كشف الغمة 344- كتاب الصيام (21) فرع في صوم يوم عرفة

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 344- كتاب الصيام (21) فرع في صوم يوم عرفة

صباح الثلاثاء 4 صفر الخير 1447هـ 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  •  فضل صوم يوم عرفة
  •  هل يسن صوم الحاج في عرفة؟
  •  حرمة الصوم في العيد وأيام التشريق
  •  القول بصوم المتمتع أيام التشريق
  •  الاقتداء برسول الله
  •  حديث: صوم عرفة بألف يوم

نص الدرس المكتوب:

 

فرع: في صوم يوم عرفة

"كان رسول الله ﷺ يحث على صوم يوم عرفة ويقول: صوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين ماضية ومستقبلة"، وكان ﷺ ينهى عن صوم يوم عرفة بعرفات وعن صوم العيدين والتشريق ويقول: "عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى"، وفي رواية: "كان ينهى عن صوم العيدين ويقول: أما يوم الفطر ففطركم من صومكم وعيد المسلمين وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم"، وقال أنس -رضي الله عنه- شك الصحابة في صوم النبي ﷺ بعرفة فأرسلت إليه أم الفضل -رضي الله عنها- بإناء من لبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة. وقال ابن أبي نجيح: حججت مع رسول الله ﷺ ومع أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- فما رأيت أحداً منهم يصومه وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه، وكذلك قال ابن عمر -رضي الله عنهما-، ودخل مسروق -رضي الله عنه- على عائشة -رضي الله عنها- يوم عرفة فقال: اسقوني فقالت عائشة يا غلام اسقه عسلاً ثم قالت: وما أنت يا مسروق بصائم؟ قال: لا؛ إني أخاف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة: ليس ذلك إنما عرفة يوم يعرف الإمام ويوم النحر يوم ينحر الإمام أو ما سمعت يا مسروق أن رسول الله ﷺ كان يعدله بألف يوم". 

 

 

اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ الذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن

 

 

الحمد لله مكرمِنا بالشريعة الغرّاء، وبيانِها على لسان عبده خير الورى سيدنا محمد، صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله الأطهار وأصحابه طُرًّا، ومن تبعهم بإحسان وبمجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، من رفع الله لهم قدرًا ورقّاهم في الفضل والقرب والشرف أعلى الذُّرَى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

وبعد؛ 

فيذكر الشيخ -عليه رحمة الله- في هذا الفرع ما جاء في صوم يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة. واتفق الفقهاء على استحباب صومه لغير الحاج، فمن لم يكن في الحج فيُسنُّ أن يصوم ذلك اليوم -اليوم التاسع من ذي الحجة- لِما جاء فيه من فضائل.

ومنها ما ذَكَر في قوله: "كان رسول الله ﷺ يحث على صوم يوم عرفة ويقول: صوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين ماضية ومستقبلة".

 

وهكذا جاء عن أبي قتادة عنه ﷺ قال: "صِيامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ على اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، والسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ"

أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. 

وهو أيضًا أفضل الأيام في السنة، "ما مِن يَومٍ -يقول ﷺ-  أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ"

أيضًا جاء في صحيح الإمام مسلم.

  • فغير الحاج اتفق الفقهاء على أنه يستحب له صومه. 
  • أما الحاج بعرفة:
    • فجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة يقولون: لا يستحب له الصوم في يوم عرفة -الحاج- 
    • يقول المالكية والحنابلة: إنه مكروه. 
    • ويقول الشافعية خلاف الأولى للحاج أن يصوم ذاك اليوم.

 

ولِما جاء في الخبر أنه -ﷺ- لما حجَّ لم يصم، مع أنه كان يصوم هذا اليوم في المدينة المنورة، فلما كانت حجة الوداع لم يكن صائمًا.

كما جاء أن أم الفضل بنت الحارث أرسلت إليه ﷺ بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب، كما جاء في الصحيحين لمّا شك الصحابة؛ وهكذا يقول ابن عمر: "أنه حج مع النبي ﷺ ثم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان فلم يصمه أحد منهم"، رواه الإمام الترمذي وقال حديث حسن. 

قالوا لأنه يُضعِفه عن الدعاء، والوقوف لكثرة الدعاء والإلحاح، فكان تركه أفضل، ولأنهم أضياف الله وزواره.

 

  • وكذلك يقول أيضًا بعض الشافعية إنه من كان حاجًّا ولكنه لم يصل إلى عرفة بعد، وهو يمشي في يوم عرفة لكي يصل في الليل إلى عرفة، أنه يصوم هذا اليوم. 
  • وقال الحنفية: إن أضعفه عن التضرع والدعاء والوقوف كُرِه، وإلا فيستحب؛ قال الحنفية: يستحب له أن يصوم وإن كان حاجًّا في يوم عرفة، فيستحب له الصوم إن لم يضعفه عن الوقوف بعرفات ولا يَخِلّ بالدعوات، فإذا أضعفه كُرِه له الصوم ذلك اليوم.

 

"وكان ﷺ ينهى عن صوم يوم عرفة بعرفات وعن صوم العيدين والتشريق". 

  • أيام العيدين هي: 
    • العاشر من ذي الحجة.
    • واليوم الأول من شهر شوال. 

 

  • وأيام التشريق هي عند الجمهور: 
    • ثلاثة أيام بعد يوم العيد.
    • وعند المالكية يومان؛ يوم العيد ويومان بعدها، أما اليوم الثالث فيُكره عندهم الصيام ولا يحرم، ولهذا يقولون لا يصح القضاء فيه، لا يصح أن يقضي في اليوم الثالث من أيام التشريق؛ لأنه يوم يُكره فيه الصيام فلا يصح أن يكون فيه القضاء، وأما اليوم الحادي عشر والثاني عشر فكالجمهور قالوا يُحرم صومها لأنها أيام التشريق. 

 

فيحرم صوم يومي الفطر وعيد الأضحى وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد يوم العيد.

 

 

وقال ﷺ في أيام التشريق: "أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" كما في صحيح مسلم؛ كذلك في الصحيحين أنه ﷺ "نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم النحر".

  • وسمعتَ ما قال المالكية أن أيام التشريق يومان بعد يوم الأضحى، وأما الثالث فمكروه صومه. 
  • وقال الحنفية: إنه في مختلف الأحوال يكره صومها كراهة تحريم، أي يحرم صومها أيام العيد وأيام التشريق الثلاثة؛ وقالوا لأن فيه معنى الإعراض عن ضيافة الله تبارك وتعالى. 
  • وهكذا قال الحنابلة: لا يصح صومها فرضًا ولا نفلًا. 
  • ولكن قال المالكية والحنابلة: المتمتع إذا لم يُحرِم قبل أيام الوقوف فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج، فهي أيام التشريق عن دم المتعة وكذلك دم القِرَان. وهذا هو المذهب القديم عند الشافعي اختاره الإمام النووي، ولكن الأصح عند أصحاب الشافعي أنه لا يصوم وإن كان متمتعًا لا يصوم أيام التشريق.

 

قال: "ويقول: عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى، وفي رواية: "كان ينهى عن صوم العيدين ويقول: أما يوم الفطر ففطركم من صومكم وعيد المسلمين وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم"-أي: الأضاحي-، وقال أنس -رضي الله عنه- شك الصحابة في صوم النبي ﷺ بعرفة فأرسلت إليه أم الفضل -رضي الله عنها- -بنت الحارث- بإناء من لبن -وهي زوجة سيدنا العباس-  فشرب".

وكانوا من أدبهم وهيبتهم له ﷺ لا أحد يقول له أنت صمت أو ما صمت؟ أنت اليوم صايم؟ ولكنهم شكوا وهم حريصون على أن يقتدوا به، فإن كان صائمًا فيصوموا، وإن كان مفطر..فأرسلت إليه بلبن فشربه أمامهم فعلموا أنه لم يصم ذلك اليوم وهو في عرفة صلى الله عليه وصحبه وسلم. 

 

وقال ابن أبي نجيح حججت مع رسول الله ﷺ ومع أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- فما رأيت أحداً منهم يصومه -أي: في الحج- وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه، وكذلك قال ابن عمر -رضي الله عنهما-، -وجاء بقصة مسروق- ودخل مسروق -رضي الله عنه- على عائشة -رضي الله عنها- -أم المؤمنين- يوم عرفة فقال: اسقوني، فقالت :عائشة يا غلام اسقه عسلاً ثم قالت: وما أنت يا مسروق بصائم؟ -يوم عرفة وتقول اسقوني؟ ما أنت صائم هذا اليوم؟- قال: لا؛ إني أخاف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة: ليس ذلك -خلِّ الوسوسة عنك والأفكار والخواطر من عندك- إنما عرفة يوم يعرف الإمام -يوم يقف الإمام بعرفة هو يوم عرفة- ويوم النحر يوم ينحر الإمام -الوسوسة ما لها حاجة- أو ما سمعت يا مسروق أن رسول الله ﷺ كان يعدله بألف يوم". صيام يوم عرفة بألف يوم! الله أكبر، بل جاء في رواية بعشرة آلاف يوم صيام يوم عرفة.

 

ملأنا الله بالإيمان واليقين، والبركة في العمر وصرْفُه في خير ما يرضيه عنا من الوجهات والنيات والمقاصد والأقوال والأفعال والحركات والسكنات والمعاملات، ووقانا الأسواءَ والأدواءَ وكلَّ بلوى، وأصلحَ لنا السرَّ والنجوى، وأصلحَ شؤوننا بما أصلح به شؤون الصالحين، ورقَّانا أعلى مراتبِ علمِ اليقين وعينِ اليقين وحقِّ اليقين، في خيرٍ ولطفٍ وعافية. 

 

 

بسر الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد

 اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

09 صفَر 1447

تاريخ النشر الميلادي

03 أغسطس 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام