تفسير سورة الكهف(1434) -8- من قوله تعالى:(قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا..(26))

تفسير سورة الكهف - الدرس الثامن
للاستماع إلى الدرس

درس يلقيه الحبيب عمر بن حفيظ في تفسير سورة الكهف بعد الفجر ضمن دروس الدورة التعليمية التاسعة عشرة بدار المصطفى 1434هجرية.

نص الدرس مكتوب:

﷽ 

(قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31))

الحمد لله ربّنا وربكم ورب كل شيء، والمُوالي لإفضالِه عليكم، والمُواصِل إحسانِه إليكم، لا إله إلا هو، يجمعكم في مواطن رحمته، والقُرب منه، والتوجُّه إليه.. 

  • فيكم من حَضَر من قبل أذان الفجر وكانوا قد يعدُّونها بغزوةٍ -الحضور لأجل صلاة الفجر، قبل طلوع الفجر- قال سيدنا أبو هريرة: كنا نعدها بغزوةٍ على عهد رسول الله ﷺ. 
  • وشهدنا صلاة الفجر في جماعة، وكنا خارجين في طاعة ربنا -سبحانه وتعالى- وفيما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا، ثم كنا في ذكر الرحمن جلَّ جلاله وتعالى في علاه.
  • وتصافحنا، وكل مُصافحة مُذهِبة للغِلّ، وكل مُصافحة سببٌ للمغفرة، "إذا التقى المسلمانِ، فتصافحَا، وحمدا اللهَ، واستغفرا، غُفرَ لهمَا" قبل أن يتفرقا، مغفرة ثانية، ثالثة، رابعة، خامسة، سادسة، سابعة، ثامنة؛ كل واحد مغفرة، وكل مُصافحة مغفرة. 

وكل مصافحة إذهابٌ للغِل عن قلوبكم، فلو اتّسعت النيّات وسعتكم المغفرة ومن ورائكم، وانتُزِع الغل من قلوبكم وقلوب الأمة أيضا من ورائكم.

نزعَ الله عنهم الغلّ والشُحَّ والبغضاء والشّحناء وكل ما لا يُحبُّه في القلوب. طهّر الله قلوبنا عن كل ما لا يُحب، ولا أسكنَ فيها ولا أقرَّ فيها إلا ما يرضى ويُحب، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. 

فلتكن مُشتغلا بذكر الله تبارك وتعالى، مُواصلا للذكر من قبل المصافحة، وأثناء المصافحة، وبعد المصافحة، ومجلس العلم من أعظم مجالس الذكر حتى تطلع الشمس، وإذا بك في غدوةٍ من غدَوات رمضان، وقد صلّيت الصبح في جماعة، وذكرت الله إلى أن تطلع الشمس، ثم صليت ركعتين أو أربعًا، فثَبَتت لك حجة وعمرة، تامة، تامة، تامة، ما هذه المِنَن! وما هذه العطايا؟!

إذا تصافحتم، فتتصافحون أيضا بالمودة والرحمة والمحبة، ومن غير أن تضربوا اليد حتى تُظهروا الأصوات، تشدّ على اليد للمودّة والرحمة نعم، لكن تضرب بها وتُصدِرُ صوتاً، لا، هذا تصفيق، هذا نوع من التصفيق. 

  • وكان الكُفّار صلاتهم عند البيت تَصدِية، (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) [الأنفال:35]، صفيرٌ: مُكَاءً، وتصفيقٌ: تَصْدِيَةً؛ هذه صلوات الكفار عند بيت الله -سبحانه- ودعاؤُهُم. 
  • أما صلوات المؤمنين؛ ذكر ودعاء وسجود وركوع وخشوع وإنابة، وهذه الصلاة المحبوبة عند الله جلَّ جلاله، فليكن مدّ اليد بلُطف وتماسُك بقوة، نعم، تماسُك بقوة مطلوب، لشدِّ معنى العلاقة والأخوة، ثبَّتنا الله ونظر إلينا وإليكم.

والحمد لله على ما أكرمنا من تدبُّرِ آيات القرآن في الشهر الذي نزَل في مثله القرآن: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة:185]، صلى الله وسلم على المُنزَل عليه المُصطفى من عدنان المُطهَّر عن جميع الدَّنس والأدران، أكرم الخلائق على الخالق الرحمن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وعلى آله وصحبه الغُرِّ الأعيان، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين، وآلهم وأصحابهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، 

وبعد،،

فإننا في تأمُّلنا لكلام ربنا -سبحانه وتعالى- وتعليماته في هذه الأيام، وصلنا إلى قوله سبحانه وتعالى: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) ما أعظم بصره وسمعه جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه. 

وها نحن بين يديه يرانا في الشهر الكريم مُتعرِّضين لنفحاته إن شاء الله، يُبصرُ قلوبنا وما فيها، وخواطرنا وما يطرأ على بالنا، ويسمعُ أصواتَنا ويسمعُ خواطِرنا ويسمع وجهاتنا، وما من نيّة عند أحدكم ينويها إلا والله يراها ويسمعها، ولا عزمٍ يعزِم عليه إلا والله يراه ويسمعه، ونسأله أن يجعل ما في قلوبكم مَرضيًا له جلَّ جلاله وتعالى في علاه. 

(مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)) فلا يوجد أحدٌ شريك في حُكم الله محيطٌ بعلم الغيب، ولكن يُظهِر على غيبه من ارتضى من رسول مثل؛ الملائكة والأنبياء أو الأولياء أو خواص المؤمنين، يُطلِعهم على ما يُطلِعهم من أمر الغيب ومن علم الغيب، فهؤلاء يَطَّلعون عليه: 

  • من أكثر الوجوه؛ كسادتنا الأنبياء. 
  • ومن بعض الوجوه؛ كسادتنا الأولياء. 
  • ولا يُحيط بالغيب كله من كل جانب إلا هو وحده سبحانه وتعالى. 

وأعظمُ من أطلَعه الله على الغيب الأعلى، أطلَعَه من ذلك الغيب الأعلى، بأوفر الحظ وأجزل النصيب، عبده الحبيب سيدنا محمد، وبذلك قال: "أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله" صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله ومن اهتدى بهداه.

وبهذا انتهى ما يتعلَّقُ بالفِتية المُباركين أصحاب الكهف المُكرَمين المؤمنين الصادقين، الذين أحدثوا في حياتهم مُقاطعة للكُفر والشرّ، ورضُوا في شؤونهم أن يتركوا ملاذَّ النفوس مُقابِل رضوان القُدُّوس، (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا(16)). في قرارٍ حازم أن لا يتبعوا سبيل من ضلَّ عن الهُدى ومن خالف الرحمن جلَّ وعلا، (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20))

(هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15))؛ فتَجنَّبوا الباطل تماما، وقصدوا الحق، ولمّا لم يكن بين يديهم من الوسائل في ذاك الوقت وذاك المكان إلا أن يهربوا إلى جبل من الجبال ويدخلوا في كهفٍ، كان منهم ذلك، فانظر ماذا أحدثوا؟ أحدثوا أن:

  • نالوا الدرجات العُلا وعُدُّوا في خيار الملأ. 
  • وذُكِروا في قرآنِ العليّ الأعلى. 
  • وتلا أخبارهم لسانُ حبيبه المُصطفى. 
  • ونتذاكر أخبارهم إلى اليوم. 

ومضى من في زمنهم من أرباب المُلك ومن أرباب الأموال ومن أرباب الجاهات، لا خبر لهم اليوم ولا أثر، وراحوا إلى شرِّ مُستقَر -والعياذ بالله تبارك وتعالى- فانظر إلى قرار اختيار الحق ماذا يحدث للإنسان. 

ولكن الناس يغترون بمُحدَثات يسمعون عنها في وسائل الإعلام وما إلى ذلك، هي يسيرة وحقيرة ووقتها يسير وقصير ومنتهية عما قريب وذاهبة، والغُرور فيها، وانتهوا بعد ذلك، ولن يجدوا شيئًا وراء ذلك: (مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26))

لكن من حَكَم له بالفوز، ومن حَكَم له بالسعادة، فهو هو؛ هم السعداء، هم الفائزون على الأبد، قال تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) [آل عمران:185]، اللهم اجعلنا منهم.

ثم إنه -سبحانه وتعالى- قصّ علينا آيات تتعلّق أيضا بشأن من شؤون هذه الحياة في مسالِك الناس وطريقة تفكيرهم ونظرِهم إلى الأشياء، وذلك في تعليماتٍ وتوجيهاتٍ نجد الحق -تعالى- يُوجِّهُها إلى صفوته المُجتبى محمد ﷺ، وبها يُعلِّم الأمة من ورائه.

 وكان من أسباب توالي هذه الآيات، آية بعد آية بعد آية، إلى بداية قصة موسى مع الخَضِر: 

  • محاولاتٌ من بعض من كفر أن يُحتقر صنف من الناس. 
  • وأن يُتعامل مع المظاهر والظواهر بالاستخفاف بطائفة كانت لا تُعجبهم أشكالهم. 
  • أو يجدون منهم في وقت الحر والعرق رائحة للصوف الذي يلبسونه وما إلى ذلك. 

فجاءت نزعة النفس وقال القائل منهم: يا محمد، أبعِد هؤلاء من أمامنا، وخُصَّنا بوقت نُجالِسك فيه، حتى إذا خرجنا اجلس أنت وإياهم، حتى حصل أنه قد أقبل مرة سيدنا سلمان الفارسي ومعه شيء من الخوص وهو يعمل فيه وعليه جُبّة من صوف، فلقيه أحدهم فدفعه بذراعه في صدره حتى أوقعه الأرض، وقال: تنحَّ. فنزلت الآيات الكريمة: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ..(28)) إلى ما تبِعَها من بيان أخبار الحياة والآخرة والأمثلة في هذه الدنيا كلها، معالِجة لهذه القضية الصعبة على النفوس. 

فإننا نجد ابن آدم، بِغيِّه وزَيغِه وضلالِه، يميل دائما إلى التميّز وإلى التفرّد، وإلى احتقار أحد من بني جنسه أو شيء من الكائنات الأُخَر؛ طلبا للتعزز الأشرف الوهمي والفخر الوهمي والعلو الوهمي الذي لا حقيقة له؛ وهذه علّة من العلل تصيب النفوس.

وبذلك تجد الناس هنا وهناك يقيمون من ذلك معاني حتى ينتزعون حقوقا من مُستحِق، وحتى يُقصِّرون في أداء الحق لصاحب الحق.

ولهذا سنسمع مُعالجة طويلة عريضة من الحق لهذه القضية: 

  • ومبدأُها الرجوع إلى الآيات، وتحكيم منهج رب البريّات -جلَّ جلاله-. 
  • واعتبار أن غاية ما ينتهي إليه الإنسان بفِكره وعقله قاصرٌ عن علم الله سبحانه وتعالى: 
    • (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) [البقرة:140].
    • (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50]. 

فمُقتضى الإيمان يقتضي أن نُوقِن بأن الله أعلم بكل شيء من جميع خلقه، فكل ما جاءنا عنه وثبت عنه فليس محل تردّد وليس محل تبلبُل وليس محل نقاش: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65]؛ وهذا القدم الذي يجب أن نضعه في سيرنا إلى الله، ونضعه في طلِبنا الفوزَ الأبدي والسعادة الكُبرى الدائمة، لابد أن ندخُل بهذا القدَم وعلى هذا الأساس.

وانظر إلى أمر اللّعب حتى في أمر الدين نفسه، يُرَاد أن يُنتزَع من نفوس المسلمين أنفسهم، أنه؛

  • حتى دينكم، حكِّموا عقولكم، وأنتم الحُكّام ومعكم سمع وبصر 
  • ثانيًا؛ لابد هذا الدين يكون متمشِيًا.

 يُمشَّى أو يُتمشَّى؟!  كيف الحال؟ إن عَلِمنا عظمة الدين وقلنا أنه صالح لكل زمان ولكل مكان، يُماشي الأزمنة والحوادث؛ 

  • إن كان بمعنى عظمة الحق وعظمة ما أنزَل، وأنه قد أحاط علما بما يكون وأن العلاج الصحيح لنا؛ فهذا كلام صحيح. 
  • وأما أن أُحَكِّم هوايَ أوأُعَظِّم شيئا مما تميل إليه نفوس طوائف من الناس في أي عصر كان، في أي مكان كان، ثم ألوِي النصوص لتوافق أهواءهم وأغراضهم، فهذا باطل باطل باطل، لا مكان له في الدين، لا مكان له في الدين، لا مكان له في الشريعة، لا مكان له في الإيمان، لا مكان له في الحق قط. 

فما كان الله ليكون سُخرةً لعقول عباده، وهو خالقهم وخالق عقولهم، ولكن على العقول أن تتسخّر للخضوع لجلاله -جل جلاله- ولتعظيم أمره وما جاء عنه، فحسبُها حسبُها مهمةً وكرامةً وشرفًا أن تهدِيَنا إليه، أن تدلَّنا عليه، وأن تقف هناك عند حدِّها.. 

  • إذا علَّمتنا أن لنا إلها من فوقنا خلقنا وخلق كل شيء، فحسبُها هذا، هذا غاية مُهمَّتها ونهاية مكانة العقول أن تصلك إلى هنا. 
  • أما ما وراء ذلك فما لها من حق، أن تُغالِب هذا الإله ولا أن تُشرِكَ به ولا أن تعبث بأوامره وبتعاليمه ومنهاجه جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه.

فلابد من الرجوع إلى القرآن: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ)، ولحبيبنا وضَحَ الطريق، وعلِم حال كل فريق، فلا التفات إلى أهل التعاويق.. (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ)، يقول: أُوحِيَ، أمر جاء من فوق، فلا تعدِل به غيره. 

(وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ) فكم يُغبَط المؤمن الذي يعشق القرآن ويتلوه دائما وخصوصا في رمضان، يعمُر ليله بقرآن ونهاره بنصيب من القرآن.

  • (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) جلَّ جلاله، فكلماته -سبحانه وتعالى- من القرآن المُنزَل، وكلماته من أقضيته وأقداره لا مُبدِّل لها. لمَ؟ لأنه لا إله معه أصلا، ولا أحد يساويه أصلا حتى يبدّل كلامه ويغير حكمه وينقض ما أبرمه سبحانه وتعالى. 
  • (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) وفيه أيضا معنى: ستجد في كل ما يعرضون من أفكار، تناقضات وتغيرات من وقت لآخر؛ لكن هذا الذي أوحينا إليك سيبقى كما هو على أصله ثابت لا يتزعزع ولا يتغيّر. 
  • (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) وخُصَّ القرآن الكريم بالحِفظ من الله الخاص: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9]. 

انظر إلى حدود الدّقّة حتى فيما تواتر من القراءات وفيما لم يتواتر مما أُثِرَ أن النبي قاله، محفوظ؛ برواياته وعن أهله، لا يقدر أحد أن يزيد حرف واحد ولا أن ينقص حرف، بل حركة من الحركات لا يقدر أحد أن ُيبدّل ولا يُغيِّر فيها؛ هي مضبوطة بأسانيدها إلى رسول الله. فاللّفظ الذي خرج من بين شفتيه الكريمتين هو الذي نقرأه، صلوات ربي وسلامه عليه. 

(لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27))، مُلْتَحَدًا: مَوْئِلًا وَمَلَاذًا وَمَرْجِعًا، (وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)، فإن كل مرجعية ستنقطع بك؛ إلا هو جلّ جلاله وتعالى في عُلاه. تريد أن  ترجع إلى مال؟! تريد أن ترجع إلى بناء؟! تريد أن ترجع إلى حكومة؟! تريد أن ترجع إلى حزب من أحزاب الأرض؟! ستنقطع بك، ستنقطع بك، وستنفصل عنك وتنفصل عنها؛ لكن هو الدائم. 

(وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا) فإذا آخيتَ ففِي الله آخِ، وإذا أحببتَ فلله أحبب.. 

  • "وإن روح القدس -يقول رسول الله- نفث في روعي". 
  • "أحبِبْ من شئتَ فإنَّك مفارقُه، واعمَلْ ما شئتَ فإنَّك مجزِيٌّ به".

يقول: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) اسلُك مسلك الاختيار للأصفياء، والدخول مع الأوفياء، والارتباط بالأتقِياء. 

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) اصبر نفسك، احبسها إن مالت يُمنة أو يسرة رُدَّها إليهم، وفي دعاء سيدنا داود: "إلهي، إن وجدتني أجاوز مجالس الذاكرين إلى غيرهم فاكسر رجلي دونهم حتى لا أتجاوزهم". 

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) بالغداةِ: بالصباح والمساءِ:

  •  بالغداةِ والعشيِّ بكل معانيها: صباح ومساء.
  •  غداةً وعشيًّا في الصلوات الخمس. 
  • غداةً وعشيًّا في تلاوة القرآن. 
  • غداةً وعشيًّا في ذكر الرحمن. 
  • غداةٌ عند التهيُّؤِ من اليقظةِ الى النوم 
  • عشي؛ غداةٌ عند الخروجِ من النومِ إلى اليقظةِ.

(..بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) فإن من الناس مُعلَّق القلب برب الناس، ليس بغافل ولا ناسٍ، فهُم الناس، فهم الناس، وغيرهم نسناس، فيهم البأس، واستحوذ عليهم الوسواس: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) [المجادلة:19]؛ مُشيرا إلى أنه لا يجتمع الاثنان، واحد فقط؛ إما الشيطان وإما ذكر الله، إما ذكر الرحمن وإما الشيطان، لا يجتمع الاثنان مع بعض. لا.. لمّا استحوذ عليهم أنساهم ذكر الله، لو بقوا مع ذكر الله، لن يستحوذ عليهم. 

(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ)، تركوا ذكر الله: 

  • فمن استحوذ عليه الشيطان، لا يقدر على الذكر، يثقُل عليه ذكر الله. لمَ؟ لأنه ثقيل على الذي ملك قلبه وهو إبليس. 
  • فإذا ذَكَر الله، انبسط ثِقَلُهُ على إبليس، على هذا الذي استولى إبليس على قلبه، فيخرج الثقل من هذا إلى هذا.

كما ترى: 

  • من أصيب بصَرعٍ من جِنِّيٍّ، وكان الجِنِّيُّ فاسقا أو كافرا، إذا تليت الآيات وذُكر الرحمن تعالى، يشعر هذا بالشدة وبألم، هذا الألم هو لذاك، هو ألم الخبيث الذي حل جسده فيسري إليه هو الألم. 
  • وكذلك من ارتبط بهذا الشيطان فيصعب عليه ذكر الله تعالى، ومتى ذكر الله ابتعد عنه وخنَس: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف:36]. 

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) وإذا تأمّلت أن الأمر هذا أيضًا، صادرٌ في ظاهره وأصله وأوّله لسيد المرسلين، والصنفُ الذين دُعِيَ أن يجلس معهم من فقراء الصحابة وممن لا يُؤْبَهُ له في كثير من الأمور والأحوال، علمتَ واجب العاقل في كل زمان: اختيار من يُصاحب ومن يُجالس. 

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) فإن: 

  • المنقطع عن هذا الصنفِ في حياته يتعرّض للموت قلبُه، وللفسَاد والانحراف لُبُّه، وللانطلاق في المعصيةِ جوارِحُه. 
  • ولكن بقدر الارتباط بهذا الفريق يذهب التعويق ويثبُت القدمُ على التحقيق. 

يقول: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)

  • ومن المعلوم أن أكرَم من دعا الله من خلقه؛ محمد ﷺ، وهو الذي علّم هؤلاءِ أنفسَهم وغيرَهم الدعاء، ولولاهُ ما علِموا الدعاء ولا علموا الذِكر. 
  • ومع ذلك قال الله لحبيبه: أنت اذهب معهم واجلس معهم في مجالسهم. فلذلك نجده كان كذلك. 

وبعد نزول الآية، كما جاء في أحاديث: 

  • خرج يلتمس هذا الصنف ووجَد جماعة من أصحابه من فقراء الصحابة، جلس معهم ثم قال: "الحمد لله الذي أراني في أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معه"، وهكذا كلما رأى حلقة من أهل الذكر مالَ إليهم.
  •  وفي كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل يقول سيدنا سلمان: كنا في عُصابة نذكر الله، فأقبل علينا رسول الله فسكتنا، فجلس بيننا قال: "ما كنتم تقولون؟" قالوا: نذكر الله، ويُذكِّرُنا أحدُنا ويقرأ علينا القرآن. قال: "فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببتُ أن أشارِكَكُمْ فيها". 
  • وجاء في مجلس وكانوا يذكرون الله تعالى ويُذكِّرُهم بعضهم؛ كان عبد الله بن رواحة، فمر، جلس، سكت عبد الله بن رواحة. قال: "ذكِّرهم". قال: أنت أحق بذلك يا رسول الله. قال: "أما إنكم النفر الذين أمرني ربي أن أصبر نفسي معهم، فالمحيا معكم والممات معكم"، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. 

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ)؛ وفي هذا إشارة إلى أن: 

  • كل قوم، كل طائفة، كل مُجتمع، احترموا فيه ذوي الفقر والحاجة، وخصوصا من أهل العلاقة بالله من الذّاكرين والدّاعين؛ أفلحوا ونجحوا وربحوا. 
  • وكل طائفة، كل جماعة، كل مجموعة، كل أهل بلد، أهملوا شأن هؤلاء واحتقروا فيهم الفقراء والضعفاء واستهانوا بهم؛ فهم الفاشلون الخاسرون: 
    • لا تقوم لهم قائمة ولا يستقيم لهم صلاح ولا أمر أبدا، حتى يراعوا حُرمة الله في أهله وفي الضُّعفاء وفي الفقراء. 
    • وخصوصا من لا يجد له في عالم الأسباب والحِسِّ نصيرا إلا القوي الأعلى جلَّ جلاله. 

فظُلم أمثال هؤلاء سبب نزولِ العذابِ المُختلف على الخلق، وسبب توالي الفتن عليهم، حتى يُعرَف حقُّ الله في حق الضعفاء من عباده. 

وهكذا،، إذا كنا جماعة في دورة، إذا كنا جماعة في معهد، إذا كنا جماعة في مدرسة؛ إن انتبهنا إلى أرباب الذِّكر خاصة، والضعفاء وذوي العاهات وذوي الحاجة وذوي المرض وذوي الفقر: 

  • واحترمناهم وجالسناهم وأعطيناهم حقوقهم وخدمناهم؛ فإنا نستحق؛ الفلاح لنا، والفوز والنجاح والنصرة معنا، والتأييد من الله معنا. 
  • وإن أهملناهم وأهملنا شأنهم واغتررنا، وذهبنا وراء المظاهر، فالخسارة عندنا والفائت علينا أمر كبير. فخذ هذا في بالك.

 (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) حتى في أسرتك، وسط أسرتك، صاحِبْ الضعفِ منهم والمَسكنةَ، وخصوصًا إن كان أُوتِيَ قلبًا ذاكرًا، إن لم تنتبهوا منه في البيت، فإن فساد في البيت يحصل عليكم أو تعب بسبب إهمال هذا، ولو كان صبيا، فكيف إذا كان شيخًا هرمًا كبيرًا؛ لا يوجد مثل هذا في بيت فيُهمَل ويُستثقَل إلا عُوقِبَ بذلك أهلُ البيت، في دَفعِ كثير من الخير عنهم أو وصول كثير من الشرِّ إليهم لإهمالهم جانب هذا المُستَضعَف الذاكِر، الشائب الشيخ الهرم أو الضعيف. 

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)

  • (يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) كالدّائم الالتجاء إليه. 
  • (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الله أخلصَهم له، فَنَفى عن قلوبهم إرادةَ غيره. 

فما صار لهم التفات لأن يُقال عنهم، ولا أن يُفسَح لهم، ولا أن يُدعَوا إلى منصب معين، ولا أن تكون لهم سُمعة معينة، ما عاد عندهم هذا. 

قال الله: أنا أخلصتُهم لي، فأبعدت عن قلوبهم إرادة الغير كائنا ما كان: (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)، قال الله  لحبيبه: (وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ)

  • فإن عينك التي أكرمناها بالنظر إلينا، حقٌّ أن لا تنظر إلا لمثل هذا الصنف، وأن لا تنصرف عنهم. 
  • فهم أهل للإمداد وتلقي بركات النظر وفائضِ النظر من حضرتك. 
  • فلا يكُن مطمح نظرك ومحطُّ بركة رُؤيتك وإقبالك إلا على هؤلاء. 

(وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ)، لَا تَعْدُ: لا تجاوز، لا تتجاوز، لا تتعدَّى، لا تتجاوز وتذهب إلى الغير. (وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ)

 (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)؟ وأنت المُطهَّر المُصفَّى عن إرادةِ غيرنا؟ إذن فمن أردناه من الخلق فهم المُراد لك، ولا تُرِد إلا من أردنا، كما أننا لا نريد إلا من أردت.

(وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا…) سيعرُضون لك آراء ويطرحون لك مُقتَرحات، وهم قوم قد أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا: 

  • حرَمنا قلوبهم الولع بنا. 
  • حرمنا قلوبهم التعلُّق بحضرتنا. 
  • حرمنا قلوبهم الذِّكر لنا، فلا يذكروننا إلا قليلا. 

فهؤلاء لا تحفل بآرائهم، ولا تربُط أمرك بهم، ولا تُبالِ بمقترحاتهم وأفكارهم؛ بل خالِفهم فيما يقولون؛ فإنهم دُعاة إلى السوء ودعُاة إلى الشر. 

(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) فهو ليس بأهلٍ أن يُطاع، وفي هذا يقول أهل العلم والمعرفة والحكمة: "إن قطرة من الهوى تُخْمِّج بحرا من العلم" لو أن مع الإنسان بحرا من العلم ثم نازلته قطرة من الهوى لفسد عليه. 

فصاحب الهوى أهلٌ أن لا يُطاع، فكيف يُطمأنُّ إلى فتواه؟ فكيف يُطمأنُّ إلى رأيه؟ فكيف يُعَدُّ هو المُفتي الذي يَرجِع إليه السندٌ، واحدٌ قد أُغفِل قلبه عن ذكر الله -سبحانه وتعالى- ودخله الهوى، ثم ينصبونه المَرجِع والمُفتي، وينطق بالفتوى بالهوى: 

  • في وقتٍ يُراعي طائفةً من الناس، يقول: الاختلاطُ ما فيه أي شيء. 
  • في وقتٍ جَرَت مجرى السياسة في مجالٍ ما، فيقول لك: فيه سعةٌ وفيه خلاف، والدين يُسر. 

يلعب بالشريعة من هنا ومن هنا، ما عادَتْ هناك ضوابط، ولا عادتْ هناك ثوابت، ولا عادتْ هناك أسس، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28))، فُرُطًا: مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ، فُرُطًا: ضَائِعًا، فُرُطًا: نَدَامَةً؛ كل المعاني في معنى الفُرُط.. 

  • (وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا). ضائعًا، ندَمًا، حسرةً. 
  • (وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) مجاوزًا للحد فيه، فلا تُطِع هذا الصنف. 

(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) مثل الذي قال لك: أبعِد هؤلاء من مجلسك واطردهم، وقال لك: إن هؤلاء يمنعوننا أن نسمع منك ونحن سادة قريش، لو اتّبعناك لتبِعك الناس. 

نقول هذا واحدٌ مغرورٌ مُعجَبٌ بنفسهِ، اجلس مكانك؛ 

(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)؛ فاللهُ غنيٌّ عن الجميع، وأنتَ يا حبيبي غنيٌّ عنهم بغِناك بي. وما دمتُ أنا غنيًّا عنهم، فأنتَ غنيٌّ عنهم، لست مُحتاجًا إليهم: 

  • (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) [النجم:29]. 
  • كما يقول في الآية الأخرى: (وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)؛ وانظر التعليل: (إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا) هذا معلوم، لن يضروا الله شيئًا. 
  • وما دام وضعهم كذلك كما علمتَ، فأنت حبيب الله وفي عنايته، فكيف يضرُّونك؟ ما داموا لا يقدرون أن يضرّوا الله، فلن يضرّوك؛ (إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) [آل عمران:176].

ومن هنا نفهم أن لله حكمة: 

  • علينا واجب نبذل الوسع حتى نتمنى -فيما بيننا وبين الله- أن يُسلِم كل من على ظهر الأرض، حتى شياطين الجن، هذه أمنيةٌ بيننا وبين الله، وتعبّدنا الله بذلك. 
  • ونعلم مع ذلك ونُوقِن أن لله حكمة؛ سيظلُّ من الإنس والجن كافرون مُكذِّبون، ومن بين الكافرين والمُكذِّبين مُعانِدون، ومن بين المُعاندين مُعادون ومُعتدون، لا بد أن يبقَ ذلك إلى آخر الزمان. 

حكمة من حكم الله جلَّ جلاله وتعالى في علاه. ومع علمنا بأن ذلك كائن، فنحن مُتعبّدون بنية أن يسلم الجميع، وإرادة أن يهتدي الجميع، ونبذُل في ذلك وسعنا عبوديَّة لله تعالى، بعدما قال لموسى وهارون: (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ) [طه:43]، ما دام طغى: 

  • فهل قال: اذهبا وارفُسوه واقتلوه، او اعملوا انقلابًا، لأنه طغى؟! 
  • لا، بل قال: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ). 

مهمَّتُكُم أن تهدوا الناس، ليست مهمتُكُم أن تُفْسِدوا الخلق ولا تُبعِدوهم عن باب الله: 

  • (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) [طه:44]. 
  • (اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ) [النازعات:17-19]. 

والله يعلم أنه لن يهتدي ولن يؤمن ولن يُتَّبِع موسى، ولكن تعبَّد موسى وهارون أن يصنعوا ذلك وأن يُقيموا الأسباب لذلك؛ هذه عبوديةٌ لله.

ولما كان الأمرُ من رسوله، بالغ المبلغَ، وفاضت عليه الرحمة وزادت، وزاد الحرص عنده، صار يُسلِّيه، مثلما كان يأمر موسى وهارون: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا) [طه:44]، يقول لسيدنا محمد: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6))، (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) [فاطر:8]؛ لأنه: 

مُقتضى الكمال الذي فيه سيدنا موسى وسيدنا هارون أنه يبقى من الشدة والغيرة في دين الله -سبحانه وتعالى- ما قد يصل إلى حد أن يُقلِّلوا من واجب اللِّين، فركّز الله عليهم في اللِّين. 

وهذا غلبتْ عليه الرحمة وقوة الحِرص إلى حد يكاد يُهلِك نفسه لفَرط الشفقة

(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) [الأنعام:112]. 

  • (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)..(أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) [يونس:99-100]. 

فمقتضى هذا الكمال الأكمل عند محمد اقتضى هذا الإرشاد، صلوات ربي وسلامه عليه.

يقول: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ)، (الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ)

ما أنا حاملهُ إليكم أصلًا، ما هو وليدُ فكرةِ بشرٍ! ولا بشيءٍ مما يدخلُ تحتَ كسبِ الخلقِ، لكن جاء من فوق. 

  • ما دام الحق من هذا الرب، فالحق هو الغالب والحق هو المنصور، ونحن غير محتاجين إليكم. 
  • ولكن ستجدون منا تواضعا، وستجدون منا رحمة، وستجدون منا لِينا في القول، عسى أن تهتدوا. 
  • أما أن نطردَ المساكين من أجلكم، أن نطردهم، فلا تحلموا بمثل هذا. 

هذا لا يكون في ديننا، ولا يكون في شريعتنا، ولا يكون في منهجنا، ولا يكون في ما أوحى إلينا ربنا أبدا؛ (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ * وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا) [الأنعام:52-53]؛ وهذه طبيعة الإنسان المُغتر بمظهره، المُغتر بماله، المُغتر بمركزه، المُغتر بسلطانه، المُغتر بسلطته، يكون هكذا. 

قال الله: لا لا، الدين لا يقبل غرور أحد ضد أحد، وعلى حساب أحد من الضعفاء ولا من ذوي الحق، لا لا لا. نحن أغنياء، والدين غنيّ عن الصغير والكبير. ولكن من سبقت له سابقة الخير فهو الذي سيهتدي وسيقبله هذا الدين:

  • (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) ما معنى هذا؟ معناه أن الرب الذي أنتم تحت قهره هو مُنزِل هذا الدين، فمن آمن منكم فهو الذي سيُثيبُه، ومن تولَّى فهو الذي سيُعاقِبه، ولن يفلت من بين يديه. فلسنا في حاجة لكم؛ هذا غاية التهديد. 
  • (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) غاية التنبيه أنه ما عاد لك بعد هذا كلام. إذا كنت ستكفر، اذهب في الكفر، لكن النهاية والعاقبة لهذا الربِّ الذي يملككَ هو الذي أنزل هذا الدين، انظر بعدها كيف سيعاقبُكَ على تكبُّرِك هذا وعلى إبائِك هذا، وعلى إعراضِك هذا. 

(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، يقول الله لحبيبه: وأنا قد أخبرتك أننا أعددنا النار، إذا لم يكن هناك صنفٌ يُؤذوك هكذا ويعذِّبوك ويُخالِفوك هكذا، فمن سنضع في النارُ التي أعددناها؟ 

  • (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا)، (إِنَّا أَعْتَدْنَا يعني أعددنا وهيّأنا). 
  • (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ) هؤلاء الذين يحتقرون الخلق، والذين يريدون أنَّ شريعتك ودينك يمشي على هواهم. 

هؤلاء أعددنا لهم: (نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا)، (سُرَادِقُهَا) جدران من النار؛ عرض الجدار مسيرة أربعين، هكذا جاء في الحديث، وقال تعالى: (إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ) [الهمزة:8]، لها سُرادِق يحيط بهم، لا خروج لهم: (وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [البقرة:167].

(أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا) -من شدّة العطش- (يُغَاثُوا) بماذا؟ .. قال: 

  • (بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ)، سألوا مرة بعض الصحابة:ما كـ المهل؟ فأخذ قطعة من فضة عنده وقطعة من ذهب، وضعها على النار فذابت، قال: انظر، هذا كالمهلِ، إلا أن المُهل أشدّ حرارة منه. 
  • (يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ) من عُصارة أهل النار، ومن القَيح والصَّديد الذي يخرج من فروج الزناة والزواني.

 فإن لكراهة الله لهذه الفاحشة جعل عقابها في القيامة على هيئاتهم حين عصوا الله، تشتعل فروجهم نارا، وفي النار يسيل منها القيح والصديد، لشدة ما يكره الله من هذا التصرف بهذا العضو في غير ما شرعه، في غير ما أباح، لما يتّرتب عليه من فساد وخَلْط أنساب وبلاء في العالم. فهذا عقابهم. 

ومن هذا القيح والصديد الخارج من فروج الزناة والزانيات يتكوّن: المُهل والحميم، وتغرِف منه الزَّبانية ويغيثون به أهلُ النار: (وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ)، من حرارته وشدته: 

  • (يَشْوِي الْوُجُوهَ): إذا قرّبوه من وجه الواحد شوَى وجهه، من شدّة الحرارة، فكيف يشرب هذا؟
  • (يَشْوِي الْوُجُوهَ) فإذا أُسقِيَهُ، أحرقَ لسانَهُ، ويمرُّ في حلقِهِ، ويصلُ إلى الأمعاءِ فيُقطِّعُها قِطَعًا قِطَعًا:
    • (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [محمد:15]. 
    • (وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ). 

لو كان هناك موتٌ لمات من شدة هذا الشراب، لكن ما في موت في النار: (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم:16-17]، أعاذنا الله من هذا العذاب ومن سوء المصير. 

  • (بِئْسَ الشَّرَابُ) بئس الشرابُ: أخسُّ شراب هذا! 
  • (وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)) موضعًا يُرتفَقُ إليه ويُسكَنُ فيه. 

(وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا)، هذه النار -أعاذنا الله منها- لكن الذين أقبلوا وقبِلوا من أغنياءَ من فقراءَ، من صغار، من كبار، من بيض من سود، من طوال، من قصار، من رجال، من نساء: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ)، (عَدْنٍ): إقامة أبدية سرمدية.. (جَنَّاتُ عَدْنٍ)، اليوم إذا أعجب واحدًا المُكثُ في مكان وأحبّ أن يجلس فيه لأيّ غرض، يطلب ويبحث له عن إقامة ويفرح بالإقامة إذا جاءت، والإقامة لسنةٍ أو سنتينِ أو أربع سنين فقط ما تتجاوز هذا، ما هي إقامة هذا!  الإقامة هناك للأبد. 

(جَنَّاتُ عَدْنٍ)، يعني إقامة دائمة. بعض الدول يعملون شيء يسمّونه -إقامة- و يعطونه تأشيرة إقامة دائمة وشيء من هذا الكلام، يفرحون بها بعضهم، لكنها تدوم كم هذه؟ وهو في أثناء العمر، هذا يروح هنا وهنا و يجئ هنا وهنا، ولا نعلم كم يكون عمره؟ لكن هذه الإقامة (جَنَّاتُ عَدْنٍ)، يعني جنات الإقامة الأبدية.

(جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ)

  • الأساور التي يلبسها أهل الجنة ذهبا وفضة ولؤلؤ، كذا جاءت في القرآن: (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) [الإنسان:21]، (وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) [فاطر:33]. 
  • سوار ذهب، سوار فضة، سوار لؤلؤ، الواحد منها لا تقوم له الدنيا بما فيها. لو جمّعنا كل الذهب الذي في الدنيا من كل المعايير لا يساوي جزء من هذا السوار الذي يلبسه. 

بل صدق ﷺ: "لَمَناديلُ سعدٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها"، "لَمَناديلُ سعدٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها". في الجنة مناديل، لكن ليس فيها مخاط، ليس فيها دم، ليس فيها وسخ. ولماذا هذه المناديل؟ مناديل يمسحون بها وجوههم من عرقٍ، كأنه ريحُ المِسك، فقط هذا هو العرق الذي يمسحون بها، "لَمَناديلُ سعدٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها".

اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، اللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، واجعلنا ممن  جعلت لهم جنّات الفردوس نزلا، (لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ)

اللهم اجعلنا من أهل ذاك النعيم، وثبِّتنا على الصراط المستقيم، يا ربِّ لك قوم في رمضان توجب لهم الجنة، فاجعلنا منهم، واجعلنا فيهم، واشمل بذلك أهلينا، واشمل بذلك أصحابنا، واشمل بذلك طُلّابنا، واشمل بذلك جيراننا، واشمل بذلك من يُوالينا فيك، يا مجيب الدعاء، يا من لا يخيب الرجاء. اجعلنا نجتمع هناك في ذاك المقام الأعلى، وأن راضٍ عنا من غير سابقةِ عذابٍ، ولا عتابٍ، ولا فتنةٍ، ولا حسابٍ.

بسر الفاتحة

وإلى حضرة النبي محمد ﷺ

تاريخ النشر الهجري

14 رَمضان 1434

تاريخ النشر الميلادي

22 يوليو 2013

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام