(536)
(228)
(574)
(311)
شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب صلاة الجماعة، باب ما جاء في صلاة القاعد في النافلة، وباب الصلاة الوسطى.
فجر الثلاثاء 19 صفر 1442هـ.
باب مَا جَاءَ فِي صَلاَةِ الْقَاعِدِ فِي النَّافِلَةِ
365- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيِّ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِداً قَطُّ، حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامٍ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَاعِداً، وَيَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا، حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا.
366- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا لَمْ تَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي صَلاَةَ اللَّيْلِ قَاعِداً قَطُّ، حَتَّى أَسَنَّ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَاعِداً، حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَقَرَأَ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ رَكَعَ.
367- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، وَعَنْ أبِي النَّضْرِ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي جَالِساً، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.
368- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَا يُصَلِّيَانِ النَّافِلَةَ وَهُمَا مُحْتَبِيَانِ.
باب الصَّلاَةِ الْوُسْطَى
369 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفاً، ثُمَّ قَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة:238] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَةِ الْعَصْر، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
370- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفاً لِحَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ.
371- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ ابْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الظُّهْرِ.
372- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَقُولاَنِ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الصُّبْحِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَقَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
الحمدُ لله مُكرِمنا بالشَّريعة وأحكامها الرَّفيعة البديعة، وصلى الله وسلَّم وبارك وكَرّم على عبده مُحمَّد ذي الوجاهات الوسيعة، وعلى آله وأصحابه ومَن أضحى مواجهًا له وتبيعًا، وعلى آبائه وإخوانه مِن الأنبياء والمُرسلين أهل المراتب العليَّة الرَّفيعة، وعلى آلهم وصحبهم والتََّابعين، والملائكة المُقربين، وجميع عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنَّه أكرم الأكرمين وأرحم الرََّاحمين.
وبَعدُ،
فيذكُر لنا الإمام مالك في المُوطأ -عليه رضوان الله تعالى- الأحاديث التي جاءت في جواز صلاة النَّفل وهو قاعد، وإنْ كان قادرًا على القيام. قال: "باب مَا جَاءَ فِي صَلاَةِ الْقَاعِدِ فِي النَّافِلَةِ"؛ وذلك لِما تمَّ الإجماع عليه مِنْ أنَّ الفريضة يجب أنْ يقوم لها، وأنَّه أيضًا في النَّافِلَة يجوز أنْ يُصلي قاعدًا وإنْ قدَر على القيام، إلا ما نُقِل عن الإمام أبي حنيفة -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- في صلاة سُنَّة الصُّبْح وفي صلاة التَّرَاويح، أنَّه لا يجوز أنْ يقعُد فيهما ما دام قادرًا على القيام. وما عدا ذلك، فقد ذكرنا تمام الإجماع على جواز أنْ يُصلي وهو قاعد مع قُدرته على القيام في النَّافِلَة، والتي يُطلق عليها السُّبحة. يُقال فيها السُّبحة؛ والمُراد صلاة النَّافِلَة؛ لأنَّها تحتوي على التَّسبيح، ويُقال: سُبحة الضُّحى، وسُبحة الوِتر؛ بمعنى صلاة الضُّحى؛ نافلة الضُّحى، ونافلة الوِتر.
قال سيِّدنا الإمام مالك: "عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ"، قالوا في هذا الإسناد الذي ذكره، "عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أبِي وَدَاعَةَ، عن حَفْصَةَ" -وهم ثلاثة صحابة كُلّهم- فهذا مِنْ لطائف الإسناد، ثلاثة صحابة يروي بعضهم عن بعض. قالت سيِّدتُنا حَفْصَةَ أُمُّ المُؤمنين: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ"؛ تعني: نافِلَتَه في القيام في اللَّيل، "صَلَّى فِي سُبْحَتِهِ قَاعِداً قَطُّ"، خلال السَّنوات التي قضتها معه بالمدينة المُنوّرة "حَتَّى كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامٍ". وهو يُفسِّر ما جاء في رِواية أُخرى بقول: "حَتَّى أَسَنَّ"؛ أيّ دخل في السِّن. وبيّنَت في هذه الرِواية المِقدار لسُّنه "حَتَّى إذا كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامٍ"، وذلك وهو ابن اثنتين وستين عامًا ﷺ، "فَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ"؛ يعني نافِلته، "قَاعِداً"، رفقًا واستدامة للصَّلاة، وبيانًا لجواز التَّنَفُل قاعِدًا. قالت: "وَيَقْرَأُ" في صلاتِه تلك بالسُّورة "فَيُرَتِّلُهَا"؛ يعني يقرأها بتمهُل وترتيل كما أمره الحق (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [المزمل:4]؛ يعني بيّنْه تبيينًا؛ بأنْ يتبين جميع الحروف، ويوَفي حقها مِنَ الإشباع. وإنَّما المُراد بالتَّرتيل الاستعانة بالتدبُّر وتفهم المعاني والدلالات، والإشارة في كتاب الله -سُبحانه وتعالى-. قال: "حَتَّى تَكُونَ" السُّورة التي يعتني بترتيلها، تأخُذ وقتًا يزيد على الوقت الذي يقرأ فيه قراءته المُعتادة. سورةً هي "أَطْوَلَ مِنْ" هذه السورة، فتكون السّورة "أَطْوَلَ مِنْهَا"؛ يعني تأخُذ وقتًا أكثر مِنْ قِراءته المُعتادة في سورة "أَطْوَلَ مِنْ" هذه السُّورة، مِنْ حُسن تدبُرِه وتأمُلِه وترتيلِه ﷺ.
كما شرح لنا ابن مَسْعود بعض مظاهر ترتيله عليه الصَّلاة والسَّلام وتدبُره، فقال: لا يمرُّ به آية تسبيح إلا سبَّح، ولا بآية رحمة إلا سأل الله ربَّه، ولا بآية عذاب إلا استعاذ بالله مِنْ عذابه، حتَّى تكون السّورة التي قرأها بالتّرتيل أطول باعتبار الزمان، مِنْ أطول مِنها، إذا قرأت مِنْ غير هذا التّرتيل. وجاء عن أُمِّ سَلَمَة في وصفها لِقراءة نبيّنا، قالت: "كانت قراءته حرفًا حرفًا"؛ أيُ يُفْصِح عن جميع الحُروف إفصاحًا بيِّنا ﷺ. فهذا الحديث فيها بيانُ جواز الصَّلاة النَّافِلَة وهو قَاعِد. وعَلِمْنا أنَّ ذلك مَحلُّ إجماع، إلا ما نُقِلَ في سُنَّة الفَجْر والتَّراويح عن أبي حنيفة والمشهور في مذهب غيرهم. جميع صلوات النَّوافِل يجوز أنْ تُصلى مِنْ قعود، بخلاف صلاة الفَرضِ، وإنَّما يجوز في صلاة الفَرض أنْ يجلس. كما أنَّه يحسب له كأنَّه صلى قائمًا في صلاة النَّفْل، إذا كان تعسَّر القيام على المريض بوجود ألمٍ شديد، أو خوف زيادة مرض أو بطئه وما إلى ذلك مِما يتعذّر معه القيام، أو يشقّ مشقة شديدة.
ذَكرَ لنا حديث عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا؛ أيّ: عندما أَسَنَّ في آخر أيامه عليه الصَّلاة والسَّلام أو في السَّنَة الأخيرة مِنْ عُمره في قيامِه الطَّويل في اللَّيل، يُصلّي جالسًا. ومع ذلك فإنَّه يأخُذ نصيبه مِنَ القيام والقِراءة والتَّدبُر في الصَّلاة، "فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ.." عليه الصَّلاة والسَّلام. وذلك يستغرق قراءة الثَلاَثِينَ الآيَة أو الأَرْبَعِينَ الآيَة نحو الرُّبع السَّاعة. الثَلاَثِينَ والأَرْبَعِينَ آيَة قريب مِنْ رُبع السَّاعة، فوق العَشر دقائق، تستغرق قِراءته العادية ﷺ. أمَّا في قراءته بالتَّرتيل، فيستغرق هذا الوقت قريبًا مَنْ ربع ساعة، فهو قائم، فهذا هو الذي ذكرته في قعوده. قالت يقوم في أثناء ذلك هذا المِقدار أَرْبَعِينَ آيَة ثَلاَثِينَ أو أَرْبَعِينَ آيَة يقرأها مِنْ قيام، ثُمَّ يركع ﷺ، ويفعل في الرَّكعة الثَّانية مِثل ذلك؛ يعني بعد السَّجدة الثَّانية يجلس، فيقرأ، يقرأ، يقرأ، يقرأ عدد كثير مِنَ الآيات. إذا بقي نحو ثَلاَثِينَ أو أَرْبَعِينَ آيَة، وهذا هو الذي يراه النَّاس كثيرًا وطويلًا، إنما يختم به قيامه، فيقوم مِنْ قعوده، فيُكمِله قائمًا، ثُمَّ يركع صلوات ربي وسلامُه عليه. فنِعمَ المُزَّمِل القيّام في اللَّيل. قالت: "لَمْ تَرَ ﷺ يُصَلِّي صَلاَةَ اللَّيْلِ"، لمعرِفته، أمَّا ما جاء في الفَرائض فقد تقدَّم معنا أنَّه عند اشتداد المَرض به، صلَّى قَاعِدًا صلوات ربي وسلامُه عليه وعلى آله في بعض صلوات الفرائض. وقالت: "حَتَّى أَسَنَّ"، و"كَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا، حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ"؛ يعني قرُب وقت الرُّكوع. قرُب وقت الرُّكوع؛ يعني باقي كم آية أو آيتين؟ فقالت: "نَحْواً مِنْ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً"، هذا قريب الرُّكوع "ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً". وبذلك تعلم امتداد أُنسه ﷺ بمُناجاة ربِّه، وترَوّح روحه بطول القيام صلوات ربي عليه. وطول القِراءة بين يدي الإله، "حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ رَكَعَ"، فيفعل في الثَّانية مِثل ذلك؛ يعني: يقعد بعد الارتفاع، ثُمَّ يقوم قريب الرُّكوع، وهو قبل "نَحْوًا مِنْ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً"، صلوات ربي وسلامُه عليه.
وأورد حديث عَائِشَةَ أيضًا زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، "أَنَّ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي جَالِساً، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ". إذًا فقراءته في الرَّكعة الواحدة تتجاوز المئة والمئتين مِنَ الآيات. كما جاء عن ابن مَسعود، أنَّه صلّى معه، فقرأ في ركعةٍ الفاتحة وآل عمران والنِّساء، في ركعةٍ واحدة؛ فهذه فوق الثَّلاث مئة، قريب الأربع مَئة آية في ركعةٍ واحدة. ولذا قرُب الرُّكوع عنده بقي "ثَلاَثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً"، ﷺ "ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ". ومع أنَّه قد قام في الرَّكعة الأولى، فيجلس أيضًا مِقدارًا مِن وقت القيام في الرّكعة الثَّانية.
○ ما دام افتتح الصَّلاة قائمًا، فليُكْمِلها قائمًا.
○ ثُمَّ إذا افتتح الصَّلاة قاعدًا في النَّافِلَة، فيجوز أنْ يقوم في أثناءها، كما جاء في الحديث.
وهذه المسألة جواز القيام، بعد الجلوس. وهكذا فإذا أحرم -سواءًا أحرم وهو قائم أو وهو جالس-، يجوز له بعد ذلك أنْ يقوم. فجواز الرّكعة الواحدة، بعضها مِنْ قيام، وبعضها مِنْ قعود، عليه عامة العُلماء وعامة المذاهب. وهكذا فيجوز أنْ يفعل بعض الصَّلاة النَّافِلَة مِنْ قعود، وبعضها مِنْ قيام. بعض الرّكعة الواحدة مِنْ قعود، وبعضها مِنْ قيام. وهذا هو قول جُمهور العُلماء وهو المُقرر عند المذاهب الثلاثة.
ومنع أشهب مِنَ المالكية، الجلوس بعد أنْ نوى القيام. فإذا افتتح النَّافِلَة بالقيام، فليُتمِّها قيامًا، ولا يجلس في أثناء ذلك. وعلمت ما قال غيره مِنْ مِثل ابن القاسم مِنَ المالكية كبقية المذاهب الثلاثة: أنَّه يجوز له أنْ يجلس، وإنْ كان افتتح الصَّلاة قائمًا. وجاء عن هلال بن حساب قال: أنَّه رُبما صلَّيت وأنا قاعد، فإذا أردت أنْ أركع، قُمت فقرأت، ثُمَّ ركعت. وهكذا يقول الحسن: هو بالخيار؛ أيّ شيء، أيّ ذلك شاء فعل.
ثُمَّ أورد لنا "أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَا يُصَلِّيَانِ النَّافِلَةَ وَهُمَا مُحْتَبِيَانِ"؛ يعني جالسان على هيئة الإحتباء، فهي في محل القيام في الصَّلاة. والإحتباء: أنْ يضُم رجليه إلى بَطنِه بثوبٍ يجمعهما به مع ظهره، ويشدّ عليه. وقد يكون باليدين؛ يحتبي بيديه، حيث تكون رُكبتاه منصوبتان، وبطن قدميه موضوعين على الأرض، ويداه موضوعتين على ساقيه، هذه طريقة الإحتباء باليدين.
○ وجاء عند ابن أبي شيبة عن الحسن، أنه كان غير عباس يُصلي الرَّجل وهو مُحتبٍ.
○ وكان ابن سيرين يكره ذلك.
○ وجاء عن إبراهيم أنَّه كان يُصلي مُحتبيًا، وكذلك عن أبي بكر بن عَبد الرَّحمن.
○ ويقول طلحة: رأيت عيسى بن طلحة يُصلي مُحتبيًا خلف المقام.
○ وجاء عن سعيد بن جُبير: أنَّه صلَّى وهو مُحتبي، فإذا أراد أنْ يركع، حلَّ حبوته، ثُمَّ قام فركع.
○ وجاء عن عبيد بن العُمير: أنَّه يُصلي مُحتبيًا.
○ وعن الرَّبيع قال: رأيت عطاء يُصلي مُحتبيًا.
والقصد أنَّ أيّ هيئة مِنْ هيئات الجُلوس يجوز أنْ يُصلي بها؛ ولكنَّ الأفضل أنْ يكون:
وسَمِعت ما قال الأئمة الثَّلاثة: أنَّه يُصلي مُتربّعًا وقت القيام؛ ليُفرِّق ما بين وقت القيام، وبين وقت الجلوس بين السَّجدتين والتَّشهُد. فيكون الإفتراش والتَّورّك في الجلوس بين السَّجدتين، وفي وقت التَّشهد، ويكون في وقت القيام مُتربّعًا عند الأئمة الثَّلاثة ومُفترشًا عند الشَّافعية. وفي قولٍ عند الشافعية كالأئمة الثلاثة: أنَّه يتربّع.
وجاء عن صاحب النِّهاية عن بعض المُصنّفين: أنه يجلس مُتورّكًا. إذًا فالسُنَّة عند الأئمة التَّربُع في محل قيام، وثنيّ رجليه بركوع وسجود. وعند الشَّافعية الافتراش هو أفضل، ويجوز أنْ يجلس مُتربعًا أو مُتوركًا، أو على أيّ هيئة مِنْ هيئات الجلوس، أو مُحتبيًا، كما جاء عن هؤلاء مِنَ السَّلف عليهم رِضوان الله تبارك وتعالى.
ثُمَّ أخذ يذكُر لنا ما جاء في الصَّلاَةِ الْوُسْطَى. فعَلِمنا مِما تقدَّم مِنَ الأحاديث الإحتباء في الصَّلاة، وأنَّ الإحتباء؛ القُعود على مقعدته وضمّ فخذيه إلى بطنه، واشتمالهما مع ظهره بثوب أو نحوه أو باليدين. وأما الإقعاء، فيختلف عن الإحتباء فهو وضع الإليتين واليدين على الأرض مع نصب الرُّكبتين، فهذا إقعاء مكروه. فعَلمْنا الإحتباء خارج الصَّلاة وهو مُباح، ما لم يُرافقه محظور شرعي؛ لكن يُكره أثناء خُطْبة الجُمُعة للمُستمع لأنَّه قد يجلب النُّعاس لبعضهم، فيُترك الإحتباء وقت الخُطْبة. والإحتباء في الصَّلاة، ما بين جائز ومكروه. كما سمعت الإشارة إلى ذلك، وأورد الإمام مالك عن جماعة مِنَ الصَّحابة صلاتهم فهم في الحبوة، فيُحلَّها أحدهم عند إرادة الرُّكوع.
ثُمَّ ذكر لنا أحاديث الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، قال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ) [البقرة:238] والأوسط هو الأحسن الأعدل مِنْ كُلّ شيء. وهكذا قال أعرابي في مدح نبيِّنا ﷺ:
يا أوسط النَّاس طُرًا في مفاخِرهم *** وأكرم النَّاس أُمَّا برة وأبا
يعني: يا أفضلُهم وأعلاهم وأشرفهم ﷺ. وقد تعدّدت الأقوال في تعيين الصَّلاَةِ الْوُسْطَى:
○ ففي كل واحدة مِنَ الخَمس، قيل أنَّها هي.
○ وقيل: أنَّ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى؛ أي: الصَّلاة الفُضّلى أداؤها على التّمام والتوسط اقتداءًا به ﷺ، فهذه الصَّلاَةِ الْوُسْطَى. فيرجع وصفًا، ونعتًا للصَّلاة، لا وقتًا للنَّافِلَة.
الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، ذهب الإمام مالك والشَّافعي وأكثر أهل المدينة، إلى أنَّها الصُّبْح. وقال سيدنا زيد بن ثابت -مِنَ الصَّحابة-: أنَّها الظُّهر. وقال جماعة مِنَ الصَّحابة: أنَّها العَصْر، وبه قال أبو حنيفة -رضي الله عنه-: وقد ورد في ذلك حديث يؤيد هذا القول، أنَّ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صلاة العَصْر.
فالأقوال المشهورة عند العلماء مِنْ نحو عشرين قولًا. هذه الأقوال الثلاثة:
○ أنَّها الصُّبْح.
○ أو أنَّها الظُّهر.
○ أو إنَّها العَصْر.
فهذه أشهر الأقوال مِنْ نحو عشرين قولًا، (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ..).
وذكر عن أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ أنَّها أمَرت أنْ يُكتب لها مُصحف، فأمْلت عليه في هذه الآية، قالت له: "إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي"؛ أيّ: أعلمني، (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ..)؛ أيّ بأدءاها في أوقاتها، ومُراعاة أركانِها وشروطها. (..وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ..)؛ أيّ لا سيما الصَّلاَةِ الْوُسْطَى؛ اعتنى بذكرها مُفردة تعظيمًا لشأنها واهتمامًا بقدرها. (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)؛ يعني: ساكتين. والقُنوت المُراد به القيام نفسه، و"أفضل الصَّلاة طول القُنوت"؛ يعني طول القيام. ويأتي القُنوت بمعنى الدُّعاء والذِكر، والقُنوت بمعنى الطَّاعة، والقُنوت بمعنى السُّكوت، والقُنوت بمعنى الخُشوع وخفض الجَّناح، قانتين. ويأتي القُنوت بمعنى القيام، والقُنوت الدّوام على الشيء والاستمرار والمواظبة عليه (..وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) مواظبين على هذا القيام، مُستمرين عليه.
فهذه ستةُ أقوالٍ في معنى القُنوت:
فهذه الأقوال في معنى القُنوت.
وأمَّا حديث "أفضل الصَّلاة طول القُنوت"؛ فالمُراد طول القيام، وطول القُنوت. فالمُراد به طول القيام في الصَّلاة. "فَلَمَّا بَلَغْتُهَا" هذه الآية "آذَنْتُهَا"؛ يعني: أخبرت عَائِشَةَ بذلك "فَأَمْلَتْ عَلَيَّ" مِنَ الإملاء؛ يعني: ألقت إليه الكلام الذي يكتبه (وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ) [الفرقان:5] "فَأَمْلَتْ عَلَيَّ"؛ يعني: أمرتني أنْ أكتب "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَةِ الْعَصْر، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ". قالت: "سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ". وجاء في صحيح مُسلم: نزلت هذه الآية: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَةِ الْعَصْر"، فقرأنَاها ما شاء الله، ثُمَّ نسخها الله، فنزلت: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). والمُعتمد أنَّ السيِّدة عَائِشَةَ سمِعتها مِنَ النَّبي على سبيل التَّفسير، فسّرالصَّلاَةِ الْوُسْطَى بصَلاَةِ الْعَصْر. وقد صحّ ذلك بحديث أنَّه قال: "الصَّلاَةِ الْوُسْطَى؛ صَلاَةِ الْعَصْر".
وجَاء عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ، قال: "كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفاً"؛ يعني: قبل أنْ يجمعها سيِّدنا عُثمان -عليه الرضوان- "لِحَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ" زوجة النَّبي ﷺ-، وكان يَكتِب المَصاحِف على عهد أزواج النَّبي، "فَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى) فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا"؛ يعني: أخبرتُها وأعلمتُها "فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ". فيه اعتناء أُمَّهات المؤمنين بكتابة مصاحِف لهُنَّ خاصة، وفيه حرصهُنَّ على ما سَمِعْن مِنَ النَّبي ﷺ مِما لم يشتَهر بين الصَّحابة.
وأورد الإمام السُيوطي في كتابه الدُّر المنثور، يروي عن عبد الرزاق والبُخاري في كتاب التاريخ، وابن جرير وأبي داوود، عن أبي رافع -هذا مولى حفصة، وكان هو الذي يكتب في حياة أُمَّهات المؤمنين-: استكْتَبتني حفصة مُصحفًا فقالت: إذا أتيت على هذه الآية، فتعال حتُى أُمليها عليك كما أُقرئتها، فلمَّا أتيت على هذه الآية، قالت: اكتب "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَة الْعَصْرِ". فلقيت أُبَي بن كعب فقُلت له، قال: هو كما قالت، أوليس أشغل ما نكون عند صلاة الظُّهر في عملِنا ونواضحنا، يعني قصده صلاة العَصر لا صلاة الظُّهر.
وكذلك هذه الرواية عن الإمام مالك، وجاءت عند أبي يعلى وابن جرير، والبيهقي، يقول عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ: "كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفاً لِحَفْصَةَ"، وفيه أنَّه قالت له: أشهد أنّي سَمعتُها مِنْ رسول الله ﷺ. فيُحتمل أنْ يكون على سبيل التَّفسير. ثُمَّ إنَّ الصَّحابة -رضي الله عنهم-، وقد جُمِع في أيام سيِّدنا أبي بكر المُصحف، خشية انقطاع التَّواتر في قراءته، لأنَّ كثيرًا مِنَ القُراء -أيّ حُفاظ القُرآن-، تعرّضوا للقتل في أيّام الجِهاد.جاء عن الزُهري، فقالوا لمَّا أسرع القتل في قُرّاء القُرآن يوم اليمامة، -قُتل يوم اليمامة مِنَ القُراء الَّذين حفظوا القُرآن والمُصحف- أربع مئة رَجُل، فلقي زيد بن ثابت عُمر بن الخطاب، قال: إنَّ هذا القُرآن هو الجامع لدينِنا، فإنْ ذهب القُرآن، ذهب دينِنا، وقد عزمت على الجَمع على أنْ أجمع القُرآن في كتاب، فقال: انتظر حتَّى نسأل أبا بكر فأخبره بذلك، قال: لا تعجل حتى أُشاور المُسلمين، ثُمَّ قام خطيبًا في النَّاس، فأخبرهم سيِّدنا أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-، فقالوا: أصبْت. فجمعوا القُرآن. وأمر أبو بكر مُناديًا فنادى في النَّاس مَنْ كان عنده مِنَ القُرآن شيئًا فليجيء به. وقالت حفصة: إذا انتهيتُم مِنْ هذه الآية فأخبروني، فلمَّا بلغوا قالت: اكتبوا "وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى، وَصَلاَةِ الْعَصْرِ". وكذلك جاء عن عَمْرِو بْنِ رَافِع قال: كان مكتوبًا في مُصحف حفصة (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى..)؛ وهي صَلاَةِ الْعَصْرِ، (..وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ..). فالذي يحتمل في هذه الرِواية أنَّه تفسيرٌ للصَّلاة الوسطى بصلاة العَصْر. نعم (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
وجاء عن سيِّدنا أعلي بن أبي طالب عن النَّبي ﷺ قال يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ملأ الله بُيوتهم وقُبورهم نارًا" يعني: المُشركين في غزوة الخندق. والوسطى مؤنث الأوسط، وأوسط الشيء: ما بين طرفيه. ويُقال: على الأوسط والوسط، خير الشيء وأعدله وأفضله، وقال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا..) [البقرة:143] بين الأُمم، خير الأُمم وأفضلها.
وعَلمْنا اختلاف الأئمة في تعيين الصَّلاَةِ الْوُسْطَى فقيل أنها:
ومعلومٌ ما جاء في صلاة العِشاء وصلاة الصُّبح مِنَ الأحاديث، وكذلك جاء عنه ﷺ: "مَنْ صلَّى البَرْدَين دخل الجَنَّة". والمُراد بالبَرْدين؛ الفَجْر والعَصْر. وكذلك أحاديث ذِكر الملائكة الذين يتعاقبون في اللَّيل والنَّهار أنَّهم يجتمعون في صلاة الفَجْر وصلاة العَصْر. وجاء عنه ﷺ قال: "لن يَلِجَ النارَ أحدٌ صلَّى قبلَ طلوعِ الشمسِ، وقبلَ غروبِها"؛ يعني الفَجر والعَصْر.
هكذا أورد لنا الروايات، وذكر قول سيِّدنا عَلِيَّ وابْنَ عَبَّاسٍ: "الصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الصُّبْحِ". قال والمعروف عنه خلافه، المعروف عن سيِّدنا عليّ: أنَّ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صلاة العَصْر. واختلفت الروايات عن ابن عباس مِنها الذي أشار إليه أنَّه قال: إنَّها الصُّبْحِ، والله أعلم.
الفاتحة أنَّ الله يكتُبَنا وإيَّاكم في المُقيمي الصَّلاة، والمُحافظين على الصَّلوات والصَّلاة الوُسطى، والمُقبلين على الرَّب -جلَّ جلاله- بالكُلِّية، والمُنَقين عن جميع الشَّوائب الظاهرة والخفية، والمُرتبطين ربطًا لا ينحلُّ بخير البريَّة، وربِطنا به أعلى الرَّبط، وأقامنا به في خير ضَبط، ووقانا الأسواء وأصلح لنا السِرّ والنَّجوى بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.
24 صفَر 1442