شرح الموطأ - 432 - كتاب المُكاتَب: باب عِتْقِ الْمُكَاتَب إذ أدَّى ما عَلَيْه قَبْل مَحِلِّه

شرح الموطأ - 432 - كتاب المُكاتَب: باب عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إِذَ أَدَّى مَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّهُ
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب المُكاتَب، باب عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إِذَ أَدَّى مَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّهُ.

 فجر الأربعاء 25 صفر 1444هـ.

 باب عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إِذَ أَدَّى مَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّهُ

2341- حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرَهُ يَذْكُرُونَ: أَنَّ مَكَاتَباً كَانَ لِلْفُرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ الْحَنَفِي، وَأَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَأَبَى الْفُرَافِصَةُ، فَأَتَى الْمُكَاتَبُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَا مَرْوَانُ الْفُرَافِصَةَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَأَبَى، فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ الْمَالِ أَنْ يُقْبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ، فَيُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ لِلْمُكَاتَبِ: اذْهَبْ فَقَدْ عَتَقْتَ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْفُرَافِصَةُ قَبَضَ الْمَالَ.

2342- قَالَ مَالِكٌ: فَالأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِهِ قَبْلَ مَحِلِّهَا، جَازَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَضَعُ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِذَلِكَ كُلَّ شَرْطٍ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ، لأَنَّهُ لاَ تَتِمُّ عَتَاقَةُ رَجُلٍ، وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ رِقٍّ، وَلاَ تَتِمُّ حُرْمَتُهُ، وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلاَ يَجِبُ مِيرَاثُهُ، وَلاَ أَشْبَاهُ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ، وَلاَ يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً بَعْدَ عَتَاقَتِهِ.

2343- قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ مَرِضَ مَرَضاً شَدِيداً، فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ نُجُومَهُ كُلَّهَا إِلَى سَيِّدِهِ، لأَنْ يَرِثَهُ وَرَثَةٌ لَهُ أَحْرَارٌ، وَلَيْسَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَدٌ لَهُ.

قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، لأَنَّهُ تَتِمُّ بِذَلِكَ حُرْمَتُهُ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَيَجُوزُ اعْتِرَافُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِ النَّاسِ، وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، بِأَنْ يَقُولَ فَرَّ مِنِّي بِمَالِهِ.

باب مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ إِذَا عَتَقَ

2344- حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيراً؟ فَقَالَ: يُؤَدَّى إِلَى الَّذِي تَمَاسَكَ بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِىَ بِالسَّوِيَّةِ.

2345- قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ، فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ تَوَفَّى الْمُكَاتَبُ، مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ.

2346- قَالَ: وَهَذَا أَيْضاً فِي كُلِّ مَنْ أُعْتِقَ، فَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ لأَقْرَبِ النَّاسِ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ، مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ، بَعْدَ أَنْ يَعْتِقَ وَيَصِيرَ مَوْرُوثاً بِالْوَلاَءِ.

2347- قَالَ مَالِكٌ: الإِخْوَةُ فِي الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعاً كِتَابَةً وَاحِدَةً، إِذَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ، أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ مَالاً، أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابَتِهِمْ وَعَتَقُوا، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكْرِمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته، سيِّدنا مُحمَّد صلّٰى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه وعترته وعلى أهل مودّته ومتابعته، وعلى آبائه وإخوته من الأنبياء والمُرسلين وآلهم وأصحابهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المُقربين، وعلى جميع عباد الله الصَّالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.

ويواصل سيِّدنا الإمام مالك -عليه رحمة الله- في الموطأ ذكر الأبواب المتعلِّقة بالمُكاتب، ويتكلم عن عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إِذَ أَدَّى مَا عَلَيْهِ من نجوم الكتابة قبل أن تحل نجوم الكتابة. فإذا كاتبه سيِّده على مالٍ يؤديه في سنة أو سنتين أو ثلاث سنين، مُنجّمًا مفرقًا، فيسر الله لو تحصيل هذا المال دفعة واحدة، وجاء به مباشرة وقال: خذ مالك. فها هل إذا سلَّم جمع المال يُعتق، هل يلزم السيِّد أن يأخذ هذا المال أم لا؟ قالوا: 

  • إن كان له في تأخيره غرضٌ صحيح مثل صعوبة حفظه، أو كان وقت خوفٍ يخاف فيه على أخذ هذا المال، وشيءٌ من ذلك؛ فلا يلزم بقبوله الآن ولكن يوضع في يد أمين أو في بيت المال حتى يؤدّى إليه في أوقاته؛ وأما العِتق فيكون. 
  • وأما إن لم يكن هناك ضررٌ عليه، فقد قال الإمام أحمد وغيره: ويلزم هذا المال ويأخذه.

فذكرنا الواقع التي وقعت عن مروان، ومثل هذه الواقعة جاءت عن سيِّدنا عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وعن سيِّدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، في أيام إمارتهم وعن غيرهما ، فذكر "أَنَّ مَكَاتَباً كَانَ لِلْفُرَافِصَةِ" للفُرافصة؛ اسم هذا الرجل ابن عُمير-. الفُرافصة ابن عمير الحنفي "وَأَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَأَبَى الْفُرَافِصَةُ"، أن يقبض ذلك قبل أن يتعدي الأوقات والنجوم التي رتبها "فَأَتَى الْمُكَاتَبُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ" الأموي، "وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ" في تلك الأيام، "فَذَكَرَ" المكاتب "ذَلِكَ لَهُ" -للأمير-، "فَدَعَا مَرْوَانُ الْفُرَافِصَةَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَأَبَى، فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ الْمَالِ أَنْ يُقْبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ، فَيُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ"، حتى يُعطى الرجل على حسب نجومه ووقته الذي حدده، "وَقَالَ لِلْمُكَاتَبِ: اذْهَبْ فَقَدْ عَتَقْتَ"؛ صرت حرًا، ذلك "فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْفُرَافِصَةُ قَبَضَ الْمَالَ" كلَّه. 

وهكذا جاءنا عن سيِّدنا عُمَر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-. وفي واقعة أو واقعتين حصلت في وقته مثل هذه، فقضى بها بمثل ذلك. يقول في رواية البيهقي، في كتاب المعرفة، عن سيِّدنا أنس بن سيرين، عن أبيه، قال: كاتبني أنس بن مالك على عشرين ألف درهم، فأتيته بكتابته، وأبى أن يقبلها مني إلا نجومًا؛ يعني: مفرَّقة، فأتيته عُمَرًا فذكرت ذلك له، فقال: أراد أنس الميراث، هل تُحدِّثه نفسه أنك إذا مُت تعود إليه هذه الأموال يرثها؟ قال: وكتب أنس أن يقبلها من الرجل؛ فقبلها. 

وهكذا جاء عن سيِّدنا عُثمان بن عفان أنه كاتب سيّدٌ مملوكه على نجوم، فجاء له بالمال دفعة واحدة، فأبى أن يقبله، فذهب إلى سيِّدنا عثمان وأخبره، فأمره أن يُقبض منه المال ويوضع في بيت المال ويؤدّى إلى صاحبه، فلما رأى ذلك جاء وأخذ المال. 

وهكذا في رواية عن سيِّدنا عُمَر بن الخطاب -رضي الله تبارك وتعالى عنه-، جاء في رواية يقول: أن رجل أتى عُمَر بن الخطاب، قال: يا أمير مؤمنين كاتبت على كذا وكذا وأيسرت بالمال، فأتيته به، فزعم أنه لا يأخذها إلا نجومًا. قال عُمَر: خذ هذا المال فاجعله في بيت المال، وأدِّ إليه -يعني:إلى سيّده- نجومًا في كل عام، وقد عتق هذا. فلمَّا رأى ذلك سيّده، أخذ المال دفعة واحدة، خلاص ولم يعد له منتظرًا. 

إذًا فهذا هو الحكم، أن الله إذا يسّر هذا بلفظ الكتابة. بخلاف ما إذا كان علَّق عتقه، مثلا قال: إذا سلَّمت لي كذا في شهر كذا ووقت كذا؛ فأنت حر. قام جاء به له قبل هذا الشهر؛ فما يصح لأن عتقه معلَّق على هذا الشهر، والتسليم في ذلك الشهر. وأما المكاتبة فالمقصود منها: تحديد مال معين، وإنما كان التنجيم من أجل مراعاة المكاتب المملوك من أجل أن يسعى في تحصيل المال، فإذا يسّر الله عليه ذلك فانتهت المسألة ويعتقه ذلك. 

  • نعم إن شرط عليه خدمة معلومة؛ فيعتقه بشرط أن يخدمه مدة كذا ووقت كذا، فهذا يبقى الشرط على ما هو عليه عند الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، إذا شرط عليه خدمة معلومة بعد العتق. 
  • وقال مالك: لا يصح لأنه بعد العتق خرج من أسره وقبضته ومن تحت يده. 

بخلاف إذا علَّق العتق بخدمة، وقال: إذا خدمتني ثلاث سنين؛ فأنت حر، فهذا ما يمكن أن يعتق إلا بعد أن يؤدي الشرط على الخدمة الثلاث السنوات، فهذا فرق بين هذا وهذا.

وهكذا، "قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ مَرِضَ مَرَضاً شَدِيداً، فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ نُجُومَهُ كُلَّهَا إِلَى سَيِّدِهِ، لأَنْ يَرِثَهُ وَرَثَةٌ لَهُ أَحْرَارٌ، وَلَيْسَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَدٌ لَهُ".

"قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، لأَنَّهُ تَتِمُّ بِذَلِكَ حُرْمَتُهُ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَيَجُوزُ اعْتِرَافُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِ النَّاسِ، وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ"؛ يقبل تعجيل الكتابة "عَلَيْهِ، بِأَنْ يَقُولَ فَرَّ مِنِّي بِمَالِهِ". 

 

باب مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ إِذَا عَتَقَ

 

ثم ذكر مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ إِذَا عَتَق. 

  • فإن لم يملك قدر ما عليه، فهو لا يزال عبد لا يرث ولا يورث وهو وما خلف من مال لسيِّده. 
  • وإن ملك قدر ما يؤدي، فهذه جاءت فيها روايات. 
  • أما إن كان قد أدّاه إلى السيِّد، فقد عتق. 
  • وأما إن لم يؤده بعده إلى السيِّد:
  •  ففي رواية عن الإمام أحمد، أن عبد ما بقي عليه درهم، ولا يرث ولا يورث. 
  • وهكذا عند الإمام الشَّافعي -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- فالمكاتب عبد ما بقي عليه درهم. 
  • ورواية ثانية، عن الإمام أحمد: إذا قد ملك مقدار ما يؤدي ما عليه من النجوم؛ صار حرًا يرث ويورث. فإذا مات من يرثه؛ ورث. وإن مات فلسيِّده بقية كتابته، والباقي لورثته إذا له ورثة. 

ومما جاء: إذا كان لإحداكن مكاتَب وكان عنده ما يؤدي، فلتحتجب منه، فعلَّق الأمر على توفر ما يؤدي به. فإذا توفر ما يؤدي به؛ فقد عتق. وجاء عن سيِّدنا عُمَر أنه قال على المنبر: إنكم مُكاتِبون مكاتبين فأيهم أدى النصف فلا رق عليه. وهكذا جاء عن سيِّدنا علي: أن المكاتب إذا أدى نصف ما عليه فهو حر، وما بقي إلا  أن يكمل الذي عليه وهو حر. وهكذا جاء عن بعض منه إذا أدى ثلاثة أرباع ما عليه؛ صار حرًا.

ويقول: "مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيراً؟ فَقَالَ" ابن الْمُسَيَّبِ: يؤدي أو "يُؤَدَّى إِلَى الَّذِي تَمَاسَكَ بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ"، كم باقي من نجوم الكتابة؟ يُعطى، "ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِىَ بِالسَّوِيَّةِ"؛ أي: على قدر حصصهما فيه. إذًا؛ الكتابة لا تنفسخ بموت السيِّد، لا خلاف بين أهل العلم في ذلك، بل يستمر العقد لورثته من بعده.

"قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ، فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ تَوَفَّى الْمُكَاتَبُ، مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ". يرثه أولى النَّاس يعني: أقربهم بمَن كاتبه، عليه جمهور العلماء. "قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ، فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ تَوَفَّي الْمُكَاتَبُ، مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ. وَهَذَا أَيْضاً فِي كُلِّ مَنْ أُعْتِقَ، فَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ لأَقْرَبِ النَّاسِ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ، مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ، بَعْدَ أَنْ يَعْتِقَ وَيَصِيرَ مَوْرُوثاً بِالْوَلاَءِ".

"قَالَ مَالِكٌ: الإِخْوَةُ فِي الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعاً كِتَابَةً وَاحِدَةً"، وتقدَّم معنا حكم مالك في هذا، "إِذَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ، أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ مَالاً، أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابَتِهِمْ"؛ لأنهم ما داموا أكثر من إثنين فكأنهم واحد، "أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابَتِهِمْ وَعَتَقُوا، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ"؛ لأنه صار حرًا، فيرث ويورث، وبالله التوفيق.

جعلنا الله ممَن سبقت لهم منه الحُسنى، وختم لهم بالعفو والعافية، وصاننا من جميع شرور آفات، ووقانا جميع العاهات، وتولانا في الظواهر والخفيات، ورّقانا أعلى المراتب في عافية، بِسِرّ الفاتحة إلى حضرة النَّبي مُحمَّد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

01 ربيع الأول 1444

تاريخ النشر الميلادي

26 سبتمبر 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام