يُرَبّيهم ويتعلمون على يده. مرّ تحت البيت، فتداركه الله هذا بالخير، خطر في باله وقال: أنا ذاتٌ عصت الله من رأسها إلى قدمها، ووسط هذا البيت توجد ذاتٌ أطاعت الله من رأسها إلى قدمها، فأريدُ الآن أن أدخل هذا البيت، وأنظر إلى هذا الطائع من رأسه إلى قدمه، عسى الله يُدخِل ذاتي العاصية في بركة ذاته الطائعة. فذهب الرجل، أشرف على الغرفة وإذا بالشيخ فيها يُقرئ تلامذته، فنظر إلى الشيخ وخرج. صادف واحدًا نازلًا من التلامذة في الدرج، فقال له: ما الذي جاء بهذا الى هنا؟ هذا ليس من أهل العلم، ولا من أهل التربية، رجلٌ معروف في البلد، هذا ضائع فاسق! قال: ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قال: مررتُ بهذا البيت، فخطر ببالي أني ذاتٌ عصت الله من قرنها إلى قدمها، وعرفتُ أن وسط هذا البيت ذاتٌ أطاعت الله من قرنها إلى قدمها، فدخلت أنظر إليه من رأسه إلى قدمه، لعل الله يدخل ذاتي العاصية في بركة ذاته الطائعة. تعجب منه، ثم مشى.

دخل الرجل إلى التلميذ وحضر باقي الدرس مع الشيخ حتى أكمل، ولما أكمل قال الشيخ: هل دخل أحدٌ عندكم هنا؟ قالوا: رجلٌ وقف على الباب، نظر ثم خرج. قال الشيخ: هذا فلان، قال: فلان؟ اسمه مشهور، قال: نعم، قال له: ادعه، وأظن أنه لن يصلح لحمل الأمر من بعدي إلا هو! ذهبوا ودعوه، جاء إلى عنده، نظر إليه وإذا هو يبكي، قال له: محلّك هُنا لا تروح لِمكان ثانِ وقُم بالأمر، قام مع الشيخ وخدمة الشيخ، بعد مدة ما خلف الشيخ في المقام إلا هو بحسن ظنه، وعبوديته، وخضوعه لله تعالى، وتواضعه لله -جل جلاله-

وهكذا يُحدثنا ﷺ عن مثل هذه المعاني، يقول: إنَّ رجلًا من بني إسرائيل، كان يُكَلِّمُ صاحبَه، يَزْجُرُه عن العصيان، ولكن بعد ذلك جاوَزَ الحدَّ، فعصى اللهَ بقلبه، كيف؟ قسى عليه هذا العاصي، يقول له: أنت زدتها عليَّ، وأنت تقول كذا، فجاء برجله يطأ عليه، قال له: هكذا تفعل؟ اذهب، فوالله لا يغفر الله لك. فأوحى الله إلى نبيِّ ذلك الزمان: قل لفلان العابد: إني قد أحبطتُ عملَه كله بما صنع معه، وقل لفلان هذا: إني قد غفرتُ له، مَن هذا الذي يتألَّى عليَّ؟.. إله إلا الله!

قال: وكان واحد اشتهر إلى حدّ أن يُقال: خليع بني إسرائيل، والثاني عابد بني إسرائيل، فلقيه في الطريق. ولما لقيه في الطريق، أخذ يمشي معه، ويقول: لعلَّ الله يرحمني ببركته. فلما مشوا في الطريق، التفت إليه وقال: ما الذي يمشيك معي؟ أنت خليع بني إسرائيل، وأنا عابد، اذهب في طريق أخرى. فلما أمره بذلك، أوحى الله إلى نبيِّهم في ذلك الزمان: قل لهما: يستأنفان العمل، أما العاصي فقد غفرتُ له ذنبه كله، وأما هذا الطائع فقد أحبطتُ عملَه كله، لأنه تكبَّر على هذا بقلبه وقال: أبعد من أمامي. فأحبطتُ عمله كله، فهما الآن سواء، قل لهما: الآن من جديد يستأنفان العمل، هذا لم يعد عليه ولا معصية، وهذا لم يعد عنده ولا طاعة، وكلهم الآن سواء، يبدأون العمل من جديد.

يا الله بحسن الأدب، يا الله بحسن الأدب مع إلهنا الربّ، نخضع، ونخشع، ونتأدب حتى يرضى عنا، ونلقاه على حالٍ جميل، ويهب لنا من خيره الجزيل ما هو أهله.

قال: وتعظيم شعائر الله (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32].

يقولون: شعائر الله علامات دينه؛ أنواع الطاعة، وأماكن العبادة، مثل: المساجد وغيرها، وكل ما جُعل علمًا من أعلام الدين أو علامةً على الدين والعبادة فهو من شعائر الله.

ولكن أعظم شعائر الله خمس:

1. محمد رسول الله ﷺ

2. الكعبة المشرفة

3. القرآن العظيم

4. رمضان

5. الصلوات الخمس

هذه الخمس هي أعظم الشعائر، كما قال الله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).

ومن الشعائر أيضًا جبل الصفا وجبل المروة؛ فبما أنهما وُضعتا علامتين لعبادة السعي، صارتا من شعائر الله، قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) .

 وكذلك البُدن؛ أي: الجِمال التي تُهدى إلى الحرم بنية إهدائها إلى الحرم تعظيمًا لبيت الله، قال الله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ) [الحج:36]، فتحولت وهي ناقة عادية إلى شعيرة من شعائر الله بسبب نية صاحبها أن تكون مهداة إلى بيت الله، لتُذبح في حرم الله ويأكل منها من في الحرم.

فمن هنا وجب تعظيم الشّعائر كلها، وتعظيم أهل الإيمان عامةً، وخاصتهم خاصةً.

"الشكر على نعم الله" -اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك- مع استشعار المنة والاعتراف لله بذلك، واتصاف البدن بالخدمة، كما سمعنا في كلام الإمام العيدروس.

"والصبر على أداء ما أوجب الله" والمحافظة عليه في وقته، والإتقان له والإحسان.

"والصبر عمّا حرّم الله" بالابتعاد عنه، ومن وطّن نفسه على ترك المعاصي، جالت روحه في عالم الملكوت. فالصبر عن الحرام هو الزينة الكبرى، ويقولون: يقدر على الطاعات كل أحد، ولا يقدر على ترك المعاصي إلا الصادقون والصِّدّيقون.

• تعظيم شعائر الله تعالى.

• الصبر عمّا حرّم الله.

• الصبر على ما ابتلاك الله به من مرض أو فقر أو فقد عزيز، إلى غير ذلك من أنواع الابتلاءات.

لطَف الله بنا وبالمسلمين. وللصابرين أجرٌ بغير حساب، كما ذكر في القرآن. وفيمن فقد ولدًا من الأولاد، يقول الله تعالى للملائكة: قبضتم ولد عبدي فلان؟ يقول: "قبضتم ثمرة فؤاده؟"، فيقولون: "نعم يا رب". يقول: "فماذا قال عبدي؟"، يقولون: "حمدك واسترجع"، فيقول الله: "ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمّوه بيت الحمد"، بسبب ما حمد الله على ما أصابه.

ولا تنزل مصيبة بأحد، فيقول: "الحمد لله، إنّا لله وإنّا إليه راجعون"، "اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلفني خيرًا منها"، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلفه خيرًا منها.

"الثقة بالرزق" وهذه من مهمّات الدين. فمهما تيسر من الأسباب يقيمه الإنسان، وإن كان متجردًا يتجرد، ولكن الثقة بالرزق لا يجوز أن يُشَكَّ فيها، فإن الشك في الرزق هو شكٌّ في الرزّاق -جل جلاله-. قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) [هود:6].

قال الإمام الحداد -كما قال بعض العارفين من قبله-: لو أن السماء نادت أن لا تُمطِر بقطرة، والأرض نادت أن لا تُنبِت حبّة، وجميع أهل تريم عِيَال عليّ، لم أهتمّ بهم بعد قول ربي: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا).

فمقابل ذلك آتاه الله تعالى من انفعال الأشياء له بأمره سبحانه وتعالى، وقال: لولا خوف الشهرة لأخرجت من تحت هذا البساط ما يكفي أهل البلد! لا إله إلا هو..، كما قال تعالى: (هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [ص:36]. ولكنه عبدٌ خاضعٌ وخاشعٌ، وقال: لو كان كلّهم عيالًا عليّ، والسماء قالت لن أمطر، والأرض قالت: لن أزرع، لم أهتم؛ ما تحمّل بهم، وقد قال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا). وكان يقول فيما أنعم الله عليه: ما من سنة سنَّها رسول الله ﷺ إلا وأرجو أني قد عملتُ بها. لا إله إلا الله..

"والشكر على الضيف"؛ كأن يفرح بالضيف ويُقدّم ما تيسّر، وكان في بعض المناسبات عنده، الدجر مع الخمير، ويُعطيه للوافدين. وقد حدث أن وفد بعض أصحابه من خارج البلدة، فقال أحدهم لأصحابه: إذا ذهبتم عند الحداد، فسيعطيكم خميرًا وذرة. اذهبوا، أما أنا فسأذهب عند صاحبي هنا الذي يُقدّم طعامًا أحسن، وغدًا سآتي وأسلّم على الإمام الحداد. ذهبوا، وبقي هو يتعشّى عند صاحبه، لكنه لم يقدر على النوم حيث أصابه ألم شديد في بطنه. خرج عند الإمام الحداد، فقالوا له: هذا يتلوى من بطنه. فسألهم الحداد: هل بقي شيء من الخمير؟ قالوا له: قد توزّع كله. فقال: ما تبقّى في القدور، اغسلوا الماء ودعوه يشربه. شربه، فزال عنه الوجع، وقال: في المرة القادمة أتأدب ولا أقول هذا طعام كذا أو كذا، بل آتي وآكل من عنده هذا الخمير والذرة.

قال: "واتهام النفس"، وذلك باتهامها في الرياء، والخداع، والخيانة، والكبر؛ فلا بد من اتهام النفس، فإن البُعد كله هو البُعد في الرضا عن النفس.

يقولون أهل المعرفة: من نظر لنفسه بعين الرضا، نظر الله إليه بعين السخط، ومن نظر إلى نفسه بعين السخط، نظر الله إليه بعين الرضا. قال تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) [يوسف:53].

وخالِف النفس والشيطان واعصِهما *** وإن هما محّضاك النُّصح فاتّهِمِ

ولا تُطِع منهما خصمًا ولا حكمًا *** فأنت تعرف كيد الخصم والحكمِ

قال: "وبغض الشيطان"؛ لأن الله أمرنا أن نبغضه، قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6]. وقد تبين لنا أن الشيطان عدو لله، فتبَرَّأنا منه، وأبغضناه من أجل الله -جل جلاله-.

"بغض الدنيا"؛ ويقصد بها كل ما يقطع عن الله تعالى، من جاهٍ، أو مالٍ، أو أي شيء في الحياة يبعد عن القرب من الله، أو يؤدي إلى الوقوع في المعصية. فهذه هي الدنيا التي يجب بغضها.

"بغض أهل المعاصي"، وهذا البغض من أجل المعصية، مع رجاء التوبة لهم، ومع حسن الظن الذي أُسلف فيه، ولا يتناقض البغض مع حسن الظن.

"محبة الله تعالى ومحبة كلام الله" -القرآن الكريم-: يقول سيدنا عثمان بن عفان: "لو طهرت قلوبنا، ما شبعت من كلام الله". ويشمل ذلك محبة رسوله ﷺ، وحديثه ﷺ، وصفاته ومدحه.

وكذلك محبة الصحابة، خصوصًا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ثم الذين اتبعوهم بإحسان، وكذلك محبة آل بيت رسول الله ﷺ؛ من بني هاشم وبني المطلب، وخصوصًا أهل بيته من أزواجه أمهات المؤمنين، وأبنائه وبناته، وسيدنا علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وذرية الحسن والحسين؛ هؤلاء من عموم الآل؛ أهل البيت، فالْآل؛ جميع بني هاشم وبني المطلب، وأهل بيته: زوجاته، وأبنائه، وبناته، وبقية أهل الكساء سيدنا علي، والحسن، والحسين، وذرية الحسن والحسين، هؤلاء أهل بيته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

"والأنصار" له ﷺ من خصوص الصحابة، وكل ناصر له في كل وقت نحبه من أجل الله تعالى.

"والصالحين" عمومًا، قال سيدنا الإمام الشافعي:

أحب الصالحين ولستُ منهم *** لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره مَن بضاعته المعاصي *** ولو كنا سويًا في البضاعة

وقال رسول الله ﷺ: "المرء مع من أحب".

وهنا مجموعة  من الخلال الكريمة، وقد جمعها الإمام الحداد هذه الأوصاف في النصائح الدينية، وقال: "هذه أوصاف يجب أن يتحلى بها ويتصف بها كل مؤمن". فأهل الإيمان هم في الدرجات العالية، ولا ينبغي أن يرضوا لأنفسهم بالنزول، بل يعملون على التحقق بهذه الأوصاف الشريفة والكريمة.

"والخشوع" وهو امتلاء القلب بالتعظيم مع الحضور في تفهم المعاني، مع الهيبة، والرجاء، والحياء. فالخاشع هو من اجتمعت فيه هذه الصفات. 

فهذه أوصاف الخاشع؛ 

  • يكون حاضِر القلب
  • متفهم للمعنى
  • ويكون ذا هيبة
  • ويكون ذا رجاء
  • وذا حياء

فمن اجتمعت فيه هذه الصفات فهو خاشع، هذا الخشوع يجب أن يكون في العبادات، وهو يغلب على قلوب الصادقين في مختلف وقتهم في العبادة وخارج العبادة، في الصلاة، وخارج الصلاة؛ قلوبهم خاشعة.

قال سبحانه وتعالى في وصف الأنبياء: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:90]، صلوات الله وسلامه عليهم.

"متواضعًا"؛ لا يرى نفسه أفضل من أحد، ولا أعلى من أحد.

"خائفًا وجلًا مشفقًا من خشية الله تبارك وتعالى"، كما قال الله في وصف الملائكة: (وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) [الأنبياء:28]، وقال أيضًا عن الأنبياء مثل سيدنا عيسى وسيدنا عزير، حيث كانوا يخافون الله رغم ما يدّعيه البعض أنهم أبناء الله ويعبدونهم من دونه: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [الإسراء:57]، ويخافون الله ويسعون للقرب منه.

يقول: "زاهدًا في الدنيا، قانعًا باليسير منها"، يأخذ ما تيسّر من الحلال، وينفق ما زاد عن حاجته مما في يده.

"ناصحًا لعباد الله" فالدين النصيحة، مشفقًا على الآخرين، يتجلى في الرحمة بهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما ورد في الحديث: "ارحموا مَن في الأرض، يرحمكم مَن في السماء".

"مسارعًا في الخيرات، ملازمًا للعبادات"، كما قال تعالى عن هؤلاء: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون:57-61].

"دالًا على الخيرات"، فمن دلّ على خير، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا.

"داعيًا إلى الهدى"، ذا سُمت، وتؤدة، ووقار وسكينة، كما وصف الله عباد الرحمن بقوله: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان:63]، فالجاهلون يخاطبون بجهالة واستفزاز، ويردّ عليهم المؤمنون بالسلام.

 قال: "حُسن الخلق"، واسع الصدر، يتحمل، لين الجانب، خافض الجناح للمؤمنين، كما أدب الله نبيه ﷺ بقوله: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر:88].

"ليس متكبرًا، ولا متجبرًا، ولا طامعًا في الناس، ولا حريصًا على الدنيا، ولا مؤثرًا لها على الآخرة، ولا جامعًا للمال الذي يعظمه ويميل إليه، ولا مانعًا له عن حقه".

"وليس فظًا، ولا غليظًا، ولا مماريًا"؛ يعني: لا يعترض على كلام الغير جدالًا، ولا مخاصمًا، ولا قاسيًا، ولا سيء الخلق، ولا ضيق الصدر.

"ولا مداهنًا"؛ وهو من يترك الدين، أو يترك واجبًا، أو يفعل محرّمًا من أجل الدنيا أو للمنزلة عند الناس. هذا هو المداهن، الذي يبذل الدين من أجل الدنيا، على عكس المرائي الذي يبذل الدنيا من أجل الدين.

"لا مقدمًا للأغنياء على الفقراء"، كما ورد في الحديث: "من تواضع لغني لغناه، ذهب عنه ثلثا دينه".

"ولا متردّدًا إلى السلاطين"؛ للنيل مما عندهم، أو للمنزلة لديهم، أو مع السكوت عن نصحهم.

"ولا ساكتًا على الإنكار عليهم مع القدرة، ولا محبًا للجَاه"؛ وهو: المنزلة في قلوب الخلق، والمال. 

"والولايات"؛ أن يتولى على مال يتيم، أو يتولى على مال أوقاف، أو يتولى على الحارة، أو يتولى على قرية، أو يتولى على إدارة، ولا رئاسة، ولا بشيء من ذلك، "بل يكون كارهًا لذلك كله، لا يدخل في شيء منه، ولا يلبسه إلا من حاجة أو ضرورة".

وقد قال ﷺ في الإمارة: "من سألها وُكِلَ إليها، ومن طُلب إليها أُعِين عليها، وإنكم ستحرصون على الإمارة، وإنها ستكون ندامة يوم القيامة".

بسرِ الفاتحة 

وإلى حضرةِ النَّبي اللَّهم صل عليه وعلى آله وصحبه، 

الفاتحة

 

تاريخ النشر الهجري

02 ربيع الأول 1446

تاريخ النشر الميلادي

02 سبتمبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام