(374)
(607)
(535)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب اللباس: باب مَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ مِنَ الثِّيَابِ، وباب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ، وباب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْمَرْأَةِ ثَوْبَهَا.
فجر الإثنين 16 جمادى الآخرة 1444هـ.
باب مَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ مِنَ الثِّيَابِ
2673 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ ﷺ وَعَلَى حَفْصَةَ خِمَارٌ رَقِيقٌ، فَشَقَّتْهُ عَائِشَةُ، وَكَسَتْهَا خِمَاراً كَثِيفاً.
2674 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أبِي مَرْيَمَ، عَنْ أبِي صَالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ.
2675 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَنَظَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ: "مَاذَا فُتِحَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ، وَمَاذَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ، كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ".
باب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ
2676 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال: "الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
2677 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَراً".
2678 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، كُلُّهُمْ يُخْبِرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ".
2679 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ الإِزَارِ؟ فَقَالَ: أَنَا أُخْبِرُكَ بِعِلْمٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "ازْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ، مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ، لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَراً".
باب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْمَرْأَةِ ثَوْبَهَا
2680 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهَا قَالَتْ حِينَ ذُكِرَ الإِزَارُ: فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "تُرْخِيهِ شِبْراً". قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: إِذَنْ يَنْكَشِفُ عَنْهَا. قَالَ: "فَذِرَاعاً لاَ تَزِيدُ عَلَيْهِ".
الحمد لله مكرِمنا بِبيان الشريعة على لسان عبدِه المصطفى مُحمَّدٍ صلى الله عليه وآله وصحبه سلم ذي المراتب الرفيعةِ والدرجاتِ الوَسيعة، صلى اللهُ وسلم وبارك وكرَّمَ عليه وعلى آله وأصحابه ومَن سار في دربه واقتدى به، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبهم والتابعين، وعلى الملائكةِ المقربين وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعدُ،
فيحدثنا الإمام مالك -عليه رضوان الله- عما أَنبأَنا وأخبَرَنا وعلَّمَنا نبيُنا ﷺ، فيما يتعلقُ بلُبسِ النِّساءِ ولُـبس الرجال، وما ينبغي لهم أن يُراعوا فيه ويَنتبهوا منه في شأن ذلك اللباسِ ووصفِه، وقال: "بابُ مَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ مِنَ الثِّيَابِ"، وأوردَ لنا الحديثَ عن السيدةِ عائشةَ أنها دَخلَت عليها حفصةُ بنتُ عبد الرحمن، "وَعَلَى حَفْصَةَ خِمَارٌ"، وهو ما تُغطِّي به المرأةُ رأسَها "خِمَارٌ رَقِيقٌ"، ومعنى رقيق: يصِفُ ما تَحتَه من الشَّعر أو لَونِ الشعر، قالوا: ويُحتمَلُ أن يكونَ كذلك وهو الأظهر، أو أن يكونَ أيضاً من رقَّتِه لاصقاً بالبدن، يُظهرُ بقيةَ أعضائها.
والأرجحُ أنه كان رقيقاً بحيث لا يستر لون الشَّعْر، ويَظهر منه لون الشعر، فلما كان كذلك شقَّته عائشةُ رضي الله عنها، أَخَذتْه من رأسِها وشقَّته وقَطَعْته لئلا تستَعمِلَه بعد ذلك، لئلا يُمكِنَ لُبسُه بعد ذلك، شَقته مما تَعلَّمت من رسول الله ﷺ، "فَشَقَّتْهُ عَائِشَةُ، وَكَسَتْهَا خِمَاراً كَثِيفاً" غليظاً لا يَصفُ البدن، وقالت: خُذي هذا الخمارَ فالبسيه، أما ذاك فلا يَليق.
وهكذا شأن التَنبُّه بما ربَّى رسولُ الله ﷺ قلوبَ المُؤمنين في الاختيارات، وبهذا تَعلَمْ أنَّ هذا الاندفاع وراءَ التَكشُّف ووراءَ رقةِ الثياب، ما هو إلا خديعةٌ خدعَ بها الشيطان مَن لم يتمكن الإيمان من قلبِه، والعياذ بالله تبارك وتعالى، وتَساوقَ الناسُ إليها وتتابعوا عليها، حتى كَثُرَ بين الأمة الكاسيات العاريات، المذكورُ ذمُّهن على لسان خير البريات، والمأمور بلعنِهِن والعياذ بالله تبارك وتعالى، فحوَّلَ الله أحوال المسلمين إلى أحسن حال، ودفعَ عنا وعنهم البلايا والآفاتِ والأهوال، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
"فَشَقَّتْهُ عَائِشَةُ، وَكَسَتْهَا خِمَاراً كَثِيفاً"، فإذًا؛ ما أُريدَ به الستر يجب أن يكون ساترًا، فإذا مَنعَ السترَ بإحدى خَصلتين:
فما معنى السترِ إذا؟ إذا كان يُزيَّن هذا الغطاء فما معناه؟ الستر للزينة، فإذا كان هو مزين هذا لب الزينة ليس حجاب ولا ستر، هذا زينة تلبَسها المرأة، وإنما شُرِعَ الحجاب لتستُر الزينةَ، وتَبعُدَ عن تَبرُّج الجاهلية الأولى، والجاهلية الأولى كانت لهم لنسائِهم تبرجاتٌ، تبرج بالثياب الرقيقة، وتبرج بالتكَسُّر في المشي والتغنُّج، وأمثالُ ذلك من تبرجِ الجاهلية الأولى، قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ)[الأحزاب:33].
وأوردَ لنا بعد ذلك الحديثَ الذي هو في صحيح مسلم بأطول مما أورد الإمام مالك، وأورد الإمام مالكٌ منه قولَه ﷺ: "نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ"، إذا كان بينَك وبين الجنةِ مسافة خمسمائة سنةٍ تشمُّ الرائحة الطيبة، لقوَّةِ رائحة الجنة، جعلنا الله من أهلها وأهلينا وأولادنا وقراباتنا و المسلمين، آمين اللهم آمين، اللهم اجعلنا من أهل جنتِك، وأدخلنا إياها من غير سابقةِ عذابٍ ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب.
يقول: وهذا الحديثُ هو الذي عيَّنَ فيه المسافةَ بخمسمائِة عام.
وجاء في صحيح الإمام مسلمٍ يقول ﷺ:"صِنْفانِ من أُمَّتي من أهلِ النَّارِ لم أَرَهُما"؛ يعني: لم يَظهروا في زَمني ووَقتي، ويَظهرون مِن بَعدي، "قومٌ معَهُم سياطٌ كأذنابِ البَقرِ يَضرِبون بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مُميلاتٌ، رؤوسُهُّن كأَسنِمة البُختِ المائلة، لا يَدخُلن الجنةَ ولا يَجِدن ريحَها، وإنَّ ريحَها لَيوجَدُ من مسيرةِ كذا وكذا"، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فالبيان واضح من قِبَل زينِ الوجود ﷺ لأمَّتِه، فيما يَجب عليهم أن يعملوه في شأن ثيابِهم، ومعلومٌ السَّتر؛ وأنَّ ما وجَبَ سَتره لا يجوز أن يُحَجَّم، ولا أن يُلبَس لباسًا رقيقًا يُرى ما وراءَه من لون البشَرة أو لون الشعر، فإذا كان يَشِفُّ عن ذلك فهو كـ لا لباسًا، وهو حرام الاقتصار عليه وهكذا، والذي يَسترُ النظرَ ولكنّه يُحجِّم، فهو أيضًا يقع في الكراهة، وفي محذورٍ من المحذورات في الشرع.
وهكذا جاء عن سيدِنا أُسامةَ بن زيدٍ رضي الله تعالى عنه يقول: كساني رسولُ الله ﷺ قِبطيةً كثيفةً، مما أهدى له دحية الكلبي أو ما أُرسلت له، فكسَوتُها امرأتي، فقال لي رسولُ الله ﷺ: لما رآه لم يلبسها أيام، قال: "ما لَكَ لم تلبَسْ القِبطية؟ قلت: يا رسول الله كسوتُها امْرأتي، قال رسول الله ﷺ: مُرْها فَلتَجعلْ تحتَها غِلالةً، فإني أخافُ أن تصِفَ حَجمَ عظامِها"، لما قال أعطيتُها المرأة قال: مُرْها فلتجعلْ تحتَها غلالة، فإني أخافُ أن تصفَ حجمَ عظامِها، أي: أن نوعَها يلصَقُ بالبدن، قال تضع تحتها غلالةً ثانيةً حتى لا تلصق الفوقية بالبدن، لما قال إني كسوتها امرأتي قال: "مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها"، رواه الإمام أحمد، وحسّنه الهيثمي في مجمع الزوائد.
وهكذا ففيه نهيٌ عن لُبس اللباسِ الذي يَصف ما تحتَه من البدَن، وجاء عن دُحيةَ الكلبيِ نفسِه قال: أُتيَ رسولُ الله ﷺ بقِباطيٍ، فأعطاني منها قِبطيةً، فقال لي: "اصْدَعها صِدْعين، فاقطعْ أحدَهَما قميصًا، وأعطِ الآخرَ امرأتَك تَختمرُ به، فلما أدبرَ قال: وأمُر امرأتَك أنْ تجعلَ تحته ثوبًا لا يَصفُها"؛ أي: الشقُّ الذي تعطيه زوجتَك تكتسي به- تختمر به-، قـلْ لها تجعلْ تحتَه ثوب ثاني حتى لا يصِفَها ولا يَظهر منها أثرُ الشعر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهكذا جاء في روايات أبي داود.
فجاءَ هذا الشرع أَنفع وخيرٌ للرجالِ وللنساء، مُسلمِهم وكافرِهم، قريبِهم وبعيدِهم، صغيرِهم وكبيرِهم، هذا خيرٌ لهم وأفضلُ لهم في استقرارِ نفوسِهم، وبُعدِهم عن الآفات وما يُفسدُ المُجتمعاتِ، أو يُخلخِلُ العلائقَ الطيباتِ إلى غير ذلك، والله ورسوله أعلم بما هو أصلح وأفلح وأنجح وأربح في الدنيا والآخرة.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: "سيكونُ في آخر أمتي نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ"، كيف كاسيات عاريات؟!
"كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ":
والعياذ بالله تبارك وتعالى، "مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ"، ومع ذلك اكتشفوا بعد ذلك أنواعَ التمايُل حتى فيما يَلبسْنَ من نِعال، وتجعلها مائلة، وما أحدثْنَ من نوع مشيٍ تتمايلُ فيه، -مائلات- لا حول ولا قوة إلا بالله!.. وما أدقَ وصفَ خاتَمِ النبوة صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله، في هذه الرواية عند الإمام أحمد والطبراني. يقول: "على رُؤوسِهِنَّ كَأسْنمَةِ البُخْت، العَنوهُنَّ فإنهنَّ ملعونات" نعوذ بالله من غضب الله.
وفي رواية مسلم قال: "لا يَدخُلنَ الجنةَ ولا يَجِدن ريحَها وإن ريحَها ليُوجَدُ من مسيرةِ كذا وكذ"، وفي روايةِ الإمام مالك قال: "وَرِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ"، كما أن صوتَ زفيرِ النارِ يُسمَعُ من مسافة مئةِ سنة، بينَك وبينَها مائةُ سنة، تسمعُ زفيرَها، يقول سبحانه وتعالى في ذكر هذا: (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا) بعيد بينَه وبينها مئةُ سنة (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا) وعادهم بعيد مسافة طويلة ولكن يسمع حقها الغليان والعياذ بالله، (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وإِذا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانَاً ضَيِّقَاً مُقَرَّنِيْنَ دَعَوْا هُناَلِكَ ثُبُوْرَاً) والعياذ بالله تعالى (لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا) [الفرقان:12-14] هلاك كامل كثير كبير، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
ولذلك حرمَّ عليها الحقُّ أن تأتيَ من الأعمال ما يلفت النظرَ إليها ويتردد ويَفتن؛ قال تعالى (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) كما كُن في الجاهلية، تمشي في الطريق وفي رجلها خلخالٌ صامت لا يُسمَع صوته، فتضربُ برجلها الأرضَ ليَسمعَ الرجالُ طنينَ الخلخال حقها هو مستورٌ لكنه يُسمَع منه صوتُ حقه الطنين ۖ (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) هو مغطىً، والرِّجلُ مغطاةٌ ولكن فيها خلخال، إذا ضربت الأرضَ أحدثَ صوتَ طنينٍ فيسمعون طنينَه، فنهى الله المؤمناتِ عن مثل ذلك، (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ).[النور:31]
ويقول: "عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ"، كعادتِه في الانتباه في الليل ﷺ، جاء في رواية البخاري: "استيقظ النبيُ ﷺ ذات ليلةٍ"، "استيقظَ رسولُ الله ﷺ ليلةً فزعاً"، " فَنَظَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ"؛ أي: في ناحيةُ السماء، لِما أطلعَـه الله عليه من أشياءَ تكونُ في أُمتِه، "فَقَالَ: مَاذَا فُتِحَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْخَزَائِنِ"؛ يعني: خزائنَ الرحمةِ والفضل والإحسان لمَن شاءَ اللهُ سبحانه وتعالى، وأَرَاه سبحانه وتعالى ما يَهَبُ أُمَّته من فَضائلَ ومِنَح كثيرةٍ، ومنها أيضًا ما يَتسع لهم من الأرزاقِ فيما بعده، ويكونُ لهم تَيسُّر واتساع في المال وغيرِه، فأشهَدَهُ الله ذلك وأراه وأطلَعهُ عليه، وأطلَعَه أيضًا على بلايا وفِتنٍ تحصل في الأمة، قال: "وَمَاذَا وَقَعَ مِنَ الْفِتَنِ"؛ مما يَحصل من سفكِ الدماء ومن التبرُّجات ومن الآفاتِ التي تحصل في الأمة، فأُنبِئ ﷺ عن ذلك، ثم قال: "كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا"؛ يعني: نفسٍ "كَاسِيَةٍ"؛ يعني: لابسةٍ "فِي الدُّنْيَا" أثواب نفيسة، "عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، من حُكمِ اللِّباس، وإذا كُسيَ الأخيار والمؤمنون لم يُـكسَ صاحب ذلك النفس، رجل كان أو امرأة، "كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" لا إله إلا الله..
فقالوا: "كاسية في الدنيا" احتملت معاني:
هذا كلُّه في معاني "كَمْ مِنْ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
"أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ"؛ يعني: أمهات المؤمنين، قال قُمن خُـذنَ نصيبَكن من التَضرُّع والتبتل إلى الله تبارك وتعالى والمناجاة، فهذا شأن الأصفياءِ والصالحين والأتقياء، أن يكونَ لهم في خلال الليالي حالاتٌ مع الله، وصِلاتٌ بالله تبارك وتعالى. "أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ"؛ يعني به أمهات المؤمنين رضي الله عنه، قال الله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه:132].(قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)[التحريم:6]. فيَخُصُّ أهلَه والأقربين إليه ﷺ، بالتبشير والإنذارِ والتحذيرِ والإرشاد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله.
وفي سنَّته أن يفزَعَ إلى الصلاةِ والدُّعاء، فلمّا كُشِفَ له ما كُشفَ مما يَحصل في الأمة، قال: "أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ"، يقُمنَ في الليل، يَأخذنَ نصيبَهن من التَّضرع والابتهال والتبتل إلى الكبير المتعال، جلّ جلاله وتعالى في علاه.
ثم تحدَّثَ عما يكون من إسبالِ الرجلِ ثوبَه يقول: "بابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ". جاء في صحيح البخاري وغيرِه يقول: "ما أسفلَ من الكَعبينِ فهو في النار"، هكذا ترجمَ البخاريُ في باب من أبوابه: "باب ما أسفلَ من الكعبين فهو في النار"، وأشار إلى حديثٍ واردٍ في ذلك لم يُخرجْه هو في صحيحه، يقول: "أُزْرَةُ المسلم إلى نِصفِ الساق، ولا حرَجَ -أو لاَ جُنَاحَ- فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وما كان أسفلَ من الكعبين فهو في النار، مَن جرَّ إزارَه بطراً لم ينظر الله إليه".
وأما الذي في البخاري يقول: "مَنْ جَرَّ ثوبَه مَخيَلةً لم يَنظُر اللهُ إليه يومَ القيامة"؛ مَخيلةً: أي كبرياء وترفعًّ وتعاظم، فسواءً كان إزارًا أو قميصًا أو سراويل، لا يجوز إسبالها بالنسبة للرجل، بخلاف المرأة كما يأتي في الباب الذي بعد هذا.
يقولُ ﷺ لبعضِ أصحابه: "ارْفَعْ إزارَك إلى نصفِ الساق، فإن أبيتَ فإلى الكَعبين، وإياكَ وإسبالَ الإزار، فإنَّه من المَخْيلة، وإن الله لا يحب المخيلة"، وجاء أيضًا: "الإزار إلى أنصافِ الساقين فإن أَبيتَ فأسفلَ، فإن أبيْتَ فمن وراءِ السَّاق، ولا حقَّ للكَعبين في الإزار".
واختلفوا في مَن حصلَ لهُ ذلك من غيرِ تَعمُّدٍ أو من غير قصدٍ: فأمّا من غير تعمّـدٍ بأن كان يَسترخي إزارُه فلا شيءَ عليه. وأما أن يقول من غير تعمُّدٍ، وهو يفصِّل قميصه أوسراويله إلى تحت، ويقول: أنا ما تعمدت! والقياس هذا من أين؟ ومن صلّح هذا القياس لك؟ وما تعرف تعطفه؟؟ كيف لست متعمد أيش قصدك بهذا؟ يقول أنا ما قصدي الكِبر فما هو إذًا؟ أنبئنا عن قصدٍ صحيح.. هات؟… يغالط نفسه بنفسه من أين يجيب قصد؟ أيش من قصد؟ إما ليتبجّح أمام قومه، أو يقلّد فلان وفلان.. هذا قصده.. أين القصد الصحيح لمّا يواظب على هذا الإسبال؟ كل قمصانه أو كل سراويله تحت الكعب، كلها.. ويقول ما قصدي الكبر! فما قصدك؟.. قل بنتعلّم ايش القصد الذي عندك نريد نعرفه!.. إما يتابع الموضة أو يقلد فلان وفلان، أو يتبجّح بين جماعته؛ قصد خبيث هذا هو رجعنا فيها هذه هي المَخيلة وهذا هو الكبرياء، فما القصد؟ ولو كان نادر تفاجئ ما حصل له ثوب غيره، أو كان مثل سيدِنا أبوبكر الصديق يسترخي عليه، هو يرفعُه، ولكن يسترخي عليه بدون قصد، قال له رسول الله ﷺ: إنك لستَ ممَن يفعلُه خـيلاء، ليس هو من يحطه تحت ، هو يرفعه، ولكن يسترخي عليه الثوب، فليس هناك إشكال، لأنه لم يتعمَّد مثلَ ذلك. وهكذا..
قالوا:
ويُستدلُّ بالتقييد بالخيلاء على أنَّ الإطلاقَ في الزجر الوارد في ذمّ الإسبال محمول على المُقيَّد، فالجَرُّ لغيرِ الخيلاء هل يَلحَقه الوعيدُ هذا أم لا؟
قال الإمام النووي: الإسبال تحت الكعبين للخيلاء، فإن كان لغيرِها فهو مكروه، ونقلَه عن نص الإمام الشافعي، وعلى الفرق بين الجرِ للخُيلاء ولغير الخُيلاء.
قال الشافعي: لا يجوز السدلُ في الصلاة ولا في غيرِها للخيلاء ولغيرها، فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة فهو خفيف، لقول النبي ﷺ لأبي بكر، وقوله ليس صريح في نفيِ التحريم، فهو محمولٌ على ذلك بالنسبة للجرِّ خُيلاءً.
فأما لغير الخيلاء فيَختلفُ الحال:
على كل حال؛ ينبغي أن يخرجَ الإنسان من هذه المَعمَعة والتقليدِ الأعمى، ويمشي بحُريَّته الصحيحةِ وعقلِه وديانته ومبادئه، والزينةِ التي شرَعها اللهُ وأحبَّها لعباده جلّ جلاله، بلا تبعيَّة ولا مَعمعة خُيلاء ولا شيءٍ من هذا الكلام، (وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ)[الأعراف:26].
وقال في رواية الطبراني من حديث أبي أمامة، قال: بينما نحن مع رسول الله ﷺ إذ لَحِقَنا عمرو بنُ زرارة الأنصاري، في حُلة إزارٍ ورداء، قد أَسبَل، فجاءَ رسولُ الله ﷺ يأخذُ بناحيةِ ثوبِه ويتواضعُ لله ويقول: عبدُك وابنُ عبدك وابنُ أمَتك، حتى سمعَ عمرو فقال يا رسول الله: إني حَمشُ الساقين، يعني دقيقُ الساقين، فقال: يا عمرو إنّ الله قد أحسنَ كلَّ شيء خَلَقَه، يا عمرو إن الله لا يُحِبُّ المُسبِل، ﷺ.
لما لَحِقَهم عمرو بنُ زرارةَ في الطريق وهو يمشي مع جماعته، وكان أَسبلَ إزارَه، فجعل رسولُ الله ﷺ يأخُذُ بناحية ثوبِه ويرفعُه ويقول: عبدُك وابنُ عبدك وابنُ أمتك، حتى سمع عمرو، فأحسَّ إن النبيَّ ﷺ يُنبهُه، قال: يا رسول الله إني حَمِشُ الساقين، يعني دقيقُ الساقين، قال له: "يا عَمرو إن الله قد أحسَن كلَّ شيءٍ خلَقَه"؛ ساقك وغيره، (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَاْنَ فِيْ أَحْسَنِ تَقْوِيْمٍ) [التين:4]، "يا عَمرو إنَّ الله لا يُحبُ المُسْبِل" ﷺ.
وجاء عن عَمرو بن زُرارة يقول: وضَربَ ﷺ بأربَعِ أصابعٍ تحتَ رُكبَة عمرو، قال: يا عَمرو هذا موضِعُ الإزار، ثم ضَربَ أربعَ أصابعٍ تحتَ الأربع، قال: يا عمرو هذا موضعُ الإزار، إلى نصف الساق، وإن زاد فيجوز إلى العقبين.
قَال ﷺ: "الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". بخلاف ما يتعلقُ بالنساءِ كما يأتي معنا في الحديث ويقول:
قَالَ: "لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَراً".
ويقول:"لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ خيلاء".
تعددت الرواياتُ عند مالكٍ وغيرِه من أئمة الحديث.
ويقول ﷺ: "أزْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، مَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ"؛ أي: أسفلَ من الكعبين، لا إله إلا الله. ويقول ابنُ عمر: رآني النبيُ ﷺ أسبلتُ إزاري، قال: يا ابنَ عُمر كلُّ شيءٍ يمسُّ الأرضَ من الثيابِ في النار.
أما المرأةُ فقد جاءت لها الرخصة في إسبال ثوبِها، لأجل سَتْرِ رِجلِها، فيروي لنا حديثَ أمِّ سَلمةَ زوجِ النبي ﷺ قالت حين ذكَرَ الإزار: "فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟" أنتَ قلتَ للرجال كذا، والإزار فقط إلى الكعبين، "فالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: تُرْخِيهِ شِبْراً". لها شبرٌ كاملٌ من تحت الكعب، تأخذ شبراً كاملاً خليه يَسحبَ في الطريق، "قَالَ: تُرْخِيهِ شِبْراً". مع ذلك ما اقتنعت أمُ سلمة، "قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: إِذَنْ يَنْكَشِفُ عَنْهَا"؛ يعني لن يكفيها الشبر، يمكنُ أن يرتفعَ عليها، "قال: فَذِرَاعاً لاَ تَزِيدُ عَلَيْهِ"؛ لا تزيد عليه، خلاص إلى ذراع فقط .
وانظر اليوم يأتون لهم بموضات للأبناء والبنات في الديار، ويشترونها بالفلوس، حق الأبناء إلى تحت يسير في الأرض، وحق البنات يرتفع إلى فوق عند الركبة، عجيب والله!.. رسول الله ﷺ قال ذي لها أن تسبل شبر أو ذراع، قالوا لا شبر ولا ذراع طلّعوه لفوق.. وقال لذا أنتَ ممنوعٌ أن تُسبل، قالوا له اسبل! وخذوا مخالفة نبيَّكم بفلوسكم، طبّقوا خالفوا نبيّكم وهاتوا الفلوس نأخذها، وأنتم لكم خلافُ نبيّكم، لا حول ولا قوة إلا بالله!...
وهؤلاء يمشون هكذا، كل ما تدخل بيت من البيوت تجد البنات مرفوعة ثيابَهن، والعيال ثيابهم لتحت؛ تحتَ الكعبين، من أين جئتم بهذا؟ هذه مخالفة صريحة للأمر النبوي، وعاده بفلوس وعاده موضة جديدة مدري بكم!! إنا لله وإنا إليه راجعون.. بعكس ما أرشد ﷺ، قال: "فَذِرَاعاً لاَ تَزِيدُ عَلَيْهِ". وهو في رواية أبي داود وغيره؛ قدر الذيلِ للمرأة.
قال: ابتداء الذراع من الحدِّ الممنوع للرجال، وهو ما أسفل من الكعبين؛ أو من أول ما يمَسُّ الأرض.
وسُئل ﷺ أيضًا قالت له: إنا نمشي فنَمرُّ على النجاسة في الطريق، يعني وثيابُهن تلمسُ النجاسةَ في الأرض، قال ﷺ: "يُطَهرُه ما بعدَه"؛ يعني: مادامت النجاسةُ يابسةً والثوبُ يابسٌ فما يضرُّ، إذا علِقَ من هذه المحلَّة، فمن المحلة الثانية ينزل منها، خلاص "يـُطَهِّرُهُ ما بَعدَه" ما قال ارفعي ثوبَك، قال: "يطهره ما بعده" ﷺ.
اللهم ارزقنا المتابعةَ لحبيبك والاقتداء به ظاهرًا وباطنًا، واجعل رجالنا ونساءنا في تبعيّتِه وفي متابعته وفي العمل بشريعته، على رغمِ أنفِ إبليس وجُندِه وأهل طريقته، وحوِّل أحوال المسلمين إلى أحسن الأحوال، وارزقنا وإياهم الصدقَ والإخلاص لوجهك في كل حال، وادفعْ عنا البلايا والرزايا ظاهرًا وباطنًا، بسر الفاتحة إلى حضرة النبي مُحمَّد ﷺ.
16 جمادى الآخر 1444