شرح الموطأ - 430 - كتاب المُكاتَب: باب جِرَاحِ المُكَاتَب

شرح الموطأ - 430 - كتاب المُكاتَب: باب جِرَاحِ الْمُكَاتَبِ
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب المُكاتَب: باب جِرَاحِ الْمُكَاتَبِ.

 فجر الإثنين 23 صفر 1444هـ.

 باب جِرَاحِ الْمُكَاتَبِ

2327 - قَالَ مَالِكٌ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جَرْحاً يَقَعُ فِيهِ الْعَقْلُ عَلَيْهِ: أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ أَدَّاهُ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ فَعَلَ، وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ، وَصَارَ عَبْداً مَمْلُوكاً، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ إِلَى الْمَجْرُوحِ أَسْلَمَهُ، وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُسَلِّمَ عَبْدَهُ.

2328 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعاً، فَيَجْرَحُ أَحَدُهُمْ جَرْحاً فِيهِ عَقْلٌ. قَالَ مَالِكٌ: مَنْ جَرَحَ مِنْهُمْ جَرْحاً فِيهِ عَقْلٌ قِيلَ لَهُ وَلِلَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ: أَدُّوا جَمِيعاً عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ. فَإِنْ أَدَّوْا ثَبَتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوا فَقَدْ عَجَزُوا، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُمْ، فَإِنْ شَاءَ أَدَّى عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَرَجَعُوا عَبِيداً لَهُ جَمِيعاً، وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ الْجَارِحَ وَحْدَهُ، وَرَجَعَ الآخَرُونَ عَبِيداً لَهُ جَمِيعاً بِعَجْزِهِمْ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ الَّذِي جَرَحَ صَاحِبُهُمْ.

2329 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أُصِيبَ بِجَرْحٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ، أَوْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ، فَإِنَّ عَقْلَهُمْ عَقْلُ الْعَبِيدِ فِي قِيمَتِهِمْ، وَأَنَّ مَا أُخِذَ لَهُمْ مِنْ عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِمُ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ، فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ دِيَةُ جَرْحِهِ الَّذِي أَخَذَهَا سَيِّدُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ إِلَى سَيِّدِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِىَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَدْ عَتَقَ، وَإِنْ كَانَ عَقْلُ جَرْحِهِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ، أَخَذَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ وَعَتَقَ، وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِلْمُكَاتَبِ, وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ، فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ أَعْوَرَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ، وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ، وَلاَ مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ، فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ، وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ، وَوَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ، يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمدُ لله مكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريّته، سيدنا محمد مختاره وصفوته، صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه وأهل متابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين المرتقين في الفضل أعلى ذروته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

ويواصل الإمام مَالِك -عليه رحمة الله- المسائل المتعلقة بالمُكَاتَب والمُكاتَبَة والكتابة، فيقول: "باب جِرَاحِ الْمُكَاتَبِ"؛ أي: إذا صدرت منه جناية فجَرَحَ غيره، فوجب فيها عليه مالٌ يؤدّيه مقابل ذلك الجُرح ودِية، فمن أين يأخذها؟ ومَن الذي يُسَلِّمُها؟ 

وهكذا قال جمهور أهل العلم: تتعلق برقبته، فسيِّدُه إمَّا أن يُسَلِّم أَرشَ الجناية، أو يُسَلِّم أقل من أرشِ الجناية، أو قيمة العبد، فإذا كان قيمته أقل من أرش الجناية فلا يلزمه أكثر من قيمته، وإذا سَلَّمَ ذلك بقي هذا المملوك على كتابته. 

يقول عليه رحمة الله تعالى: "أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جَرْحاً يَقَعُ فِيهِ الْعَقْلُ"؛ يعني: المُقابِل والجزاء "عَلَيْهِ: أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ أَدَّاهُ" فيخرج من المال الذي جَمَعَهُ من أجل كتابته، أولًا يُخرِج من المال فِديَة ما جَرَحَ وما جنى على الغير، "وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ" يبقى لا يزال مُكاتَب على حسب ما اتفق هو والسيد من التوقيت والتنجيم الذي سبق. "فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ" خلاص يبقى عليه الرِّق "وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ. فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ فَعَلَ" يؤدِّه سيده "وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ، وَصَارَ عَبْداً مَمْلُوكاً" غير مُكاتَب؛ لأنه عجز عن أداء فِديَة الجناية التي جناها، فضلًا عن نجوم الكتابة التي بينه وبين سيده.

إذًا، فإذا سَلَّم السيِّد عنه أَرشَ الجناية هذه، وفِديَة لِمَا صَدَر منه مِن جَرحِ غيره، فإذًا يبقى عبدًا مملوكًا غير مُكاتَبٍ لسيِّده؛ لعجزه عن أداء هذه الجناية والكتابة. 

فأمَّا إذا أدَّى الجناية التي عليه، بَقِيَ مُكاتَبًا على ما هو مُتَّفَق عليه مع سيده، فإذا عجز فَسَيِّدُه مُخيَّر؛ إما أن يدفع الجناية، أو أقل من أرش الجناية، أو قيمة العبد، ويبقى مملوكًا له، وإلا فيبيعه، ويُسَدِّد أرش الجناية من قيمته.

قال: "وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ فَعَلَ، وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ، وَصَارَ عَبْداً مَمْلُوكاً وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ إِلَى الْمَجْرُوحِ أَسْلَمَهُ" لِيُباع ويأخذ حقه منه "وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُسَلِّمَ عَبْدَهُ" فإذا قال: تمام ُتسلِّم عبدك ونبيعه، لكن قيمته طلعت أقل من قيمة الجراحة، ونعمل لكم إيش؟  ما معي إلا هذا، فما عليه أكثر من قيمة عبد سيده.

"قَالَ مَالِكٌ: فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعاً، فَيَجْرَحُ أَحَدُهُمْ جَرْحاً فِيهِ عَقْلٌ" هذا مبني على مذهب الإمام مَالِكْ في المسألة التي تقدمت معنا، أنه إذا السَّيِّد كاتَب عدد من المملوكين، فعند مَالِكْ كأنهم واحد، ولا يُعتقون إلا بعتقهم جميعًا، ولا يستمر الرِّق إلا عليهم جميعًا، أما عند الأئمة الثلاثة فكل واحد بحسب نفسه. 

فهؤلاء مجموعة، "قَالَ مَالِكٌ: فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعاً، فَيَجْرَحُ أَحَدَهُمْ" أحدٌ منهم قام واعتدى على واحد وجَرَحَه، وصار عليه فدية، -لاحول ولا قوة إلا بالله- هذا غير مؤدب وغير مُرَبَّى، جَرَحَ الناس والثانين ما أحد جَرَح  أحد منهم. 

فمذهب مَالِكْ قال: "مَنْ جَرَحَ مِنْهُمْ جَرْحاً فِيهِ عَقْلٌ قِيلَ لَهُ وَلِلَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ" البقية كلهم "أَدُّوا جَمِيعاً عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ. فَإِنْ أَدَّوْا ثَبَتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوا فَقَدْ عَجَزُوا، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُمْ، فَإِنْ شَاءَ أَدَّى عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَرَجَعُوا عَبِيداً لَهُ جَمِيعاً، وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ الْجَارِحَ وَحْدَهُ، وَرَجَعَ الآخَرُونَ عَبِيداً لَهُ جَمِيعاً" بسبب "عَجْزِهِمْ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ"، هذا مذهب الإمام مَالِكْ. 

قال بقية الأئمة: هو وحده هذا الذي جنى، وحده مستقل لا دخل للباقيين فيه، يؤدي ما عليه ويؤدي الكتابة، أو يعجز عن أداء الكتابة وأداء ما عليه، فيكون مُعَلَّق برقبته، يُباع وحده دون البقية، والبقية على كتابتهم؛ لأنهم ما صَدَر منهم جناية، ولا صدر منهم جُرح، ولا يؤاخذون بعمل الآخر منهم أو الواحد منهم. 

لكن قد تقدم معنا مذهب مَالِكْ الذين كُوتِبوا كتابة واحدة حكمهم كحكم الواحد كلهم، ولا يمكن يُعتَقون إلا جميعًا أو يُسْتَرَقُّون جميعًا، يبقون في الرِّق جميعًا.

"قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أُصِيبَ بِجَرْحٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ" بالعكس واحد جنى عليه، ووجَب فيه على ذاك يُسَلِّم ديِة، وكَسَر سِن من أسنانه واحد اعتدى، فقالوا: عليه أن يُسَلِّم خمس من الإبل، قال لهم: كم من الإبل؟ أين يذهب؟.

قال: "يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ، أَوْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ، فَإِنَّ عَقْلَهُمْ" كلهم يعني، المُكَاتب وأولاده المذكورين عقل العبيد في قيمتهم، لأن المُكَاتب ما بقي عليه درهم فهو لا يزال مملوكًا، بمعنى: أنه يُسَلَّم الأرش، فيدخل في جملة المال الذي يُعِدُّه لأداء الكتابة، لأنه الآن هو الذي جُرح وأُصِيب. "وَأَنَّ مَا أُخِذَ لَهُمْ مِنْ عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِمُ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ" يُعَدُّ منها، "فَيُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ". قَالَ مَالِكْ، "وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ" توضيح وتبيين ذلك "أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ"، تمام هذا هو نجوم الكتابة "وَكَانَ دِيَةُ جَرْحِهِ الَّذِي أَخَذَهَا سَيِّدُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ" يسَلَّم الألف الدرهم فيأخذها السيد، فتُحسَب من الثلاثة الألف "فَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ إِلَى سَيِّدِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُرٌّ" خلاص هو حر، انتهت الآن نجوم الكتابة، قال وأنا كاتبته على ثلاثة، وهذا الذي حَصَّلْته من لما اعتُدِي عليه وحَصَّلت الألف؟. وهذا واحد من الثلاثة الألف؛ فمَحسوب له في كتابته.

قال: "فَإِذَا أَدَّى" الألفين الباقية "فَهُوَ حُرٌّ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِىَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ" خلاص "فَقَدْ عَتَقَ". هو باقي عليه من نجوم الكتابة ألف، فقام واحد جنى عليه ووقع أرش الجناية ألف، سلموا للسيد أرش الجناية، خلاص قال هذا الرجال عتق، خلاص ما لك شيء. قال أين الألف؟ وهذا الذي أخذته إيش؟ هذا هو الألف مقابل ما لك عنده. 

"وَإِنْ كَانَ عَقْلُ جُرْحِهِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ" فنقول: هو مسكين يؤدي نجوم الكتابة حقه، باقي عليه خمسمائة، قام واحد اعتدى عليه، والجناية ألف، خلاص الخمسمائة سلمها للسيد، هذا الباقي الذي له في نجوم الكتابة، خلاص كَمَّلَت؟ خلاص خذ الباقي الخمسمائة لك ورَوِّح خلاص أنت صرت الآن حر لأنك أديت نجوم الكتابة بالتمام، خلاص انطلق. وقال: جُرحه وعاده مُكاتَب هات حق الألف كلها! ليس لك لألف كلها يا طمَّاع، أنت قد كاتبته على مبلغ مُعَيَّن فلا نزيد على ذلك، خذ حقك كامل، وما زاد له هو؛ لأنه صاحب الكسب مسكين، وأدى الكتابة التي عليه كلها بالتمام.

قال: "وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِلْمُكَاتَبِ" له نفسه؛ لأنه خلاص قد أدَّى الذي عليه صار حرًا الآن "وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ، فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ" مملوكًا غير مُكَاتَب.

"أَعْوَرَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ" خلاص بحسب الجناية التي كُتِبَتْ عليه "وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ، وَلاَ مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ، فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ، وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ، وَوَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ" دخلوا في الكتابة، "أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ، يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِ، وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ"، فإذا جُنِيَ على المُكاتَب فيما دون نفسه فأرش الجناية له دون سيده؛ لأن كسبه له، وهذا من جملة كسبه؛ ولأن المرأة المُكَاتَبة تستحق المهر في النِّكاح لتعلقه بعضو من أعضائه، وهذا السيد يأخذ مال الكتابة بدل عن نفس المكاتبة؛ فلا يجوز أن يستحق عنه عوض آخر، ما له إلا المبلغ الذي كاتبه عليه.

ثُمَّ يتكلم على بَيْعُ الْمُكَاتَبِ ومراده؛ أي: بيع نجوم الكتابة، المال الذي كاتبه عليه.

رزقنا الله الاستقامة، وأتحفنا بالصدق ووهبنا الكرامة، وثبَّتنا على ما يُحِب، وربطنا بعبده الحبيب المُظَلَّل بالغمامة، ورزقنا مرافقته في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة ودار الكرامة في عافية، وإلى حضرة النَّبي مُحمّد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

29 صفَر 1444

تاريخ النشر الميلادي

25 سبتمبر 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام