كشف الغمة 238- كتاب الصلاة (128) وقت الجمعة

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 238- كتاب الصلاة (128) وقت الجمعة 

صباح الأربعاء 3 جمادى الآخرة 1446 هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  •  بداية وقت الجمعة ونهايته
  •  كيف تدرك ثواب حجة وعمرة في كل جمعة؟ 
  •  متى كان يصلي النبي ﷺ الجمعة؟
  •  تبكير الجمعة إذا اشتد البرد
  •  كانوا يتغدون قبل الزوال ويؤخرونه يوم الجمعة
  •  أقوى حديث ورد في التبكير للجمعة
  •  معنى القيلولة
  •  انصرافهم من الجمعة قبل أن يكون للجدران ظل
  •  حكم صلاة الجمعة قبل الزوال

نص الدرس مكتوب:

فصل في وقت صلاة الجمعة

 

"كان رسول الله ﷺ يقول: "إن لكم في كل جمعة حجة وعمرة فالحجة الهجير للجمعة، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة"، وكان ﷺ يصلي الجمعة في أكثر أوقاته بعد الزوال وفي بعض الأوقات قبيل الزوال. 

قال أنس -رضي الله عنه-: وكنا كثيرًا ما نصلي مع النبي ﷺ ثم نرجع إلى القائلة فنقيل، وكان ﷺ إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة، وكان سهل بن سعد -رضي الله عنه-: يقول: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد صلاة الجمعة في عهد النبي ﷺ، وفي رواية: كنا نرجع بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحى، وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: "كان النبي ﷺ لا يصلي الجمعة بنا ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس يعني بالجمال النواضح". 

وكان عبد الله السلمي -رضي الله عنه- يقول: شهدت الجمعة مع أبي بكر -رضي الله عنه- فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ثم شهدتها مع عمر -رضي الله عنه-، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك ولا أنكره.

وقال سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-: كنا ننصرف من الجمعة وليس للحيطان ظل يستظل به وكذلك روى عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية -رضي الله عنهم- أنهم صلوها قبل الزوال."

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

   الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان عبده وحبيبه وصفوته خير بريته سيدنا محمد ابن عبد الله الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير، اللهم صلِّ وسلم وبارك وكرم على عبدك المختار سيدنا محمد وعلى آله وصحابته وعلى أهل ولائه ومتابعته وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائك ورسولك صفوتك من برياتك، وعلى آلهم وصحبهم وأتباعهم، وعلى ملائكتك المقربين وجميع عبادك الصالحين المخصوصين بعناياتك وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

   وبعد ويذكر الشيخ -عليه رحمة الله- في هذا الفصل ما يتعلق بوقت الجمعة، ووقت الجمعة: هو وقت الظهر يبتدأ من عند زوال الشمس ويستمر إلى أن يصير الظل الشيء مثل الظل الاستواء بدخول وقت العصر.

وفي قولٍ عند الحنابلة: أنه يجوز تقديم الجمعة، بل هو المعتمد عنده في مذهبه من وقت الجمعة ووقت صلاة العيد يمكن أن تصلى من قبل، ولكن صلاتها بعد الزوال أفضل وعليه إجماع بصحتها بعد الزوال.

أمّا قبل الزوال فالجمهور منهم الحنفية والمالكية والشافعية يقولون: لم يدخل الوقت ولا تصح الصلاة؛ بل قالوا يجب أن تكون الخطبتان  بعد الزوال، يبتدأ في الخطبة بعد زوال الشمس.

وكذلك أكثر المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله- واستدل الحنابلة ببعض ما أورده ومنه ما أورده الشيخ في هذا الفصل، ولكن الذي عليه الجمهور من فقهاء الشريعة أنه لا يصح صلاة الجمعة إلا بعد الزوال بل ولا تصح خطبتها إلا بعد الزوال. 

 

 يقول: "كان رسول الله ﷺ يقول: "إن لكم في كل جمعة حجة وعمرة فالحجة الهجير للجمعة، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة"، الهجير بمعنى: التبكير للجمعة، والعمرة انتظار العصر بعد صلاة الجمعة أن يصلي الجمعة ثم يبقى منتظرًا لصلاة العصر، فهذه بثواب عمرة؛ والتبكير إلى الجمعة بثواب حجة. 

قال: "إن لكم في كل جمعة حجة وعمرة" أي: تدركون ثواب الحج وثواب العمرة. والحديث أخرجه الإمام البيهقي في السنن الكبرى، وقال بعض الإمام كالذهبي وابن حجر: أنه موضوع .

"وكان ﷺ يصلي الجمعة في أكثر أوقاته بعد الزوال" وعليه رأي الجمهور من أهل العلم "وفي بعض الأوقات قبيل الزوال. قال أنس -رضي الله عنه-: وكنا كثيرًا ما نصلي مع النبي ﷺ ثم نرجع إلى القائلة فنقيل" وهو النوم في نصف النهار، يقال له: قائلة وقيلولة، يستعان به على القيام في الليل.

 

قال: "وكان ﷺ إذا اشتد البرد بكر بالصلاة"  أي؛ يصلي أول الزوال، 

"وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة" كما يبرد بالظهر.

 

يقول: "وكان سهل بن سعد -رضي الله عنه-: يقول: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد صلاة الجمعة في عهد النبي ﷺ" وفيه أنهم يبكرون إلى الجمعة والنبي ﷺ يبادر أول الزوال بالخطبة والصلاة، وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة، فينصرفون إلى غداءهم،  فإنما يتغدون في الأصل قبل الزوال، ولكن لأجل يوم الجمعة يبكرون إلى الجامع إلى المسجد ويصلون مع النبي ﷺ ثم يأخرون في ذاك اليوم غداءهم، يتغدون على رجوعهم من الجمعة.

 

  • والتبكير للجمعة من غير شك أنه من السنن. 
  • والمشي إليها بالسكينة وبالوقار كذلك الاقتراب من الإمام. 
  • وأن لا يشتغل في طريقه إلا بقراءة أو ذكر. 
  • ومن اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأن ما قرب بدنا وهكذا فيما جاء في الساعات. 

وكذلك من غسل يوم الجمعة وفي لفظ  "من غسَّل يومَ الجمعةِ واغتسل وبكَّرَ وابتكرَ ومشى ولم يَركبْ ودنا من الإمامِ واستمع ولم يَلْغُ كان له بكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها" رواه الترمذي قال حديث حسن رواه الحاكم فالمستدرك وصححه ورواه أبو داود وابن ماجة، قالوا: هذا أقوى حديث ورد في فضل التبكير إلى الجمعة.

ويرى المالكية: أن التبكير إنما يبدأ من قريب الزوال، وأنه قبل الزوال بنحو ساعة يبدأ وقت التبكير وهو وقت الهاجرة لما جاء في الرواية هجّر إلى الجمعة هذا وقت الهاجرة  قال قبل الزوال بساعة.

 في الحديث: "احضروا الذكرى يعني الخطبة وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة، وإن دخلها" رواه أبو داود والإمام الحاكم وصححه.

 

ويقول ﷺ: "إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة"، ويقول: "إن الملائكة تصلِّ على أحدكم ما دام في مجلسه" أي: الذي صلى فيه، تقول: "اللهم اغفر له واللهم ارحمه ما لم يحدث"، "وإن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه" أي: جالس من أجل الصلاة، يأتي بعد صلاة الجمعة قراءة أذكار مخصوصة مثل: 

  • الفاتحة سبعًا والإخلاص سبعًا والفلق سبعًا والناس سبعًا.
  • ومثل قراءة آية الكرسي والذي يعتاد بعد الصلوات.
  • وكذلك سبحان الله العظيم وبحمده بعد صلاة الجمعة مائة مرة.

فهذه من الأذكار وما تيسر له منها هو في محله الذي صلى فيه؛ فإنه جاء فيه خصوصًا في المسبّعات هذه التي يقرأها سبعًا سبعًا، أنه من قرأها قبل أن يثني رجليه أي على هيئته التي تشهد فيها، كان في حفظ الله إلى الجمعة الأخرى إلى غير ذلك مما ورد في فضله.

 ثم أن التبكير قال سنة لغير الإمام كما تقدم معنا.

ثم علمنا معنى القيلولة، قال: "فنقيل قائلة الضحى، وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: "كان النبي ﷺ لا يصلي الجمعة بنا ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس يعني بالجمال النواضح"، المهيئات للسقي يعني: يجلب عليهم الماء 

"وكان عبد الله السلمي -رضي الله عنه- يقول: شهدت الجمعة مع أبي بكر -رضي الله عنه- فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ثم شهدتها مع عمر -رضي الله عنه-، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك ولا أنكره".

"وقال سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-: كنا ننصرف من الجمعة وليس للحيطان ظل يستظل به"، يحكي التبكير في الجمعة وانصرافهم قبل أن يكون للجدران ظل. 

"وكذلك روى عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية -رضي الله عنهم- أنهم صلوها قبل الزوال." وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل كما تقدم معنا، وكذلك الروايات التي استدل بها عليه رضوان الله -تبارك وتعالى- وقد علمنا في مذهب الجمهور في ذلك، أنه لا يصح الخطبة ولا الصلاة الجمعة إلا بعد زوال الشمس، في قول عند الحنبل أنه عند قرب الزوال.

 

رزقنا الله تعظيم شعائره وحسن امتثال أوامره واجتناب زواجره ومتابعة حبيبه صلى الله عليه وسلم والاقتداء به والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه في خير ولطف وعافية، وأصلح شؤوننا والمسلمين الظاهرة والخافية ونشر فينا الفقه في الدين ومتابع لحبيبه الأمين ودفع عنا شر الظلم والظالمين وجميع الآفات في جميع الحالات الظواهر والخفيات في لطف وعافية.

 

بسر الفاتحة  

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الفاتحة 

 

 

تاريخ النشر الهجري

08 جمادى الآخر 1446

تاريخ النشر الميلادي

09 ديسمبر 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام