كشف الغمة -49- باب الاستنجاء وبيان آداب دخول الخلاء والخروج منه

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: باب الاستنجاء وبيان آداب دخول الخلاء والخروج منه

 صباح الأربعاء: 15 محرم 1445هـ

يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:

  • شروط الاستنجاء بالحجر
  •  ما يستثنى من تحريم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة
  •  النهي عن البول قائما وبيان فعله ﷺ
  •  سجود الشجرة لرسول الله ﷺ
  •  رد السلام عند قضاء الحاجة والتحدث
  •  التحرز من إصابة البول في الثوب أو البدن
  •  طريقة الاستبراء من البول والغائط
  •  من المحرمات: كشف العورات
  •  سئل الحسن عمن عطس وهو على الخلاء
  •  معنى قوله ﷺ: من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج

نص الدرس مكتوب:

وكان ﷺ يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث والرمة، وكان يقول: "من لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها في الغائط كُتِبَ له حسنة ومحيَ عنه سيئة"، وكان ﷺ ينهى عن استقبال بيت المقدس ببولٍ أو غائط، وكان ابن عمر إذا أراد قضاء الحاجة ينيخ راحلته مستقبل القبلة ثم يجلس يبول إليها ويقول: إنما نهي عن ذلك في الفضاء من غير سترة. فأما إذا كان بينك وبين القبلة شيء الفضاء يسترك فلا بأس.

وكان جابر رضي الله عنه يقول: "رأيت رسول الله ﷺ قبل أن يقبض بعام يبول مستقبل القبلة"، وكان ابن عمر يقول: ارتقيت فوق بيت حفصة لحاجتي فرأيت رسول الله  ﷺ لا يقضي حاجته مستقبل الشأم مستدبر الكعبة، وفي رواية "فرأيته مستقبلاً بيت المقدس لحاجته جالساً على لبنيتن".

وكانت عائشة تقول: "لما بلغ رسول الله ﷺ كراهة الناس لاستقبال القبلة بفروجهم قال: أو قد فعلوها حولوا بمقعدتي نحو القبلة"، وذلك كله خوفاً أن يضيق على أمته ﷺ، وكان الشعبي يقول : إنما نهى عن ذلك بالفضاء؛ لأن لله تعالى ملائكة يصلون فلا يستقبلهم أحد ببول أو غائط، وأما الكنيف فإنما هي بيت صغير لا قبلة فيه، وسيأتي في باب الغسل أنه لم يبلغنا عن رسول الله ﷺ شيء في كراهة استقبال القبلة حال الجماع، والله أعلم.

وكان ﷺ يبول قائماً في بعض الأحيان، وكذلك أصحابه ثم نهى عن ذلك إلا لعذر حتى كانت عائشة تقول: "من حدثكم أن رسول الله ﷺ كان يبول قائماً فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعداً ".

وكان ابن عمر يقول: ما بلت قائماً منذ أسلمت، وفي رواية: "منذ نهاني الجفاء رسول الله ﷺ حين رآني أبول قائماً فقال لي: يا ابن عمر لا تبل قائماً". وكان ابن مسعود يقول: إن من الجفاء أن تبول وأنت قائم.

وكان عمر يقول: البول قائماً أحصن للدبر، وكان ﷺ إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد من البُعد، وإن كان قريباً منه أحد استتر عنهم حتى لا يُرى من جسده شيء، وكان أحبُّ ما استتر به هدف أو حائش نخل، وكان ﷺ إذا بال قائماً يأمر صاحبه أن يوليه ظهره قريباً منه .

وقال جابر: "نزلنا مع رسول الله ﷺ بفلاة من الأرض فأراد أن يقضي حاجته فمشى حتى لا یکاد أحد يراه وأنا معه حامل الإداوة فإذا شجرتان مفترقتان، فقال لي: انطلق فقل لهذه الشجرة يقول لكِ رسول الله ﷺ الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما، ففعلت فزحفت حتى لحقت بصاحبتها فجلس خلفهما حتى قضى حاجته ﷺ"، وكان ﷺ إذا سلَّمَ عليه أحد وهو يقضي حاجته لا يردّ وربما ردّ إذا خشي كسر خاطر المسَلِّمِ عليه لجهله، ثم يقول له ﷺ: "إذا رأيتني هكذا فلا تُسَلِّم عليّ فإني لا أردّ عليك"، وسَلَّمَ عليه ﷺ رجل مرة أخرى وهو يبول فلم يرد عليه ﷺ حتى فرغ وضرب بيديه على الحائط فمسح بهما وجهه ثم ضرب بهما ثانياً فمسح بهما يديه، ثم ردَّ ﷺ على الرجل السلام وقال ﷺ: "كرهت أن أذكر الله تعالى على غير طهارة".

وكان ابن عمر لا يبول إلا غسل وجهه ويديه. قال نافع : وما أراه ذكر الله قط إلا كذلك، وكان حذيفة يقول : "كنت مع رسول الله ﷺ فبال قائماً فتنحيت عنه، فقال ﷺ: ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه ».

وخرج ﷺ مرة ومعه درقة فاستتر بها ثم جلس وبال فقال بعض الناس: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة يعني جالساً، فسمع بذلك فقال ﷺ: "ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم، فنهاهم عن ذلك فتركوه فعُذِّبَ في قبره".

وكان أبو موسى الأشعري يشدد في البول حتى كان يبول في قارورةٍ ويقول إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بولٌ قرضه بالمقاريض، فقال حذيفة: لوددت أنّ صاحبكم - يعني أبا موسى – لا يشدد على الناس هذا التشديد إنما المراد أن يتحفظ الإنسان من بوله أن يصيبه.

وكان إبراهيم النخعي يقول: كانوا يشددون في البول يصيب الثوب ويرون أن ذلك أشد من المني والدم لقوله: "استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول"، وفي رواية: "اتقوا البول فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر".  

وكان ﷺ يقول: "إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات"، وكان ﷺ كثيراً ما يقول: "من أصابه بول فليغسله فإن لم يجد ماء فليمسحه بتراب طيب"، وكان ﷺ يقول: "عليكم بإنقاء الدبر بالغسل فإنه يذهب بالباسور"، وكان ابن عباس يقول : مرّ النبي ﷺ بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كثير بلى إنه كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله".

وكان ابن عمر يقول: كان رسول الله ﷺ يسامح بعض الأعراب في عدم الغسل من أثر الغائط، وكان ﷺ ينهى عن التحدث على قضاء الحاجة ويقول ﷺ: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك"، وكان الحسن ينهى الناس عن كشف عورتهم للاستنجاء ويقول: بلغني أن رسول الله ﷺ قال: "لعن الله الناظر والمنظور".

وكان علي كرم الله وجهه يقول : لأن أنشر بالمناشير أحب إلي من أن أرى عورة أحد أو يرى عورتي، وسئل الحسن عمن عطس وهو على الخلاء فقال : يحمد الله بقلبه ولا يتلفظ .

وكان ﷺ "إذا أراد قضاء الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض"، وكان ﷺ يقول : "من أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أرمل فليستدبرهُ فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن  لا فلا حرج».

 اللهم صلِّ أفضل صلواتك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم، عدد معلوماتك ومداد كلماتك، كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون. 

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خيرته من بريته سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وصحابته وأهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين صفوة الرحمن تبارك وتعالى من خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعهم وعلى الملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

ويتابع سيدنا الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة بقضاء الحاجة والاستنجاء، ويقول:  "كان ﷺ يأمر بثلاثة أحجار.." فلابد لمن يستنجي بالحجر وقد ذكرنا معناه: أنه كل جامد طاهر يقلع النجاسة غير محترم، وأنه يجب أن يكون ثلاثة وأن يحصل الإنقاء:

  • فإن لم يحصل الإنقاء بالثلاثة وجب الزيادة حتى يحصل النقاء. 
  • وإذا حصل الإنقاء بوتر حصل المقصود. 
  • وإن كان بشفعٍ فيستحب أن يزيد واحدة ليكون وتر.

فالإنقاء واجب؛ والوتر مستحبٌّ بعد الثلاث، أما قبل الثلاث:

  •  فالأئمة الثلاثة على أنه لابد من ثلاث 
  • وقال الحنفية: المقصود الانقاء؛ ولو حصل بواحدة أو اثنتين كفى ولا يشترط الثلاث. 
  • وقال غيرهم: بل لابد من الإنقاء ومن الثلاث، فإذا حصل الإنقاء بواحدة لابد أن يزيد مسحة ثانية وثالثة. 

"وكان ﷺ يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الروث" لأنه نجاسة ولا يصح إزالة النجاسة بالنجاسة "والرمة" يعني: العظم.

وكذلك ما جاءنا وما مر معنا في استقبال بيت المقدس وكراهة بعض أهل العلم لذلك، وكذلك ما كان من تحريم استقبال القبلة في الصحراء من غير أن يكون بينه وبين القبلة حائل. واستثني من ذلك ما كان من ساتر وحائل أو كان محل معدّ له وعليه يُحمل الأحاديث التي أراد فيه النبي ﷺ التوسط من أمته حتى لا يُبالغوا في أمر فيُفرض عليهم "أو قد فعلوها؟ قال: نعم قال: حوّلوا مطهرتي إلى القبلة".

كان يَبعد عن التضييق على أمته ويخشى أن يُفرض عليهم ما لا يقوم به ﷺ.

وأما بوله قائمًا فلأمرين: 

  • الأمر الأول: لبيان الجواز على قول من لا يحرم البول قائمًا. 
  • والأمر الثاني: أنه كان في أيام وجعٍ في صلبه، وكان العرب يستشفون من وجع الصلب بالبول قائمًا، وقد بال قائمًا لوجع كان في صلبه، فما جاء في الروايات فلعله في تلك الأيام التي كان يجد الوجع ﷺ في صلبه.

ومعلوم نهيه لابن عمر حتى "قال ابن عمر: ما بُلت قائمًا منذ أسلمت". 

وذكر لنا سُنِيَّة البعد لمن يقضي الحاجة في الصحراء، وذكر لنا قصة الشجر وأمر رسول الله ﷺ لها على يد صاحبه، انظروا إلى قوة إيمان الصحابة! يرسل واحد إلى شجرة؛ لا يقول يا رسول الله كيف أروح عند الشجرة؟! الشجرة.. ماذا ستفعل لي؟! وهل تسمع كلامي؟! ماذا تعمل؟ اذهب قل للشجرة: يقول لك رسول الله، راح مباشرة؛ ما راجع .. ولا تردد .. ولا فكر .. وذهب وقال للشجرة: يقول لك رسول الله؛ فتحرّكت الشجرة حتى التصقت بأختها، فلما قضى حاجته وتوضأ، قال: إرجع إليها قل لها ترجع مكانها، ورجع إليها وهكذا. وفي واقعة أخرى قال له بعض الأعراب: لا أؤمن بك حتى تؤمن بك هذه الشجرة! فأشار ﷺ إلى الشجرة، فجاءت تخطّ الأرض حتى سجدت بين يديه.

جَآءَتْ لِدَعْوَتِهِ الْأَشْجَارُ سَاجِدَةً  ***  تَمْشِيْ إِلَيْهِ عَلى سَــاقٍ بِلاَ قَـــدَمِ

كَأَنَّمَا سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ  ***  فُرُوعُهَا مِنْ بَدِيْعِ الْخَطِّ فِيْ اللِّقَمِ

وكل ذلك في القدرة الإلهية الربّانية يسيرٌ لا يساوي شيء؛ ولكن الله يظهر خوارق العادات: 

  • إما على أيدي الأنبياء على وجه المعجزة أو قبل النبوة على وجه الإرهاص. 
  • أو على أيدي الأولياء على سبيل الكرامة
  •  أو على أيدي عامة المؤمنين على سبيل المعونة، 
  • وأما على أيدي مستدرجين من الكفار والفجار أو سحار ومشعوذين وكل ذلك تحت أمره ( ما هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ  ) [سورة البقرة:102] جلّ جلاله.

 

وذكر الاستتارة بالهدف والحائش أي: الجدار، جدار النخل. وكذلك ذَكرُ الله تبارك وتعالى أفضل أحواله أن يكون على الطهارة، وإن كان يجزئ الذكر بالقلب واللسان، ولو للجُنُب ولو للحائض نعم؛ ولكن الأكمل أن يذكر الله على طهارة وعلى وضوء؛ ولهذا تأخر ردّ السلام؛ لأنه من أسماء الله تعالى، وفيه أيضًا ذكر الله في قوله: ورحمة الله وبركاته، فتيمّم ثم ردّ السلام، وقال ﷺ: "كرهت أن أذكر الله تعالى على غير طهارة"، فذلك للأفضل.

ثم التحرّز أيضًا من أن يصيب البول ثوب الانسان أو بدنه مهم، وعامة عذاب القبر من عدم الاستبراء من البول. وصاحب بني إسرائيل لما نهاهم عن قطعه؛ كان الحكم في الشريعة شديد عليهم، إن أصاب البول جلد أحد منهم عليه يقطعه، عليه أن يقطعه، أو ثوبه كذلك عليه أن يقرضه ويقطعه، وأما عندنا في الشريعة سهل يغسله وانتهى. فكانت الشريعة شديدة على سيدنا موسى لقومه، وهذا لما نهاهم عن القطع عذّبه الله تبارك وتعالى. 

كما أن المتساهل بالاستبراء من البول في هذه الأمة عُذّب في قبره كما أخبر ﷺ "استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول"؛ أي: عدم الاستبراء منه وعدم اتقاؤه. وأول ما يحاسب به العبد في القبر في هذه الرواية التي عند الطبراني، وقال فيها الهيثمي ورجاله مُوثَّقون: "اتقوا البول فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر"؛ يعني: في ضمن الصلاة ما هو أول ما يحاسب عليه؟ الصلاة، البول من شأن الصلاة؛ لأنه من شرط الصلاة؛ الطهارة للصلاة، فهو داخل في المحاسبة على الصلاة، فأول ما يحاسب الانسان في قبره ثم في القيامة على الصلاة؛ أما عن الاستبراء إلا من البول من أجل الصلاة، من أجل صحة الصلاة؛ لأنه إذا لم يستبرئ من البول تعرضت صلواته للبطلان فلهذا يعذب، وهذا معنى قوله : "فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر"، فهو متصل بمعنى الحديث الآخر "أوَّلَ ما يُحاسَبُ عليه العَبدُ الصَّلاةُ". 

ثم إن الاستبراء من البول تختلف في طبائع الناس فمنهم

  • من ينقطع عنه الخارج ولا يخرج شيء بسرعة ويُسُر
  • ومنهم من لا ينقطع عنه إلا بالتنحنح. 
  • ومنهم من لا ينقطع عنه إلا بإمرار يده.
  • ومنهم من لا ينقطع عنه إلا بأن يخطو خطوات أو يتأخر ساعة.

فكل بحسب طبيعته، فإذا غلبَ على ظنه انقطاع البول وأنه لا يخرج منه شيء انتهى. 

وأما من الغائط فالاستبراء منه كذلك إذا علم أنه لا ينقطع ولا يخاف خروج شيء، فيتعلق الاستبراء بإنقاء الموضع وإتمام ذلك؛ فإنه تتخفى دقائق أثر النجاسة في معاطف الإنسان فلا بد له أن يستبرئ بأن يتأكد أن لم يبقى أثر. وفيه الحديث: "عليكم بإنقاء الدّبّر بالغسل فإنه يذهب بالباسور"، وذكر حديث الرجلين الذين يُعذبان وتمام الحديث أنه أمر بجريدتين من النّخل فوضعتا على القبرين، وقال: "لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا"؛ قالوا: فأثبت انتفاع الموتى بتسبيح الجريدتين وأنه سبب لتخفيف العذاب. فكيف بذكر الذاكرين وتلاوة التالين؟! إذا انتفعوا بتسبيح الجريدة، وأما قوله "ما لَمْ يَيْبَسَا"؛ فإن الجريدة الخضراء ذكرها كثير، وكلما يبست نقص وضعف ذكرها. 

وأما "مسامحة بعض الأعراب بعدم الغسل من الغائط" فالمراد به: استعمالهم الحجر لاقتصارهم على الحجر.

 "وكذلك ينهى عن التحدّث عند قضاء الحاجة"؛ فهذا من المكروهات الشديدة الكراهة، أن يكون مع قضاء حاجته يتكلم مع أحد، ولا يجلس أثناء ذلك قال: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك"، أي: يبغضه، يبغض ذلك فإن الله يمقُتُهُ على ذلك. 

  • فلا يتحدث وهو في مكان الخلاء. 
  • وينبّه من كلّمه أو طرق الباب عليه بمثل التنحنح، فيتنحنح له حتى ينصرف عنه ولا يكلمه. 
  • وكذلك من المحرّمات كشف العورات. 

وذَكر أن سيدنا الحسن أنه يقول: "لعن الله الناظر والمنظور" في الحديث، "الناظر والمنظور إليه"؛ الناظر: لتعمده، المنظور إليه: بتساهله وعدم مبالاته وكشفه العورة أمام الناس فـ"لعن الله الناظر والمنظور". فوجب المحافظة على ستر العورة حتى ذكر قول سيدنا علي: "لأن أنشر بالمناشير أحب إلي من أن أرى عورة أحد أو يرى عورتي"، وعلى هذا الحياء عاش أهل حياة القلوب وأهل الإيمان.

ولما "سئل الحسن -أي: البصري- عمّن عطس وهو على الخلاء؟! قال: يحمد الله بقلبه ولا يتلفظ"، فإذا قضى حاجته وخرج فليتلفظ بالحمد بعد ذلك. وإنما يباشر بالحمد بقلبه من دون أن يتلفظ، فإن الذكر بالقلب غير ممتنع في كل حال. 

وأما قوله: "من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج":

  • هذا دليل الحنفية على سُنّية الاستنجاء. 
  • قال جماهير العلماء والأئمة الثلاثة وجميع العلماء: أن الاستنجاء واجب وشرط لصحة الصلاة؛ والمبادرة به بعد خروج الخارج أولى. 
  • واشترط الهادوية: الاستنجاء لكل وضوء؛ فقبل كل وضوء يستنجون؛ فعندهم من من شروط الوضوء الاستنجاء.

قال جماهير فقهاء الشريعة: لا يكون الاستنجاء إلا عند خروج الخارج الملوِّث وعنده يجب الاستنجاء، وقال الحنفية: يسن.

رَزَقَنا الله الاستقامة والاتباع لحبيبه محمد ﷺ إمام أهل الامامة وتولّانا به في كل ظاهر وباطن، ورزقنا حسن أداء الأمائن، ورفعنا مراتب القرب منه والدنو منه والفهم عنه والفقه في دينه ومتابعة لأمينه، وأصلح شؤوننا بما أصلح به شؤون الصالحين، مُترقين أعلى مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، وفرّج كروبنا والأمة أجمعين وختم لنا بالحسنى وهو راضٍ عنا. 

 

بسر الفاتحة

 إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابة

 الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

16 مُحرَّم 1445

تاريخ النشر الميلادي

02 أغسطس 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام