(535)
(604)
(339)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب العقول، باب مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ.
فجر الثلاثاء 5 جمادى الأولى 1444هـ.
باب مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ.
2574 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ نَفَراً خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ وَاحِدٍ، قَتَلُوهُ قَتْلَ غِيلَةٍ، وَقَالَ عُمَرُ: لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ، لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعاً.
2575 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا، وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا، فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ.
2576 - قَالَ مَالِكٌ: السَّاحِرُ الَّذِي يَعْمَلُ السِّحْرَ، وَلَمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُهُ، هُوَ مَثَلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ) [البقرة:102]، فَأَرَى أَنْ يُقْتَلَ ذَلِكَ، إِذَا عَمِلَ ذَلِكَ هُوَ نَفْسُهُ.
الحمد لله مُكرمنا بشريعته الغراء، وبيانها على لسان خير الورى، سيدنا مُحمَّد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ومن والاهم في الله وبمجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين الراقين في الفضل أعلى الذرى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنّه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويذكر سيدنا الإمام مالك -عليه رضوان الله تعالى- "باب مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ"، وتطلق الغِيلة على القتل بخديعة، إنّ الغيلة الخديعة؛ بأن يستدرجه إلى مكان ثمّ يقتله، أو شيء من تلك الأحوال والظروف التي تكتنف حالة القتل، وأجمع أهل العلم أنّه إذا تم القتل بعمدٍ وعدوان فإنّه يلزم فيه القصاص، إلاّ أن يعفوَ أولياء الدم على الدّية، أو يعفوا عن الدّية أيضًا، فعقوبة القتل العمد العدوان: القصاص، قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ) [البقرة:178] وقال سبحانه وتعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:179]
فإذا أقمتم هذا الحكم بينكم، وهذا الحدَّ الذي حدّه لكم ربكم فإنّ شأنكم أن تحيوا حياةً طيبة، وأن يبعد عنكم التجرؤ على إزهاق النفوس وقتلها بغير حق (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ).
وكان من أمثلة العرب: القتل أنفى للقتل، يعني: إذا قُـتل القاتل فيكون هذا أنفى أن يستمر أو يكثر أو يزداد قتل الناس بعضهم بعض؛ فإذا علم القاتل أنّه سيُقتل امتنع عن القتل، فيقولوا: القتل أنفى للقتل، لكن جاءت عبارة القرآن بما هو أبلغ وأجمع وأعظم قال: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون). فحياة الأمن وحياة الاستقرار والطمأنينة وحياة كفّ الأيادي عن السوء إلى غير ذلك حوته الآية بقوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون).
وكذلك من المحرّمات الكبيرة في شريعة الله تعالى: السحر؛ وهو عقدٌ ونفثٌ مع استغاثة بشياطينَ من الجنّ يُقال لهم البَطلة، البَطلة الذين يشتغلون بالسحر من هؤلاء الشياطين، وذلك أن يتصل بهم أو يستغيث بهم بعض الإنس للتوصّل إلى حالاتٍ تتعلّق بفكر الإنسان ونفسيّته وشأنه، وقد تؤدي إلى أن يمرض أمراضًا إلى غير ذلك، قال تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه) [البقرة:102]، وهو من الكبائر العظيمة في الشريعة المطهّرة، وإذا أقرّ واعترف الساحر بأنّه يستعمل ذلك السحر كان حدّه القتل في الشرع المصون؛ تطهيرًا للأرض من هؤلاء.
قال: "باب مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ"، وفي اللغة يقولون: سَحَرَه، إذا أبدى له أمرًا يدِقّ عليه ويخفى. وهذا نوعٌ يُستفاد من علم بخواص جواهر وأمور حسابية في مطالع النجوم، ويتخذ من ذلك الخواصّ هيكل على صورة الشخص المسحور، ويترصّدون له في وقت مخصوص من المطالع، وتُقرن به بكلمات فيها استغاثة بشياطين يُتلفَّظ بها، وفيها من الفسوق وبعضها كفرٌ، إذ لا يُتقن السحر بأنواعه إلاّ كافر والعياذ بالله تبارك وتعالى.
فهو عقدٌ ورُقى وكلام يُتكلَّم بها أو يُكتب أو يعمل شيء يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، فكل ذلك.. منه ما يقتُـل، منه ما يُمرض، منه ما يَحول بين الإنسان وبين أعمال يعملها في العادة، وما يفرّقون به بين المرء وزوجه، وبين الأخ وأخيه، يبغّض أحدهم إلى الآخر أو بالعكس يحبّب وهكذا…
هذا المسلك المسمّى بالسحر، وقال تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) [الفلق:4]؛ السواحر اللاّتي يعقدن العقد بالخيوط وينفثن بنفثهن واستغاثتهن بالشياطين -والعياذ بالله تبارك وتعالى-. فآثاره التي تظهر يتحدّث عنها العلماء لأنّ حقيقة السحر إنّما يعرفه الساحر.
ومنها أيضًا بعض معلومات أو طرق للتأثير تقرب من السحر، مثل ما يسمونه السيمياء، وبعضهم يقول الهيمياء، وكل محاولةٍ للتأثير على الآخرين بحسابٍ أو بكتابٍ أو ترقّب طوالع النجوم وما إلى ذلك يدخل في هذا الباب. وهذا محرّمٌ من الكبائر في شرع الله -تبارك وتعالى-، فإذا اعترف الساحر وظهر اليقين من استعماله هذا السحر فعلى الحاكم أن يقتله.
واختلفوا هل يستتاب أم لا؟
ويقول المالكية: إذا حُكم بكفر الساحر
وهكذا يقول الإمام مالك: أنه يقتل ولا يستتاب الساحر، فعنده الساحر كسابِّ النبي ﷺ الذي يسبّ رسول الله عند مالك أيضًا لا يستتاب بل يُقتل، لأنّ ذلك عين المعاندة للحق ورسوله، ورأس الفساد بالتجرؤ على ذات المصطفى صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله.
وهكذا إذًا؛
ذكر قصة أصحاب صنعاء: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ نَفَراً خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ وَاحِدٍ، قَتَلُوهُ قَتْلَ غِيلَةٍ، وَقَالَ عُمَرُ: لَوْ تَمَالأَ"؛ أي: تعاون واجتمع على قتله "عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ، لَقَتَلْتُهُمْ" به "جَمِيعاً"؛ إشارة إلى أنّ هذا الحكم الذي عليه عامة المسلمين. أنّه إذا تشارك في إزهاق نفسٍ بغير حق مجموعة، فتُـقتل المجموعة كلها، مِن كل مَن له سببية ومباشرة لقتل هذا الإنسان.
وذلك أنّ امرأةً كانت بصنعاء وعندها ربيب -ابن زوجها- فغاب زوجها، فكان لها أخِلّة، قالوا: إنّ هذا الغلام يفضحنا، فانظروا كيف تصنعون به، فتمالؤوا عليه، سبع نفر مع المرأة، قتلوه وألقوه في بئر تسمّى بئر غمدان، فلما فُقِـد الغلام خرجت امرأة أبيه وهي التي قتلته معهم، تقول: اللهم لا تخفي على من قتَلَ أصيلا، وكان الأمير هناك في صنعاء يعلى ابن مرّة، فبلغه الخبر، فخطَبَ في الناس في أمره.
مرّ رجل بعد أيام ببئر غمدان هذه، وإذا بذباب عظيم أخضر يطلع من البئر مرة ويهبط أخرى، فاستنكر الأمر، أشرف على البئر فوجد ريح مُنكرة، جاء إلى عند يعلى الأمير قال له: ما أظن إلاّ قد قدرت لكم على صاحبكم، قصّ عليه القصة.
أتى يعلى حتى وقف على البئر والناس معه، فقال أحد أصدقاء المرأة: هؤلاء ممن قتله، دلّوني بحبل. دلّوه، نزل أخذ الغلام غيّبه في سِرْب من البئر، ثمّ رفعوه، قال: لم أقدر على شيء، قالوا: إن الرائحة الآن أشدّ منها من حين جئنا! قال رجل آخر: دلّوني. فلمّا دلّاه رجل آخر، ارتعد الأول فأوثقوه مسكوه، فاستخرج الولد، طلّعوه، فاعترفت المرأة، واعترف الرجل هذا الذي قتل، واعترفوا كلهم السبعة.
فحبسهم سيدنا يعلى وكتب إلى سيدنا عمر بقصتهم وخبرهم، فكتب له: أن اقتلهم كلهم السبعة مع المرأة فـ "لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ، لَقَتَلْتُهُمْ" به. لا إله إلا الله...
فهكذا عامة الفقهاء أنّه إذا اجتمع جماعة على قتل واحدٍ فلم يتم قتله إلاّ بمجموعهم بمشاركتهم كلهم ومباشرتهم، فتُـقتل الجماعة كلها. وهكذا اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم فالقِصاص على كل واحد منهم.
وهكذا أُقيم الحد وحُفظت النفوس وحُرزت الدماء، فعاشوا في معنى من الحياة التي قال عنها سبحانه: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) [البقرة:179].
ثمّ ذكر في السحر: "أَنَّ حَفْصَةَ" بنت عمر "زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ" أمرت بقتل، فقال: "قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا" كانت "سَحَرَتْهَا"، كَانَتْ حفصة قد "دَبَّرَتْهَا" كيف دبّرتها؟ يعني: علّقت عتقها بموتها، قالت: إذا أنا متُّ فأنتِ حرّة، فاستعجلت أرادت بسرعة تعتق فصلّحت سحر لأمّ المؤمنين لأجل ان تموت وتُعتق هي، واعترفت بعد ذلك بذلك، بعد أن ظهرت بعض الأعراض على السيدة حفصة اعترفت المرأة، فلمّا اعترفت بفعلها السحر أمرت بها لتُقْتَل، "فـقُـتِلت".
وهكذا المقصود أنّها رفعت أمرها إلى الأمير، أمير المؤمنين، وثبت عنده ما أوجب القتل فـقُـتِلت، فنُسِبَ القتل إلى حفصة، حفصة ما باشرت قتلاً، ولكنّها رتبت وبلّغت خبر المرأة حتى وجب عليها القتل فـقُـتِلت. فنُسِب إليها، يقول: "قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا" يعني: تسبّبت في ذلك بإيصال خبرها إلى الحاكم، لا هي بنفسها تقيم الحد وحدها.
وهكذا جاء عند الإمام البيهقي في السنن: أنّ حفصة بنت عمر سحرتها جارية لها فأقرّت بالسحر وأخرجته، فجاء ابن عمر إلى عثمان وأخبره، وبما أقرّت المرأة وخرجت، فرأى قتلها.
"قَالَ مَالِكٌ: السَّاحِرُ الَّذِي يَعْمَلُ السِّحْرَ"؛ يعني: يباشره بيده بنفسه "وَلَمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُهُ" يعني: هو المباشر بنفسه، "هو مَثَلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (وَلَقَدْ عَلِمُوا)" أَي: الْيَهُودُ "(لَمَنِ اشْتَرَاهُ)" أَي: اخْتَارَهُ "(مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) [البقرة:102]" أي: نصيب في الجنة. ما له نصيب في الجنة، ومن لا يكون له نصيب في الجنة، فأين يكون؟ يخلّد في النار. يعني يكون كافر. إذا ما له نصيب في الجنة أين يكون؟ هو في النار، ولا يكون في النار إلاّ وهو كافر، لا يخلد في النار إلاّ وهو كافر. لهذا قال: "فَأَرَى أَنْ يُقْتَلَ ذَلِكَ" الساحر، "إِذَا عَمِلَ ذَلِكَ" السحر "هُوَ نَفْسُهُ". عمل ذلك الساحر هو نفسه، يعني: باشره. أمّا الذي لجأ إلى غيره ليعمل له السحر، فالحكم بالكفر على مباشِر السحر، لا الذي يباشَر له، والثاني يُعزَّر.
ورضاه بالسحر -والعياذ بالله تعالى- من أكبر الكبائر، بل يُخشى عليه من الردّة، لأنّ الرضى بالكفر كفرٌ. وهكذا ما تُلقيه الشياطين من أوهام، وتُغري به النفوس، أنّه لا بد لك من عمل لكي يحبك هذا، ومن أجل ألاّ يظهر عليك هذا، أو من أجل أن تتقدم على هذا، فتتعلق نفوس الضعفاء بذلك فيلجؤون إلى أهل هذه الكتابات والأعمال الخبيثة، ويخسر الكل منهم دنيا وآخرة، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
تجدون حتى هؤلاء السحرة ومن والاهم مهما جمعوا من أموال وآذوا من عباد الله، فتجد عيشتهم نكدة، وحالتهم صعبة رذيلة في الدنيا، ولو مَلَك ما ملك، يعيش عيشة الضّنك والهم، ثمّ عذاب الآخرة أشدّ، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
وإذا كان "من أتى عرّافًا أو كاهنًا لم تقبل له صلاة أربعين يوم". وأمّا "من أتى عرّافًا أو كاهنًا فصدّقه بما قال فقد كفر بما أنزل على مُحمّدٍ" ﷺ. فلا يجوز اللجوء إلى السحرة ولا إلى استعمال شيء ممّا عندهم ولا الرضى بما يعملونه.
ثمّ هل في قتل الغيلة بعد ذلك ميزة على غير قتل الغيلة؟
أمّا إذا كان القتل عمد وعدوان، فالقصاص متفق عليه، ولكن هناك مسائل. مثل: إذا مسلم قتل ذمّي؟ فهنا كما تقدّم معنا؛ يقول المالكية: إذا قتله غيلة، خدعه، ذهب به إلى مكان فقتله، أنّه يُقتل به.
فهنا جاء الاختلاف في الفرق بين قتل الغيلة وغيره، في مسألة قتل المسلم بذمّي.
وهذا من المسائل التي يختلف فيها؛ القتل بالغيلة وغيره.
يقول أيضًا المالكية: إنَّ الحرّ إذا قتل المملوك غيلة يُقتَل به. وفرّقوا بين الغيلة وغيره، الغيلة ما كان فيه من خديعة، وهكذا، حتى كذلك جعلوا من الغيلة أن يضع الأب ولده ويذبحه، فهذا جعلوه من الغيلة يُقتَل به الوالد عند المالكية أيضًا، وإن كان أصلًا، بخلاف إذا لم يكن قتل غيلة فإنّه لا يُقـتَل بولده وفرعه. فهذه المسائل التي جاء الفرق فيها بين القاتل غيلة وغير غيلة.
يقول: "باب مَا يَجِبُ فِي الْعَمْدِ"، نقف هنا.
أجارنا الله من موجبات الفضيحة والخزي والعذاب في الدنيا والآخرة، وجعلنا من أهل الصدق معه والإقبال بالكليّة عليه في جميع شؤوننا الباطنة والظاهرة، وأصلح أحوال المسلمين، وصانَ دماءهم وأعراضهم وأموالهم، وردّ عنهم كيد أعدائه أعداء الدين، ولا بلّغ أعداء الدين مرادًا فينا ولا في أحد من المسلمين ظاهرًا وباطنًا، بسرّ الفاتحة إلى حضرة النبي محمد ﷺ.
05 جمادى الأول 1444