(377)
(607)
(339)
(535)
تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الأنبياء
{ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94) وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) }
مساء الإثنين 12 جمادى الأولى 1447هـ
تضمّن تفسير الآيات بيانَ مسارعة الأنبياء في الخيرات، وذكر مريم عليها السلام نموذجًا للعفاف والطهارة، وتأكيد دعوة الأنبياء إلى التوحيد والعبادة، ومآل العاملين في الآخرة بين فوزٍ خالد وخسرانٍ مبين.
الحمدلله مُكرمنا بالوحي والتّنزيل، وبيانه على لسان خير هادٍ ودليل، عبد الله محمّد الهادي إلى سواء السبيل، صلِّ يا رب وسلِّم في كلّ لمحةٍ ونفسٍ، على عبدك الذّي جمعت فيه كل وصفٍ جميل وجليل، وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه، واتّبع هداه في النّية والفعل والقيل، وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك أهل التكريم والتفضيل والتبجيل، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المُقرّبين، وعلى جميع عبادك الصّالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك ياأرحم الراحمين.
وبعدُ،،،
فإنّنا في نعمة تأمّلنا لكلام إلهنا وخالقنا -جل جلاله-، جئنا في أواخر سورة الأنبياء إلى قوله -سبحانه وتعالى-، بعد أن ذكر عددًا من أنبيائه ورسله: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90))، فنعم المسلكُ مسلكهم في هذه الحياة؛ مسارعةٌ إلى الخيرات، وهو ما أحبّه الرّحمن من خلقه: في النِّيات، والمقاصد، والصّفات، والخلال، والأفعال، والمُعاملات، وأنواع الطّاعات والعبادات، (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)، رزقنا الله المسارعة إليها.
ولقد أمرنا الله بذلك:
وهذه دعوة الله، ودعوة رُسله لنا للمسارعة إلى الخيرات، كما أنّه يُقابل هذه الدّعوة، الدّعوة التّي يتأثّر بها أكثر النّاس على ظهر الأرض، وهي دعوة إبليس وجُنده من شياطين الإنس والجن:
فهذه دعوات قائمة، يستجيب لها من يستجيب -والعياذ بالله تبارك وتعالى- فتُورده موارد الهلكة.
وهذه دعوة الله لنا:
فيظهر على الفرد منّا، ثُمّ على الأُسْرة، ثمَّ على الجماعة، الاستجابةُ إلى أيّ الدعوتين:
ولا نرى أكياس النّاس وخيارهم من الأنبياء وأتباعهم في كل زمن إلا وشعار المسارعة إلى الخيرات بادٍ عليهم:
(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا.. (90)):
(وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)، وما أسرع مسارعة قلوب الغافلين إلى دعوة الأنفس والأهواء، ودعوة الشياطين دون الله -جل جلاله-:
يقوم قِوام أهل الإيمان في إيمانهم على الاعتماد على الحقّ الواحد الديّان -جل جلاله-، مرجعهم إليه، وملجأهم إليه، واعتمادهم عليه.
يقول جلَّ جلاله: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) -يعني مريم ابنة عمران عليها سلام الله ورضوانه- (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا..(91)) أي بواسطة جبريل -عليه السلام-.
الحقّ -تبارك وتعالى- عند ذكر مريم، العابدة القانتة، التّي نشأت على العبادة من بداية أمرها، ذكر في عدد من الآيات:
يقول -سبحانه وتعالى- في ذكر الخليل إبراهيم -عليه السّلام-: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ) -أي من ذرية نوح أو إبراهيم- (دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ) [الأنعام:83-85]، وجعله (مِن ذُرِّيَّتِهِ) إشارة إلى:
وما إلى ذلك لا يخرجه عن بشريته وآدميته وكونه من هذه الذّرية:
فلا معنى لادِّعاءِ شيء يخرج عن الآدمية، وعن البشرية في مخالفة التكوين الذي جعله الله معتادًا للناس.
فإذا كان يدَّعي المدَّعون من الضالين من النصارى أن هذا الخلق والتكوين يدلّ على أنه ليس من البشر، أو ليس كالبشر:
ولذا كان يُردّد على عقولهم يقول: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) [مريم:36]، هو الخالق و أنا عبد مثلكم و مخلوق مثلكم:
فمحمد أعْبدهم، ومحمد أخْشعهم، ومحمد أعْظمهم تذللًا للرَّب -جلَّ جلاله-، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، وعلى مَن سار في دربهم ودخل في دائرتِهم، وجعلنا الله وإياكم منهم.
يذكر الحق -سبحانه وتعالى- مع ما لمريم من المزايا والعبادات والكرامات، عند إرادة نفخ الروح فيها، يذكر مسألة إحصانها لفرجها:
فإحصانُ الفروج بإحْصان الأفكار، وإحصان الألسُن، وإحصان البطون عن تناول الشبهات وكثرة الشِبع، وبهذه الإحصانات الأربعة يتم الإحصان تمامًا.
يتم بها إحصان الفرج تماماً ويكمل بها. وإذا كمُل ذلك الإحصان، فصاحبه أهلٌ لتنزُّلات الفيوضات من الرحمن والمِنة من المنان.
(وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا.. (91))، وما كاد يذكر هذه العطية عند ذكره -سبحانه وتعالى- لإحْصان فرجها:
وهذا الذي بضدّه تمامًا تقوم دعوة إبليس وجنده، ويحبون التبرج، ويحبون احتكاك الرجال بالنساء، ويحبون إظهار المحاسن، ويحبون تعْديد الصور لهذه الأسواء، ويحبون انتشار الفساد، (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء:27]:
والله ورسله يدعوننا إلى الإحصان وإلى العفاف وإلى الستر وإلى الحشمة:
فهذا مراد الله ومنهج الله، والمسلك الذي ارتضاه الله تعالى، ولا شيء خير لنا منه، ولا أفضل ولا أجمل.
(وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء:27]، أن نخالف منهاج الله ونتبع منهاجهم، تبًا لهم وبؤسًا لهم! وعليهم السوء، ومَن تبعهم منا ناله السوء.
فلا سبيل لطاعتهم، ولا لتصدِيقهم فيما يطرحون ويقولون،
عليه نمضي لنسعد، وعليه نمضي لحقائق الرقي في الحياتين والدارين، كلام رب الدارين وخالق الدارين، الله -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-.
فدعانا إلى هذه التحصينات، وإلى هذه المسالك الطاهرات النظيفات العفيفات، (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا..(91)):
(وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91))، فهي من آيات الله العظيمة.
يقول سبحانه وتعالى: (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ..(92))، الدين الذي بعث به الأنبياء من عهد آدم إلى خاتمهم محمد الخاتم: (أُمَّةً وَاحِدَةً)، دين واحد:
(هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، هذه الأمة، أي الملة والمسلك والمنهج، (أُمَّةً وَاحِدَةً)، ملة واحدة، وطريقة واحدة، ودين واحد:
(إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ) -والرَّب واحد لا رب سواه ولا إله غيره- (فَاعْبُدُونِ)، تشرَّفوا بسرِّ العبادة لي وكرامة العبادة لي:
العبادة هي الطريق لكل ذلك، فما أشرف العبد بالعبادة؛ ولذا كان يقول بعض العارفين في الأمة: ما أعزَّت العباد أنفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله.
لا شيء يوقعك في الهُون مثل المعصية؛ لا فقر، ولا قلة لباس، ولا كلام الناس؛ لا شيء يوقعك في المهانة مثل المعصية.
المعصية هي: التي تهُون بها، هي التي توقعك في الهُون -والعياذ بالله تبارك وتعالى-. وقادة المعاصي وناشريها والغارقين فيها في هذه الحياة الدنيا هم الذين ينادَون: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) [الأحقاف:20]:
من ذا؟ الذي كان الزعيم الفلاني والقائد الفلاني؛ صار مثل الذرة ويطأه الناس يمرون عليه بأقدامهم: "يُحشر المتكبرون على صور الذر":
العِزُّ لمن أطاع الله:
(وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، خذوا الشرف الكبير بعبادة الإله العلي الكبير -جلَّ جلاله-.
قال الله: (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ)، في كل أمة من الأمم، ظهرت طوائف:
(وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ)، فِرق وطوائف، وأفكار، واتجاهات، وأنظمة، يخالفون مَن؟
(تَقَطَّعُوا) تخالفوا وخالفوا أمر الله بينهم. قال الله: فليحصل ذلك بإرادتي؛ ولكن إلى أين المرجع؟
الكل يرجع إليه والحساب عليه. (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)) ما أحد يفلت، ما أحد يهرب، ما أحد يفوت الرَّب -جلَّ جلاله.
(تَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ)، كما ترون في زمانكم والأزمنة التي مضت.
والحق واحد: لا إله إلَّا الله محمد رسول الله، وما ابتَنَى عليها من الإسلام والإيمان والإحسان، هذا هو الحق فقط.
(وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)) فنُحاسِبهم ونجازيِهم على ما عملوا. يقول سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ) -أمثالكم مِن مَن مضى- (فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ) -والعِزُّ أين هو؟!- (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) [القمر:51-55].
اللهم اجعلنا منهم، واجعل أهلينا منهم، واجعل قرابتنا منهم، واجعل جيراننا منهم، واجعل طُلابنا منهم، واجعل أصحابنا منهم.
في مقعد الصِّدق الذي قد أشْرقت *** أنْواره بالعِندِ يا لك مِن سنا
والمُتّقون رِجاله وحُضوره *** يا رب فالحِقنا بهم يا ربّنا
يا رب ألحقنا بهم يا ربنا *** يا رب ألحقنا بهم يا ربنا
(فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ.. (94))، كل مَن يعمل الطاعات والأعمال الصالحات، والنيات الصالحات، ويتّصِف بالصِفات الصالحات، ويتعامل المُعاملات الصالحات (وَهُوَ مُؤْمِنٌ)، مُوقنٌ بالله الذي خلق، لا يُشرِك به شيئًا، فلا تنفع مظاهر الصالحات مع كفر، ولا تكذيب بما جاء عن الله ورسله؛ هذا النفع العظيم في الدار الآخرة، لا تنفع أصحابها إلَّا مَن كان مؤمنا.
(فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ)، لا شيء من سعيه يذهب هباء ولا يضيع عليه:
(فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94))، كل ذرة من عمله ونيته نكتبها عندنا ونحفظها له ونعطيه إياها:
(فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ)، لسعْيه (كَاتِبُونَ)، حافِظون له، (كَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا) [النساء:70]، ومع ذلك يأمُر الملائكة أن تكتب وأن تُسجّل وأن تحفظ: (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ) [الإسراء:13-14].
يقول جلَّ جلاله: (وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94) وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95))، يقول الله:
(وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا):
(وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95))، فلا يرجعون بعد موتهم إلى الدنيا، ولا يرجعون عن كفُرهم وغيّهم، فإذا سبقت عليهم السابِقة بذلك، وعلِم الله أنه ليس فيهم مَن يرجِع؛ أهلكهم جلّ جلاله.
وهكذا يسْتمر الناس في هذه الحياة على هذه السُنّة الإلهية إلى آخر الزمان، وبهذه العلامات الكُبْرى: (حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ..(96))، وفي قراءة: (فُتِّحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ):
وهذه العلامات الكبرى التي تحدث آخر الزمان، ثم موعد الكل جمعٌ عظيم: (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ) [الواقعة:49-50]:
إلَّا ما تعلّق بالفوز الأبدي فهو فوز، وما تعلّق بالخُسر الأبدي فهو خُسْران، وليس سوى ذلك ميزان يصِحّ قط.
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ) [إبراهيم:22]:
شرِّفنا بعبادتك يا رب، أكرِمنا بعبادتك يا رب، زينّا بعبادتك يا رب، ارفعنا بعبادتك يا رب.
اللهم أعنّا على ذِكرك وشُكرِك وحُسن عِبادتك يا أكرم الأكرمين. وشرِّف بذلك أهالينا وأولادنا وذرياتنا وطلابنا، واجعلنا عابِدين لك خاشِعين، ندعوك رغبًا ورهبًا، ونرجوك ونعتمد عليك ونلجأ إليك ونثق بك، لا إله إلا أنت.
فيا ربَّ ثبِّتنا على الحقِّ والهُدى *** ويا ربَّ قَبضَتنا على خيرِ مِلَّةِ
وعُمَّ أصولَنا و الفروعَ برحمةٍ *** وأهلاً، وأصحابًا، وكلَّ قرابةِ
وسائرَ أهلِ الدينِ مِن كلِّ مسلمٍ *** أقامَ لك التوحيدَ مِن غيرِ رِيبَةِ
بحرمةِ هادينا، ومُحْيي قلوبِنا *** ومُرشدِنا نهجَ الطريقِ القويمَةِ
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وتدارك أمته. وأغث اللهم إخواننا في السودان وادفع البلاء عنهم واجمع شملهم، وأغث إخواننا في غزّة و في أكناف بيت المقدس، وأغث إخواننا في شامنا ويمننا وشرقِنا وغربِنا، والمسلمين في جميع الأقطار.
يا مُغيث
غياثك الحثيث، أدفع به عنّا شرّ كل خبيث
غياثك الحثيث، أدفع به عنّا شرّ كل خبيث
غياثك الحثيث، أدفع به عنّا شرّ كل خبيث
ياحي ياقيوم، يا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
بسر الفاتحة
وإلى حضرة النبي محمد الأمين ﷺ
الفاتحة
15 جمادى الأول 1447