(535)
(339)
(364)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 359- كتاب الحج والعمرة (06) الحج عن الغير
صباح السبت 5 ربيع الثاني 1447هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبسندكم المتصل إلى الإمام أبي المواهب سيدي عبدالوهاب الشعراني -رضي الله تعالى عنه وعنكم- ونفعنا بعلومه وعلومكم وعلوم سائر الصالحين في الدارين آمين في كتابه: (كشف الغمة عن جميع الأمة)، إلى أن قال:
"وكان ﷺ يقول: "قال الله عز وجل: إن عبدًا صححت له جسمه وأوسعت عليه في رزقه لا يفد إليّ في كل خمسة أعوام مرة إنه لمحروم".
وكان ﷺ يرخص للأقارب والأجانب أن يحجوا عمن مات وفي ذمته حجة الإسلام أو النذر ويقول حجوا عنهم، وكان ﷺ كثيرًا ما يفسر لهم قوله تعالى: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[آل عمران:97] بالزاد والراحلة، قال شيخنا -رضي الله عنه-: وما يفعله من لا كشف له من العباد من السفر للحج بلا زاد ولا راحلة فهو خلاف السنة.
وفي الصحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، ومما جاء به ﷺ الأمر بالزاد والراحلة فتأمل، وكان ﷺ يقول لأصحابه: "من حج ماشيًا فليشد وسطه بردائه أو بإزاره وعليه بالهرولة فإنها تذهب التعب"، وكان ﷺ ينهى عن ركوب البحر عند ارتجاجه ويقول: "من ركب البحر عند ارتجاجه فمات برئت منه الذمة"، وكثيرًا ما كان يقول: "لا يركب أحدكم البحر إلا حاجًا أو معتمرًا أو غازيًا في سبيل الله عز وجل فإن تحت البحر نارًا وتحت النار بحرًا"، وكان ﷺ ينهى عن سفر المرأة للحج وغيره مسيرة يومين أو ثلاثة إلا بمحرم يصحبها".
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلَّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن.
الحمد لله على نعمة الشريعة وبيانها على لسان عبد الله وحبيبه محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه، وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائه ورسله وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وآخر ما تقدم معنا ما جاء في الحج في كل خمسة أعوام لمن صحح الله -تبارك وتعالى- له جسمه ووسَّع عليه في المعيشة، وذلك على سبيل الندب، ولا يجب الحج والعمرة للمستطيع إلا مرة في العمر. وجاء في حديث البيهقي وابن حبان قوله ﷺ: "قال الله عز وجل: إن عبدًا صححت له جسمه وأوسعت عليه في رزقه لا يفد إليّ في كل خمسة أعوام مرة إنه لمحروم". فمن جُمع له الصحة والقوة واليسار فيُندب له كل خمس سنين أن يحج، وإلا حُرم هذا الأجر وكان عنده نوع من الجفاء.
ثم تكلم الشيخ -عليه رحمة الله- عن الحج عن الغير "وكان ﷺ يرخص للأقارب والأجانب أن يحجوا عمن مات وفي ذمته حجة الإسلام أو النذر ويقول حجوا عنهم".
ولكن الجمهور على أن الحج أيضاً من الأعمال التي تقبل النيابة لما جاء في السنة المطهرة المشهورة ومنها:
فبذلك قالوا أن يُحج عن الميت وعن المعضوب الذي لا يستطيع الحضور بنفسه للحج.
فمن وجب عليه الحج وهو قادر على الحج بنفسه وجب عليه أن يحضر بنفسه، لكن إذا حضره الموت فيجب عليه عند الحنفية والحنابلة -أن يوصي- الإيصاء، يجب عليه الوصية بالحج، سواء كانت حجة الإسلام أو حجة نذر أو قضاء.
وبعد ذلك فالشرط:
أما الشافعية والحنابلة قالوا لا يصح أن يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه أولاً.
نفقة الحج على من؟
قال الحنفية: لابد أن يكون أكثر النفقة في الحج من مال المحجوج عنه.
وبعد ذلك اشترط الشافعية للحج المتطوع به أن يكون قد أوصى.
فلهذا إذا كان قد مات وعليه حجة الإسلام، يجوز لأي أحد أن ينوب عنه، ولكن إذا قد حج حجة الإسلام فليس لأحد أن يحج عنه إلا إن أذن بذلك، أذن لمن شاء أن يحج عنه ويعتمر، وله الأجر من الله تبارك وتعالى.
فيتأكد إذاً على مذهب الشافعية على المؤمن أن يجعل في وصيته الإذن لمن أراد أن يحج عنه أو يعتمر من الأقارب أو غيرهم، ليصح الحج عنه، والتطوع بالحج عنه.
ميقات الحج للمحجوج عنه؟
ثم قال -عليه رحمة الله تعالى-: "وكان ﷺ كثيرًا ما يفسر لهم قوله تعالى: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[آل عمران:97] بالزاد والراحلة، قال شيخنا -رضي الله عنه-: وما يفعله من لا كشف له من العباد من السفر للحج بلا زاد ولا راحلة فهو خلاف السنة".
ثم قال: وفي الصحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، ومما جاء به ﷺ الأمر بالزاد والراحلة فتأمل، وكان ﷺ يقول لأصحابه: "من حج ماشيًا فليشد وسطه بردائه أو بإزاره وعليه بالهرولة فإنها تذهب التعب"، كما يقولون في المثل عندنا: مَن لَغُبْ فلْيَخُبْ -يعني: من تعِب فليسرع-.
وكان ﷺ ينهى عن ركوب البحر عند ارتجاجه ويقول: "من ركب البحر عند ارتجاجه فمات برئت منه الذمة"، أي: في حال كان في حال هيجان البحر ويغلب الهلاك، فلا يجوز أن يخاطر المؤمن بنفسه.
وكثيرًا ما كان يقول: "لا يركب أحدكم البحر إلا حاجاً أو معتمراً أو غازياً في سبيل الله عز وجل، فإن تحت البحر ناراً وتحت النار بحراً". رواه أبو داود والبيهقي.
"وكان ﷺ ينهى عن سفر المرأة للحج وغيره مسيرة يومين أو ثلاثة إلا بمحرم يصحبها".
رزقنا الله الاستقامة، واتحفنا بالكرامة، وضاعف لنا هباته، وأجزل لنا عطياته، وأدخلنا في دوائر خيار برياته، وكشف الشدائد عنا وعن أمة حبيبه محمد، وحوّل الأحوال إلى أحسنها، وأصلح شؤوننا وشؤونَكم والمسلمين بما أصلح به شؤون الصالحين، وخَتم لنا بالخاتمة الحسنة، وهو راضٍ عنا في خير ولطف وعافية.
بِسِرِّ الْفَاتِحَةِ
إِلَى حَضْرَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
الْفَاتِحَة
07 ربيع الثاني 1447