شرح قصيدة ( يا قلب وحِّد واترك الخلائق) - 2 - شرح قوله: يا قلب وحِّد واترك الخلائق

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ قصيدة ( يا قلب وحِّد واترك الخلائق) للإمام عمر بن سقاف السقاف رضي الله عنه، ضمن فعاليات الدورة التعليمية الثلاثين بدار المصطفى بتريم

الدرس الثاني: شرح قوله: يا قلب وحد واترك الخلائق 

عصر يوم الأحد 24 ذو الحجة 1445هـ

لتحميل القصيدة pdf:

https://omr.to/q-dawrah30

نص الدرس مكتوب:

يَا قَلْبُ وَحّدْ وَاتْرُكِ الخَلَائِقُ​​ *** وَكُنْ بِمَوْلَاكَ الكَرِيمِ وَاثق

وَعَنْ سِوَى الله فَاقْطَعِ الْعَلَائِق *** وَألْزَمْ لِحُسْنِ الظَّنَّ لَا تُفَارِقْ

الحمد لله مُكرمنا وإياكم بنور الإيمان؛ الذي بقوته يُرْتَقى في مراقي الإحسان ويُزَج بأصحابه إلى ميادينِ العرفان ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عالم الإسرارِ والإعلان، ومكون جميع الأكوان، ومن منه المبتدأ وإليه المنتهى في كل شأن، ونشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أنزل عليه القرآن وختم به النبوة والرسالة، وجعل رسالته عامة للإنس والجان ورحمة للعالمين من كل قاصٍ ودان، اللهم أدم صلواتك على عبدك المختار سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ومَن على منهجه سار وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا كريم يا غفار.

أما بعد،،، 

فقد ابتدانا في تبيين بعض معاني قصيدة للإمام العارف بالله الحبيب عمر بن سقاف بن محمد "الصافي" السقاف -عليه رحمة الله- وأخذنا قوله: 

  • "يَا قَلْبُ وَحّدْ"، وقلنا: إنَّه نداء من الذات للقلب الذي هو محل نظر الرب لينتبه من المقصود الأعظم والمراد الأفخم الذي من أجله خلق، ويأخذ نصيبه من توحيد الخالق -جل جلاله- في وحدانيته و واحديته و أحديته. 
  • "يَا قَلْبُ وَحّدْ" اثبتْ على التوحيد وازدد من معانيه والقوة فيه، واغنم زمانك بالارتقاء في مراقيه فإن فيه فوق ما تطلبه وترتجيه. 

"يَا قَلْبُ وَحّدْ وَاتْرُكِ الخَلَائِقُ" فمن مقتضيات صحة التوحيد أن تترك الخلائق: 

  • في الاعتماد عليهم والاستناد إليهم. 
  • أو شهود أن لأحد منهم أو لشيء منهم استقلال في وجوده. 
  • أو في ما يصدر منه ويجري عليه أو يجري به. 

فالخلائق محل اختبار: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) [الفرقان:20]    الخلائق محل تمحيصٍ في إقامة الحق للحق فيهم: 

  • بعدم الاعتماد عليهم والاستناد إليهم. 
  • وعدم شهود استقلالهم بشيء في الوجود. 
  • وأداء حق نصحهم أو إرشادهم أو ما فرض لهم من حقوق. 
  • والتعامل مع كل مخلوق بما أحبه الخالق من هذا المؤمن المكلف. 

 ويقوم على ذلك ترك الإشراك بهم: 

  • الشرك الجلي باعتقاد ألوهية أحد منهم أو استقلاله. 
  • أو الشرك الخفي بوجود الركون والنظر إلى شيء من ما يُجريه خالقهم على أيديهم. 

ترك الخلائق في عبادة الخالق بأن: 

  • لا يلتفت إلى ثناء أحد منهم. 
  • ولا إلى تحصيل مصلحة أو مال من أحد منهم. 
  • فلا يُرائي أحدا منهم. 
  • ولا يقصده بشيء من عبادة الله تبارك وتعالى. 
  • ولا يتكبر على أحد منهم. 
  • ولا يُسيء الظن بأحد منهم. 
  • ولا يتقول على أحد منهم. 
  • ولا يغتاب أحدا منهم. 
  • ولا يؤذي أحدا منهم. 

"يَا قَلْبُ وَحّدْ وَاتْرُكِ الخَلَائِقُ"، اترك شهودهم ووهم استقلال وجودهم واترك أذاهم، وأترك قصدهم بشيء من عبادات ربك -جل جلاله- "وَاتْرُكِ الخَلَائِقُ"، لا تبالي بمدحهم ولا بذمهم؛ فإنها كما قال شيخنا الحبيب أبو بكر العطاس بن عبد الله الحبشي: "توهُمات صادرة؛ إنما هي أوصاف صادرة عن توهمات أو ظنون جميلات فلا تبالي بما يقولون".

دع الناس يا قلبي يقولون ما بدا *** لهم واتثق بالله رب الخلائق

ولا ترتجي في النفع والضر غيره *** تبارك من رب كريم و خالـــــق

"يَا قَلْبُ وَحّدْ وَاتْرُكِ الخَلَائِقُ"، واترك منازعاتهم ومخاصماتهم، واترك الاشتغال بهم؛ واجعل شغلك بالله فيهم ولا تجعل لك شغلًا بهم من أجلهم. 

"يَا قَلْبُ وَحّدْ وَاتْرُكِ الخَلَائِقُ"، حتى يصفو لك الحال مع الإله الخالق في دوام الحضور معه والشهود لعظمته -جل جلاله-. 

ويأتي معنا الشطر الثاني من البيت -إن شاء الله- "وَكُنْ بِمَوْلَاكَ الكَرِيمِ وَاثق"، رزقنا الله كمال الثقة به والتوكل عليه والاعتماد عليه والاستناد إليه: 

رَبِّي عليك اعْتِمَادِي *** كما إليك استِنَادِي 

صِدْقًا وَأَقصَى مُرَادِي*** رِضاؤُكَ الدَّائمُ الحال

يَا رَبِّ رَبِّ إِنِّي *** أَسأَلُكَ العفوَ عنِّي

ولم يخِب فِيك ظَنِّي*** يا مَالِكَ المُلكَ يا وَال

تاريخ النشر الهجري

25 ذو الحِجّة 1445

تاريخ النشر الميلادي

30 يونيو 2024

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام