كشف الغمة 362- كتاب الحج والعمرة (09) باب: كيفية الإحرام وآدابه

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 362- كتاب الحج والعمرة (09) باب: كيفية الإحرام وآدابه

صباح الأربعاء 9 ربيع الثاني 1447هـ  

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  • ما هو الإحرام؟ 
  • حكم الإحرام قبل أشهر الحج 
  •  سنة الاغتسال قبل الإحرام 
  • حكم استعمال الطيب في البدن قبل الإحرام 
  • هل يصح أن يطيّب الثوب ؟ 
  •  إحرام الحائض والنفساء 
  •  صلاة سنة الإحرام ومتى لا تجوز 
  •  حكم التلبية عند الإحرام 
  •  متى يقطع الحاج التلبية؟ 
  •  تلبية العمرة 
  • سنن الإحرام 
  •  من لم يجد النعلين للحج 
  •  متى ابتدأ النبي ﷺ وقت الإحرام؟ 
  •  الانشغال بالحج دون التجارة

ملخص الدرس

نص الدرس المكتوب:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني -رضي الله تعالى عنه وعنكم- ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال:

 

باب كيفية الإحرام وآدابه 

 

"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان رسول الله ﷺ إذا أراد الإحرام يغتسل ويتطيب بأطيب ما يجد"، وكان ﷺ يرخص في الإحرام للحائض والنفساء ويقول تغتسل الحائض والنفساء وتحرم وتقضي المناسك كلها غير أن لا تطوف بالبيت"، وكان ﷺ يقول: "ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين"، وكان ﷺ إذا أراد الخروج إلى الإحرام ادّهن بدهن ليس له رائحة طيبة. 

واختلف الصحابة -رضي الله عنهم- في محل إهلال النبي ﷺ، فطائفة قالت: أهلّ حين صلى ركعتين، وطائفة قالت: أهلّ حين استوى على راحلته، وطائفة قالت: أهلّ حين علا على البيداء. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لا خلاف فإن النبي ﷺ لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع فلما أهلّ حين صلى ركعتين رآه قوم ولما أهلّ حين استوت به راحلته رآه قوم ولما أهلّ حين علا البيداء رآه قوم فحدث كل قوم بما رأوا واتبعت كل طائفة من الرواة ما روته وكلها حق والله أعلم. 

وكان عليّ وابن عباس -رضي الله عنهما- يقولان: تمام الحج والعمرة أن تحرم من دويرة أهلك لا تريد إلا الحج والعمرة في الميقات وليس تمامها أن تخرج لتجارة أو لحاجة حتى إذا كنت قريباً من مكة قلت لو حججت أو اعتمرت، وذلك يجزي ولكن التمام أن يخرج لهما لا لغيرهما".

 

اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتك، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.

 

الحمد لله مُكرمنا بالشريعة الغراء وبيانها على لسان خير الورى سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار بسيرهم سرًا وجهرًا، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين الرّاقيين في الفضل والشرف أعلى الذُرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المُقرّبين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

ويذكر الشيخ -عليه رحمة الله تعالى- في هذا الباب كيفية الإحرام وآدابه، فيروي عن ابن عبّاس أنه "كان رسول الله ﷺ إذا أراد الإحرام يغتسل ويتطيب بأطيب ما يجد".

 

والإحرام

  • نيّة الدخول في الحج أو العمرة.
  • كما أنّه يُطلق على كل من دخل في مُحرَّم:
    • فمن دخل في الأشهر الحُرم يُقال له: أحرَم.
    • ومن دخل في الحرم يُقال له: أحرَم. 
    • ومن دخل في الصلاة -أيضًا- فحُرِّمَ عليه ما لم يكن مُحرّمًا قبل من مُبطلات الصلاة؛ يُقال له: أحرَم.

الإحرام: يُطلق على الدخول في مُحرَّمات؛ وعامة الفقهاء فسّره بنيّة الدخول في الحج أوالعمرة.

فإذًا: الإحرام الدخول في النُسك.. نيّة الدخول في الحج أو في العمرة.

 

  • يقول الحنفية: الإحرام الدخول في حُرماتٍ مخصوصة، ولا يتحقق شرعًا إلّا بالنيّة مع الذكر -يقصدون التلبية- أوالخصوصيّة -ما يقوم مقام التلبية من سوْق الهدي أو تقليد البدن-.

وعلى كلٍ فيرجع معنى الإحرام كما يقول الأئمة الثلاثة: نيّة الدخول في حُرماتِ الحج أو العمرة؛ فالإحرام من فرائض النسك -حج كان أو عمرة- لقول النبي ﷺ: " إنَّما الأعمالُ بالنِّيّاتِ". 

 

  • يقول الأئمة الثلاثة: أنَّ الإحرام ركن للنسك، فهو من جملة أفعال الحج فلا يكون إلّا في أشهر الحج. 
  • ويقول الحنفيّة: أنّه شرط، إلّا أنه شرط مُقدّم، لا يصح فعل شىء من أفعال الحج والعمرة إلّا بعده، فهو عندهم شرط؛ وعلى كونه شرط.. أجازوا -كما تقدم معنا- الإحرام قبل أشهر الحج؛ فما جعلوه من الحج؛ لكن مُتقدم حتى تأتي أشهر الحج فيفعل أفعال الحج، فيكون مثل من توضأ قبل دخول الوقت فيبقى مُتوضىء حتى إذا دخل الوقت صلى.

 

وكذلك، ذكر لنا في الإحرام أنه  إذا أراد أن يُحرم ﷺ يغتسل؛ فالغسل سنة من سنن الإحرام بالاتفاق -باتفاق الأئمة أنه يُسن لمن أراد أن يُحرم أن يغتسل أولًا-، فالاغتسال سنة عند الأئمة الأربعة لما جاء في الأحاديث منها الذي ذكره هنا؛ وما جاء -أيضًا- في سنن الترمذي: "أنه ﷺ تجرَّد لإهلالِه، واغتسلَ".

 

سنن الإحرام:

الغُسل سُنّة لكل مُحرم.. من صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حتّى من الحائض والنُفساء.

 

  • قيّد المالكية في هذا الغُسل المسنون للإحرام أن يكون مُتّصلًا بالإحرام؛ يغتسل ويكون على طهارته حتى يُحرم؛ فيكون هذا الغُسل للإحرام.
  • وقال الأئمة الثلاثة: ليس ذلك بشرط -هو غسل واسع- إذا اغتسل قبل أن يُحرم بمدة ما يتغير فيها الجسد ولا يطرأ عليه شيء من الأوساخ فهو غُسل الإحرام؛ وإن انتقض وضوءه بعد أن اغتسل وجدده من أجل أن يُحرم فأحرم بعد ذلك؛ لا يضر في الغُسل.

 

قال المالكية: شرط الغُسل أن يكون مُتّصلًا بالإحرام؛ ما يكون غُسل للإحرام إلا أن يكون مُتصلًا بالإحرام. فهذا ما جاء في سنة الاغتسال للإحرام في الحج أو العُمرة.

 

الطيب سنة قبل الإحرام.

قال: "..ويتطيب بأطيب ما يجد" تشجعيًا لأمّته ﷺ فيتطيّب ويستعمل الطيب في البدن. قالت السيدة عائشة: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسولَ اللهِ ﷺ لإِحْرامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ"؛ يعني: بعد أن رمى وحلق -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ونحر، طيبته من أجل يذهب إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة. وجاء أيضًا، قالت: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ الطِّيبِ -يعني: البريق واللمعان- في مِفرَق -أو في مَفارِقِ- رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُحْرِمٌ". إذًا فيجوز التطيب في البدن -أيضًا- بما يبقى جرمه بعد الإحرام.

  • قال المالكيّة: لا يجوز أن يتطيب بشيء يبقى جرمه بعد الإحرام؛ فحظروا بقاء الجرم للطيب بعد الإحرام، ولم يروا بأسًا في بقاء الرائحة، قالوا: يُمكن أن تبقى الرائحة، أمّا الجرم من الطيب فلا.
  • وقال الأئمة الثلاثة: إذا استعمله قبل الإحرام فلا بأس أن يبقى جرم الطيب كما يدل عليه الحديث "كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ الطِّيبِ في مَفارِقِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُحْرِمٌ".

 

أمّا الثوب فهل يُطيّب أم لا؟

فالجمهور قالوا: لا؛ لا يُطيّب الثوب، وإنما يتطيّب في البدن؛ فإذا طيِّب الثوب قبل الإحرام منعه الأئمة الثلاثة.

 

  • قال الشافعيّة: هو سُنّة إلا أنّه: 
    • إن استعمل الطيب في الثوب قبل أن يُحرم ثمّ أحرم في ثوبه فإن أخرجه عنه وأعاده إليه أثِم؛ لأنه قد استعمل الطيب بعد الإحرام؛ فلهذا قالوا الأفضل أن يستعمل الطيب في البدن لا في الثوب.
    • وقالوا: إنّ ما انجرَّ إلى الثوب من طيب البدن يُعفي عنه؛ فلا يضر أن يُخرج الثوب ثُمّ يعود في أثناء الإحرام لأنه ما قُصد بالتطيب؛ وإنَّما انجرّ إليه من طيب البدن، أما إذا طيّب الثوب ابتداءًا فيؤثر ذلك؛ فما دامه لابسه ما عليه شيء، فإذا أخرجه وأراد أن يرجع الثوب، نقول له: لا.. لا ترجّعه وإلّا عليك الفدية؛ لأنه مُطيّب، هذا الثوب مُطيّب؛ إذًا، فالأولى أن يتطيب في البدن دون الثوب.

 

  • ومنع التطيب في الثوب الأئمة الثلاثة، وأجازه الشافعية ولكن أوجبوا أنه لا يخرج عن بدنه؛ فإذا خرج عن بدنه فلا يعيده وهو مطيَّب؛ ويُعفى عمَّا انجرَّ إلى الثوب من طيب البدن، وليخرجه وليُعيده ولا شيء عليه. 

 

إذًا، تطيب الثوب قبل الإحرام منعه الجمهور وأجازه الشافعية؛ ولكن قالوا إذا خرج الثوب عنه المطيَّب بعد الإحرام فلا يجوز أن يعيده، وإلا وجبت عليه الفدية وغيرهم من الأئمة:

  • يقول الحنفية: لا يجوز تطيب الثوب للإحرام، ولا يجوز أن يلبس ثوب إحرام مطيَّبًا -أن يكون مستعمِلًا للطيب-. 
  • وكذلك يقول المالكية: إن تطيَّب قبل الإحرام يجب إزالته، فإن بقي شيء بعد الإحرام قالوا: 
    • إن كان جِرْمًا تكون عليه الفدية واجبة.
    • وإن كان رائحة فلا يضر.

 

قال: "ويتطيب بأطيب ما يجد، وكان ﷺ يرخص في الإحرام للحائض والنفساء ويقول تغتسل الحائض والنفساء وتحرم وتقضي المناسك -أي: تؤديها- كلها غير أن لا تطوف بالبيت".. 

  • لحرمة دخولها إلى المسجد،.
  • ولا يصح الطواف أيضًا إلا بالطهارة.

 

"وكان ﷺ يقول: "ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين".

 

ثم إنه من السنة للمحرم أن يصلي ركعتين قبل الإحرام. 

وهذا أيضًا متفق عليه، ولكن لا يصليهما في الوقت الذي تُكره فيه الصلاة، فيصلي ركعتين في غير -ما بعد صلاة الصبح- إذا كان صلى الصبح ثم أراد أن يُحرم بحج أو عمرة، فلا صلاة للإحرام فلا تصح الصلاة فهي:ـ

  • حرام عند الحنفية ومن وافقهم.
  • وعند الشافعية: من النوافل التي سببها متأخر عنها، وما كان من نافلة سببها متأخر عنها لا تجوز في هذا الوقت، ومنه: الإحرام بالحج والعمرة فهي متقدمة عليه، والسبب متأخر عنها، فلا تجوز في مثل هذا الوقت.

 

ثم أن التلبية سنة على الإجمال.

ولكنها:

  • شرط في الإحرام عند الحنفية -عند أبي حنيفة ومحمد-، فلم يقولوا باستكمال الإحرام إلا بالتلبية مع النية، ينويه ثم يلبيه
  • ويقول المالكية: التلبية واجبة في الأصل، والسنة قرنها بالإحرام. 
  • وقال الشافعية والحنابلة كما يقول أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة: التلبية سنة في الإحرام مطلقًا، لا وجوب فيها وليست شرطًا لصحة الإحرام. 

والأفضل أن يلبي عقب صلاة الإحرام ويذكر ما نواه من حج وعمرة، مثل: "لبيك بحجة، أو لبيك بعمرة حقًا؛ تعبدًا ورقًا"، ويستمر في التلبية.

 أما بالنسبة للحاج إلى أن يبتدئ رمي جمرة العقبة يوم النحر، كما يقول الحنفية والشافعية.

  • فيقول الشافعية: يقطع التلبية حين ابتداء الرمي. 
  • ويقول الحنابلة: إن قطع التلبية في الحج عند الطواف والسعي، يقطعها عند الطواف والسعي ويشتغل بالأذكار الواردة فيهما. 
  • وهناك قولان للمالكية:
  1. القول الأول: أن يستمر في التلبية حتى يبلغ مكة فيقطع التلبية حتى يطوف ويسعى ثم يعود إليها حتى تزول الشمس من يوم عرفة. 
  2. والقول الثاني: أن يستمر في التلبية حتى يبتدئ بالطواف والشروع فيه. 

هذا بالنسبة للحج.

 

تلبية العمرة

 أما بالنسبة للعمرة، فيبتدئ بالتلبية من عند الإحرام وتنتهي ببدء الطواف، إذا استلم الركن وجاء إلى الطواف انتهت تلبية العمرة

  • والمالكية يقولون: المعتمر الآفاقي يلبي حتى الحرم، لا إلى رؤية بيوت مكة، والمعتمر من الجعرانة والتنعيم يلبي إلى دخول بيوت مكة؛ لقرب المسافة.
  • وغيرهم يقول: يلبي المحرم بالعمرة إلى أن يبتدئ الطواف. 

وكما جاء في حديث ابن عباس: "يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَر"، يعني يبتدئ الطواف، هكذا في رواية أبي داود والترمذي. 

  • وأخذ المالكية بما جاء عن ابن عمر: وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.

 

إذًا، فالسنة عند الإحرام:

أن يُزيل التَّفَث عن جسمه ويغتسل ويتزين.

ويصلي الركعتين بنية الإحرام. 

ويقرأ الأدعية ومنها: "اللهم إني أريد الحج أو العمرة فيسره لي وتقبله مني"، وإن أرادهما معًا ذكراهما معًا كذلك، ويكثر من التلبية.

وأفضلها ما صح في الحديث من قوله: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ"، وكانت هناك صيغ من التلبية، وهذه الصيغة التي لزمها رسول الله ﷺ.

 

وكان ﷺ يقول: "ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين"، هذا للضرورة، من لم يجد النعلين يقطع الخفين من أسفل من الكعبين، وعليه قول الحنفية والمالكية والشافعية. 

وقال الإمام أحمد: لا يقطع الخفين، يلبسهما كما هما، لقوله إن في ذلك إتلاف مال وبحثوا حرمته. والجمهور استدلوا بالحديث: "إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ"، وأخذ الحنابلة بعموم قول ابن عباس أن النبي ﷺ يخطب بعرفة يقول: "مَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ"، ولم يقل يقطعهما، فأخذوا بهذه الرواية.

والمراد بالكعبين العظمتان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، وأما الحنفية فسروا الكعب بالمفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشِّراك.

 

قال: "وكان ﷺ إذا أراد الخروج إلى الإحرام ادّهن بدهن ليس له رائحة طيبة".

"واختلف الصحابة رضي الله عنهم في محل إهلال النبي ﷺ" ، -أي: متى ابتدأ الإحرام بالحج عندما حج- "فطائفة قالت: أهلّ حين صلى ركعتين، وطائفة قالت: أهل حين استوى على راحلته، وطائفة قالت: أهل حين علا على البيداء." أي: الصحراء.

"قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا خلاف فإن النبي ﷺ لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع فلما أهل حين صلى ركعتين رآه قوم ولما أهل حين استوت به راحلته رآه قوم ولما أهلّ حين علا البيداء رآه قوم فحدث كل قوم بما رأوا واتبعت كل طائفة من الرواة ما روته وكلها حق والله أعلم."  فكلٌّ ذكر ما سمعه، وما هي إلا حجة واحدة حجها ﷺ، ولكن كل من سمع في مكان قدَّر ابتداؤه من هناك، فيكون أول من سمعه سمعوه عندما صلى، فلما صلى أحرم بالحج في المكان الذي صلى فيه.

 

يقول:" وكان عليّ وابن عباس -رضي الله عنهما- يقولان: تمام الحج والعمرة أن تحرم من دويرة أهلك لا تريد إلا الحج والعمرة في الميقات وليس تمامها أن تخرج لتجارة أو لحاجة حتى إذا كنت قريباً من مكة قلت لو حججت أو اعتمرت، وذلك يجزي ولكن التمام أن يخرج لهما لا لغيرهما"، يعني: كل من كان مستغنيًا عن النفقة في الحج فلا ينبغي أن يشغل نفسه بتجارة ولا غيرها، وأن يكون قصده الحج والعمرة من حين خروجه من وسط بيته وداره لا يريد غيرهما، وذلك أفضل.

 

جعلنا الله من أهل الاستقامة، وأتحفنا بأنواع الكرامة، ووقانا الأسواء، وأصلح السر والنجوى، ونظمنا في سلك خيار الخلق، ورزقنا قَصَبَ السبق، وأعاذنا من شرور أنفسنا وكل سوءٍ أحاط بعلمه في الدنيا والآخرة.

 

بِسِرِّ الْفَاتِحَةِ

 إِلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ 

اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ 

الْفَاتِحَة

تاريخ النشر الهجري

09 ربيع الثاني 1447

تاريخ النشر الميلادي

01 أكتوبر 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام