كشف الغمة -46- متابعة شرح: فصل في جلود المَيْتَة والمُذَكَّى

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: مواصلة شرح: فصل في جلود الميتة والمُذَكَّى

 صباح الأحد: 12 محرم 1445هـ

يتضمن الدرس:

  • حكم استعمال جلود الميتة وحكمها إذا دبغت
  •  حكم الانتفاع بشعر وصوف ووبر الميتة
  •  عظم الفيل
  •  ما هو حكم جلود السباع والثعالب والهر؟
  •  ما هو العاج وما حكمه؟

نص الدرس مكتوب:

فصل في جلود الميتة والمذكى

"وكان ﷺ يقول: "ما قُطِعَ من البهيمة وهي حية فهو ميتة"،

وكان ﷺ يقول : "إذا دُبِغَ الإهاب فقد طهُر"، وسئل ابن عباس فقيل له : إنا نغزو بالمغرب وإنهم أهل وبر، ولهم قرب يكون فيها اللبن والماء والودك ونحن لا نأكل ذبائح البربر والمجوس، أفنلبسُ الفراء من جلودها ونستعمل القرب منها؟ فقال ابن عباس : "نعم، الدباغ طهور"، فقيل له : عن رأيك أو شيء سمعته من رسول الله ﷺ ؟ فقال : بل عن رسول الله ﷺ. 

وكان رضي الله عنه يقول : "إنما حرم رسول الله ﷺ من الميتة لحمها أما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به" ، وبذلك احتج من قال بطهارة جلد الخنزير بالدباغ ويشهد له حديث: "أيُّما إهاب دبغ فقد طهر"، وقالت ميمونة : "تصدق رسول الله ﷺ عليّ بشاة، فماتت فألقيناها فمر بها رسول اللهﷺ، فقال : هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به، فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حَرُمَ أكلها".

وكان الزهري ينكر الدباغ ويقول: يستمتَعُ بجلود الميتة على كل حال لا سيما في حق الأعراب، وكان كثيرًا ما يُسْأَل عن جلود الميتة فيقول ﷺ : "يطهرها الماء والقرظ". 

ودخل ﷺ في غزوة تبوك على أهل بيت، فإذا قربة معلقة فسأل الماء، فقالوا له: يا رسول الله إنها ميتة، فقال: "دباغها طهَّرَها"، وفي رواية أخرى: "دباغها ذكاتها"، وفي أخرى : "ذكاتها دباغها"، وفيه دليل على أن جلد المذكّى طاهر ولو لم يدبغ . 

وتقدم أنه ﷺ سلخ شاة وأدخل يده بين الجلد واللحم حتى توارت إلى الإبط، ثم صلى للناس ولم يغسل يده كما مر، وقالت سودة بنت زمعة : ماتت لنا شاة فدبغنا جلدها ثم مازلنا نتبذ فيه حتى صار شِنًّا. 

وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "جاء ناس إلى رسول الله ﷺ ونحن جلوس فقالوا: يا رسول الله إن سفينةً لنا انكسرت وإنا وجدنا ناقة سمينة ميتة فأردنا أن ندهن سفينتنا، وإنما هي عَوْدٌ على الماء فقال : لا تنتفعوا بشيء من الميتة". 

وقال عبد الله بن عكيم : "قريء علينا كتاب رسول الله ﷺ بأرض جهينة وأنا يومئذ غلام شاب يقول فيه : لا تستمتِعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، وكان ذلك قبل موته ﷺ بشهرين". وكان حماد بن زيد يقول : لا بأس بريش الميتة .

وكان الزهري يقول في عظم الموتى نحو الفيل وغيره: أدركت ناساً من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها لا يرون به بأساً، وقال ابن سيرين : لا بأس بتجارة العاج، وكان ﷺ ينهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها أو الجلوس، ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً عليه قلنسوة من ثعالب فأمر بها ففتقت، وقال له: وما يدريك لعله ليس بمذكّى؟ ورأى مرة أخرى رجلاً عليه قلنسوة من جلود الهر فحرقها، وقال : إنه ميتة، والله أعلم".

اللهم صلِّ صلواتك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم، عدد معلوماتك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون، وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون (3 مرات)

 

 الحمد لله مكرمنا بالشريعة والأحكام وبيانها على لسان خير الأنام عبده المصطفى سيدنا محمّد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، وعلى من تبعهم بالصدق والإخلاص والمحبة إلى يوم القيام، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الذين رفعهم الله أعلى مقام وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة الكرام، وعلى جميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه ذو الجلال والإكرام. 

وبعد،،

فواصل الشيخ ذكر الأحاديث المتعلقة بالجلود من الميتة والمذكاة وما تعلّق بذلك، وذكر ما كان ﷺ يقول: "إذا دبغ الإهاب-وهو الجلد- فقد طهر" أي: صار طاهرًا، وهذا ينطبق على جلد الميتة، أما المذكاة ذكاة شرعية فهي طاهرة من أصلها، وهكذا يكون حُكْمُ جلود الميتات أنه نجس عند عامة أهل العلم وجماهيرهم؛ إلا ما رُوِيَ عن محمد بن شهاب الزّهري أنه يقول: إن الجلود كلها يجوز الانتفاع بها وطاهرة للميتة وللمذكاة؛ ولكن غيره يقول لا؛ جلود الميتة نجسة ولا يصحُّ استعمالها إلا بالدباغ بعد دباغها.

فإذًا إهاب الميتة نجس ولا يجوز الانتفاع به قبل الدباغ بالاتفاق. 

وإنما إذا دُبِغْ اختلف الفقهاء في طهارته إذا دبغ على أقوال:

  • فجاءت في الرواية المشهورة عن الإمام أحمد، وكذلك المشهور من مذهب الإمام مالك أنه لا يطهر شيء من جلود الميتة بالدباغة، ومع ذلك قال المالكية: يجوز استعمال هذا الجلد في اليابسات من دون المائعات ومن دون أن يحمله ويصلّي فيه؛ فهو نجس، عندهم نجس؛ إذا دُبِغ جلد الميتة عندهم يجوز استعماله لكن في اليابسات، وكذلك عفوا عن الماء وحده دون سائر المائعات، قالوا لا؛ لأن الماء عندهم ما ينجس إلا بالتغيّر، وإذا قد دُبِغ ما يتغير به الماء. 
  • وكذلك في رواية عن الإمام محمد بن حنبل كذلك أنه: يجوز الانتفاع به وإن كان قال بعدم طهارته بالدباغة جلد الميتة؛ ولكن عنده رواية أيضًا لا يجوز الانتفاع به وأخذ برواية "لا تنتفعوا من الميتة بشيء" -كما سيأتي معنا- والرواية الثانية عنه أخذ بقوله "ألا أخذتم إهابها فانتفعتم به" يقول عليه الصلاة والسلام، إذًا فعنده قولين: على ما جاء في الحديث من الروايتين.

"يقولوسئل ابن عباس فقيل له : إنا نغزو بالمغرب -وإنهم أهل وبر، ولهم قِربٌ يكون فيها اللبن والماء والودك ونحن لا نأكل ذبائح البربر والمجوس" -أي: غير المسلمين-، "أفنلبس الفراء من جلودها ونستعمل القرب منها؟ فقال ابن عباس : "نَعم الدباغ طَهور"، أي: يصيّرها طاهرة-، "فقيل له: عن رأيك أو شيء سمعته عن رسول الله ﷺ؟ قال: بل عن رسول الله ﷺ".

ويقول ابن عباس"إنما حرّم رسول الله ﷺ  من المَيْتَةِ لحمها، أما الجلدُ والشعر والصوف فلا بأس به"، قال: "وبذلك احتج من قال بطهارة جلد الخنزير بالدباغ"، إذا دُبغ كما هو عند الحنفية، وأخذوا بعموم قوله "أيُّما إهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ"، وقد تقدم معنا بعض هذا. 

"وقالت ميمونة : "تصدق رسول الله ﷺ عليّ بشاة، فماتت فألقيناها فمرّ بها رسول اللهﷺ، فقال : "هلَّا أخذتُم إهابَها فدَبغتُموه فانتفعتُم به، فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنّما حَرُمَ أكلها" "أو حُرِّمَ أكلها"، الحديث في صحيح الإمام مسلم وعند النسائي، بل جاء في البخاري وعند أبي داود يقول: "إنما حُرِّمَ أكلها".

وقال الزهري "كان الزهري ينكر الدباغ ويقول يستمتَعُ بجلودها" هو محمد بن شهاب الزهري قال: إن الجلود كلها طاهرة، "يُستمتع بجلود الميتة على كل حال لا سيما في حق الأعراب"، ويقول: إنما يُدبغ من أجل إزالة زهومتها وأما هي طاهرة عنده، "كان ﷺ كثيرا ما يُسأل عن جلود الميتة ﷺ : "يُطهرها الماء والقرظ"، والقرظ: حريف يُدبغ به الجلود. 

"ودخل ﷺ في غزوة تبوك على أهل بيت، فإذا قربة معلقة فسأل الماء، فقالوا له: يا رسول الله إنها ميتة، فقال: "دباغُها طَهَّرَها"، "أو طُهْرُها"، صارت طاهرة بسبب دباغ الجلد، وفي رواية أخرى: "ذكاتها دباغها"؛ فالمعنى: أن المذكّاة طاهرة من أصلها؛ جلد المذكاة، ولكن هذا دباغ الجلد يصيّره كجلد المذكّى، ولهذا قال: "دباغها ذكاتها" في رواية أخرى "ذكاتها دباغها"، "وفيه دليل على أن جلد المذكاة طاهر ولو لم يدبغ" وهو كذلك.

"وتقدم أنه ﷺ سلخ شاة وأدخل يده بين الجلد واللحم حتى توارت إلى الإبط، ثم صلى للناس ولم يغسل يده كما مر،"  هذا جلد.. جلد مذكاة مذبوحة. "وقالت سودة بنت زمعة : ماتت لنا شاة فدبغنا جلدها ثم مازلنا ننتبِذُ فيه" -في هذا الجلد- "حتى صار شنًّا"، أي: بالي؛ بَدى البِلى فيه من كثرة استعماله؛ ومن هنا جاء الخلاف في طهارة ظاهر الجلد وباطنه :

  • على  من قال أنه طُهر:

 في أول قول عند الإمام أبي يوسف -هذا صاحب أبي حنيفة-: أن جلود الميتة كلها ومنها الكلب الخزير تطهر بالدباغة ظاهرا وباطنا

وهذا الذي قال به أبو النصر والشوكاني في كتابه "نيل الأوطار" لعموم حديث: "أيُّما إهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ"، "هلَّا أخذتُم إهابَها فدَبغتُموه فانتفعتُم به"، 

وما فرّقوا في الرواية ما فرّق بين كلب ولا خنزير ولا غيره. 

  • ثم بعد ذلك في القول بأن يطهر بالدباغة جلود الحيوانات إلا الخنزير:  

ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه وهذا مذهب أبي حنيفة، وقد تقدّم معنا حديث مسلم "إذا دبغ الإهاب فقد طهر".، وكذلك "إنما حُرّم أكلها"، وإنما استثنى أبو حنيفة الخنزير لقوله تعالى: (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [سورة الأنعام:145]، فتطهر جميع الجلود عنده إلا الخنزير. 

وقال الشافعية: تطهر الجلود إلا الخنزير والكلب، ما كان أصله نجس الخنزير والكلب؛ لأن الدباغ للجلد كالحياة، وهذا وهو حي أصلاً نجس، ماذا ينفع دباغه؟! وإنما إذا كان حي طاهر فمات فدباغة جلده حياته؛ كأنه حي صار، فصارت كالذكاة له، وهذا جلد الميتة إذا دُبغ؛ وجب غسله بعد دباغته لأنه صار كالمتنجس، لأنه لما اختلط بالدباغ صار متنجس، ذهبت الطهارة عنه، وصار متنجس، فيغسل فيصير طاهر ظاهره وباطنه، 

وقيل إنما يطهر ظاهره دون باطنه، فمن قال بطهارة ظاهره قال: لا يصلي فيه ولا يصلي عليه، 

ومن قال أنه -وهو المعتمد عند الشافعية-: يطهر ظاهره وباطنه. 

كذلك قول محمد بن حسن من الحنفية: أن الدباغة لا تطهر جلد الخنزير والكلب والفيل وتطهر بقية الجلود. 

وكذلك في مذهب الأوزاعي يقول: يطهر بالدّباغة جلد المأكول -مأكول اللحم-؛ والدباغة ما تطهر غير جلد المأكول، لأنه قال: "دباغها ذكاتها" وغير المأكول ما يذكى، كيف يذكّى؟ غير المأكول لو حتى ذُكّي هو حرام ما يجوز أكله غير المأكول فكذلك جلده، هذا مذهب الأوزاعي.

ثم بعد ذلك يقول: وقال جابر بن عبد الله: "جاء ناس إلى رسول الله ﷺ ونحن جلوس فقالوا: يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت وإنا وجدنا ناقة سمينة ميتة فأردنا أن ندهن سفينتنا،" يعني: من شحم الناقة "وإنما هي عود على الماء فقال : لا تنتفعوا بشيء من الميتة". المعنى: أن شحمها وعظمها نجس؛ الميتة كلها.وقال عبد الله بن عكيم : «قرئ علينا كتاب رسول الله ﷺ بأرض جهينة وأنا يومئذ غلام شاب يقول فيه : لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، وكان ذلك قبل موته ﷺ بشهرين». هكذا في رواية الترمذي والنسائي.

"وكان حماد بن زيد يقول : لا بأس بريش الميتة،" إذا كان من الحيوان ذا الريش فهل يجوز الانتفاع بها؟ اختلفوا في حكم الانتفاع بالصوف والشعر والوبر من الميتة -ميتة الحيوان-: 

  • إذا كان مأكولاً: فجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة أن صوف الميتة وشعرها ووبرها طاهر يجوز الانتفاع به، واستدلوا بقوله ( وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ ) [سورة النحل:80]، فلم يفرّق بين المذكاة والميتة وكلها. 
  • وقالوا: إنّ هذه الشعور والأصواف والأوبار أجسام منتفع بها لعدم تعرضها للتعفن والفساد فيقتضي ذلك طهارتها مثل الجلود المدبوغة 
  • وعند المالكية القول بطهارة شعر الخنزير؛ لأنه عندهم طاهر حال الحياة، 
  • ولكن الرواية عن الإمام أحمد كمذهب الإمام الشافعي أن صوف الميتة وشعرها ووبرها نجس لا يحل الانتفاع به وإنما ما أُخِذ منها في حال حياتها نعم يجوز الانتفاع به؛ لأن هذا جزء من الميتة؛ والله قال ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) [سورة المائدة:3]، فهي على العموم ما فرّق بين سائر أجزائها، وفيه هذا الحديث "لا تنتفعوا بشيء من الميتة" 
  • فأما ما دامت حية فقُصَّ منها فذلك طاهر بالاتفاق لأن الله امتن علينا بقوله: ( وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ ) [سورة النحل:80]. 

"وكان الزهري يقول في عظم الموتى نحو الفيل وغيره: أدركت ناساً من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها لا يرون به بأساً،" أي: فهي هي عندهم طاهرة، أنه مثل الشعر والوبر والصوف، وكذلك العظم إذا نُقي فهو طاهر، وقال ابن سيرين : لا بأس بتجارة العاج"، والعاج من عظم الفيل، فهو يحكم بطهارته. 

"وكان ﷺ ينهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها أو الجلوس، ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً عليه قلنسوة من ثعالب فأمر بها ففتقت، وقال له:  وما يدريك لعله ليس بمذكى؟ورأى مرة أخرى رجلاً عليه قلنسوة من جلود الهر فحرقها وقال : إنه ميتة". 

والعاج في الأصل أنياب الفيل، ومن يبيع العاج يقولون له: عوّاج، وإلى عموم عظم الفيل وأصله يُذكر على أنياب الفيل يقال له: عاج. فالعاج الذي للفيل هذا نجس عند الشافعي وهو طاهر عند أبي حنيفة وغيره. 

  • فالمذهب عند الشافعية وعند الحنابلة وهو أيضا قول محمد بن الحسن من الحنفية أن العاج المتّخذ من عظم الفيل نجس؛ لأن عظمه نجس، وسواءًا أُخذ العظم من الفيل وهو حي أو وهو ميت لأن ما أبين من حي فهو ميت؛ وقال الله: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) [سورة المائدة:3]، وهذا الحديث أيضا يدل عليه الذي قرأنا قال لهم "لا تنتفع بشيء من الميتة".  وأما ما رُوي بأنه: "امتشط بمشط من عاج" في رواية البيهقي وهو ضعيف، وما رُوي كذلك أنه طلب من ثوبان يشتري لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج في رواية أبي داود قالوا: لا دليل فيه على الطهارة لأن العاج هو الذبل وهو عظم ظهر السلحفاة البحرية وكذلك يطلق عليه العاج، وقد يسمي العرب كل عظم عاجًا. 
  • وهذا القول الثاني بأن هذا العاج طاهر كذلك قال به الحنفية وهو رواية عن الإمام أحمد وهو قول ابن وهب من المالكية. وقالوا أن العظم ليس بميت؛ لأن الميتة ما زالت حياته لا بصنع أحد من العباد، وقالوا: العظم ما في حياة من أصله.
  • والمعتمد عند المالكية يقولون ما ذكي من الحيوان ذكاة شرعية وكذلك جزء من عظم لحم وظفر وسن وجلد إلا محرم الأكل، فإذا أخِذَ العاج من عظم الفيل وهو حي أو وهو ميت لم يذكى فهو نجس 
  • وإذا أُخذ بعد ذكاته فهو عند المالكية طاهر، فهو المشهور في المذهب عندهم لأن الذكاة عندهم تبيح الفيل، 
  • وقال الشافعية هو نجس كما تقدم معنا،

فمن قال بطهارة عظم الفيل مثل الحنفية يجوز عندهم اتخاذ الآنية منه؛ ويستدلون بأنه امتشط من عاج، وأما القائلون بنجاسته قالوا: إذا اتخذت منه الآنية لا يجوز استعماله في شيء رطب يجوز فيه يابس مع الكراهة، فإن كان رطب نجّسه وتنجّس به، والله أعلم.

 جعلنا الله في الهداة المهتدين ورزقنا المتابعة لحبيبيه الأمين ودفع عنا شرور النفس والهوى والشياطين، وجعلنا من فتنة الدنيا سالمين وتولّانا بما تولى به محبوبيه المقربين، وأعاذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأدخلنا في عباده الصالحين وختم لنا بأكمل الحسنى وهو راض عنا.

 

بسر الفاتحة

 إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة

 الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

13 مُحرَّم 1445

تاريخ النشر الميلادي

30 يوليو 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام