(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: كتاب الصلاة (84) باب صلاة التطوع، صلاة رد الضالة وصلاة الاستخارة
صباح الأربعاء 25 محرم 1446 هـ
فصل في صلاة رد الضالة
"وهي ركعتان كانوا يصلونهما إذا ضل لهم شيء، فإذا فرغوا منها قالوا: اللهم راد الضالة هادي الضالة من الضلالة، رد علينا ضالتنا بعزتك وسلطانك، فإنها من فضلك وعطائك، وسيأتي في الباب الجامع آخر الكتاب أنه ﷺ كان إذا حزبه أمر من الأمور فزع إلى الصلاة ثم سأل الله كشفه"، والله أعلم.
فصل في صلاة الاستخارة
كان أبو هريرة -رضي الله عنه-: يقول: كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (شك من الراوي) أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال: ويسمي حاجته"
وكان ﷺ لا يشاور أصحابه في شيء إلا إن كان لم يؤمر به، فإن أُمِرَ به لم يشاورهم، وكان الحسن -رضي الله عنه- يقول: ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم، وكان ﷺ له إذا تعارض عنده أمران خطب الناس وقال: "أشيروا علي يا معشر المسلمين"، والله أعلم.
وكان ﷺ يقول: إذا هم أحدكم بأمر فليستخر ربه فيه سبع مرات ثم لينظر إلى الذي يسبق إليه قلبه فإن فيه الخير"، وكان ﷺ إذا تعارض عنده أمران يقول: "اللهم خر لي واختر لي"، والله أعلم.
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته عبده وحبيبه وصفته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بارك وكرم عليه وعلى آله وصحابته، وعلى أهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرحمن في خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ًبعدُ،،
فيذكر الإمام الشعراني -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- ما ورد في صلاة رد الضالة؛ وفي صلاة الاستخارة، وصلاة رد الضالة وهو مندرج تحت ما تقدم من صلاة الحاجة، وداخل تحت عموم قوله في ما جاء عنه ﷺ" كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا حزَبه أمرٌ قام الى الصلاة" والمراد: إذا ضاع على الإنسان شيء من الأمور المهمة فأراد تحصيله فيلجأ إلى الله -تبارك وتعالى- بصلاة ركعتين من النافلة.
قال: "وهي ركعتان كانوا يصلونهما إذا ضل لهم شيء، - وإذا ضاع عليهم ولم يعرفو أين هو - فإذا فرغوا منها قالوا: اللهم راد الضالة -أي- هادي الضالة من الضلالة، رد علينا ضالتنا بعزتك وسلطانك، فإنها من فضلك وعطائك"، قال: "وسيأتي في الباب الجامع آخر الكتاب أنه ﷺ كان إذا حزبه -أي:أهمه وغمه وأقلقه- أمر من الأمور فزع إلى الصلاة ثم سأل الله كشفه"، فهذا ما يتعلق برد الضالة، ولهم أيضا آيات يقرؤونها بنية رد الضالة كآية (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [ لقمان:16 ] ويأتي بها مئة وستة عشر مرة، وكذلك كمثل اللهم يا جمع الناس اليوم الأقرب فيه اجمع بيني وبين الضالة الفلانية.
ثم ذكر لنا صلاة الاستخارة وهي طلب الخيرة، الاستخارة هي: طلب الخيرة؛ والمراد تفويض الأمر إلى الله تعالى في أن يختار للإنسان شيئا من الأمور، فتكون الاستخارة أيضا يُصلىٰ لها فهي سنة؛ أن يصلي ركعتين سنة الاستخارة كما يجوز أن يكون أكثر من ركعتين فهي بإجماع الأئمة أنها من جملة السنن لما صح في الحديث أنه ﷺ: كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول.." -الدعاء هذا الذي ذكره الشيخ عليه رحمة الله تبارك وتعالى ويجمع فيه بين الروايتين أو ما شك فيه الراوي- "اللهم إن كنت تعلم .. بعدما يقول: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (شك من الراوي) أو قال: عاجل أمري وآجله، -فجمع بين الروايات- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال: ويسمي حاجته" عند قوله "اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر .."، وأُثِرَ أيضا "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار".
فإذا الاستخارة تسليم الأمر، الإنسان أن يسلم العبد أمره إلى ربه -جل جلاله- ويطلب منه أن يختار له ما هو الخير عنده.
قالوا: ويأتي هذا:
فإذا تكون الاستخارة في المباحات وفي المندوبات وكذلك فيما يتعلق بأوقات بعض العبادات من الفرائض ونحوها، ولا استخارة في محرم فإنه لا يجوز، ولا استخارة في واجب؛ فإن فعله واجب ليس فيه تردد.
فإذا الأمر معيَّن فهذا الأمر يسميه.. سفري إلى بلده فلانية أو خطبة بنت فلان ابن فلان أو شرائي للسيارة فلانية أو للدراجة الفلانية إلى غير ذلك.
ويمكن أن يكون على العموم في اليوم ويقول: ما تعلمه من كل ما أقوله وأفعله وأعمله في هذا اليوم؛ وأعزم عليه في هذا اليوم خيرا لي، وهكذا إلى آخر الدعاء، فيكون لعموم أعماله ولعموم ما يقوم به فهذا إذن جائز أن يستخير في معين أو يستخير في مطلق، وتكون عند تعارض الأمور بأيها يأخذ؛ فيأتي دور الاستخارة وخصوصا إذا كان الأمر مهم "إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة.."
وقال: وينبغي أن يكون عند الاستخارة خالي الذهن غير عازم على أمر معين، أما إذا كان يغلب عليه الميل إلى أحد الأمرين فإنه لا تحصل له فائدة الاستخارة؛ بل يفوض الأمر إلى الله تعالى فيما شاءه وشرح به صدره ويمضي فيه؛ وإلا خُشِيَ عليه أن يخفى عنه الرشاد لغلبة ميله إلى أحد الأمرين، فهكذا معنى إذا أراد: إذا عزم. فيأتي بالاستخارة:
وفهمت ما قال الشافعي: فإنه يمكن الاقتصار على الركعتين ويمكن زيادة ذلك؛ كما يمكن أيضا تكرير الاستخارة -وكما سمعت في الحديث- إلى سبع مرات؛ فإنه مهما التبس الأمر عليه فكرر إلى السابعة لا يبقى ملتبس الأمر عليه وينشرح صدره بأحد الأمور، فإذا جمع بين الاستخارة والاستشارة كان ذلك أولى وأفضل.
قالوا:
فإذا أراد أن يستنيب غيره ليستخير الله له:
يقول المالكية والشافعية: لا إشكال في ذلك فأنه من باب من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه؛ فيطلب من غيره يرى أنه أقرب أو أطيب أو أصفى حالا ليستخير الله له ويرد عليه بما شرح الله له صدره.
قال: "وكان ﷺ لا يشاور أصحابه في شيء إلا إن كان لم يؤمر به، فإن أُمِرَ به لم يشاورهم"، - فإذا عزمت فتوكل على الله- "وكان الحسن -رضي الله عنه- يقول: ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم"، وفي الخبر أيضًا ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله ﷺ، قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران:159]
قال: "وكان ﷺ له إذا تعارض عنده أمران خطب الناس وقال:" أشيروا علي يا معشر المسلمين"، وكان ﷺ يقول: "إذا هم أحدكم بأمر فليستخر ربه فيه سبع مرات ثم لينظر إلى الذي يسبق إليه قلبه فإن فيه الخير"، أي: لا يتخلف بعد السابعة أن يذهب الالتباس عنه ويميل إلى أحد الأمور.
"وكان ﷺ إذا تعارض عنده أمران يقول: "اللهم خر لي واختر لي"، يقول أخرجه الترمذي في باب الدعوات، فهذا مما جاء فيما يتعلق بالاستخارة.
يقول الإمام النووي: يستحب أن يستشير قبل الاستخارة من يعلم من حاله النصيحة والشفقة والخيرة ويثق بدينه ومعرفته، لقوله: (وشاوِرْهم في الأمْرِ) [أل عمران:159] فإذا استشار وظهر أنه مصلحته استخار الله تعالى في ذلك "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار"، والمستشير يقول يضيف عقول إلى عقله ويصير مفكر بعقول متعددة ما هو بعقل واحد، وينبغي أن يكون الرأي والشورى لأولي النهى من العباد الصالحين، وإلا فإن من الصالحين من يتجرد نظره للآخرة فلا ينبغي أن يستشار في أمور الدنيا إلا إن كان من ذوي العقل والحصافة والوفاء:
وإذا استشار أحد من أهل الصلاح ينبغي أن يكون أيضًا على استسلام كامل واستعداد لما يقول به؛ وأما أن يجعل في نفسه الميل إلى أحد الأمور ويصلح الاستخارة إلى أمر عارض فهذا يعرضه للخطر إذا لم يعمل بما أُشير عليه، ولذا كان بعض أهل الشفقة والنصيحة من الأكابر الجامعين بين العلم والعقل ومعرفة مصالح الدين والدنيا يستشيرهم المستشيرون فلا يشيرون عليهم بشيء - لما يرون من ميلهم إلى بعض الأمور- فرحمة بهم لا يشيرون عليهم بشيء، ويقولون استخر ربك وانظر أمرك، يخافون عليه إذا أشاروا عليه برأي ويمشي مع هواه ونفسه؛ فتقع عليه نكبة أو بلية بسبب ذلك؛ فيتركونه رحمة به وهكذا، وهو الأمر الذي شرعه الحق تعالى لأعقل خلقه وأعرفهم بالأمر كله وهو رسول الله ﷺ.
وبعد ذلك قال له القوم الذين سبقت لهم العناية فالتفوا حولك بباسطة أخلاقك ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ) هؤلاء ما جاؤوا إلا بأخلاقك (فَاعْفُ عَنْهُمْ) معناه: أنه ستجد من بعضهم إساءة فلا بد من العفو، (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ما يقعون في ذنوب وهم هاذولا (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159] ، صلي الله عليه و على اله و صحبه و سلم.
وذُكِرَ عنه أنه إذا تعارض أمران خطب الناس وقال: أشيروا عليَّ يا معشر المسلمين، وهكذا كان كثير الاستشارة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وحتى قد يحضر الاستشارة ما فيما يتعلق بالأمور العامة من عامة الصحابة بمن فيهم بعض أهل النفاق؛ ولكن يأخذُ ﷺ بما يملي الله على قلبه مما هو أجمل وأكمل، وقد أقام سنة الاستشارة صلى الله عليه وسلم بارك وكرم عليه وعلى آله.
ومن المشهور في غزوة بدر قول الحُباب من منذر له: "يا رسول الله، أرأيتَ هذا المنزل، أمنزلًا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله، ثم نعورّ -ندفن- ما وراءه من القُلُب -البئر-، ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، -ويكون الماء عندنا وما عندهم ماء- فقال رسول الله -ﷺ: لقد أشرت بالرأي، فنهض رسول الله ﷺ ومن معه من الناس.." وقام إلى ما أشار إليه الحباب بن منذر عليه الرضوان الله تبارك وتعالى.
رزقنا الله الاستقامة، وحسن المتابعة لحبيبه المختار ﷺ، ثم إن المستشار مؤتمن إذا استشير؛ فيجب عليه أن يشير بما اتضح له وعرف فيه الخير والصواب؛ وإلا فليتق الله تبارك وتعالى، وأما إن أشار عليه بما يضره فهو من أهل الخيانة في الدين وخيانة الأمانة، وهو من أسباب هلكته والعياذ بالله -تبارك وتعالى-، وقال تعالى في عموم أهل الكفر والفسق ( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف:28] هذا ما أحد يشاوره، ولا أحد يأخذ برأيه، بل إذا أمر لا يطاع (وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورࣰا) [الإنسان:24]، (وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ) [الأحزاب:48] ويقول: (وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ * إِنَّهُمۡ لَن یُغۡنُوا۟ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا) [الجاثية: 18-19] فإذا تريد تستشير فدور واحد من أرباب القرب والمعرفة والعقل؛ فهم الذين يلهمهم الله، وقد كان يكتب سيدنا عمر بن الخطاب إلى أمراء جيوشه يقول: انظر إلى أهل الصمت والمسكنة فيكم فاستشيروهم فإن الله يلقي في قلوبهم ما لا تعلمون، يقول لأمير الجيش انظر إلى من عندك من الجيش أصحاب الخضوع والمسكنة والصمت قليل الكلام مع الناس؛ روح شاورهم هم بيعطونك الرأي الصحيح، فإن الله يقذف في قلوبهم ما لا تعلمون أنتم، ولا تصلون إليه بعقولكم، وهكذا.
وتكرار الاستخارة كما سمعت في الحديث إلى سبع مرات، وفهمت من عمل كثير من صالحي الأمة الاستخارة لله في جميع ما يعملونه ويقولونه في خلال يوم والليلة، وبعضهم يجعل له استخارتين؛ استخارة للنهار في أول النهار يصليها أو ينويها مع الضحى، ويستخير الله في جميع ما يفعله في هذا اليوم، واستخارة بعد المغرب للليل لما يفعله في تلك الليلة حتى يدخل، وكان بعضهم يحب الاستخارة في الصباح، بعضهم يجعلها في سنة الصبح يدخلها في سنة الصبح ويقول ليكون حتى الفريضة وما بعده كانوا كلها داخلة في الاستخارة، وبعضهم يجعلها في أول ارتفاع الشمس قدر رمح في أول النهار؛ والقصد أنهم على تفويض أمورهم إلى الحق جل جلاله، ولا موفَّق إلا من وفقه، (وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ﴾ [هود ٨٨] ولا يحيط علما بعواقب الأمور إلا هو /جل جلاله وتعالى في علاه-، ونفوس البشر كما ذكر في قرآنه ( وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[البقره:216] -جل جلاله وتعالى في علاه-.
اللهم ارزقنا كمال الاستقامة، وأتحفنا بالكرامة، وادفع عنا السوء والملامة، وموجبات الندامة في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة، وأصلح شؤوننا بما أصلحت به شؤون الصالحين من عبادك أهل ودادك.
بسِرَ الفاتحة إلى حضرة النبي
اللهم صلِّ وسلم وبارك علي وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
25 مُحرَّم 1446