(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ قصيدة ( يا قلب وحِّد واترك الخلائق) للإمام عمر بن سقاف السقاف رضي الله عنه
الدرس الثامن عشر: هيا إلى ذاك الجناب هيا
عصر يوم الأربعاء 3 صفر الخير 1446هـ.
لتحميل القصيدة pdf:
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا***سِيرُوا بِنَا، فَالحُرُّ مَنْ يُسَابِقْ"
الحمد لله، تأمّلنا كثيرًا من معاني هذه الأبيات، وفيها معاني وراء ذلك كثيرات وكبيرات، انتهينا في أواخرها إلى نداء الناظم لنا وهو: الإمام عمر بن سقاف بن محمد بن عمر -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- ينادينا يقول:
"هَيَّا"؛ بعد شرح هذا الكلام كله، وبيان هذه المعاني الرائقة، وبسط حال الأنس بجناب القدس، والعطاء النفيس من حضرة الرحمن -جلّ جلاله- لأهل التسبيح والتقديس، بعد هذا كله.. كيف يبقى المؤمن بلا همة؟ بلا عزيمة؟ كيف ما تتحرك مشاعره؟ كيف ما تتحرك عواطفه؟ كيف ما تنبعث منه وجهته!.
فقال: "هَيَّا"؛ إذا سمعت النداء إلى فوق، ونالك نصيب من الشوق، فالمركب أمامك لتركب مع أهل ذلك الذوق.. يقول لك: "هَيَّا"؛ يعني: اقطع العلائق، واصدق مع الخالق، وارتبط بخير الخلائق، وتذوّق مع كل ذائق؛ وهذا الفَرَس وهذا الميدان في وجهتك إلى الرحمن مُنقَّى عن الأدران.
"هَيَّا".. "هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ"؛ إلى الوصول إلى الرحمن، مطالعةً لجلاله وجماله وكماله في مرآة وبمرآةِ من أُنزل عليه القرآن سيّد الأكوان.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ"؛ حيث كشف الحجاب، والظفر بحقائق الاقتراب والجود من الوهاب بغير حساب.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا"، لا مجال للتراخي، لا مجال للتكاسل، لا مجال للتخاذل، لا مجال إلى أن تلتفت إلى الدواعي السفلية؛ فقد دعتك الدواعي العلوية السنيَّة، القُربية، الربانية، الرحمانية، المُحمدّية بألسن خلافتها ووراثتها، وكريم النيابة عنها. فـ "هَيَّا"..
فيمَ التخلّف والإهمال والكسلُ *** والقوم مرّت بهم تطوي الفلاة الإبلُ
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ".. اعزم بالصدق، واعزم بالوجهة، واعزم بالإخلاص، واعزم بالهِمّة.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ"، نعيش في مواصلة سيّد الأحباب، ومنازلات تفضّلات ربّ الأرباب، ونطالع في صفحات الجمال ما به تُذاق لذائذ الوصال، ويقوَى الاتصال في كل حال.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا"، لا تتخلف، لا تتأخر، لا تتمادى، لا ترغب في الغير فالغير ضير، وهذا لك خير.
"هَيَّا هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا"..
القوم قد وصلوا لحضرة ربهم *** وبدا لهم ذاك الجمال عَيَانا
ودعاهم الساقي فلبّوا طاعةً *** لبّيك يا من للجَمَال دعانا
يقول: "هَيَّا".. "هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ".. في مراتب الوصول، ونيل القبول، ومطالعة جمال الحق الأعلى -سبحانه- وكماله وجلاله في مرآة سيدنا الرسول البَرّ الوَصول.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا"؛ فما نهاية رجائنا وآمالنا إلا كريم المرافقة لحبيب الرحمن، نريد إنجاز معانيها في الحياة، وتمام حقائقها عند الوفاة، والرُقيّ في مراقيها في البرازخ والقيامة ودار الكرامة، وتمام إتمامها وغايات إنعامها، والظفر بعمقٍ في غاياتها في ساحة النظر إلى وجه الله الكريم.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا"؛ مَن قَبِل ولبَّى:
ودعاهم الساقي فلبّوا طاعةً *** لبّيك يا من للجَمَال دعانا
هذا من الفضل العظيم وجُودهِ *** مَنَّ علينا بالرضا وحبانا
فأهل هذه الأذواق والمعارف واللطائف والعوارف والمراقي؛
فالزَم وعِش في حبّهم يا صاحبي *** تلقى الأمان واللطفَ والإحسانا
لا إله إلا الله… يقول:
فالزَم وعِش في حبّهم يا صاحبي *** تلقى الأمان واللطفَ والإحسانا
تصْفو لك الأوقات من صِرف الهوى ***....................................
صِرف الهوى: المحبة الخالصة..
فبَلةٌ من كأسها المختوم ** تملأ رياض القلب بالعلوم
وتحفظ الفهم عن الوُهوم ** وتطلق العقلَ عن العِقال
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا".. ويعلم الله أيّ قلب لبَّى، ويُهيء له السبيل، ويُيسر له المسير، ويمدّه بالعون الكبير؛ حتى يقطع المسافة ويسلم من كل آفة.
"هَيَّا إِلَى ذَاكَ الْجَنَابْ هَيَّا".. الله يجعلنا ممّن تهيأ ولبَّى النداء، وسلك سبيل الهدى، وتولّاه ربّ العرش فيما خفيَ وفيما بدا، وأسعده مع خواصّ السعداء، هَهُنا وغدًا آمين اللهم آمين.. آمين اللهم آمين.
08 صفَر 1446