(228)
(536)
(574)
(311)
الدرس الرابع للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في شرح كتاب: سُلّم التوفيق إلى محبة الله على التحقيق، للإمام الحبيب عبدالله بن حسين بن طاهر. ضمن دروس الدورة الصيفية الأولى بمعهد الرحمة بالأردن.
فروض الوضوء، نواقض الوضوء، موجبات الغسل
ظهر الإثنين 15 صفر 1446هـ
لتحميل كتاب سلم التوفيق
pdf: https://omr.to/sullam-pdf
نص الدرس مكتوب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، من كتاب سلم التوفيق إلى محبة الله على التحقيق للإمام العلامة سيدنا عبد الله بن حسين بن طاهر باعلوي رحمه الله، ونفعنا به وبكم في الدارين آمين، ورضي الله تعالى عنه وعنكم، قال:
ومن شروط الصلاة الوضوء ، وفروضه ستة :
- الأوّل : نية الطهارة للصلاة بالقلب أو غيرها من النيات المجزئة عند غسل الوجه،.
- والثاني : غسل الوجه جميعِهِ، من منابت شعر رأسه إلى الذقن، ومن الأذن إلى الأذن شعراً وبشراً إلا باطن لحية الرجل وعارضيه إذا كثفْنَ
- الثالث : غسل اليدين مع المرفقين وما عليهما [كشعر الذراع ]،
- الرابع : مسح الرأس أو بعضه، ولو شعرة في حده،
- الخامس : غسل الرجلين مع الكعبين، أو مسح الخف إذا كملت شروطه
- السادس : الترتيب هكذا.
أبتدأ عليه رحمة الله تعالى في ذكرِ شروط الصلاة، وأوّلها الطّهارة، والطّهارة عن الحدثين; بالوضوء عن الحدث الأصغر والغسل عن الحدث الأكبر، والطهارة عن النجاسة كذلك، وابتدأ بذكر الوضوء، وهو الشرط لصحة الصلاة، بل ولنحو الصلاة كسجدة شكر، أو تلاوة، أو خطبة جمعة، ونحو ذلك، فلا تصح إلا من المتوضئ المتطهِّر عن الحدثين.
قال: "من شروط الصلاة الوضوءُ"
الوضوء:
قال: "وفروضه ستة" عند الشافعية.
"الأوّل: نيّة الطهارةٍ للصلاة"، وهي سنّةٌ عند الحنفية في الوضوء، وأنّ الطّهارة عندهم بسببِ استعمالِ الماء في الوضوء تُحِلّ الصلاة، ولكنّ الثوابَ يترتّب على النية؛ فإذا نوى تحصل على النية، وإلا فاستحل الصلاة بفعله، من دون أن يحصل الثواب على الوضوء.
لكن النية هي عندنا -كذلك عند الحنابلة- من فروض الوضوء.
وقال الحنفية: بوجوب النية في التيمم
قالوا: أن التيمّم وحده ما يكفي، أنَّه ما يرفع الحدث وحده ويُبيح الصلاة إلاّ بنية الصلاة، فلا بدّ من النية في التيمّم عندهم.
قال: "نيّة الطّهارة للصلاة" أي تحصیل الطّهارة التي تصحّ بها الصلاة، ويجوز بها الدخول للصلاة، وهذه النية كافية لأنواع الطّهارات من الوضوءٍ والغُسلٍ، إذا نوى الطّهارة من أجل الصلاة، أي تحصیل الطّهارة التي يصحّ بها دخول الصلاة، ويجوز له أن يدخل بها الصلاة، فهذه الطّهارة المُجزِئة، الطّهارة للصلاة.
قال: النية "بالقلبِ"، أي محلّ النيّة القلب، وإن لم يتلفّظ باللسان.
وقال الشافعية، وغيرهم: إنّ التلفّظ باللسان سنّةٌ ليساعد القلبَ
ولكن من المتّفق عليه أنّ الواجب حضورها في القلب، عند مباشرة العمل، وعموم وجوبها بمثل عموم قوله ﷺ: ﴿إِنَّمَا ٱلۡأَعۡمَالُ بِٱلنِّيَّاتِ﴾.
وقد شمل الحديث معنى صِحّة الأعمال باعتبارها بالنيّات، فصِحّتها من حيث العبادات، وعامة العبادات تفتقر إلى النية واعتبارها كذلك من خلال أنّ الغرض الحامل على الفعل ومقصد الفاعل، لذلك شاء الفعل، هو نيّةٌ لها اعتبارٌ عند الله تبارك وتعالى، مثّلها ﷺ بالهجرة، بقوله: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ».
وإن كانت حُكمها عامّ في الهجرة وغيرها، من جميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان، فمن حيث قصد الفعل، فهذه النية التي يُعتَبر بها صِحّة العبادة، في كلّ عبادةٍ اشترط من اشترط فيها من فقهاء الإسلام؛ النية.
وأمّا اعتبارها من حيث القصد والغرض الحامل على الفعل، فهذا فيما يترتّب عليها عند الله تعالى من القبول أو ردِّه، ومن الثواب والعقاب، يتعلّق بنية الإنسان، يعني مقصده -الباعث الحامل له على فعل ذلك الأمر- وما يُلاحِظه في ذلك، وما يميل إليه، وما يرقبه، فهذه النيّة منظورٌ إليها من قِبل الحقّ سبحانه وتعالى.
قال: "أو غيرها من النيات المُجزِئة"والنيات المُجزِئة:
قال: "ونيّة الوضوء تكفي وحدها" لأنّه اشتهر بمراده أو بمقصوده الشرعيّ، لا مُجرّد قصده اللغويّ، فإذا نوى الوضوء وحده كفى.
فرَّقوا بينها وبين الغُسل، قالوا: لو نوى الغُسل لم يكفِ حتّى يقول: الغُسل الواجب، أو الغسل المفروض، أو رفع الجنابة.
أمّا الوضوء فيكفي أن يقول: "نويت الوضوء" لأنّ الوضوء يُطلَق مُباشرةً على المُصطلح الشرعيّ، لا على المُراد اللغويّ، فما اشتهر إطلاقه إلاّ على المُراد الشرعيّ من أداء هذه الفرائض.
قال: "أو غيرها من النيات المُجزِئة عند غسل الوجه"
قال: "والثاني غسل الوجه جميعًا من مُنابتِه" طوله وعرضه، في الغالب يكون طول وجه الإنسان بشبره؛ شبرًا، ولكن عرضه غالبًا يكون شِبر وأربع أصابع، قالوا فما هناك شيءٌ عرضه أطول من طوله إلاّ الوجه، طوله شبرٌ واحد، والعرض يأخذ شِبْرَ وأربع أصابع، سُمّي الوجه; لأنّه تقع به المواجهة، ويكاد يفصح عما في باطن الإنسان. - لا إله إلا الله-
وقال: "والثاني غسل الوجه جميعًا من مُنابتِه"، هذا حدّ الوجه الذي يجب غسله.
قال: "شعرًا وبَشَرًا"، أي يستوعب الشعر حتّى يصل إلى المُنابت في الوجه كلّه، إلاّ باطن لحية الرجل وعَارضَيْه إذا كَثُفَن، فاللحية الخفيفة كغيرها؛ من الحاجبين، ومن الأهداب، ومن الشارب، ومن العنفُقة، وبقيّة شعور الوجه، حُكمها -إذا كانت خفيفةً-: يجب غسلها جميع شعرها إلى مُنابت الشعر، فإن كانت كثيفةً أجزأ غسل ظاهرها، وسقط وجوب غسل باطنها، واستُحِبّ تخليل اللحية الكثيفة والعَارضَان الكثيفان.
فإنّ الوجه يحمل أنواعًا من الشعور، ومن الذي يكون نادرًا مثل:
فهذه شعور الوجه، يجب غسل جميعها، مع غسل الوجه؛ ظاهرًا وباطنًا، إلاّ باطن اللحية الكثيفة والعَارضَيْن الكثيفين، بالنسبة للرجل.
ولو على غير العادة، نَبَتَت للمرأة لحيةً، فيُسنُ لها حَلْقُها، لأنّها ما تليق بها، وليست في الفطرة من شعرها، فإذا أبقتها وكثُفَت، وجب عليها غسل ظاهرها وباطنها، ولا يُستثنى، لأنّه ليست السُنّةً لها إبقاؤها، وأما الرجل، فسنّته أن يُعفي اللحية، فإذا كثُفَت اللحية والعَارضَان، كفى غسل ظاهرهما، لما جاء عن الرسول ﷺ "توضأ مرةََ فغسل وجهه مرة واحدة"، وكان كثيف اللحية.
قالوا: والغَرفة الواحدة، ما تكفي في إيصال الماء إلى جميع الوجه وإلى منابت الشعر، فيكتفي بظاهر الشعر"، وبهذا قال الشافعية: "يجب غسل ظاهر اللحية الكثيفة والعارضين الكثيفين"، بخلاف بقية الشعور، فيجب غسل ظاهرها وباطنها".
والكثيفة عندهم; ما لا تُرى بشرته من مجلس التخاطب، مجلس ثلاث أذرع، لا يمكن رؤية البشرة، فهذه كثيفة، وإن كانت تُرى بشرتها من مجلس التخاطب، فهي خفيفة.
قال: "الثالث: غسل اليدين مع المرفقين وما عليهما من أطراف الأصابع إلى المرفقين".
وهذا الأركان الأربعة بالإجماع: غسل الوجه، واليدين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين، هذا بالإجماع، من أركان الوضوء؛ غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس.
فأعضاء الوضوء أربعة؛ الوجه واليدين والرأس والرجلين.
غسل اليدين مع المرفقين وما عليهما، من كل ما ينبت من شعر،وظفر،وما تحت الأظفار،ولو نبتت أصبع زائدة، أو نبت كفٌ زائد، وما إلى ذلك كله يدخل في وجوب الغسل في الوضوء من أطراف الأصابع إلى المرفقين، فعبَّر "بـ مع" تفسيرًا للآية، أن معنى قوله: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) [المائدة: 6]، "إلى" تأتي بمعنى "مع" في اللغة، أي: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) [المائدة: 6]، فيجب غسل المرفق وقت غسل اليد.
والمرفق; مجتمع عظمي العضد وإبرة الذراع، يرتفق به الإنسان، يسمى مرفقًا، فغسله واجبُ. فـقد يدخل المُغيَّ بإلى، كما اذا قال "بعتُ مِنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَىٰ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ، وهذه الشجرة داخِلة في البيع، فهي نفسها داخلة في البيع.
كذلك أيديكم الى المرافق والمرفق داخلٌ في الغسل، ولما بيّن الرسول ﷺ الغسل الواجب وغسل يده مرة، غسل كفّه وذراعه حتى أشرع في العضد، أي: "أدخل المرفق فيه" فلابد من غسل المرفقين.
قال: "وما عليهما" ما على اليدين؛ أي ينتبه إلى ما تحت الأظفار، لو هناك شيء من خارج البدن منع وصول الماء إلى تحت الظفر، تسبَّب في بطلان وضوئه.
الرابع: (مسح الرأس أو بعضه، ولو شعرة في حده).
أخذ المالكية بوجوب التعميم في المسح (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) [المائدة: 6]، أي: (أخذوها بمعنى; رُءُوسِكُمْ) فيجب استيعاب جميع الرأس في المسح.
الخامس: "غسل الرجلين مع الكعبين، من أطراف الأصابع إلى الكعبين"
وفي الحديث: "أنه لما بيّن النبي ﷺ الوضوء الواجب، غسل رجليه وكعبيه، حتى أشرع في الساق ﷺ، فإذًا يجب إدخال الكعبين في الغسل الواجب من غسل الرجلين.
قال: "أو يجزي عنه مسح الخف" بخلاف، إذا لم يكن خف، فلا يجزي مسح الرجلين، لا يجزئ مسح الرجلين، لأنه ﷺ، لما رأى الصحابة يتوضؤون في بعض الأسفار، في الغزوات، رأى الأعقاب -أعقاب; مؤخرة الرجل بيضاء تلوح- لم يصل إليها الماء، فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار"، فلو كان المسح يجزىء، ما كان قال هكذا، "لابد أن يغسل الرجل كاملًا." فلا يبقي منها شيئًا، ولا يصح مسحها إلا لصاحب الخف.
والخف; على حسب ما جاءت به الرخصة، فيما هو معهود في عهده ﷺ، كان من الجلود، تستعمل الخفاف من الجلود، وهي تمنع وصول الماء، ولا يدخل خلالها الماء، فتمنع نفوذ الماء، فكذلك ما يصح أن يكون خفًّا إلا مانعًا لنفوذ الماء، بخلاف هذه الشرّابات التي نستعملها من الخرق وغيرها، فإنها لاتمنع نفوذ الماء -ينفذها الماء- ولم تكن هناك خفاف جاءت فيها الرخصة في عهده ﷺ، على هذه الصورة.
ما هناك إلا الأخفاف المعهودة، من الجلود، تكون مانعة لنفوذ الماء، إلا ما يستثنى من الضرورة، مثل: موضع الخرز; الثقوب التي في محل الخرز ينفذ منها الماء فهذه ضرورة، ما فيه إشكال، لكن أصل الخف؛
فهكذا يكون وصف الخف الذي يحل المسح عليه، محل غسل الرجلين، بشرط أن يستعمل الخفين، وهو قد أكمل الطهارة.
ثم يبقى مدة يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر، وإذا انتهت المدة لابد من نزع الخف وغسل الرجلين.
قال: "غسل الرجلين مع الكعبين" ويسن في اليدين والرجلين تخليل الأصابع، أما تخليل أصابع اليدين فبالتَّشْبيك، مع مرور الماء، وأما في الرجلين؛ إذا وضع الأصابع بين الأصابع حصل التخليل، لكن كمال السنة أن يكون بخنصر اليد اليسرى؛ يبدأ من خنصر الرجل اليمنى، ويمشي بالترتيب إلى خنصر اليد اليسرى من أسفل؛ يدخل إصبعه من أسفل بين كل إصبعين، هذا التخليل الذي هو من السنن.
السادس: "الترتيب"، الترتيب كذلك مختلف فيه:
ويجزئ عند الشافعية، وعند جماعة من غيرهم، أيضًا أنه ينغمس في الماء وينوي رفع الحدث، أو الطهارة للصلاة، فيرتفع الحدث مرتبًًا بين الأعضاء في لحظات خفيفة، يعني: يرتفع الحدث عن الوجه، فاليدين، فالرأس، فالرجلين، وهو منغمس وسط الماء مرة واحدة.
قالوا وهو : "مكروه الوضوء والغسل بالانغماس"، فالأفضل أن يكون بأخذ الماء، وجريه على العضو.
ثم إن هذا الطهور، قال ﷺ: عنه: "هو شطر الإيمان" وهو سبب لخروج ظلمات الأعضاء والذنوب التي يكتسبها الإنسان بأعضائه، وهو قُربة إلى الحق -تبارك وتعالى-.
حتى ينبغي أن:
قالوا: "فإن حضور القلب أثناء الوضوء من أقوى أسباب المعونة على حضور القلب في الصلاة، وغفلة القلب عند الوضوء، يصعب معها حضور القلب في الصلاة.
الوضوء مفتاح الصلاة، إذا تصلّح المفتاح، يحسن الفتح، ينبغي أن يكون حاضر القلب، وهو يتوضأ، أي: مستشعرًا أنه في عبادته، وأنه بين يدي المعبود يتوضأ له، كأن الله يراه، يعبده كأنه يراه، فيكون حاضر القلب، ومشتغلًا بالذكر، إلى أن يفرغ من الوضوء، فإذا جاء بعد الوضوء بهذا الدعاء: "أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا عبده ورسوله" في رواية زيادة: "أللهم اجعلني مِنَ التَّوَّابِينَ واجعلني مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ واجعلني مِنْ عِبَادِك الصَّالِحِينَ." من حافظ على هذا بعد كل وضوء، فُتحت له باب الجنة الثمانية، يدخل من أيّها شاء.
وفي قول مرجوح، غير معتمد عند الحنفية، أن الماء المستعمل نجس، مأخوذ من أنه تخرج فيه الذنوب، لا، ولكن فيه ظلمة، لكن المعتمد عندهم الثانية: أنه غير نجس
وبهذا تعرف ظهور أثر الذنوب، فإذا توضأ المغفور له من لا ذنب عليه، كالمعصومين من الأنبياء، أو مغفورًا له، محفوظًا، فما يخرج مع ماء الوضوء شيء، من أثر السيئة، ما في هناك سيئة، فتخرج أنوار الطاعة، فيتأثر الماء بنور الطاعة التي فيه، ومن هنا تسابق الصحابة -رضي الله عنهم- على وضوئه ﷺ، حتى يكادوا أن يقتتلوا، يقتتلوا على وضوئه ﷺ.
جاء في صحيح البخاري من يقول "فرأيت من لم يصب منهم شيئًا، أخذ من بللِ صاحبه، فتمسح به" وكان سيدنا بلال يعتني به في مختلف الأوقات والأماكن، بإحضار الإناء فارغًا، إناء خالي من أجل يصب ماء وضوء النبي ﷺ، يقدمه بين يدي النبي ﷺ، يصب عليه الماء فيخرج منه، من أعضائه إلى الإناء، فما كان يتحرز من ذلك، فيتوضأ لهم وسط الإناء، يخرج معه كله وسط الإناء، ثم يخرج.
حتى في آخر أيامه -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، لما ضرب خيمته بِزِرُود، مقابل الحجون، لما جاء بعض الوافدين، بعض اليمنيين، يسأل الرسول ﷺ، فجاء وجده له خيمة هناك، وحوله جماعة من الصحابة يصلون معه الصلوات، وترك الكعبة وما حَواليها لبعض من الوافدين من الحجاج، جلسوا في هذا المنطقة، فجاء بعض أهل اليمن قالوا لهم: الآن جاء وقت الصلاة، وسيخرج من خيمته ليصلي بالحجاج، ونسأله، قال: "فرأيت بلالًا" أخذ إناء من ماء وإناء فاضي (فارغ)، ودخلوا إلى الخيمة، صب الماء على أعضائه الشريفة، فأخرج بلال بالإناء، خرَجَ بباقي الإناء، والذين حواليه من كبار الصحابة، جالسين، قال: "فجعلوا يتسابقون إليه، فقمتُ أتسابق معهم،" ليأخذوا هذا الماء الذي أخرجوه من الخيمة والذي توضأ به ﷺ، يتمسحون به، فلو رآهم أحد سيقول: "هؤلاء صوفية كبار مبالغين" هؤلاء خواص أصحاب المصطفى ﷺ.
وهذا مسلكهم، وفي آخر أيامه ﷺ، في حجة الوداع، فخرجوا، قال: "ثم أذّن بلال" قال: "فصلينا" ثم خرج ﷺ، "فأمّ بنا ثم سلّم بنا ثم سألته" وهذا يسأله عنه مواطن في اليمن، وعن ناس من اليمن ومن وفد من أهل اليمن -ﷺ- يتكلم معه، و أجابه عن أسئلته صلوات ربي وسلامه عليه، الله أكبر.
والوضوء على الوضوء نور على نور، من توضأ على الوضوء فله عشر حسنات، وهذا كان عمل سيدنا عمر -رضي الله عنه-، وسيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ما يدخلون صلاة أخرى إلا بوضوء، وإن كانوا متوضئين، يُجَدِّدون الوضوء، فيدخلون الفريضة الأخرى بوضوء جديد، يتلون الآية، (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة: 6] " ففيه إعادة الوضوء.
.فصلٌ: في نواقض الوضوء
"وينقض الوضوء:
ما خرج من السبيلين إلا المني
ومس قبل الآدمي ، أو حلقة دبره ببطن الكف بلا حائل،
ولمس الذكر بشرة الانثى الأجنبية ولو زوجة مع كِبَر أو العكس ، فينتقض وضوء اللآمس والملموس إذا اختلف جنسهما وكان كل منهما يشتهي ولم يكونا محرمين،
وزوال العقل إلا نوم قاعد ممكن مقعدته.،
فصل: "فيما يجب عقب ما يخرج من السبيلين"
يجب الاستنجاء من كل رطب خارج من السبيلين غير المني:
بالغسل بالماء إلى أن يطهر المحل ،
أو أن يمسحه ثلاث مسحات أو أكثر إلى أن يُنقي المحل وإن بقي الأثر بقالع طاهر جامد أي غير مائع ولا رطب ولا مطحون غير محترم ،كالخبز من غير انتقال ، وقبل جفاف، وإلا وجب الماء"
ذكر نواقض الوضوء التي هي المراد بها: أسباب انتهاء الحدث، ينتهي حكم الطهارة عند وجودها؛
ما خرج من السبيلين بالاتفاق، القبل والدبر، سواء كان معتادًا، أيضًا باتفاق، أو غير معتادًا عند جمهور الفقهاء، كل ما خرج من القبل والدبر، سواء كان معتادًا كالبول، والغائط، والريح، وغير معتادٍ، كدودة، وحصاة، ودم، وغير ذلك، فهو عند الجمهور يُنَقض الوضوء، المعتاد بالاتفاق، وغير المعتاد عند الجمهور، كل ما خرج من السبيلين.
فزاد الحنفية أيضًا: "كل ما خرج من الباطن، حتى من الفم، ومن الأنف، مثل القيء، ونحوه"، فعندهم يُنَقض الوضوء، إذا كان القيء ملءَ الفم، فأكثر من ذلك، وإذا كان بشيء من الطعام، أوبشيء من هذا الذي يعتاد القيء به، أما لو كان بمجرد البلغم فلا ينقض الوضوء بخروج البلغم، وإن ملأ الفم، عند الحنفية، وعند الشافعية حتى القيء نفسه ما ينقض الوضوء عند الشافعية، وعند الحنابلة كذلك، فيبقى الخارج من أحد السبيلين، أي: القبل والدبر، ينقض الوضوء، استثنى الشافعية المني، قالوا: "إنه يجب الغسل ولا ينقض الوضوء"، كما قالوا بطهارته.
فكل ما خرج من السبيلين، وجب إعادة الوضوء، من قبل الدخول في الصلاة، أو عمل ما يترتب على الوضوء، من نحو طواف ومسّ مصحف وحمله.
قال: "ومسّ قُبُلِ الآدمي أو حَلْقِ دُبُرِه بِبَطْنِ الكف بلا حائل"
وبطن الكف، بحيث لو طَبَّقَ أحد اليدين على الأخرى مفرّقة الأصابع، فالذي لا يبرز للعين باطن الكف، من الأصابع ومن الكف،
والذي يظهر للعين; ظاهر ليس بباطن، إلا الإبهامين، فإنَّ باطنهما يبقى ظاهران.
فالعبرة إذا وقع بعضهما على الآخر هكذا، كما لا يبدو فهو الباطن، والذي يظهر هو الظاهر.
فباطن الكف، وباطن الأصابع؛ إذا مسّ بها القبل أو الدبر، ولو ولده الصغير، ولو ميتًا، بطل وضوءه، أو ببطن الكف، بلا حائل.
"و لمس بشرة الأجنبية مع الكِبَر"،
المراد بالكِبَر; أن يكون كل منهما بلغ حدًا يُشتهى فيه، وإن كان في الغالب من السبع فما بعدها، ولكن بحسب نُمُوِّ جسده، فإذا بلغ حدًا يُشتهى فيه صار ناقضًا للوضوء، "لمس بشرة الأجنبية مع الكِبَر"،
والاستدلال بالآية: (أو لَامَسْتُمُ النّسَاءَ) [النساء:43]، في قراءة من القراءات السبع: (أو لمَستم)، (أو لمستم النساء)، استدل بها الشافعية،
وفسر اللمس بالجماع، بقية الأمة، وقالوا: "أيضًا أن اللمس، إذا كان بشهوة يُبْطِل الوضوء، عند المالكية، والحنابلة،
ومجرد الشهوة ما تنقض الوضوء عند الحنفية، إلا أن يتعانقا متماسين، وبلا حائل وهذه الصورة التي تنقض الوضوء عندهم، فهذا ما يتعلق بلمس المرأة الأجنبية.
والمراد بالكِبَر; بلوغ سنّ; أن يبلغ بمستوى يُشتهى فيه عند ذوي الطباع السليمة، بخلاف الصغير، وكذلك الكبير إذا قَدِمَ من الهرم حتى صار بعيد عن الشهوة فينقض الوضوء.
ثم أن يكون اللمس:
إذًا، فيحصل النقض بشروطه،:
خمسة قيود يحصل بها نقض الوضوء عند الشافعية.
"وزوال العقل" سواء كان بإغماءِ، أو بسكرٍ، أو بجنونِ، أو بنومِ،
فإذا زال عقل المتوضئ; بأن أُغمي عليه فأفاق، فقد بطل وضوءه، فلابد أن يعيد الوضوء لأجل الصلاة.
أو جُن والعياذ بالله تعالى، ثم عاد إليه عقله، قال: "أنا ما فعلت شيء ناقض ثاني"، نقول: "فقدك للعقل نقض الوضوء."، فلابد من إعادة الوضوء.
أو بسكر، والعياذ بالله تعالى ، فإن سكر، تناول مُسكِرًا فسكر، فانتقض وضوءه.
أو بالنوم، النوم منه ناقض، ومنه غير ناقض عند الأئمة؛
ينقض الوضوء النوم الثقيل، بحيث الذي يسقط بيده، من مسبحة، أو قلم أو نحوها، وقالوا: هذا نوم ثقيل، ما دون ذلك فهو نوم خفيف ما ينقض الوضوء.
وقال الشافعية: "النوم إذا كان مُتَمَكِّنًا"، وهو معتدل الخلقة، وانتبه على الحالة التي نام عليها، ولم يخبره بالنقض عَدْلٌ"، إذا عنده رجل عَدْلٌ قال له: "سمعت أنت، وأنت نائم خرج منك الريح"بطل وصوءه ، وإذا لم يخبره عَدْلٌ بالنقض، "وهو معتدل الخلقة، أي ليس مفرط في السمن، ولا مفرط في النحف، لأن هذا المفرط في السمن والنحف، ما يتأتّى منه التمكين، أو كان مُتَمَكِّنًا، سواء من الأرض، من كرسي، من حيث ما هو، وانتبه على الحالة التي نام عليها، فلا ينتقض الوضوء، سواء كان النوم ثقيلًا أو خفيفًا عنده، إذا جمع هذه الشروط، ما ينتقض، وأناط النقْضَ المالكية بالثقل، فإذا قال: "نومه ثقيل" بطل الوضوء، إذا كان خفيفًا لم يبطل،
"مرّ ﷺ على سيدنا حذيفة -رضي الله عنه-، وهو جالس في المسجد ينعس، وقف عليه، وحرك إصبع رجله، فتح عينيه، قال: "يا رسول الله، أمِنْ هذا الوضوء؟" قال: "لا، أو تضع جنبك."، يعني: حتى تضع جنبك، وكانوا ينتظرون لصلاة العشاء، فتخفق رؤوسهم من النعاس والنوم، حتى يخرج ﷺ فيصلون، ما أحد منهم يتوضأ،
فتبين أن من النوم ما ينقض، ومنه ما لا ينقض، واختلف الأئمة، ما هو الذي ينقض، وما الذي لا ينقض من النوم.
ثم ذكر لنا "الاستنجاء"،
يجب الاستنجاء من كل رطب خارج من السبيلين، وهكذا عند الأئمة، أن الاستنجاء متعلق بخروج الخارج، لا علاقة له بعين الوضوء.
قال: "غير المني"؛ لأنه عند الشافعية طاهر، وهو عند غيرهم نجس، المني بالماء، إلى أن يطْهُر المحل؛
والمراد بالحجر; ليس عين الحجر، ولكن: "كل جامد طاهر قالع للنجاسة، غير مُحْتَرَم"، وهو حجر، فعلى هذا، هذه المناديل المستعملة أيضًا، تقوم مقام الحجر، فينبغي أن يمسح بها، ثم يستنجي بالماء، وهذا أفضل
فينبغي لطالب العلم أن لا يخلو مكان خلائه، ومحل قضاء الحاجة، من وجود هذه المناديل مع الماء، فينبغي أن يُعِدَّها من قبل أن يقضي حاجته، ويتأكد من وجود المناديل ووجود الماء، فمن السنة أن يُعِدَّ "النَّبْلَةَ" قبل قضاء الحاجة، حتى لا يتفاجأ، أنه لا توجد مناديل، فلهذا من قبل يجب أن يتأكد أن الماء موجود والمناديل موجودة.
فاستعمال المناديل قبل الماء هو الفضيلة، في الجمع بين الحجر والماء، يستنجي بالمناديل ثم يستنجي بالماء.
"والوجوب الاستنجاء من كل رطب"، يعني شيء مُلَوِّث خارج من السبيلين، كائنًا ما كان، غير المني عند الشافعية، لقولهم بطهارته، إلى أن يطْهُر المحل.
أو بمسحهِ، ثلاث مسحات أو أكثر، إلى أن يُنقي المحل، فالثلاث لا يجوز الاقتصار على أقل منها، ولو فرضنا إنقاء المحل بواحدة أو اثنتين، وجب أن يكون المسح ثلاث، فلابد من من ثلاث مسحات، وإن حصل الإنْقاءُ بالأولى، لابد من ثلاث، لكن إذا أراد الجمع - بين الماء والحجر- فما يجب أن يُلْزَمَ ثلاث، يحصل فضيلة الجمع بين الحجر والاستنجاء بالماء ولو بدون الثلاث، فإن لم ينْقَ بثلاث وجب أن يزيد إلى الإنْقاءِ، فإن حصل الإنْقاء بوتر، خمس أو سبع انتهى، وإن كان حصل بِشَفْعٍ، فيسنّ أن يزيد واحدة لأجل الإيتار، فالإنقاء واجب، والإيتار مُستَحَبٌّ.
قال: "وإن بقي الأثر" بِقَالِعٍ وهو كل قالع للنجاسة، بخلاف الذي لا يقلع النجاسة؛
والذي لا يقلع، إما لملاسته، أو لِلزُوجَتِه، أو لتناثر أجزائه، ما يجزي.
"قالع"وهو طاهر بخلاف البعر ونحوها من النجاسات، "جامد"، بخلاف السائل، ما يتأتى، إذا فيه رطوبة أوفيه بلل، ما يجزيء الاستنجاء به، "غير مُحْتَرَم" ما يجوز بأوراق فيها علم، أوفيها شيء من أسماء الحق -جل وعلا- ورسوله، وما إلى ذلك، ما يجوز الاستنجاء بها، ولا بالمطعوم كذلك.
ومن المطعوم قالوا: "العظم" لأنه مطعوم إخواننا الجن، وما يُرْمَى من العظام يُكْسَى لحمًا للجان، فإن سُمّى الله -تعالى- عند رميه لم يقدر على تناول ما ينبت عليه من اللحم إلا المسلمون من الجان، ومن هنا قال: لا يجوز رمي العظام في محلّات النجاسة، فتكون وحدها لأنها مطعوم إخواننا الجن، و نهى ﷺ عن الاستنجاء بعظم، وعن الاستنجاء بالرَّوْث، قال: لإنه نجس، وعن الاستنجاء بعظم، قال: "فإنه مطعوم إخوانكم من الجن".
قال: "إلى أن يُنَقي المحل" "وغير مُحْتَرَم"
قال: ومن غير انتقال، أي: الذي انتقل من النجاسة من المخرج إلى موضع آخر، لا يجزي في الموضع الآخر الاستنجاء بالحجر، بل لابد من استعمال الماء.
وقبل أن يجفّ فإذا جفّ النجس ما عاد يجزي الحجر وحده، فلابد من استعمال الماء إذا قد يَبِس.
فصلٌ: "في ما يوجب الغسل وفروضه"
ومن شروط الصلاة :
الطهارة عن الحدث الأكبر ؛ وهو الغسل، [ ويتيم إن عجز عنه ] ،
والذي يوجبه[ أي الغسل ] خمسة أشياء :
خروج المني ،
والجماع ،
والحيض ،
والنفاس ،
والولادة
و فروض الغسل اثنان :
نية رفع الحدث الأكبر أو نحوها ،
و تعميم جميع البدن بشراً وشعراً وإن كثف، بالماء.
فرفع الحدث الأصغر بالوضوء، ورفع الحدث الأكبر بالغسل، قالوا من شروط الصلاة: الطهارة عن الحدث الأكبر، فكيف تكون الطهارة؟، قال: "بالغسل" بتعميم الماء سائلًا على جميع البدن من الرأس إلى القدمين، والذي يوجبُ الغسل، خَمْسَةِ أَسْبَابٍ.
وأما الذين ذكروا السادس وهو الموت، فمرادهم أنه يجب على الكفاية على المكلّفين من الموجودين عند الميت، ليس على الميت نفسه، ما يلزمه شيء، إذا احد مات، واجب عليه يغتسل؟ لا، إذا مات خرج عن الكلفة أصلًا، خرج عن حد التكليف، لكن يلزم من حواليه، فرض كفاية أن يغسلوه؛
أما هذا، تلزم أصحابها خمسة أشياء:
أما طروّ الحيض والنفاس، لا يدخل في وجوب الغسل، لكن انقطاع الحيض وانقطاع النفاس،
قال: "وفروض الغسل اثنان:
وهذا لا فرق بين لحية كثيفة أو لحية خفيفة، لا فرق، واجب تعميمه لقوله ﷺ: "تحت كل شعرة جنابة"، حتى قال سيدنا علي- منذ أن سمعت رسول الله يقول ذلك، عاديتُ شعر رأسي، أي كان يميل إلى حلاقته.
"تحت كل شعرة جنابه" فيجب تعميم البدن من الرأس إلى القدمين، شعراً وبشراً.
قال: وإن كَثُف، حتى ترتفع الجنابة من جميع أجزاء الجسد.
قالوا: وإذا كان الغسل بسبب خروج مني - بسبب جماع- أو خروج مني في نوم أويقظة، ينبغي أن لا يباشر الغسل حتى يبول، قال: لإن ما بقي من أثر المني في المخرج يخرج مع البول، فإن استعجل على الغسل ولم يبل، فقد يخرج عندما يبول مرة أخرى أثر المني، فيصير عليه جنابة، وهو لا يدري يصير جُنب.
وهكذا، لما جاء بعض تلامذة الحبيب أبوبكر العطاس الي عنده، وكان عنده بداية تشكك في ما يُذكر من كرامات الأولياء ومناقبهم. وجاء يزور شيخه، الحبيب أبوبكر، فأشرف له من الدور الثالث، قال: مرحباً، وإذا به يفتح له في نفس الوقت، متى خرج؟!! "هذه واحدة كرامة" ودخل إلى عنده، يقول له: أنا وصلت إلى بلدان أنت ما وصلت إليها، قال: لا، أيش من بلدان وصلت؟ قال: بعض مناطق في الهند، قال: ها، جئت إلى بلد كذا، بلد كذا، ويوم جئت نزلوك في المحل الفلاني، شرح له أمره، قال له: فعليك قضاء صلاة ثلاثة أيام، قال: ها!!! من أين قضاء صلاة؟ قال: قبل ثلاثة أيام أنت أتيت أهلك، وبعد ذلك اغتسلت من قبل أن تبول، قال: نعم !!! قال: بقي عندك مني، بعد ذلك خرج، قال: حتى إلى هنا تصِلون؟!! أَمنا وصدّقنا، فخرج بحالة ثانية، لا إله إلا الله.
قال: حتى تصلون إلى هنا؟ قال: ما نفتش إلا في مخازننا، ما عندنا فضول، لكنه أمر متعلق بصلاتك! الآن بسرعة وصلِّ.
لا إله إلا الله،
رزقنا الله كمال الطهارة في الحس والمعنى، والظاهر والباطن، الله يطهر قلوبنا تطهيرًا.
كان الإمام أحمد بن حسن العطاس يقول: الشؤون كلها تحت هذه الآية: (لايمسَّه إلّا المطهَّرون)
قال: فمن رام دنوًّا أو قربًا، أو معرفةً، أو حقيقة علمٍ أو ولاية
كله تحت آية (لايمسَّه إلّا المطهَّرون)
تَطهّر وتعال، الله يطهرنا.
(جواب لسائل)
الطريقة صحيحة: بالنسبة للاستبرأ من البول، إذا احتياط، بمشي خطوات قبل أن يستنجي، و بالنتر كذلك، بإمرار اليد ، كفى ذلك إلا أن يتيقّن، أن يتيقّن خروج شيء بعد الاستنجاء، فإن لم يتيقّن فيكفي، لكن إذا حس بخروج شيء وجب عليه أن يعيده، فإذا لم يحس بخروج شيء، ولم يتيقّن خروج شيء، فلا يضر، فلا يضر بعد أن يعمل الاحتياطات هذه:
وكذلك مثل: مسّ الزوجة عند الشافعية، ينقض الوضوء.
عندكم هنا في الأردن، واحدة حنفية، إذا غضبت من زوجها، تمزح معه وتلمسه حتى يتوضأ، من شّان يبطل وضوءه في البرد، في الأردن، ويذهب ليتوضأ مرة اخرى.
وكانت واحدة رأت شافعي، يطوف، وهو متحذر، ما يبغي أحد يلمسه من النساء، جاءت، مسرعة الى عنده قالت له: نقّضتك ياشافعي، قال: لاحول ولاقوة إلا بالله، يروح يتوضأ، ويجي يكمل طوافه الباقي.
وهم، عند الحاجة يقلّدون الأئمة الآخرين الذين يقولون لايحدث النقض.
ومثل هذا: حق الزوجة، إذا كان ما هناك ضرورة، والماء متوفر، فيتوضأ، ويخرج من الخلاف، لكن إذا كان هناك شدة، أو ضرورة، ويصعب عليه فيمكن، يقلد أحد من الائمة، وخصوصًا إذا مسته هي، ففي قول عند الشافعية أن من المنتَقضّ هو اللامس، دون الملموس.
سؤال:
نعم عندهم ربع الرأس عند الحنفية، واستيعاب الراس عند المالكية، فإذا أراد يقلّد المالكية وهو ما مسح إلا شعر واحدة من الرأس، نقول له : أنت عند الشافعية الان ينتقض وضوءك، وعند المالكية، من الأصل الوضوء كله باطل، فعلى مذهب من ستصلّي؟ لا مع ذا، ولا مع ذا!!، ولكن إذا كان مسح ربع الرأس، فعند الحنفية خلاص، أو أكثر.
وقول أيضًا: عند المالكية بوجوب المضمضة والاستنشاق، وماعدا ذلك لا يوجد هناك شي، الموالاه عند المالكية، أما إذا توضأ، وقعد بين كل عضو و عضو نصف ساعة، راح ورجع وبعدها يكمّل، فهذا غير صحيح عند المالكية، لأنه انتقض عند الشافعية، فلا يكون مُلَفَّق القول، فإذا قام بالمضمضة والاستنشاق، ومسح جميع الرأس، أوأكثر من ربعه، ووالى، فلا إشكال في ذلك،
سؤال :
الأمر واسع، ولكن الاحتياط فيه من عند الوضوء. -يكتبنا في ديوان الصالحين-.
إجابة على سؤال آخر:
هذا أيضا يقول: الأعضاء الصناعية -كاليد الصناعية، والقدم الصناعية- هل يجب غَسلها في الوضوء؟
الجواب: إذا كان شيء ما هو موجود من أصل البدن، مجرّد مُرَكَّب، فهذا سُقِط عنه، ولكن من المستحب والجميل، أن هذا المُرَكَّب فيه، يُغسلُه تشبهاً بأصحاب الأعضاء.
وأما الطهارة فما يقبل شيء من المواد التي فيها نجاسة، من البداية المفروض ما يقبل، من المواد الي فيها نجاسة، من البداية ما يجوز، وعلى كل الأحوال، فما كان من أصل البدن وجب غسله، وما كان خارج البدن رُكَّب، فيستحب أن يغسله تشبهًا.
ويقول: يسأل عن جواز من تعمد المسح على الجورب؟
قد عرفت أن الفقهاء اشترطوا، المسح على الخفين، أن يكون بالشروط، فكذلك لا يجوز أن يُمَسح على هذا الجورب، الذي لا تجتمع فيه شروط، ثمّ ييصلّي، وإذا علمت أن إمامًا فعل ذلك فلا يجوز أن تقتدي به.
بارك لنا وللأمة، في ولاء أهل الله، وأهل القرب إلى الله من أنبيائه وأهل ورضاه، والبضعة البتول، ومن اتصل بسيدنا الرسول، اجعل ولاءنا لهم عدةً لرضاه الأكبر عنا، والصلاح لنا في الحس والمعنى، والاستقامة على منهجهم، ظاهرًا وباطنًا، ويُحيي فينا وبنا سيرهم، وأخلاقهم وعروفهم، ومعارفهم، وعوارفهم، وعلومهم، وأعمالهم، ويثبتنا في الديوان، وينشر لنا رايات الأمان، ويرفع لنا مراتب أهل الرضوان، ويُصلح لنا كل شأن، ويعجل بتفريج كروب أهل الإسلام، والإيمان، وتحويل أحوالهم إلى أحسن الأحوال، و أن يعاملنا بالفضل في ما هو أهله، مع صلاح الشأن، و دفع سوء عن أهله ، و إلى حضرة النبي محمد ﷺ.
20 صفَر 1446