شرح الموطأ - 473 - كتاب القسامة: باب مَن تجوز قسَامَتُه في العَمْد مِن وُلاة الدم

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب القسامة،باب مَنْ تَجُوزُ قَسَامَتُهُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وُلاَةِ الدَّمِ.

فجر الأربعاء 20 جمادى الأولى 1444هـ.

باب مَنْ تَجُوزُ قَسَامَتُهُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وُلاَةِ الدَّمِ

2603- قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لاَ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ وُلاَةٌ إِلاَّ النِّسَاءُ، فَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ قَسَامَةٌ وَلاَ عَفْوٌ.

2604- قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ عَمْداً: أَنَّهُ إِذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ أَوْ مَوَالِيهِ فَقَالُوا: نَحْنُ نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا، فَذَلِكَ لَهُمْ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَرَادَ النِّسَاءُ أَنْ يَعْفُونَ عَنْهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُنَّ، الْعَصَبَةُ وَالْمَوَالِي أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُنَّ، لأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا الدَّمَ وَحَلَفُوا عَلَيْهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ عَفَتِ الْعَصَبَةُ أَوِ الْمَوَالِي بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقُّوا الدَّمَ، وَأَبَى النِّسَاءُ وَقُلْنَ لاَ نَدَعُ قَاتِلَ صَاحِبِنَا، فَهُنَّ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِذَلِكَ، لأَنَّ مَنْ أَخَذَ الْقَوَدَ أَحَقُّ مِمَّنْ تَرَكَهُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ، إِذَا ثَبَتَ الدَّمُ وَوَجَبَ الْقَتْلُ.

2605- قَالَ مَالِكٌ: لاَ يُقْسِمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مِنَ الْمُدَّعِينَ إِلاَّ اثْنَانِ فَصَاعِداً: تُرَدَّدُ الأَيْمَانُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَحْلِفَا خَمْسِينَ يَمِيناً، ثُمَّ قَدِ اسْتَحَقَّا الدَّمَ، وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.

2606- قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا ضَرَبَ النَّفَرُ الرَّجُلَ حَتَّى يَمُوتَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، قُتِلُوا بِهِ جَمِيعاً، فَإِنْ هُوَ مَاتَ بَعْدَ ضَرْبِهِمْ، كَانَتِ الْقَسَامَةُ، وَإِذَا كَانَتِ الْقَسَامَةُ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُقْتَلْ غَيْرُهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ قَسَامَةً كَانَتْ قَطُّ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكْرمِنا بشريعته العظيمة وبيانها على لسان عبده المُصطفى مُحمَّد ذي المراتب الفخيمة، صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه السَّالكين سُبله القويمة، وعلى مَن سار دربهم ومشى في طريقهم بإخلاص ونيةٍ وهمّة عظيمةٍ، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين مَن جعلهم الله -سبحانه وتعالى- في الخلائق أعظم عزيمة وأغلى قيمة، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى ملائكة الله المُقرَّبين وجميع عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.

وبعدُ، 

يتحّدث سيِّدنا الإمام مالك في باب القَسَامة، ومَن الذي يُؤخذ منه الأيمان من أجل استحقاق الدِّيَّة أو استحقاق القصاص في مذهبه. 

  • وعَلمْنا أنّ الإمام الشَّافعي لا يقول بالقَسامة في القصاص؛ وإنما تثبت به الدِّية. 

وبذلك جاء الاختلاف في مَن يَقسِم، فالذين رأوا أنه لا يَثبُت به القصاص وإنّما يكون فيه الدِّية، جعلوا القسامة والحلف على الورثة، -سواءً كانوا ذكورًا أو إناثًا- فهم الذين يستحقّون الدِّية، وهم الذين يُقسِمون ويحلفون الأيمان، فتوزّع عليهم الخمسون اليمين، ويحلفون على قدر حصصهم ويستحقّون بذلك الدِّية. 

  • وأمّا الحنفية، فقد تقدّم معنا أنّهم لا يرون القسامة إلا على أهل المحلّة؛ الذين وُجد المقتول بينهم ولا علاقة لذلك بوارث ولا غير وارث، إنما لأجل نفي الدَّم عن أهل المحلّة، فيَنفون بالأيمان أنّ لهم يدًا أو مشارَكةً في هذا الدَّم.
  • وعَلِمْنا أن مذهب الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل، أنه إذا قامت الأيمان والقسامة -الخمسون الحلف- من أولياء المقتول؛ فإنهم يستحقون بذلك القصاص إلا أن يعفو إلى الدِّية. فبذلك جعلوا الأيمان مخصوصة بالرجال دون النِّساء، وهكذا قال المالكية في قتل العمد. وجعلوا الحلف على النِّساء في قتل الخطأ لا قتل العمد. هكذا يقول الإمام مالك، قال: فهو إذًا على العَصَبة من الرجال. وهو كذلك عند الحنابلة الحلٍف على العَصَبة من الرجال، وأما غير العَصَبَة  فلا دخل لهم في هذه الأيمان. 

"قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لاَ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ"، وعَلِمْنا أنّ الشَّافعية لم يفرّقوا بين الورثة ذكورًا كانوا أو إناثًا في الحلف إلا أنّ الكل يحلف على قدر نصيبه من الإرث، فيَصِلُ نصيب الذكر من الأولاد مثلًا إلى عشرين يمين، فيكون نصيب البنت عشرة أيمان وهكذا.. "وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ وُلاَةٌ إِلاَّ النِّسَاءُ"؛ أي: ممَّن يحق لهم المطالبة بالدم، ما حد إلا النِّساء، "فَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ قَسَامَةٌ وَلاَ عَفْوٌ"، فلا يقسم إلا الأولياء الرجال ومَن له تعصيب. فإذا كان ما هناك من الأقارب إلا نساء أو مَن لا تعصيب له؛ يحلف المُدَّعَى عليهم القتل من أجل نفي الدم عنهم وإلّا فعليهم تسليم الدِّية.

"قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ عَمْداً: أَنَّهُ إِذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ أَوْ مَوَالِيهِ فَقَالُوا: نَحْنُ نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا، فَذَلِكَ لَهُمْ."

"قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَرَادَ النِّسَاءُ أَنْ يَعْفُونَ عَنْهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُنَّ، الْعَصَبَةُ وَالْمَوَالِي أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُنَّ، لأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا الدَّمَ وَحَلَفُوا عَلَيْهِ."، فيُرَجِّح الإمام مالك تقديم من طالبَ بالقِصاص على مَن عفا، فإنه كما قال: إِذَا ثَبَتَ الدَّمُ وَجَبَ الْقَتْلُ. فالقِصاص عنده هو الأساس، فلا يُعتبر عفوّ مَن عفا، وأنّ مطالبة الذين يُطالبون بالدَّم مُقدَّمَة.

"قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ عَفَتِ الْعَصَبَةُ أَوِ الْمَوَالِي بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقُّوا الدَّمَ، وَأَبَى النِّسَاءُ وَقُلْنَ لاَ نَدَعُ قَاتِلَ صَاحِبِنَا" أبدًا، حلفوا الموالي والعَصَبَة الأيمان؛ فثبَت لهم الدم، فقالوا: عفونا لكن نريد دية. قال النِّساء: لا ندع قاتل صاحبنا! وهنّ في مذهب مالك ما لهن حلف ولكن لهنّ حق في الدَّم، فبعد القسامة لهنّ حق أن يعفونَ أو أن يطالبن. قال: "فَهُنَّ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِذَلِكَ، لأَنَّ مَنْ أَخَذَ الْقَوَدَ أَحَقُّ مِمَّنْ تَرَكَهُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ" معًافإذًا؛ يُقدّم ويرجّح في مذهب مالك: تقديم المطالبِين بالقَوَد لأنه الأصل، "إِذَا ثَبَتَ الدَّمُ وَوَجَبَ الْقَتْلُ."، "لأَنَّ مَنْ أَخَذَ الْقَوَدَ أَحَقُّ مِمَّنْ تَرَكَهُ".

"قَالَ مَالِكٌ: لاَ يُقْسِمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مِنَ الْمُدَّعِينَ إِلاَّ اثْنَانِ فَصَاعِداً"؛ بمعنى: أنه في مذهب مالك ما يُقبل القسامة من رجلٍ واحد إذا كان هو الوليّ للمقتول بل اثنان فأكثر، "تُرَدَّدُ الأَيْمَانُ عَلَيْهِمَا حَتَّى" يكون المجموع "يَحْلِفَا خَمْسِينَ يَمِيناً، ثُمَّ قَدِ اسْتَحَقَّا الدَّمَ، وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا."؛ أنه إذا لم يوجد مَن يستحق أن يحلف من أولياء إلا واحد، فإنّ الأيمان لا تثبت في جنبتي القتيل ولكن تُرَدُّ على القاتل فيحلف وحده إن لم يوجد مَن يحلف معه. 

  • إذًا فلا بُد من اثنين يحلفون من أجل إثبات الدَّم من الرجال عند الإمام مالك. 
  • وعند الإمام أحمد رواية كالشافعي: أنّ الذين يحلفون الورثة، والثانية: العَصَبَة. 

قال: "ثُمَّ قَدِ اسْتَحَقَّا الدَّمَ، وَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا" بالمدينة المُنوَّرة والثابت والقول السَّائر والسَّائد.

"قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا ضَرَبَ النَّفَرُ"؛ أي: الجماعة أو العدد، "الرَّجُلَ" الواحد "حَتَّى يَمُوتَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ"؛ يعني: حين ضربهم، تزهق روحه فيموت تحت ضربهم، "قُتِلُوا" كلُّهم "بِهِ جَمِيعاً"؛ لأنه مات بمجموع ضربهم، وهكذا قال جماهير العلماء. 

وقد تقدَّمت المسألة معنا، في قول سيِّدنا عُمَر: "لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ به"، فهو كذلك عند الأئمة الأربعة. وإن كان هناك رواية في مذهب الإمام أحمد: أنه إنما يُقتل به واحد. ولكن الرواية الثانية كما هو في مذهب الأئمة الثلاثة: أنه إذا اجتمع على القتل عدد قُتِلوا جميعًا؛ لحُرمة الدَّم عند الله -تبارك وتعالى-. بل جاء في الخبر: لو تمالأ أهل السَّماوات والأرض على سفك دم رجلٍ مسلمٍ لأكبّهم الله في النَّار، -والعياذ بالله تعالى-. 

ويأتي هذا أيضًا في خطر الرضا بالقتل من غير حقّ، فمَن رضِيَ قتلًا يحصل في الأرض بغير حقّ شاركَ أهله في إثمهم! ولو أن رجلًا قُتِل ظلمًا بأقصى المشرق، فرضِيَ ذلك -فضلًا عن أن يكون فرح به- رجلٌ في أقصى المغرب كان شريكًا للقاتل، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-. ولهذا لمَّا يسمعون بعضهم الأخبار عن القتل بغير حق، يقولون: قُتِل فلان، فيقول: يستاهل! تعرف ايش صَرْف الكلمة حقك "يستاهل"؟  أنت شريك في دمه يوم القيامة! هيا خلّص نفسك بعدين من قتل النفس.. كيف يستاهل؟! "لا يحِلُّ دمُ امرئ مسلمٍ إلَّا بإحدَى ثلاثٍ .."،  يقول ﷺ. إذًا؛ فمن الخطر الكبير أن يرضى أحدٌ بقتل أحدٍ ظلمًا، ويصير -ولو كان في بلد بعيد فرضيَ ذلك- شريكًا في الإثم! و "مَن أعان على قتلِ مؤمنٍ ولو بشطرِ كلمةٍ؛ لقِيَ اللهَ مكتوبٌ بين عينَيه آيسٌ من رحمةِ اللهِ." -والعياذ بالله تبارك وتعالى-. فالله يُطهّر أيدينا وألسنتنا وقلوبنا، فلا نتعرَّض للمؤاخذة في القيامة بظلم أحدٍ من النَّاس. 

ولو حتى بعد زمان ووقت، يتحدثون عن حوادث وقعت في الزمن الماضي فيقول: يستاهل هذا أحسن لمّا قتلوه! وأي شيء الذي جاءك إن كان ما يستحق عند الله! أيش تريد بالبلية عليك؟! بينك وبينه كذا كذا سنة وتتحمّل وتدخل مع أهل دمه يوم القيامة! لم؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله! فإذا كان هذا عمّن لم يُعلَم استحقاقه القتل، فكيف إذا ذُكر قتل صالح أو قتل ولي أو قتل أحد من أهل البيت، ثم رضي ذلك أحد، فكيف يكون حاله عند الله -سبحانه وتعالى-؟! نعوذ بالله من غضب الله..

وهكذا، يُتابع سيِّدنا مالك الكلام  عن ما يتعلَّق في القسامة، وفي قتل الخطأ عنده للنساء دخلٌ في القسامة، وإذا جاءت الكسور في الأقسام نصف أو ثلثين، ما يقع ثلثين يمين أو نصف يمين، يكون يمين كامل، فيُكمّل؛ فيُكمّل الكسر حتى يكون مجموع الأقسام خمسين يمينًا، كما جاء في تقريره ﷺ لذلك. 

وإن كانت القسامة أُعتيدت في الجاهلية وأقرّها الإسلام بعد ذلك. وقد عَلِمْنا تعظيم الإسلام لحُرمة الدِّماء والأعراض والأموال، وأنّ: "أوَّلُ ما يُقْضَى بيْنَ النَّاسِ يَومَ القِيامَةِ في الدِّماءِ."، وتقوم المحكمة الإلهية، محكمة العدل فيما يتعلَّق بالدماء أول شيء، فيَا ويل من قَتل ظلم.. ويا ويل من ساعد على قتل الظلم.. ويا ويل من رضي بقتل الظلم.. لا إله إلا الله! ويأخذ الله تعالى الحق ولو لحيوان قُـتِل بغير حق، حتى أن من الحيوان المأكول ما إذا قُـتِل من غير إرادة قتله، يقف بين يدي الله يقول: اسأل هذا! أنت أبَحت له أكلي ولكن قتلني من غير إرادة أكل فلماذا قتلني؟ قل له.. فيؤخذ حقّ الحيوان، فكيف بحق الإنسان؟! الله يجيرنا من دعوة المظلومين ومن تبعات يوم القيامة.

وهكذا، عَلِمْنا بذلك أن جمهور الفقهاء على أن أيمان القسامة تُوَجَّه إلى الرّجال الأحرار البالغين العقلاء من عشيرة المقتول الوارثين له. إلا ما كان عند الحنفية، من أن القسامة تتوجّه على أهل المحلّة؛ لنفي الدّم عنهم. 

والخلاف أيضًا توضَّح بيننا في، هل توجّه إلى النِّساء أو غير الوارثين من العَصَبَة؟ وفرّق المالكية بين كون القتل عمد أو خطأ، فقالوا: 

  • إذا كان القتل عمدًا لا دخل للأنوثة فيه، لا بدّ من أيمان ذكور وعَصَبَة، ومنهم عدد ولا يثبت بواحد. ولو حلف الواحد خمسين يمين، ما يثبت عندهم ذلك بل تُردُّ على أهل القتيل. 
  • وأمّا في قتل الخطأ؛ فأجازوا، فإن لم يوجد في الخطأ إلا امرأة واحدة، قالوا: المرأة تحلف الأيمان كلّها وتأخذ حظّها من الدّية. 

وعَلِمْنا أن الكسور في ذلك تُجبر؛ لأنه ما يتأتى نصف يمين ولا ثلث ولا ربع يمين إلا يمين كاملة. وهكذا، وعَلِمْنا قول الشَّافعية: 

  • أنه يحلف كل وارث بالغ عاقل سواءً كان رجل أو امرأة، سواءً كان القتل عمدًا أو خطأ أو شبه عمد. 
  • فإذا كان للقتيل وارثان، فكل واحد خمسة وعشرين، خمسة وعشرين وخمسة وعشرين مجموعهم خمسين. 
  • فإذا امتنع واحد من القسامة، لم يمنع الآخر من أن يَقسم خمسين يمين ويستحقّ نصيبه من الإرث. 

وهكذا تُوَزَّع الأيمان على الورثة بقدر حصصهم من الدّية. فإذا نكل بعضهم عن اليمين؛ امتنع حصته من الدّية وإرثه، وحُوّل عدد أيمانه إلى بقية الحالفين من الورثة، وهكذا.. عصم الله دماء المسلمين. 

ثم كذلك ذكر لنا مسالة الضرب حتى قُـتِل الرّجل، أن القوَد واجب على الجميع، وعند المالكية أيضًا القَوَد يثبت كما عند الحنابلة بماذا؟ بالقسامة؛ بالأيمان لكن قالوا: يثبت على واحد فقط؛ يعني يُقتَل بها واحد، إذا حلفوا الأيمان الخمسين؛ يُقـتَل واحد. والبقية لا، عليهم الدِّية، ما يؤخذ بالقسامة إلا دم واحد عند المالكية الذين قالوا: أن القَوَد؛ القِصَاص يَثبُت بالقسامة. وكذلك الرواية عن الإمام أحمد بن حنبل الذي يقول بإثبات القصاص بالقسامة، يقول: واحد. أما من دون قسامة ولو اجتمع مَن اجتمع، فيُقتَـل كلّهم المتعاونون على القتل. 

رزقنا الله الاستقامة وأتحفنا بالكرامة، وتولَّانا في الدُّنيا والبرزخ ويوم القيامة، وجنّبنا النّدامة وموجبات النّدامة، ورزقنا سبحانه الإقبال الكلّي عليه مع القبول التام لديه، بِسِرّ الفاتحة إلى حضرة النَّبي مُحمَّد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

20 جمادى الأول 1444

تاريخ النشر الميلادي

14 ديسمبر 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام