كشف الغمة -52- مواصلة شرح: باب سُنَن الفِطرة والنظافة

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: باب سنن الفطرة والنظافة

 صباح الأربعاء: 22 محرم 1445هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  تأثير الاهتمام بالنظافة على حضور الملائكة
  •  تطويل الأظافر وتنفير الملائكة
  •  اتخاذ الزينة عند كل صلاة
  •  قص الشعر الذي في الأنف
  •  توقيت أقصى حد لقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط
  •  القول بسنية الختان ووجوبه
  •  هل الأفضل للختان في اليوم السابع؟
  •  هل يحتاج الختان من ولد مختوناً؟
  •  النهي عن المبالغة في ختان النساء
  •  ماذا فعل ﷺ مع الرجل طويل الشوارب
  •  أمر النبي بتخفيف نواحي اللحية
  •  على ماذا تطلق اللحية؟
  •  شعر النبي ﷺ من لبته إلى سرته

نص الدرس مكتوب:

باب " سنن الفطرة والنظافة"

" وكان ابن عباس يقول: "قيل لرسول الله ﷺ لقد أبطأ عنك جبريل فقال: ولِمَ لا يبطئ عني وأنتم حولي لا تقلّمون أظفاركم ولا تقصّون شواربكم ولا تنقّون رواجبكم". 

وكان ﷺ يقول: "انتفوا الشعر الذي في الآناف"، وكان عبد الله بن بشر رضي الله عنه يقول: نتف الشعر من الأنف يورث الأكلة فقصّوه قصّا. وكان ﷺ يقول: "قصّوا الشوارب مع الشفاه"، وكان ﷺ يقول: "نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام". 

وكان ﷺ يقول: "اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة"، قال أنس رضي الله عنه: "وقّت رسول الله ﷺ في قصّ الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تُترك أكثر من أربعين ليلة"، وكان الصحابة في عهد رسول الله ﷺ لا يختنون أكثر أولادهم حتى يبلغوا الحلم، وكان ابن عمر يقول: وُلد رسول الله ﷺ مختونًا مسرورًا، وكان ﷺ يقول لمن تَخْتِن الجواري: "إذا خفضت فلا تنهكي فإنه أسوَى للوجه وأحظى عند الزوج"، وفي رواية: "فإنّه أحظى للمرأة وأحب للبعل"، وفي رواية: "فإنّه أحسن للوجه وأرضى للزوج"، وكان ﷺ يأمر من أسلم بالاستحداد والختان وإن كان ابن ثمانين سنة. 

وكان النبي ﷺ يقول: "لا تقصّوا النواصي واحفوا الشوارب واعفوا اللحى". وكان ﷺ إذا رأى رجلًا طويل الشوارب يأخذ شفرةً وسواكًا فيضع السواك تحت الشارب ويقصّ عليه. وكان ابن عمر يقول: "رأى رسول الله ﷺ لحية رجل طويلة فقال ﷺ: "لو أخذتم وأشار بيده إلى نواحي لحيته" قال: وأمر بذلك في لحية أبي قحافة والد أبي بكر -رضي الله عنهما-.

وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إذا كنتم في أرض العدو فوفّروا أظفاركم فإنها سلاح. وكان رضي الله عنه يحلق عانته بالحديد، فقيل له: ألا تتنوّر؟ فقال: إنّها من النعيم فأنا أكرهها. وكان ابن عمر يقول: "كان رسول الله ﷺ يتنوّر في كل شهر، ويقص أظفاره في كل خمسة عشر يومًا". 

وكان ﷺ إذا طلى بدنه بالنورة بدأ بعورته ثم سائر جسده، ولم يكن في جسد رسول الله ﷺ شعرٌ غير الذي من لبّته إلى سرّته. وكان أبو معشر يقول: "رأيت رسول الله ﷺ في الحمام ورجل ينوّره فلما بلغ العانة كفّ الرجل ونوّر رسول الله ﷺ نفسه"."

اللهم صلِّ أفضل صلواتك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم، عدد معلوماتك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون

 

الحمد لله مُكرمنا بشريعته الغرَّاء، وبيانها على لسان عبده وحبيبه خير الورى سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار بمسيرهم وجرى بمجراهم خير مجرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الراقين في الفضل أعلى الذُّرَى، وعلى آله وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكة الله المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

وفي باب سنن الفطرة والنظافة يذكر لنا الأحاديث المتعلقة بذلك -وقد سبق معنا ذكر أوّلها-، وجاء أن "ابن عباس يقول: قيل لرسول الله ﷺ لقد أبطأ عنك جبريل، فقال: ولِمَ لا يُبطئ عنّي وأنتم حولي لا تقلّمون أظفاركم ولا تقصّون شواربكم ولا تنقّون رواجبكم"؛ ففيه أن الملائكة الكرام والأرواح الطاهرة: 

  • تمتنع عند وجود الأوساخ وإهمال السنن والآداب، وأنها تتوفّر حيث تكون النظافة والرائحة الطيبة. 
  • وأنّ إهمال الأظافر بعدم قصّها، وإهمال الشوارب كذلك بعدم قصها، وإهمال الرواجب؛ وهي: العُقَد والخطوط التي تأتي في المفاصل في ظاهر الأصابع؛ فقد يتجمع شيء بسبب إما عرق وإما مزاولة المواد أو شيء من المواد فيبقى في عقد المفاصل:
    • فما كان من بطنها يقال له: رواجب 
    • وما كان من ظهرها يقال له: براجم 

فالبراجم والرواجب أماكن تجمّع- والمراد: كل موضع في الجسد يجتمع فيه الوسخ من عرق وغيره ينبغي تفقّده وأن يزيله الإنسان عند الوضوء والغسل يخصّه بالتفقُّد، ،وحيثما يجتمع فيه وسخ أيضًا يُباشره بالتنظيف، مثل الأنف أو الأذُن أو ما تحت الأظافر.. كل هذا من الأماكن التي جاء الشرع وعلَّمنا الشارع ﷺ أن نتفقَّدها؛ لنداوم على النظافة؛ ويكون ذلك أدعى لحضور من يحضر معنا من ملائكة الرحمة والأرواح الطاهرة. وفيه: أن إهمال تقليم الأظافر يُنَفِّرُ الملائكة.

ولذا كلّما ساعة لعبوا على الناس بشيء.. ساعة يتركون أظافرهم بلا تقليم، وساعة يأخذون واحد أو اثنين من الأظافر، واحد من هنا يخلّونه ويقلّمون الثاني.. كلام فارغ! وكلام ما له معنى ولا أصل! ومخالف للسنة وخارج عن الفطرة! وتقليد لفاجر أو كافر أو مغفّل أو مجنون.. يُقَلَّد بلا بصيرة!  فينبغي على المؤمن أن يتبع سنة نبيِّه ويقص أظافره كلها، ولا يُبقِي منها شيئًا على ما سبق من الكيفية في تقليم الأظافر.

وكذلك قصّ الشوارب؛ وفيه: أن الملائكة ينفرون من الشوارب الكثيفة، وأنهم يبتعدون عن الحضور مع صاحبها. وقد جاءنا أيضا أنه ﷺ لما جاءه بعض المجوسِ وقد حَلَقوا لِحَاهم ووفّروا شواربهم كَرِهَ النظر فيهم ﷺ. 

وفي هذا الحديث إشارة إلى أن جبريل قد يُبطئ بسبب وجود هذا الإهمال من عنده "وأنتم حولي لا تقلمون أظفاركم ولا تقصون شواربكم ولا تُنَقُّون رواجبكم". وبهذا نعلم الأمر الإلهي لنا باتخاذ الزينة لكل صلاة، كما قال -سبحانه وتعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ..) كلما أردتم أن تسجدوا لي وتدخلوا في حضرتي فخذوا زينتكم، ادخلوا بالنظافة، وادخلوا بالأدب، وادخلوا بالنقاء وبالطهارة: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31].

 

"وكان ﷺ يقول: «انتفوا الشعر الذي في الآناف»" الذي ينبت في باطن الأنف، فما ظهرَ منه ينبغي أن يُنتَف أو يُقَص. واختُلِفَ فيه، فمال بعضهم إلى النَّتفِ، وكرهه بعض الفقهاء من الشافعية وجعل القصَّ هو الأولى. "وكان عبد الله بشر -رضي الله عنه- يقول: نتف الشعر من الأنف يورث الأكلة فقصّوه قصَّا"، "وكان ﷺ يقول: قصّوا الشوارب مع الشِّفاه". أي: مع ما ينبت على الشفة -ومنها العَنْفَقَة التي تنبت على الشفة السًّفلى، والشارب ينبت على الشفة العليا-. "وكان ﷺ يقول: «نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام»" وفي هذا استحباب الأخذ من شعر الأنف إذا طال، وبهذا: 

  • يقول الحنفية: أنه يؤخذ مشروعية تنظيف داخل الأنف وأخذ شعره إذا طال؛ حتى لا يَعلَقَ به الوسخ، إما بنتفه وإما بقصّه. 
  • يقول المالكية: نُدِبَ قصّ شعر الأنف لا نتفه؛ لأن بقاؤه أمانٌ من الجذام ونتفه يورث الأكلة. فيُندَب إذًا يقص شعر الأنف. 
  • يقول ابن حجر: كَرِهَ المُحبّ الطَّبري نتف الأنف، وقال: بل يقصّه لما جاء في الحديث. 
  • ويقول الحنابلة: يُسَنّ نتف شعر الإبط والأنف، فإن شَقَّ حلقه أو تَنَوَّر.

وكل تلك من خصال الفطرة. 

ثم ذكر الختان: "وكان ﷺ يقول: "اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة.." ويُقال أنه أول مَن ختَن، أمره الله بذلك، كان بـ (القُدُّوم) -موضع في فلسطين- فبادَرَ واختَتَنَ لمَّا نزل عليه الأمر، فيُقال اختتن بالقُدُّوم -الموضع الذي اسمه قُدُّوم وإلى الآن معروف في فلسطين-. "ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة" أي: فكَمُلَ عمره مئتا سنة سيدنا الخليل إبراهيم -على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام-.

وهذا الختان واجبٌ على الذكور، ويُسَنُّ أن يكون في اليوم السابع للمولود، أو في السبع الثانية: اليوم الرابع عشر، أو في السبع الثالثة، أي: إذا لم يقوَ. وجاء أيضًا عن بعض الصحابة أنهم يختنون أولادهم في السابعة أو الثامنة -أي: من السنين- وكله جائز، ولكن إذا بلغ وجَبَ عليه أن يختن، عليه بالتكليف أن يبادر هو إلى الختان. والأفضل أن يكون في اليوم السابع من الميلاد. وكذلك للأنثى، واختُلِفَ هل هو واجب في حقِّ الأنثى أو سُنَّة.

قال أنس رضي الله عنه: "وقَّت رسول الله ﷺ في قصِّ الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تُترَكَ أكثر من أربعين ليلة" فهذا أقصى وأطول حَدٍّ لها، لجميع الناس. وقد تقدَّم معنا أنه يختلف الناس في سرعة الإنبات وقوَّته؛ فمن كان يُسرِع إنباته فيحتاج في كل أسبوع أن يُقلِّم ويقصّ الأظافر ويُنتِف الإبط. ومن يكون أبطأ من ذلك فيحتاج في الأسبوعين مرة -وهو غالب الناس-. ومن كان أبطأ من ذلك ممكن في الثلاثة الأسابيع وفي الشهر. ولا يؤخره أحد عن أربعين يوما، فإن تأخّر عن أربعين يوما عشعش الشيطان فيه، أي: تمكَّن من صاحبه وتسَلَّط عليه، فلا يؤخِّر ذلك عن أربعين يوما.

فيٌقَال له: الخِتَانُ، والخَفْضُ، والإعْذَارُ. وجاء عند الحنفية والمالكية: أنَّ الختان سُنَّة في حق الرجال، وهو وجه شاذ عند الشافعية، ورواية كذلك عند الإمام أحمد. وهو من خصال الفطرة، ومن شعائر الإسلام. 

وهو في حق المرأة كذلك: 

مندوبٌ عند المالكية، وعند الحنفية، والحنابلة في رواية عند الإمام أحمد. وفي قول عند الحنفية أنه سُنّة كذلك، لما جاء في الحديث: "الختان سنة الرجال ومكرمة للنساء"، و: "خمس من الفطرة…" وذكر الختان.

 ويقول الشافعية والحنابلة في المعتمد عندهم كما قال بذلك سحنون من المالكية: أن الختان واجبٌ على الرجال والنساء، فهذا معتمد قول الشافعية والحنابلة في روايتين أخرى عن الإمام أحمد. 

وكذلك قال سحنون من المالكية بــ: وجوب الختان للذكر والأنثى. وقالوا: إنّ الحق يقول لنبيّه: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا..) [النحل:123]، وكان من فطرة إبراهيم الختان. والرواية المشهورة في الصحيحين قوله: "اختتن إبراهيم النبي -صلى الله على نبيّنا وعليه وسلم- وهو ابن ثمانين سنة بالقَدُّوم". 

قال الشافعية والحنابلة: وقد أُمرنا باتباع إبراهيم، وهذا من فعله فكان من شرعنا.وفي الحديث قال ﷺ لمن أسلم: "ألقِ عنك شعر الكفر واختتن". ولكن الحلق بإلقاء شعر الكفر معلوم أنه سُنَّة.

والقول الثاني عند الحنابلة: أنه واجب في حقّ الرجال وسُنّة في حق النساء، وإنما يتوجّه الوجوب على الشخص بعد بلوغه، ولكن يُسَنّ لوليّه أن يختنه في صغره.. ابن سبع أفضل، أو ما زاد على ذلك، أو إلى سن التمييز إذا كان أرفق به، كما فعله بعض الصحابة -رضي الله عنهم-، واعتاده بعض المسلمين في بعض المناطق. إذًا فالأفضل أن يكون يوم السابع لما جاء أنّ رسول الله ﷺ عَقَّ عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام.

واختلفوا هل يُحسَب يوم الولادة من السبع أم لا؟ 

  • واعتمد الشافعية: أنه لا يحسب؛ سبع أيام غير يوم الولادة، يعني: إذا وُلد في أثناء النهار؛ أمَّا إذا وُلِد في الليل فيُحسَب. 
  • وقيل أيضًا عند الشافعية: أنه بيوم الولادة؛ نفس الولادة يُحسب. فالمعنى: إذا وُلِدَ يوم الإثنين فيكون السابع له يوم الأحد المقبل -من دون حساب يوم الإثنين- فإذا حُسِب يوم الإثنين فيكون السابع يوم السبت المقبل. وعلى القول بأنه لا يُحسَب يوم الولادة فيكون السابع يوم الإثنين الثاني، وُلِد يوم الاثنين فالسابع الإثنين الآتي؛ لأن هذا الإثنين ما يُحسَب. ولكن على القول بأنه يُحسَب يوم الأحد يكون يوم السابع. فإذا فرضنا وُلِد يوم الإثنين فيكون السابع إمّا الأحد إذا حسبنا يوم الولادة، وإما يوم الاثنين إذا لم نحسب يوم الولادة.
  • والذي عليه الأكثر: أنه السابع بعد يوم الولادة، ما يحسب يوم الولادة.
  • في قول للحنابلة والمالكية: أن المستحب ما بين العام السابع إلى العاشر من عمره -وكان عليه سابقًا العمل في حضرموت- أنه ما بين العام السابع إلى العام العاشر؛ لأنها السِّن التي يؤمر فيها بالصلاة "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر".
  • ويراعي الحنفية إطاقة الصبي: يُترَك تقديره إلى رأي وليُّه في طاقة الصبي لذلك. والعجيب أن فيه بعض الأقوال عند الأئمة الثلاثة: أن اليوم السابع فيه تشبُّه باليهود! ولكن يَرُدُّ هذا ما ورد عنه ﷺ، ولهم كلام حول السَّنَد؛ أنه عَقَّ عن الحسن في يوم سابعه وختنه، وأنه عقَّ عن الحسين في اليوم السابع وختنه..  في سنده كلام ولكن عليه العمل، أخذ به الشافعية.

وأمَّا مَن وُلِدَ مختونا بلا قُلْفَة فقد كُفِيَ المؤنة، كما جاء في رواية. وبعضهم يولد بذهاب بعض القُلْفَة ويبقى بعض القُلْفَة؛ فهذا يجب عليه أن يَستَكمِل. ومن كان مختونا ختانًا كاملا وُلِدَ فلا يحتاج إلى ختان، وكذلك وُلِدَ رسول الله ﷺ.

 وذكر عن الصحابة أنهم كانوا لا يختنون أولادهم حتى يبلغوا الحُلُم، أي: يُقَارِبُوا بلوغ الحلم.

"وكان ابن عمر يقول: ولد رسول الله ﷺ مختونا مسرورا،" معنى مسرورًا: مقطوع السّر. ما احتاج أحد يقطع السّر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. و: دَهِينَاً كَحِيلًا .. وهو أكحل العينين أصلاً..

"وكان ﷺ يقول لمن تختن الجواري:" -أي النساء والبنات- "«إذا خفضتي..»" يعني: إذا ختنتي "«فلا تُنهِكي..»" أي: أبقِ شيئًا "فإنه أسوى.." أي: أحسن تسويةً  "للوجه وأحظى عند الزوج"، وفي رواية: "فإنه أحظى للمرأة وأحب للبعل"،و في رواية: «فإنه أحسن للوجه وأرضى للزوج"" لأنه إذا بالغوا في ذلك قد تَفقِد بذلك أيضًا شهوتها أصلًا.

"وكان ﷺ يأمر من أسلم بالاستحداد والختان وإن كان ابن ثمانين سنة."

  • قالوا: وتُشرَع الوليمة للخِتَان، تُسمَّى: الإعذَار، والعِذَار، العُذْرَ، والعَذِير.
  • قالوا: وينبغي إظهار ختان الذكر وإخفاء ختان الأنثى.

"وكان النبي ﷺ يقول: «لا تقصوا النواصي واحفوا الشوارب وأعفوا الِّلحى»" الناصية: مقدمة الرأس. "وكان ﷺ إذا رأى رجلا طويل الشوارب يأخذ شفرةً وسِواكا فيَضع السواك تحت الشارب ويقصّ عليه. وكان ابن عمر يقول: "رأى رسول الله ﷺ لحية رجل طويلة فقال ﷺ: لو أخذتم، وأشار بيده إلى نواحي لحيته" قال: وأمر بذلك في لحية أبي قحافة والد أبي بكر -رضي الله عنهما-." عندما أسلمَ عام الفتح.  

وعدم قصّ النواصي وهو كالقَزَعِ:وهو أن يحلق بعض الشعر ويترك بعضه، وكذلك يقصّ الناصية ويترك الباقي فإمَّا أن يقصّ أطراف الشعر كله، وإما أن يحلقه، وإما أن يتركه.

وتُطلَقُ الِّلحية على الشعر النَّابت على الخدّين والذّقن؛ والسُنّة فيها: اعفاؤها. وجانبا اللحية يُقال لها: العُذَارَان: العُذار الذي يُقابل الأذن من الصُّدغ، يُقال له: عُذَار، فما تحت العظم يدخل في العارض واللحية، وما فوق هذا العظم مما يوازي الأذن فهو: العُذَار.

 والشعر النَّابت على الخدين يقال له: العَارِض.

والذّقن: مُجتمَع اللحيين من أسفلهمَا. 

والعُنْفَقَة: ما بين الشِّفة السُّفلى والذّقن.

والسُّبَالان: طرفا الشَّارِب كما تقدَّم معنا.

يقول: "وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: إذا كنتم في أرض العدو فوفِّروا أظفاركم فإنها سلاح." في أثناء الجهاد؛ إذ يُحتاج إليها "وكان -رضي الله عنه- يحلق عانته بالحديد، فقيل له: ألا تتنور؟"  وهو استعمال المادة التي تُزيل الشعر "فقال: إنها من النعيم،" يقصد التَّرَفُّه "فأنا أكرهها." لكن ورد ذلك عنه ﷺ: "وكان ابن عمر يقول: "كان رسول الله ﷺ يتنوَّرُ في كل شهر، ويقصُّ أظفاره في كل خمسة عشر يوما". أي: في كُلِّ أسبوعين "وكان ﷺ إذا طلى بدنه بالنورة بدأ بعورته ثم سائر جسده، ولم يكن في جسد رسول الله ﷺ شعرٌ غير الذي من لَبَّتِه إلى سُرَّتِه."  في وسطه هكذا فقط ، كان ممتد من لَبَّتِهِ إلى السُّرَّة، ليس في بقية جسده شعر غير هذا، غير شعرات في أعالي الكتفين. "وكان أبو معشر يقول: "رأيت رسول الله ﷺ في الحمام" أي: مكان الغُسل "ورجل ينوّره" أي: ينزع الشعر عنه "فلمَّا بلغ العانة كفَّ الرجل ونوّر رسول الله ﷺ نفسه".

 فإنه لا يجوز أن يطّلع على العورة أحد -ما بين السُّرّة والركبة- لا مَن يُزيل الشعر ولا غيرهم في مختلف الأحوال؛ فإنها مما يجب ستره.

 

رزقنا الله الاستقامة، وأتحفنا بالكرامة، ودفع عنَّا موجبات الندامة، وجعلنا ممن ترعاهم عين عنايته في جميع الأحوال، ودفع عنَّا الأهوال، ورزقنا القبول والإقبال، وتولَّانا بما هو أهله، وأصلح لنا وللأمّة الشأن كلّه.

 

بسر الفاتحة إلى حضرة النبي محمد..

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة

 الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

23 مُحرَّم 1445

تاريخ النشر الميلادي

09 أغسطس 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام