(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: باب سنن الوضوء : السواك
صباح الأربعاء: 21 صفر 1445هـ
باب سنن الوضوء
"وأمهات السنن المؤكدة عشر: الأولى السواك. قال أبو هريرة كان رسول الله ﷺ يقول: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء"، وفي رواية: "عند كل صلاة كما يتوضؤون"، وفي رواية: "لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك والطيب عند كل صلاة كما فرضت عليهم الوضوء".
وكانت عائشة -رضي الله تعالى عنها- تقول: ما زال النبي ﷺ يذكر السواك حتى خشيت أن ينزل فيه قرآن، وكان يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي"، يعني: السقوط. وكان الصحابة يربطون مساويكهم بذوائب سيوفهم في شدة القتال فإذا حضرت الصلاة استاكوا بها، وكان ﷺ يقول: "لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك".
وكان ﷺ يقول: "إذا صليتم الوتر فاستاكوا قبل النوم"، وكان ﷺ يستاك في الليل مراراً فكان يصلي ركعتين ثم يستاك ثم ركعتين ثم يستاك وهكذا، وكان زيد بن خالد رضي الله عنه يضع السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب خلف أذنه اليسرى، وكان كلما قام إلى الصلاة استاك به ورده إلى موضعه، وسيأتي في باب الصلاة أن الناس لما أمروا بالوضوء لكل صلاة شق ذلك عليهم فخفف ذلك عنهم بالسواك عند كل صلاة.
وكان ﷺ إذا قام من النوم ليلاً أو نهاراً يشوص فاه بالسواك، وكانت عائشة تقول: كنا نضع لرسول الله ﷺ وضوءه وسواكه فإذا قام من الليل يتهجد تخلى ثم استاك ثم توضأ، وكان ﷺ إذا دخل بيته بدأ بالسواك ويقول: "إنه مطهرة للفم مرضاة للرب مجلاة للبصر"، وكان يقول: "طهروا أفواهكم للقرآن فإن الملك يضع فاه على فم أحدكم فلا يخرج من أحدكم شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك".
وكان أبو موسى الأشعري يقول: أتيت رسول الله ﷺ وطرف السواك على لسانه يستن به وهو يقول: "أع أع" والسواك في فيه يتهوع، وفي رواية: وهو يقول "أه أه" يعني يتهوع، وفي رواية وهو يقول: "عا عا ".
وكان ﷺ يقول: "لقد أكثرت عليكم في السواك وأكثرتم علي".
وكان ﷺ يقول: "أراني في المنام أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر فناولت الأصغر منهما فقيل لي كبر فدفعته إلى الأكبر منهما".
وفي رواية عن عائشة: أنه فعل ذلك مرة في اليقظة فأعطى السواك للأكبر، قالت عائشة: وكان رسول الله ﷺ يستاك فيعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه، وكان لا يخرج ﷺ من بيته إلا استاك"، وكان يقول: "من رغب عن السواك فليس مني، وكان يقول: من خير خصال الصائم السواك".
وكان ﷺ إذا وجد جليسه متغير الفم يأمره بالاستياك، وكان ابن عمر وأنس يقولان: يستاك الصائم أول النهار وآخره، وكان ﷺ يقول: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وبهذا احتج من كره السواك للصائم بعد الزوال، وكان ﷺ يقول: "إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامة".
وكان ﷺ كثيراً ما يتسوك بأصبعه في المضمضة ويكتفي به ويقول: "يجزي من السواك الأصابع"، وكان ﷺ يقول: "إذا استكتم فاستاكوا عرضًا"، واستاك ﷺ في مرض موته بجريدة رطبة كانت في يد عبد الرحمن ابن أبي بكر رضي الله عنه، وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: "قلت: يا رسول الله الرجل يذهب فوه يستاك، قال: نعم؟ فقلت: كيف يصنع؟ قال: يدخل أصبعه في فيه"، والله أعلم."
اللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مُكرمنا بشريعته وبيانها على لسان حبيبه وصفوته؛ خير بريته سيدنا محمد ابن عبد الله مجلى جود الله ورحمته صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحابته؛ وعلى أهل ولائه ومتابعته؛ وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين؛ وجميع عباد الله الصالحين؛ وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،
فيذكر الشيخ -عليه رحمة الله تعالى- باب سُنن الوضوء، وقال: إن "الأمهات من السُّنن المُؤكدات عشر" والسُّنن: جمع سُّنة؛ والسُّنة في اللغة: تُطرق على الطريقة والعادة والسيرة؛ وتُجمع على السُّنن؛ وفي الحديث بالمعنى اللغوي للسُّنة: "من سَنَّ في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا؛ ومن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" كما جاء في صحيح مسلم؛ ثم إنه أُطلق استعماله على الطريقة المحمودة المستقيمة، وسنة الله تعالى: أحكامه وأمره ونهيه وعادته في تكوين الأشياء ومعاملة الخلق؛ يُقال له: سُنَّة، ويُقال: فلان من أهل السنة؛ يعنون: الطريقة المستقيمة المُثلى.
ثمأن السُّنة أيضًا تأتي بمعانٍ عند الأصوليين وعند الفقهاء؛ عند أهل الحديث:
ويقول أهل الأصول: أنها عبارة عمّا صدر من النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير.
وهي عند علماء السيرة: جميع أوصافه ﷺ الخَلْقية والخُلْقية وأقواله وأفعاله وأحواله،
وأهل الفقه يطلقون السنة كما هو مشهور عند الشافعية والحنابلة: على المندوب والمستحب والمُتطوع به والمُرغَّب فيه والحسن كلها عبارات تدل في الفقه: على ما يُثاب على فعله ولا يُعاقب على تركه، ويقولون: من السُّنن سُنن مؤكدات وسُنن غير مؤكدات..
وقد تُستعمل شيء من هذه الألفاظ المُرادفة للسنة ومنها الاستحباب، ويقول الحنفية: المُستحب ما فعله النبي ﷺ مرة وتركه أخرى؛ فهو عندهم دون السُّنن؛ وقد يطلقون عليه المندوب والتطوع؛ وهكذا بعض الحنفية لم يفرق بين مستحبات وسُنن زوائد، إلى غير ذلك من الإصطلاحات؛ ولكن مرجعها إلى ما ذكرنا مما يُمدح فاعله ويُثاب ولا يُعاقب تاركه.
يَذكر سُنن الوضوء؛ وذكَر: أن "الأمهات المؤكدة من السنن عشر؛" ابتدأ فيها: بالسواك وهو يُطلق: على دلك الأسنان وما حواليها بشيء خشن؛ ويُطلق: على الآلة التي تُدلك بها الأسنان والعود الذي يُدلك به الأسنان يقال له: سواك؛ ويُجمع على سُوُك مثل: كِتَاب سِوَاك كِتَاب يُجمع على كُتُب وسِوَاك يُجمع على سُوُك وقد يقال: أسوكة.
ذكر لنا في حديث "لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" في رواية عند "كل صلاة كما يتوضؤون" في رواية "لو لا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك والطِّيب عند كل صلاة؛ كما فرضت عليهم الوضوء" وفيه: سُنِّية استعمال الطيب للصلاة؛ فالصلاة مع التطيب يتضاعف أجرها؛ فينبغي للمُصلي أن يتطيب بما يجد من الطِّيب الحسن لكل صلاة؛ وهو داخل في الزينة التي قال الله عنها: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31] أي: عند إرادة السجود عند كل صلاة؛ وكذلك السواك عند الوضوء؛ ومعنى "لأمرتهم": أي أمر إيجاب؛ وقد أمرنا أمر ندب وخاف من المشقة علينا ﷺ ولذلك أجمع العلماء على استحباب وسُنِّية السواك؛ ولم يقل بوجوبه أحد؛ إلا ما ذُكر عن داوود الظاهري وقد رُوِي عنه: القول باستحبابه، فهو سُنة مؤكدة مُجمع على استحبابها؛ وهو في كل حال يكون فيه الثواب والفضل والاستحباب والندب في أي وقت كان ولهذا يقولون عن السواك: مستحب في كل حال ويتأكد في مواضع منها: الوضوء ومنها: الصلاة ومنها: عند النوم ومنها: عند الإستيقاظ من النوم ومنها: عند دخول البيت ومنها: عند تلاوة القرآن وإرادة الذكر فكل هذه مواطن يتأكد فيها السواك.
يقول: "وكانت عائشة -رضي الله تعالى عنها- تقول: ما زال النبي ﷺ يذكر السواك" يعني: يحث عليه ويُرَغِّبُ فيه "حتى خشيت أن ينزل فيه قرآن" أي: يفرضه على الناس.
وكان ﷺ يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي"، أي: من كثرة استعمال السواك -وكان يستعمل سواك الأراك ﷺ- يعني سقوط الأضراس.
"وكان الصحابة يربطون مساويكهم.." وفيه جمْع على المساويك، يُجمَع على: مساويك، وعلى أَسْوِكَة وعلى سُوْك، "بذوائب سيوفهم في شدة القتال.." اعتناءًا منهم بالسُّنَّة، "فإذا حضرت الصلاة.." فكلٌّ معه سيفه وفيه سواكه فيستاك للصلاة؛ اهتمامًا بشأن هذه السنة التي يُهملها كثير من المسلمين، ولا يليق بهم ذلك! فإنها جاءت من فعله ومن قوله ﷺ وجاء اهتمامه بها، وتجمَّعت لها منافع وفوائد كثيرة ظاهرة وباطنة.
ومن أعظم فوائد السواك أن الله يُذَكِّرُ صاحبه الشهادة عند الموت، مَن كان يكثر استعمال السواك فإن الله يتفضَّل عليه بتذكيره بــ: "لا إله إلا الله" عند موته؛ لتكون آخر كلامه، هذه من أعظم الفوائد.
وفي الحديث: أن "السواك مَطْهَرَةُ أو مِطْهَرَة -يُروى مِطْهَرة ويُرىوى مَطْهَرَة- للفَمِ ومرضاة للرَّبِّ" جل جلاله.
يقول: كان ﷺ يقول: "لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك" رواه أبو نعيم في كتاب السواك بإسناد حسن؛ أن صلاة ركعتين بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك.
ويقول: "إذا صليتم الوتر فاستاكوا قبل النوم"، فأيضًا عند الانتهاء من صلاة الوتر يُسَنّ الاستياك؛ لأن ذلك وقت مناجاة.
"وكان ﷺ يستاك في الليل مراراً، فكان يصلي ركعتين ثم يستاك ثم ركعتين ثم يستاك وهكذا،" يعني: يستاكُ لكل ركعتين يصليها.
"وكان زيد بن خالد -رضي الله عنه- يضع السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب.." وجماعة من الصحابة صاروا يحطّون السواك على آذانهم كالقلم بالنسبة للكاتب.
وكان الكُتَّاب بينهم -وخصوصًا الذين يُحسِنون الكتابة قليل، ويُشهِرون أنفسهم بوضع القلم على الأذن- فكان الصحابة يضعون الأَسْوِكَة على آذانهم؛ ليسهل تناوله في أوقات المستحب فيها السواك وأيّ ساعة أراد أن يستاك.
قال: "..من أذن الكاتب خلف أذنه اليسرى، فكان كلما قام إلى الصلاة استاك به وردَّه إلى موضعه،" وإذا توضأ كذلك، وكلما أراد أن يستاك فهو حاضر عند أذنه.
"وسيأتي في باب الصلاة أن الناس لما أمروا بالوضوء لكل صلاة شق ذلك عليهم فخفف ذلك بالسواك عند كل صلاة."
وبقي استحباب تجديد الوضوء لكل صلاة ولا يلزم، ولكن السواك ينبغي لكل صلاة.
وقال بعض الحنفية: أن المراد هو الصلاة هو الوضوء أو في الحديث: "عند كل صلاة" وفي حديث: "عند كل وضوء" وفي حديث: "لكل صلاة عند الوضوء" فحاول بعضهم أو أحبَّ أو رأى أن يُخَصِّص الأحاديث بالوضوء، وأن المراد بالوضوء ليس الصلاة، ولكن الجمهور على أنه للصلاة غير الوضوء؛ للوضوء سواك ولكل إحرام يحرمه المؤمن في الصلاة سواك، وعند الانتهاء من صلاة الوتر كذلك.
وذكر أيضا "أنه ﷺ إذا قام من النوم ليلاً أو نهاراً يشوص فاه بالسواك،" أي: يُدلِكُ فمه بالسواك. "وكانت عائشة تقول: كنا نضع لرسول الله ﷺ وضوءه وسواكه فإذا قام من الليل يتهجد تخلل ثم استاك ثم توضأ." وكان ﷺ إذا دخل بيته بدأ بالسواك ويقول: "إنه مِطْهَرة للفم مرضاة للرب.." أو: "مَطْهَرَةً للفم مرضاة للرب" أي يُطَهِّر الفم ويُرضي الرب "مجلاة للبصر" يفيد أيضًا في جلاء البصر والمحافظة عليه.
وكان ﷺ يقول: "طهروا أفواهكم للقرآن.." كما يُروَى: "طَيِّبوا مَجَاري الذِّكر" مجرى الذكر الفم، كيف نطهره؟ بالسواك. يقول: "طهروا أفواهكم للقرآن فإن الملك يضع فاه على فم أحدكم فلا يخرج من أحدكم شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك" تعظيمًا للقرآن. جاء في رواية البزار بسند جيد، ورواه ابن ماجة وبعضهم موقوفًا.
وكان أبو موسى الأشعري يقول: "أتيت رسول الله ﷺ وطرف السواك على لسانه.." أي: على الطرف الداخلي من اللسان "يستن به وهو يقول: "أع أع" صوته عندما يُحَرِّك السواك في باطن فمه أو ظاهره؛ كأنه يَتهوَّع "آه آه" وفي رواية "أع أع" وأصوات متشابهة تحدث عندما يُبالغ في إدخال السواك إلى أقصى فمه.
ويقول: "لقد أكثرت عليكم في السواك وأكثرتم علي" ولم يُوجبه خشية المشقَّة عليهم.
وغريبة رواية "وأكثرتم عليّ" ؟! فإذا صحَّ؛ أي: يكون في استفساركم عن وجوبه وعدم وجوبه؛ لمَّا رأوا اعتناءه به، فكانوا يكثرون استفساره عن هل يجب أم لا.
وكان يقول: "أراني في المنام.." أي: رأيتُ وأنا في المنام "أني أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر فناولتُ الأصغر منهما فقيل لي كَبِّر، فدفعته إلى الأكبر منهما" فيه احترام صاحب السِّنّ، وأنه يُقَدَّمُ في الأشياء، فينبغي أن يُقَدَّم مَن كان أسن -كبير السِّن- في المجلس وفي العطيَّةِ وفي ما يُدَارُ من ماءٍ.. وما إلى ذلك.
"وفي رواية عن عائشة: أنه فعل ذلك مرة في اليقظة فأعطى السواك للأكبر. قالت عائشة: وكان رسول الله ﷺ يستاك فيعطيني السواك لأغسله.." أي: يَتفقَّد غسله من وقت لآخر؛ ليكون أقوى على التنظيف وأنقى، فإذا أعطاها السواك لتغسله تبدأ تستاك به أولًا؛ أي: تَبَرُّكًا.
فقد كان التبرك مشهور بين الصحابة في أحوالهم، معه ﷺ، وبعد وفاته ﷺ، ومع بعضهم البعض.
قالت: "..فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه." قالت: "كان لا يخرج ﷺ من بيته إلا استاك،" فمعناه عند الدخول وعند الخروج يُسنّ الاستياك.
"وكان يقول: "من رغب عن السواك فليس مني"، ويقول: "من خير خصال الصائم السواك" والجمهور: على أنه سواء في أول النهار وآخره.
وهكذا في السواك فوائد ومنافع، وجاء الحثُّ عليه على لسان نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فالأصل فيه هو النَّدبُ.
وقد يَتعيَّنُ لمن كان أصابت فمه نجاسة ما يزيلها إلا السواك يجب عليه أن يستعمل السواك، ومن نذر أن يستاك وجب عليه أن يستاك.
واتفق الأئمة الأربعة على استحباب السواك عند الوضوء، فهو سُنَّة من سنن الوضوء الداخلة فيه.
وفي قول عند الحنابلة وعند الشافعية أنه سُنَّة من سنن الوضوء الخارجة عنه، فمن قال أنه قبل التسمية قال أنه خارج عن الوضوء، ومن قال بعد التسمية فهو من السنن الداخلة في الوضوء.
وإنما لا يُسنَّ التسمية للسواك -وهو أمر ذو بال-؛ لأن التسمية ذكر، والذكر يُستحَبُّ له السواك.
فإذا قلنا يُسن الاستياك للبسملة، فالبسملة ذكر تتسوَّك لها، بسم الله وبتبسمل وتتسوك كيف؟ ما يتأتى! فلهذا قال ما يُسنّ البسملة للسواك؛ لأنه يُسنّ الذكر؛ فيستاك قبل أن يذكر.
وعليه ما جاء في عدد من الروايات أنه يُباشر عند قيامه من النوم بالسواك -قبل الأذكار وقبل القراءة- فأول ما يقوم من النوم يَشُوصُ فاهه ثم يذكر ويقرأ: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..) [آل عمران:190 ] ﷺ.
وهكذا يبحثون هل هو من سنن الوضوء الداخلة فيه أو الخارجة عنه.
وعلمنا تأكده في مواضع معينة، ومنها إذا تغير فم الإنسان، فإذا تغير فمه ريحًا أو لونًا أو طعمًا يُسن له أن يستاك. ويكون التغيُّر أحيانًا إما من طول السكوت، أو من كثرة الكلام، أو من خلو المعدة عن الطعام، فبأي سبب تغير الفم يُسن الاستياك.
ويُسن أن يكون عَرْضًا في الأسنان ظاهرها وباطنها "إذا استكتم فاستاكوا عرضا"، وفي اللسان طول لِمَا دَلَّ عليه الحديث عنه ﷺ.
قالوا: يبلع ريقه أول استياكه بسواك جديد، وفيه يُذكَرُ أنواع من الفوائد الصحية.
قالوا: ولا يزيد طوله على شبر، وإلا يرجع صميل-العود اليابس- يضرب به ؛ إنما لا يزيد على شبر ولا ينقص عن أربعة أصابع، لا ينقص عن الأربعة أصابع ولا يزيد على الشبر، فهذا الأولى في السواك.
رزقنا الله اتباع الحبيب، والاقتداء به حتى نَطِيب، ونُدرِك عطايا الرحمن سبحانه وتعالى وفضله الرحيب. اللهم ثبِّتنا على الاستقامة، واتباع المشفع في القيامة، وحنِّن روحه علينا، وعطِّف قلبه، واجعلنا من كُمَّل ورثته..
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة
الفاتحة
21 صفَر 1445