شرح الموطأ - 435 - كتاب المُدَبَّر: باب القضاء في المُدَبَّر

شرح الموطأ - 435 - كتاب الْمُدَبَّر: باب الْقَضَاءِ فِي الْمُدَبَّر
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الْمُدَبَّر: باب الْقَضَاءِ فِي الْمُدَبَّر.

 فجر الإثنين 30 صفر 1444هـ.

باب الْقَضَاءِ فِي الْمُدَبَّر

2370- حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ قَالَ: الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ دَبَّرَ جَارِيَةً لَهُ، فَوَلَدَتْ أَوْلاَداً بَعْدَ تَدْبِيرِهِ إِيَّاهَا، ثُمَّ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ قَبْلَ الَّذِي دَبَّرَهَا، إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنَ الشَّرْطِ، مِثْلُ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا، وَلاَ يَضُرُّهُمْ هَلاَكُ أُمِّهِمْ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِي كَانَ دَبَّرَهَا فَقَدْ عَتَقُوا إِنْ وَسِعَهُمُ الثُّلُثُ.

2371- وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا، إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا فَوَلَدُهَا أَحْرَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً، أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُعْتَقَةً إِلَى سِنِينَ، أَوْ مُخْدَمَةً، أَوْ بَعْضُهَا حُرًّا، أَوْ مَرْهُونَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، فَوَلَدُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى مِثَالِ حَالِ أُمِّهِ، يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهَا، وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا.

2372- قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرَةٍ دُبِّرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدهَا بِحَمْلهَا: إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا. قَالَ مَالِكٌ: فَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا، وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا.

2373- قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ، فَالْوَلِيدَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِمَنِ ابْتَاعَهَا، اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا، لأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا، وَلاَ يَدْرِي، أَيَصِلُ ذَلِكَ إِلَيْهِ أَمْ لاَ؟ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ جَنِيناً فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَهُ لأَنَّهُ غَرَرٌ.

2374- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ، ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً فَوَطِئَهَا، فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ. قَالَ: وَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ، يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهِ، وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهِ. قَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا أُعْتِقَ هُوَ فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُسَلَّمُ إِلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكْرِمِنا بشريعته، وبيانها على لسان عبده وصفوته خير بريّته، سيِّدنا مُحمَّد صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وصحابته وأهل متابعته ومودته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين المُرتقين في الفضل أعلى ذُروته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المُقربين وجميع عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.

وبعدُ،

فيذكر الإمام مالك -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- حكم ما يسمى بالتدبير وهو أن يُعَلِّقَ المالِكُ عتق مملوكه على وفاته وموته، فيعتقه عن دُبُر؛ أي: يجعل عتقه وزوال الرِّق عنه منوط بموته؛ أي: موت ذلك السيّد وخروج روحه من هذا الجسد. فهذا من أبواب العتق المُجمَع عليها: التدبير، وهو تعليق العتق بالموت. 

  • ويأتي هذا التعليق صريحًا مثل إذا قال: أنت حُرٌّ، أو مُحرَّرٌ، أو عتيق بعد موتي، فهذا لا خلاف فيه. 
  • وإذا قال له: أنت مُدَبَّرٌ أو قد دَبَّرتُك، فكذلك يصير إلى الصراحة في التدبير ولا يحتاج إلى نية. 
  • وما كان من كناية ليس بصريح، فيفتقر إلى النية. فإذا قال: أنت بعد موتي أمرك بيدك، أو شأنك بحالك، أو شيء من ذلك. 
    • فإن نوى بذلك العتق؛ كان ذلك تدبيرًا. 
    • وإن لم ينوِ؛ فلا. 

فالتدبير وهو تعليق عتق المملوك -ذكرًا كان أو أنثى- بموت مالكه من قِبل مالكه، مُجمَعٌ عليه. وإذا قال له: أنت حرٌّ عن دُبُرٍ مني؛ يعني: إذا أدبرت وخرجت أنا من الحياة، أو أطلق بقوله: أنت مُدَبَّر كما سمعت. 

يقول: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، كِتَابُ الْمُدَبَّرِ. "باب الْقَضَاءِ فِي الْمُدَبَّر"، يقول سيِّدنا مَالِكٌ: "الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ دَبَّرَ جَارِيَةً لَهُ"، فقال لها: أنتِ حرّة إذا أنا مِتُّ، أو إذا مِتُّ فأنتِ حرّة. وكذلك لو قال: أنتِ حرّة إن شئت التدبير، فشاءت في الحال. فإذا لم تشأ في الحال، بعد ثاني يوم قالت: نعم أنا شئتُ التدبير؛ ما يصلح، إلا إذا قال: متى شئتِ؛ نعم. فرق بين إن شئتِ ومتى شئتِ. إذا قال: إن شئتِ التدبير يعني الآن. فإذا تأخرت في الآن، فاختارت التدبير بعد ذلك؛ فلا تكون مُدَبَّرة، ولا يكون مُدَبَّر. وإذا قال له: أنت حرّ متى شئت التدبير، فـمتى؛ أي وقت كان بعده، بعد سنة، سنتين اختار التدبير؛ وقع عليه لأنه علّقه بـمتى؛ وهي للدوام.

يقول: "الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ دَبَّرَ جَارِيَةً لَهُ"؛ أي: علّق عتقها بموته، "فَوَلَدَتْ" الجارية هذه المذكورة "أَوْلاَداً بَعْدَ تَدْبِيرِهِ إِيَّاهَا"، بعد ما دبّرها سيدها؛ أي: منه، "ثُمَّ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ قَبْلَ" سيّدها "الَّذِي دَبَّرَهَا"، هي سبقت بالموت، "إِنَّ وَلَدَهَا" يقول "بِمَنْزِلَتِهَا"؛ لأن الأولاد تابعين للأم في العتق والرّق، فكذلك يتبعونها فيما كانت مُدَبَّرةً فيه. "قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ" لأولادها "مِنَ الشَّرْطِ"، وهو التدبير "مِثْلُ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا، وَلاَ يَضُرُّهُمْ هَلاَكُ أُمِّهِمْ"؛ أَي: مُوتَهَا قَبْلَ سَيِّدْهَا، "فَإِذَا مَاتَ" السيّد "الَّذِي كَانَ دَبَّرَهَا" بعد ذلك ماتت هي، فماتت قبل سيّدها الذي دبَّرها ولكن عندها أولاد، صار الأولاد هؤلاء مُدَبَّرون إذا مات السيِّد. "فَقَدْ عَتَقُوا" جميعًا "إِنْ وَسِعَهُمُ الثُّلُثُ". 

فإذًا؛ مذهب مالك أن المُدَبَّرة، كلّ ما ولدته بعد التدبير، فإن له حكم المُدَبَّر. ما ولدته بعد أن دبَّرها سيّدها لأن الولد تَبَع لأمّه في أحكام الرِّقِّ والحرية. بخلاف مَن أوصى بعتقها، ثم إنها ولدت، فما يدخل ما ولدته في وصيّتها لأن الوصية لا تثبُت إلا بموت المُوصِي، ولا تَثبُت قبل موته، فللموصي الرجوع في وصيته، بخلاف التدبير. إذا ثبت حكم التدبير، ما له حق يرجع السيّد بعد ذلك. فإذا ثبَت حكم التدبير لولد المُدَبَّرة، لم يخرجهم عن هذا الحكم موت الأم. 

وهكذا يقول الحنابلة: الولد الذي يَحدُث بعد تدبير أمه لا يخلو من حالين: 

  • أن يكون موجودًا حال التدبير، ويُعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ست أشهر من حين التدبير؛ يعني قد حملت به من بعد، فهذا يدخل معها في التدبير؛ لأنه وقت التدبير كان موجودًا في البطن، وتدبيرها يدخل فيه مَن في بطنها بلا كلام، وليس فيه خلاف لأنه صار مثل عضو من أعضائها ما دام في بطنها. فإذا كان بين تدبيرها وبين ولادتها شهرين، ثلاثة أشهر، أربعة أشهر، يقين كان حمل معها وقت التدبير، أو عُلمَ ذلك وهو فوق الستة الأشهر. أما الستة الأشهر فما دون بيقين، إذا ولدت بستة أشهر أو أقل.
  • ولكن إذا حصل الحمل بعد التدبير فأيضًا عندهم الحنابلة كالإمام مالك، أنه يتبع أمه في التدبير، فيكون مُدَبّرًا لأنه تابع لأمه، حكمه كحكمها. 

وهكذا جاء عن الإمام أبي حنيفة، وجاء أيضًا عن الإمام أحمد رواية أخرى، أن المُدَبَّرة ولدها يكون عبد إذا لم يشترط المولى. فإذًا لا يعتقها، لا يصير مُدَبَّرًا بتدبير أمّه. بخلاف الولد الذي كان موجودًا قبل أن يُدَبِّر أمه؛ فإنه لا يتناوله التدبير. 

  • فالذي كان موجودًا ببطنها يناله التدبير بالاتفاق. 
  • والذي حملت به بعد التدبير، فالجمهور كذلك على أنه داخل. 
  • أما الولد الموجود من قبل أن يُدَبِّرها؛ فلا يدخل، وهو أمامه له الحق فيه أن يُدَبِّره أو أن يتركه. 

وهكذا يقول الشَّافعية في أولاد المُدَبَّرة: أنهم لا يعتَقون بعتقها، كما إذا أعتقها سيِّدها في حياته. وإذا لم يُعتقوا في العتق المُنجَّز، فأحرى أن لا يُعتقوا في العتق المؤجل بالشرط. لكن جمهور العلماء رأوا أن للتدبير حُرمة يشمل مَن في بطنها ومَن يولد بعد ذلك. 

"وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ" حكمها كذلك؛ "فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا" في العتق، "إِنْ كَانَتْ" هي "حُرَّةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا فَوَلَدُهَا أَحْرَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً، أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُعْتَقَةً إِلَى سِنِينَ، أَوْ مُخْدَمَةً"، لإنسان ثم تُعتق بعدها "أَوْ بَعْضُهَا حُرًّا، أَوْ مَرْهُونَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، فَوَلَدُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى مِثَالِ"؛ يعني: حكم "حَالِ أُمِّهِ، يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهَا"، إذا أعتقت، "وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا" إذا دامت رقيقة؛ فالولد يتبع الأم في الرِّقِّ والحرية. 

"قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرَةٍ دُبِّرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدهَا بِحَمْلهَا: إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا"، وقلنا أجمعوا على ذلك لأنه بمنزلة عضو من أعضائها، ما دام دبَّرها وهو في بطنها. "وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا. قَالَ مَالِكٌ: فَالسُّنَّةُ فِيهَا"؛ يعني: الطريقة المسلوكة المستمرة "أَنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا، وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ"؛ يعني: يتبع الولد الأم "لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ"، ما يأتي بعد ذلك الذي باع، ويقول: هذا الولد من الأوّل لنا! ما هو حقك؟! إذا بعتها وهي حامل فخلاص، مثل الدابة، إذا باع عليه الدابة وهي حامل، بعد ذلك يأتي ويقول له: هات الولد! كيف هات الولد؟! أنت بعتها والذي في بطنها معها يكون، فكذلك العتق. قال: "وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ، فَالْوَلِيدَةُ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِمَنِ ابْتَاعَهَا"؛ يعني: المشتري "اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ"؛ فلا يوجد فرق. 

"قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا، لأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا"، ينقص البائع بعض ثمنها لأجل الاستثناء، "وَلاَ يَدْرِي" البائع "أَيَصِلُ ذَلِكَ الحمل إِلَيْهِ أَمْ لاَ؟" لأنه لا يقطع بأنه حمل. ولو سُلِّم أنه حمل، لا يتحقق أنه يولد تام أو يخرج سِقط، يحيا أو يخرج ميت، كلّه محتمل، فلا يمكن استثناء ما في بطنها؛ فلا يصح. وهو كذلك عند بقية الأئمة إلا في رواية عند الإمام أحمد، أنه يصح استثناء ما في بطنها. قال: "وَإِنَّمَا ذَلِكَ" استثناء الحمل "بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ جَنِيناً؛ يعني حملًا "فِي بَطْنِ أُمِّهِ" من دون الأم ما يصح، "وَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَهُ" بيع الجنين دون الأم إجماعًا "لأَنَّهُ غَرَرٌ". لا يدري ما هو؟ واحد أو اثنين؟ ذكر أو أنثى؟ يحيا أو يموت؟ هذا غرر؛ فلا يصح بيعه. لا يصح بيع الحمل دون الأم، فهذا متفق على فساده؛ لجهالته؛ لا نعلم صفته ولا حياته، وغير مقدور على تسليمه، كيف بتسلمه؟ اصبر إلى أن تلد! فهو غير مقدور على تسليمه، وهو مجهول فيه غرر، فلذلك لا يصح بالاتفاق.

"قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ، ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً فَوَطِئَهَا، فَحَمَلَتْ مِنْهُ" من سيّدها -سواءً كان مُكَاتب أو مُدَبَّر- "وَوَلَدَتْ. قال مالكفإن "وَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ"؛ يعني منزلة الأب، إن كان أبوه مكاتب فهو مكاتب، أو مدبّر فهو مدبّر، "يَعْتِقُونَ" الأولاد. "يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهِ"؛ أي: بعتق أبيهم. "قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ، ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً فَوَطِئَهَا، فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ" وهو مكاتب أو مدبّر، قال: فإن "وَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جَارِيَتِهِ" المشتراة "بِمَنْزِلَتِهِ"؛ يعني: إن كان أبوه مكاتَب فمكاتَب، أو مدبّر فهو مدبّر. يَعْتِقُونَ الأولاد بِعِتْقِهِ "وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهِ". 

"قَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا أُعْتِقَ هُوَ"؛ يعني: الأب، إن كان مُكاتَب بأداء الكتابة لسيِّده، أو بموت سيده، أو مات إذا كان مدبّر، مات سيّده، إذا كان مدبّر؛ عَتَق. "فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُسَلَّمُ"؛ يعني: أمّ الولد "إِلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ" لأنها ولدت من هذا المكاتب أو من ذلك المُدَبَّر. ولهذا يقول الإمام مالك: أنه ليس له أن يتسرَّى؛ يعني: يطأ مملوكته إلا بإذن سيّده لأن ملكه فيه يكون غير تام؛ لأنه ربما يعجز عن نجوم الكتابة، أو يرفض الكتابة صاحب الحق، أو غير ذلك، يريد مال أكثر أو غير ذلك؛ فيحصل الأثر بذلك. "فَإِذَا أُعْتِقَ هُوَ"؛ يعني: الأب بأداء الكتابة أو بموت السيّد، "فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُسَلَّمُ"؛ يعني: أمّ الولد "إِلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ".

ثم ينتقل إلى مسائل، قال: باب جَامِعِ مَا جَاءَ فِي التَّدْبِيرِ.

رزقنا الله الاستقامة، ودبَّر لنا في أمورنا كلها بأحسن التّدبير، وكان لنا عَوْنًا ونصير في كل ما إليه نصير، ولا وكَلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقه طرفة عين، ولا أقل من ذلك. وسلَك بنا مسالك محبوبيه، والمقرّبين إليه في عوافي وألطاف، وصلاح لكل ظاهر وخاف، واستقامة مع أهل الصِّدق مع الله من أهل المنهل العذب الصَّاف، ودفع الله البلاء عنَّا وعن المؤمنين. وبارك لنا وللأمة في قدوم شهر ربيع الأول، وجعله شهر فرج لأُمة الحبيب مُحمَّد، وصلاحًا لأحوال أُمة الحبيب مُحمَّد، ودفعٍ للبلاء عن أُمة الحبيب مُحمَّد، ووفّر حظنا من نبيّه مُحمَّد في نبيّه مُحمَّد بنبيّه مُحمَّد، في خير ولطف وعافية، وإلى حضرة النَّبي مُحمَّد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

22 ربيع الأول 1444

تاريخ النشر الميلادي

18 أكتوبر 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام