(535)
(339)
(364)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 360- كتاب الحج والعمرة (07) سفر المرأة للحج
صباح الأحد 6 ربيع الثاني 1447هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني -رضي الله تعالى عنه وعنكم- ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال:
"وكان ﷺ ينهى عن سفر المرأة للحج وغيره مسيرة يومين أو ثلاثة إلا بمحرم يصحبها ويقول: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم أو زوج أو أب أو ابن أو أخ".
وفي رواية: "لا تسافر المرأة بريدًا"، وفي رواية: "يومًا وليلة"، وفي رواية: "ليلة"، قال شيخنا -رضي الله عنه-: ولعل ذلك بحسب الخوف والأمن، وكان ﷺ يقول: "سفر المرأة مع عبدها ضيعة".
وكان ﷺ يحث النساء بعد حجة الإسلام أن يلزمن قعور بيوتهن، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول لنسائه عام حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحصر"، وكان نساء رسول الله ﷺ كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وكانتا يقولان: والله لا تحركنا دابة بعد إذ سمعنا رسول الله ﷺ يقول: "هذه الحجة ثم عليكم بالجلوس على ظهور الحصر في البيوت"، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: أذن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي ﷺ في الحج وبعث معهن عثمان وابن عوف فنادى عثمان في الناس لا يدنو منهن أحد ولا ينظر إليهن إلا مدّ البصر وهن في الهوادج على الإبل وأنزلن صدر الشعب، ونزل عبد الرحمن وعثمان بذنبه فلم يصعد إليهن أحد -رضي الله عنهم-.
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.
الحمد لله مُكرِمِنا بالشريعة الغرَّاء وبيانها على لسان عبده وحبيبه خير الورى سيدنا محمد صلى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله الذين حُبُوا به طُهرًا، وأصحابه الذين رفع الله لهم به قدرًا، وعلى من والاهم واتبعهم بإحسانٍ وبمَجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،،
فيذكر الشيخ -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- ما يتعلق بسفر المرأة، ومنه الحج إلى بيت الله الحرام، وأنه لا يلزمها إلا مع وجود زوجٍ أو مَحْرَم؛ لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم أو زوج أو أب أو ابن أو أخ" أي: ذوي المحارم، ويقول: وفي رواية "لا تسافر المرأة بريدًا"، وفي رواية: "يومًا وليلًا"، وفي رواية: "ليلة"، قال شيخنا رضي الله عنه: ولعل ذلك بحسب الخوف والأمن"، وفي رواية: "مسيرة ثلاث"، "وكان يقول: "سفر المرأة مع عبدها ضيعة".
فإذًا لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا ومعها ذو مَحْرَم، كما جاء في الصحيحين: "لا تُسافِرِ المَرْأَةُ ثَلاثًا، إلّا وَمعها ذُو مَحْرَمٍ"؛ فيُشترَط أن يصحب المرأةَ في سفرها للحج زوجُها أو مَحْرَمٌ منها، مهما كانت المسافة بينها وبين مكة مسافة قَصْر، فلا يجوز أن تذهب إلا مع زوج أو مَحْرَم.
إلا أنه عند الشافعية والمالكية قالوا: إذا وُجِدَ النسوةُ الثِّقات؛ فإنهنَّ يحلُلْنَ محل المحرم إذا كانت الحَجَّة فرض لا حَجَّةَ نفلٍ، أما حَجَّة النفل فلا بد من زوج أو مَحْرَم، ولا يكفي وجود النسوة الثِّقات، فإذا كانت حجة الفرض فيكفي إذا ما هناك محرم وهناك نسوة ثقات، إذا وُجِدَت النسوة الثقات ثلاث فأكثر؛ كما قال الشيخ ابن حجر. إذا وُجِدنَ ويسافرن مع بعضهن البعض في أمن والأمر مأمون، نعم .
وتوسَّع المالكيةُ قالوا: إذا لم تجد المحرم ولو الزوج بأجرةٍ؛ تسافر لحج الفرض أو النذر مع الرفقة المأمونة، بشرط أن تكون هي المرأة في نفسها مأمونة، والرفقة مأمونة؛ جماعة من النساء، أوالرجال الصالحين وإن لم يكن فيهم نساء على مذهب المالكية، هذا بالنسبة لحجة الفرض.
وأما حج النفل فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع زوجٍ أو مَحْرَمٍ فقط، ولا يكفي وجود النسوة الثِّقات.
ثم هل وجود الزوج أوالمحرم شرطٌ لوجوب الحج أم شرطٌ لأن تحجَّ بنفسها؟
فالمَحْرَم الذي يُشترط للسفر:
يقول: "وكان ﷺ يحث النساء بعد حجة الإسلام أن يلزمن قعور بيوتهن"، وذلك أمره لأمهات المؤمنين، فقال: "هذه -يعني: الحَجَّة- ثم ظهور الحُصُر"، يعني: حُصُر الدِّيار ولزوم البيت إلى الوفاة.
فاختلف فهمهن لذلك؛ فَعامَّتُهُنَّ توسَّعن في ذلك ورأينه من باب الحرص على الحياء والحشمة، وأن لا يكون الخروج إلا لحاجة أو ضرورة. ولكن كما سمعتم عن إحدى أمهات المؤمنين، أخذت الأمر بقوة ولم تحجَّ بعد تلك الحجة.
قال: "وكان نساء رسول الله ﷺ كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة"، فهاتان أخذتا قوله ﷺ بقوة وجعلتاه للوجوب، فما عاد خرجن، "وكانتا يقولان: والله لا تحركنا دابة بعد إذ سمعنا رسول الله ﷺ يقول: "هذه الحجة ثم عليكم بالجلوس على ظهور الحصر في البيوت"، كما جاء في رواية أبي يعلَى.
"وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: أذن عمر -رضي الله عنه- لأزواج النبي ﷺ في الحج وبعث معهن عثمان وابن عوف فنادى عثمان في الناس لا يدنو منهن أحد ولا ينظر إليهن إلا مدّ البصر وهن في الهوادج على الإبل وأنزلن صدر الشعب، ونزل عبد الرحمن وعثمان بذنبه -بطرفه- فلم يصعد إليهن أحد رضي الله عنهم" أجمعين.
فهكذا جاءت الإرشادات والتعليمات، في أنه مهما تمَكَّنت المرأة من لزوم بيتها فذلك خيرٌ لها وأفضل، ولا يكون خروجها وسفرها إلا لضرورة أو لحاجة مُلِحَّة، وتكون على تمام السَّتر والحشمة والحياء، قال تبارك وتعالى في توجيهه لأمهات المؤمنين -عليهن رضوان الله تبارك وتعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ) [الأحزاب:33].
ألهَمَنا الله الرشد رجالنا ونسائنا، وما يوجب السعادة لنا في الدنيا والآخرة، ووقانا الأسواء وجميع البلوى، وأصلح شؤوننا بما أصلح به شؤون الصالحين، سرًّا وجهرًا في لطف وعافية.
بِسِرِّ الْفَاتِحَةِ
إِلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
الْفَاتِحَة
07 ربيع الثاني 1447